أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الخزاعي - عمه زكيه شلون تموتين وأني من اهل العماره














المزيد.....

عمه زكيه شلون تموتين وأني من اهل العماره


هادي الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 19:49
المحور: الادب والفن
    



لمناسبة أربعينية الراحلة الفنانة الشيوعية زكيه خليفه.....
كل شيء ممكن الحدوث ، حتى لو لم نفترض حدوثه ، بما فيه موت الذين ينحدرون من مدينة العمارة ، فهؤلاء قد رفضوا موت بنيهم حتى لو إن أجلهم جاء بأمر من السماء، وهذا يشكل واحد من تراث تحدياتهم المطلقة ، وقد تحول هذا التحدي الى لازمة لبني هذه المدينة المتخمة بالفقراء من فلاحين وكادحين ، فصيروا لهم اهزوجة يترنم بها حتى الوليد منهم ( شلون تموت وانته من اهل لعماره ) . حتى لو وصل بهم الأمر الى تحدي حتى قوانين البقاء والفناء الأرضية والسماوية على حد سواء .
إنها الصرخة والظلامة التي يطلقها أبناء العمارة بكل ما يحتوي القلب والوجدان من حرقة إن مات واحد من بنيهم ... فما بالك إن ماتت سعديه بت خليفه.. سعديه خليفه التي اختارتها السماء والأرض وهي في عنفوان الحياة لتكون صوتا وممثلا لبنو طبقتها من المحتاجين والفقراء من بني مدينتها والعراق عندما يتعاظم الظلم ، وترتفع صرخة جوع لجائع ويسمع أنين متألم .. عندها يوجب التحدي حتى التضحية براحتها إن لم نقل بحياتها إن تطلب الأمر ذلك . كيف لا وهي سليلة الآباء والجدود الذين صرخوا بوجه الموت وهم ينعون موتاهم بالأهزوجة المتوارثة ( شلون تموت وانته من اهل العماره ) .
والتحدي هنا هو مسألة لا يلقحها كفر بقيم السماء ، ولا خروج عن مألوفٍ قد طبع الحياة الأنسانية . ولكن من أجل تبيان حجم الخسارة من ذلك الفقدان .
واليوم وقد ترجلت عن سرج الحياة المرأة الأنسانة والفنانة والسياسية الراحلة زكيه خليفه فأن الأهزوجة المتحدية واجبة القول والسماع ( شلون تموتين وإنتي من أهل العماره ) .
فقد تسارعت خطا الموت فجاة ، فوصل اليها قبل ان تكتمل إشراقات الحياة التي تغنت بها بنت العمارة التي لونها إنحدارها الطبقي بلون الأرجوان وشكلها الوجود لتبدو بشوشة مطواعة لكل نخوة ، فهي التي حين تنتخى تهب بكل ما فيها من أنسانية لتقوم بالواجب .

كانت عمه زكيه شبية بشهرزاد ، فكانت كلما داهمها الأجل كما كان يداهم الملك شهريار ليالي شهرزاد بموت مؤجل ، تفرش عمه زكيه بضاعة حكاياتها عن الفقراء وسبي النساء وموت الطفولة . فتطوي كل غصة من تلك الغصات بحكاية من حكايا زمان الورد الآتي .. زمان الحلم المنتظر .. ذلكم الزمن الذي تتلون فيه جميع العتم بلون الشمس والأقحوان .

كم من الحكايات التي تشبه الهديل ، كانت تشرق بها علينا عمه زكيه ، ولا يهمها مكان الحكاية . فتارة تحاكينا من على دكة المسرح وهي تشرب الشربت الأنكليزي فنضيع بين الضحك وبين الدموع ، وأخرى من مذياع ينطق منه ريف العراق كله رفقة شمران الياسري ( أبو كاطع ) بحكاياته التي تتناسل هموم الفلاحين والمحتاجين .. ومرة تطل علينا من أجتماع حزبي بحكاية عن حب الوطن والناس وهي تفترش الأرض في بيت متهالك لا يملك صاحبه الرفيق غير بساط موروث من الفقر .. وكم من المرات تراها تنسل حكايا الطين والماء والفقراء في قلب تظاهرة تطالب بالحقوق وسيادة الوطن .. كثير من المرات سمعتها وهي تقص حكايات زمان الورد الآتي ، سمعتها من الراديو ومن التلفزيزن ومن على المسرح ومن على الأرصفة ومن فوق المنابر وهي تغور في الروح بلهجتها ونبرات صوتها الموغلة بتأريخ البسطاء ...

عمه زكيه قبل ان اعرفك شخصيا وقبل أن تتلاقح عيوني بوجهك الباسم ، كانت امي تقول عنك بما يشبه التفاخر : آخ لو جنت مثل زكيه جان أكّلب الدنيه .. وحين عرفتك عن قرب وتكحلت عيوني بمدامع فرحتي بهذا اللقاء أدركت كم كانت أمي محقة . انت يا عمه زكيه أثريتنا في المسرح الريفي بكياستك وتواضعك وصمتك الخجول المعبر بلا كلمات . وأثريتنا وانت تجوبين البيوت لتلحقي بأجتماعاتك الحزبية والتي قالت زوجتي عن احداها : حين تكون عمه زكيه المشرفه نعرف من تكون هذه القائدة الشيوعية والأجتماعية التي تنقلنا بتلاوين أحاديثا الى روابي أحلامنا ...

لم يبق لي وأنا أحمل إليك أبتساماتي التي تآكلت لفقدك ، وأحلامي التي زرعتها شخصيتك في روحي .. أنا أبنك ورفيقك وليس أمامي وأنا أنبأ الروح حزني ، غير ان أستعير منظومة التحدي التي ورثتها أنت وبنوا مدينتك البسطاء فأهزج
عمه زكيه شلون تموتين وانتي من أهل العماره !!



#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة السيد محمود المشهداني بحق الحزب الشيوعي العراقي
- كّول والعباس راح أنتخب فلان
- جميل أن نسميها منافسة أنتخابية ولا نسميها معركة أنتخابية
- ظلامة ام على ابنها الشهيد الشيوعي
- حتى انت يا علاوي
- قائمة أتحاد الشعب فقيرة . مرشحوها كادحين ، ولكنهم أغنياء بال ...
- وجع على العراق
- مليوصه يا نوري المالكي
- وعي الأختيار عند الناخب ، وحده ينقذ العراق
- لماذا ضمت القائمة العراقية أسماء 73 مجتثا ؟!
- ماذا لو تكرر مجلس النواب العراقي ؟!
- مهمة هيئة المسائلة والعدالة ، ليست مهمة آنيه
- رثاء مسرحي عراقي ابتلعته وحشة المنفى
- قاسم محمد باقٍ فاعمار الكبار طوال
- فضائية اليسار العراقي حلم ينتظر التحقق!
- من الذاكره بمناسبة يوم المسرح العالمي
- نلسون مانديلا ، اوباما، ونحن !!
- الشارع العراقي والأنتخابات البلدية
- الداد يا بغداد
- شهداءنا نار ازلية تنير الضمائر


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الخزاعي - عمه زكيه شلون تموتين وأني من اهل العماره