أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ورغمي الورغمي - قرطاج أمازيغية














المزيد.....

قرطاج أمازيغية


ورغمي الورغمي

الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 18:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قرطاج مدينة أمازيغية بامتياز، لكن السطو الذي حدث من قبل المؤرخين الرومان ومن بعدهم منظرو الايديولوجيا البعثية هم الذين روّجوا لكذبة كبرى اسمها قرطاج الفينيقية، فالمدينة كانت قاعدة تجارية لجالية فينيقية صغيرة حسب اسطورة إليسا Elissa والواقع أن مقاربة لغوية قمنا بها تجعلنا نميل إلى زيف الاسطورة التي روج لها الاغريق ذلك أنّ اسم اليسا يمكن أن يكون مشتقا من كلمة ثولاّس Tullas الامازيغية التي تعني النساء، كما أن قرطاج التي يكرر ذوو النزعة السامية أنها من الكلمتين : قرت + حدشت هي ليست كذلك بل إن كل ما في الأمر أن قرطاشت هو النطق الأمازيغي لقرطاج، والعارفون باللغة الأمازيغية يدركون ذلك، واليوم يراد لتونس ان تنسلخ عن هويتها وأن تنتمي إلى تاريخ مزيّف مصنّع في مخابر الايديولوجية البعثية اليوم والامبريالية الرومانية بالأمس.
يمكن أن نتساءل عن نموّ قرطاج باتجاه البرّ، لقد كانت في البدايات مرفأً مستقبلاً جهة البحر، وليس له ظهير(Arrière pays)،إنّه عبارة عن قاعدة تجارية مؤجَّرة من المملكة الماسيلية فمتى أصبح لقرطاج ظهير مرتبِط بها ومتى أصبح لها إقليم؟. يُستخلَص في هذا الشأن أنّ قرطاج لم تكوّن إقليمها إلاّ بعد ثلاثة قرون من تأسيسها،وهو إقليم أخذ يتوسّع تدريجيا في الحوض السهلي الذي يخترقه المجرى الأدنى لباغرادا[1]، ولم تكن له حدود ثابتة إلاّ بعد الاتفاقية الشهيرة التي رسّمت الحدود بين المملكة النوميدية والقطر القرطاجي وهي الحدود المعروفة بالخندق الملَكي(Fossa regia)،ويمكن افتراض أنّ أرستقراطية قرطاج التي أثْرت من التجارة قد أخذت تتملّك الأراضي عن طريق الشراء ، وتعْهد بتسييرها والعمل بها إلى عناصر من الأهالي،وفي هذا السياق يُفترَض أن تنمو روابط الجالية الفينيقية وتزداد وثوقا واندماجا في وطنها الجديد، لتأخذ ملامح الإقليم القرطاجي في الظهور بتشكُّل المجتمع الليبو- فينيقي أو البوني ، ومع ذلك ظلّ هذا الإقليم شريطا ساحليا يشمل إلى جانب أملاك الطبقة الحاكمة في قرطاج أملاك العائلة الملَكية الماسيلية النوميدية ، ومهما كان اتّساع الأراضي التي امتلكتها الأرستقراطية التجارية القرطاجية في الوطن القبلي (Cap bon) والمجرى الأدنى للمجردة[2] فإنّ ذلك لا يخوّل لها السيادة السياسية والتحوّل من مؤجِّر إلى صاحب أرض يمارس السيادة،وأكثر من ذلك يستنكف أن يندمج في محيطه الأفريقي،وهو ما سينجرّ عنه صراع مرير استثمرته روما أحسن استثمار ![3].
وجدت قرطاج في رعاياها الليبيين المرتبطين بخدمة الأرض منافع كبرى، ففي الفترة ما قبل امتداد السيادة القرطاجية برّا (قبل القرن الخامس ق.م.) كان الفلاّحون الليبيون (الأمازيغ) يشغُلون كلّ الأراضي المحيطة بقرطاج وكذا شبه جزيرة رأس بونة (الكاب بون أو الوطن القبلي)، التي وصفها بوليب (القرن 2 ق.م.) بأنّها غنيّة بالخيل والأبقار والأغنام والماعز ممّا لا وجود لمثله على الأرض[4]، وهؤلاء الفلاّحون الليبيون هم الذين ظلّوا يزوّدون قرطاج على امتداد قرون بما تحتاجه من إنتاج فلاحي[5] ومن ضرائب عينية ونقدية ، وتدلّ كثافة العمران (قرى ومشاتي) على نمو ديمغرافي كبير،وعلى ازدهار اقتصاد زراعي بإمكانه أن يلبّي طلبات أغنى مدينة في عصرها.

كانت قرطاج مركز تجميع وتوزيع للسلع،فقد كانت تأتيها الحلْفاء لصناعة الحبال من إسبانيا والذهب والفضّة من أفريقيا الغربية والقصدير من إسبانيا والجزر البريطانية[6] والعاج والأفيال من أفريقياوالحبوب من سردينيا، ومن أنحاء الشمال الأفريقي القديم كان يأتيها العسل والتين والرمّان وهي موادّ ذات شهرة وجودةكبيرة،والأخشاب ورخام شمتو الملوّن والملح والحيوانات المتوحّشة، والأحجار الكريمة من بلاد الغرامنت[7]،والتمور من الصحراء …[8].
حقّقت قرطاج من تجارتها أرباحا طائلة فتجمّعت الثروة في أيدي الأسر القوية وبذلك انتقلت قرطاج من الدكتاتورية الفردية إلى الدكتاتورية الأوليغارشية أي من حكم الأفراد إلى حكم القلّة الأسرية مثل عائلة ماغون[9] وانصهرت الجالية الفينيقية في الأغلبية الأمازيغية وتأفرقت قرطاج نهائيا منذ النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي عندما أوقفت دفع الاتاوة للملوك الماسيل معتبرة نفسها دولة أفريقية أمازيغية صميمة.

[1] ستلحق قرطاج بعد ذلك المنطقة الجبلية في الغرب(خميرKroumirie)والجنوب (الساحلLe Sahel )،أمّا المصارف القرطاجية في الساحل النوميدي والموريتاني والإمبوريا فكان لبعضها ظهير محدود،أنظر: - Gsell (S.), H.A.A.N., T. IV, pp. 1-2 .
[2] في هذا السياق يشير المؤرّخون المحدثون إلى ظهير قرطاج بعبارة ممتلكات (Possessions) ونادرا ما يستعملون عبارة إقليم أو قطر (Territoire et Contrée)، لأنّه لا يمكن الحديث من وجهة النظر القانونية والجيوسياسية عن تراب وطني (Territoire national) لقرطاج .
[3] أردنا هنا أن نبيّن خلفية النزاع على الحدود الذي حدث في ما بعد ، وبلغ أوجه في عهد ماسينيسا ، مع أنّ الكلّ يعلم أنّ فرطاج هي حصيلة امتياز منحه الملك يارباس للجالية الفينيقية وأنّ إقليمها الذي أنشأته منذ القرن الخامس ق.م. اقتطعته في الواقع من تراب المملكة الماسيلية النوميدية .
[4] - Polybe, I, 71, 1.
[5] - Idem., XII, 3, 34.
[6] - Gsell (S.), H.A.A.N., T. IV, p. 50.
[7] وعلى الخصوص العقيق الأحمر : - Strabon, XVII, 3, 19.
[8] - Heeren, Politique et commerce des peuples de l’antiquité, trad. Française, IV, Paris S.D.,PP. 174-175.
[9] - Thucydide, VI, 34, 2 . ; Polybe, XVIII, 35, 9.



#ورغمي_الورغمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنيالوجيا الشعب التونسي
- الموقف من الهوية الأمازيغية بين الاستعداء وسوء التقدير وقليل ...


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ورغمي الورغمي - قرطاج أمازيغية