أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - »المستنير »دادا«.. في قلب العتمة














المزيد.....

»المستنير »دادا«.. في قلب العتمة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عصمت داوستاشي ليس مجرد فنان سكندري، وإنما هو أحد معالم الإسكندرية وعجائبها المدهشة.
وليس مجرد واحد من الفنانين التشكيليين المصريين وإنما هو مبدع فريد معجون بالموهبة أو بالأحري بالمواهب فهو رسام ونحات وحفار ومصور فوتوغرافي وناقد فني ومغامر خاض غمار مجالات تبدو للوهلة الأولي بعيدة عن خطه الإبداعي الرئيسي الذي صقلته دراسته للنحت بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية في ستينيات القرن الماضي، فنجده تارة يعمل بالإخراج التليفزيوني، وتارة أخري تستهويه السينما وكتابة السيناريو والقصة والشعر.. وغير ذلك من الاهتمامات.
وفي كل مجال من هذه المجالات تجده »ثائرا« و»متمردا« لا تكاد سفينته الإبداعية ترسو في مرفأ ما وتظن أنه استقر أخيرا علي شكل فني حتي يفاجئك بتحطيمه لهذا القالب الذي أبدعه ـ وأتقنه ـ لتوه، ميناء ويبحر إلي ميناء جديد بحثا عن قالب فني جديد.
لكن القوالب تتعدد من واقعية إلي سوريالية إلي دادية.. إلي غير ذلك من مدارس يظل نهر الإبداع علي مدي أربعة وخمسين عاما متصلة منذ بداياته عام 1956 حتي الآن.
وخلال هذه الرحلة المدهشة لم يغير قوالبه الفنية فحسب، بل غير معها اسمه عام 1971 من عصمت عبدالحليم إلي عصمت داوستاشي وأطلق علي نفسه... ـ وقتها ـ اسم »»المستنير دادا««.
وهذه قصة أخري تحتاج إلي مقال مستقل، لكنها تذكرة بالفنان الكبير جدا حسين بيكار، الذي لفت نظره هذا الاسم الغريب »»المستنير دادا«« فكتب أن هذا »العنوان الغامض« الذي جاء للإعلان عن معرض يقيمه الفنان عصمت داوستاشي بقاعة أتيليه القاهرة كان في عام 1977 أي منذ ثلاثة وثلاثين عاما بالتمام والكمال.
ويمضي بيكار ليقول: »لا أستطيع أن أنكر لهفتي الشديدة علي مشاهدة هذا المعرض الوافد الذي يزفه العنوان المنير، ومحاولة فهم أو تفهم ما يمكن أن ينقله إلينا المفكر السكندري من خلال هذه المظاهرة الإعلانية الشديدة الغموض، وما يمكن أن تعكسه علينا رسومه التي أتوقع أن تكون أكثر غموضا.
ولم يتردد الفنان الكبير بيكار عن الاعتراف بأن الفكرة التي راودته بعد مشاهدة المعرض أنها تقليعة استعراضية شبابية تحاول لفت الأنظار بطرافتها لكن وقفتي الطويلة أمام ما شاهدته بعد ذلك بحياد شديد وبلا حكم مسبق جعلتني رغم جميع المحاولات لا أستطيع الإفلات مما يشع من اللوحات من استحواذ لا يقاوم.
عندئذ.. أيقنت أنه ولابد أن يكون هناك شيء ما يتخلل تلافيف هذا الشعار يحاول علي استحياء أن يعلن وجوده، أو قضية تؤرق الفنان يتردد في المجاهرة بها وربما يكون هذا المستنير القناع الذي يتستر وراء الفنان ليعفيه من المواجهة الساخنة فلا يجد غير الرمز يطلقه هنا وهناك لعله يصيب الهدف أو بعض الهدف.
ويستطرد بيكار محاولته لتفسير هذا اللغز فيقول إن كانت الرمزية لا تطلق إلا بغرض التمويه فقط، فلابد أن يكون للاستنارة في هذا المقام معني هادف، ينبغي أن نستنير به، إن الاستنارة لغة تعني ملء فراغ النفس بنور المعرفة وتطهير العقل والقلب من الوهم الخادع.. ومعني هذا أن للمستنير رسالة يريد أن ينقلها إلينا بحذر شديد.
ولكن من يكون هذا »المستنير دادا« الذي يتواري خلف الاسم الطلسمي الشديد الغموض؟
الإجابة علي لسان بيكار في رأيي أنه بطل وهمي يعبر عن واقع حقيقي، وأنه استعارة مجازية ترمي إلي إشعال جذوة من نور تبدد بعض القتامة التي أحدثتها الخيوط العنكبوتية التي نسجها الفكر الراكد في حياة جيل يحاول أن يفض عنه غبار التخلف والركود.
المشكلة أن هذا التفسير الذي توصل إليه بيكار منذ ثلاثة وثلاثين عاما لايزال ينطبق علي الوضع الراهن رغم تعاقب السنين، فكأنه يتحدث عن حالنا في مطلع الألفية الثالثة حيث الفكر الراكد هو الثابت في حياتنا.
ورغم مرور أكثر من ثلاثين عاما مازال »المستنير دادا« قادرا بإبداعاته علي تبديد الخيوط العنكبوتية التي نسجها هذا الفكر الراكد.
ومساء الاثنين الماضي تدافعت كل هذه المعاني إلي ذهني عندما ذهبت إلي دار الأوبرا لحضور افتتاح معرض آخر لوحات حامل الرسم للفنان الكبير عصمت داوستاشي.
وتوقعت أن أري مظاهرة من المثقفين والمبدعين المصريين والمتذوقين للفن الجميل، للاحتفال والاحتفاء بهذا الفنان النادر.
لكن للأسف الشديد لم أجد سوي عشرات من الأفراد حتي المسئول الذي كان يجب أن يفتتح المعرض »فص ملح وداب«.
ولم ألمح من نجوم الحركة الفنية التشكيلية سوي الفنان د. أحمد نوار والفنان عزالدين نجيب، ولم ألمح من نجوم الصحافة سوي الزميلة العزيزة بهيرة مختار.
فهل هذا يليق، وهل يمكن أن يحدث هذا الإهمال الغبي لفنان بحجم وقيمة عصمت داوستاشي في أي بلد متحضر؟
إن إقامة »المستنير دادا« معرض جديد هو في حد ذاته حدث ثقافي كبير يجب أن تتصدر أبناؤه نشرات الأخبار في جميع التليفزيونات الأرضية والفضائية الحكومية والخاصة، والصحف والمجلات، وأن يحظي ليس فقط بتسليط الأضواء، وإنما أيضا بالمتابعة النقدية والتحليلية.
لكن شيئا من ذلك لم يحدث، ولهذا نطالب صباحا ومساء بالإصلاح وفي المقدمة منه الإصلاح الثقافي، وأرجو أن تقبل اعتذارنا.. أيها الفنان الجميل.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!
- فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
- »رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
- سلامتك .. يا وطن
- العلم يا ناس!!
- مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
- حتي القضاة.. معرضون للخطأ
- سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-
- تعامل مصر -الخشن-.. مع قوتها -الناعمة- .. محمد صالح .....الآ ...
- نجع حمادى.. - حقل الأرز- الذى أصبح -مزرعة ذئاب-!
- مبادرة «شق» الإخوان (1)


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - »المستنير »دادا«.. في قلب العتمة