|
علاوي و الطائرة الأمريكية
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 13:04
المحور:
كتابات ساخرة
حقيقة كان تقدم البعث و أزلامه في الانتخابات الأخيرة و بقيادة عضو القيادة القومية أياد علاوي صدمة حقيقية للمشهد السياسي العراقي، خصوصا و أن قائمته تضم وجوها بعثية لا تبتسم أبدا منذ إسقاط البعث مثل عدنان الجنابي و نبيل محمد سليم و سلمان الجميلي الذي عزّى الإرهابيين بمقتل الزرقاوي المجرم، و مهما قيل عن التزوير فالأرجح أن ما تم التلاعب به لا يمكن أن يخل كثيرا بموازين القوى بين هذه الكتل و الأحزاب، لكن هنا وجدتني مهتما بأسباب ضعف الائتلافين الذين يقودهما المالكي و الحكيم، فطوال السنوات الماضية طغى الخطاب الدّيني على مجمل لغة الائتلاف العراقي و في وقتٍ كان المواطن العراقي ـ في الجنوب على وجه الخصوص ـ يعاني من الفاقة و الحرمان و الافتقار للخدمات و الحياة الكريمة، كان قادة الائتلاف مشغولين بأوهام الخطاب الإسلامي و خرافة الأمة الإسلامية و "تحرير فلسطين" و "القدس" و محاسبة مثال الآلوسي بسبب زيارته لإسرائيل، كل هذه المواقف صبّت في صالح الخطاب البعثي الذي يتبنى ذات المصطلحات من قبيل "مقاومة الاحتلال و الاستعمار" و "هوية العراق العربية" و أن العراق ـ جزء من أمة عربية.. إلخ. هذه الانتخابات أظهرت لنا بوضوح لا يقبل الشك أن السياسات المتناقضة و ضبابية الخطاب الائتلافي هي التي أدت إلى تصاعد كتلة بعثية لا شك في انتمائها العنصري و الطائفي، فالمجلس الإسلامي الأعلى و بدلا من أن يقوم بتجديد و تغيير قيادته و برامجه، أبقى السلطة في يد آل الحكيم و على نحو وراثي، و نحن في مجتمع يعاني من داء التوريث منذ أيام بني أمية، رغم أن هذا المجلس كان فيه من الشخصيات من تمتلك الكفاءة و الثقافة و الخبرة، لكن ما العمل مع عشاق الكرسي؟ من جانب آخر، وجدنا الجعفري يسارع إلى إنشاء تيار الإصلاح ـ برئاسته ـ لأنه لم يتحمل قيام حزب الدعوة باختيار المالكي رئيسا، و لو أنه بقي في حزبه لكانت تلك سابقة ممتازة في العمل الديمقراطي و في عراق عرف عن أغلب أحزابه أنها "عائلية وراثية"، لكن ما العمل و الكل يعشق الكرسي؟ هذان الائتلافان دولة القانون و العراقي الموحد لا يزالان يعيشان خطاب التناقضات، فهما يكرهان البعث في العنوان و لكن في المضمون يعيشان ذات المضمون الدّيني و عقد الصراع و الكراهية و الانتماءات الدينية و القومية، إن البعث لا يمكن أن يموت ما لم نقم بتجفيف موارده من أنهار الخطاب الإجرامي و العنصري، فالارتماء في أحضان الجامعة العربية و الإسلامية ، هاتان المنظمتان المعروفتان بدفاعها عن الأنظمة الدكتاتورية، و التوجه إلى عقد تحالفات هنا و هناك في دول الإقليم التي هي في الغالب طائفية و عنصرية، لن يخدم العراق بالتأكيد، و على الائتلافين التخلص من عقدة الشعور بالنقص، فكلما اتهم المصريون و الأردنيون و السعوديون شيعة العراق بأنهم ـ تبعية إيرانية ـ سارع المالكي و الحكيم في رحلات مكوكية إلى هذه الدول شخصيا أو بالنيابة و كلما اتهمتهم دول الجوار السنية و الشيعية بأنهم "عملاء المحتلين"!! زاد هؤلاء في خطاب الكراهية تجاه الغرب و أمريكا تحديدا لأجل عيون الملك عبد الله السعودي و أبو سفيان الخامنئي و من لفّ لفهم، بالتالي يبقى العراق يعيش هاجس الانتماء، و ها هو علاوي و جلاوزته قد بدأوا بالفعل في نفخ النار القومية و الطائفية عبر عقدة الانتماء القومي للعراق و كذب من زعم أن علاوي عراقي وطني، بل هو بعثي فاشي طائفي أموي، و لا زلنا نتذكر كيف ترحّم أياد علاوي رئيس الوفاق على مؤسس البعث عفلق على قناة العربية فقال: "ميشيل عفلق الله يرحمه".. و هنا لست أعني أنني ضد الترحم على إخوتنا المسيحيين و اليهود و سائر الأديان، بل ضد الترحم على مؤسس حزب دمّر العراق و جلب له الهلاك، و كلنا يتذكر كيف رفع علاوي يده مشيرا للطائرة الأمريكية ـ كان يخطب رئيسا للوزراء ـ فقال: هذولة الأصدقاء.". و عندما سقط من الحكم و في مشهد مكرر ـ طائرة أمريكية تطير و هو يخطب ـ قال: شوفوا.. حتى كلام ما نقدر نحجي.."ّ!! شخصية كهذه مهووسة بالسلطة و يقيس كل شيء بمقياس الكرسي و يصبح فيه الأمريكي ـ و هو المحرر الذي لا ريب فيه ـ يصبح محررا أو محتلا حسب المصلحة العلاوية الضيقة، هو خطر حقيقي يهدد الديمقراطية العراقية بلا شك.
Email: [email protected] Web: http://www.sohel-writer.i8.com
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرحوم عبد الوهاب المسيري و عمى الألوان
-
محاولات في تعريف العلمانية
-
إرهاب.. تحت قناع الفلسفة
-
تطابق المصطلحات بين مقتدى و البعثيين
-
العلمانية مقدمة للحرية
-
في نقد -تطور العلمانية-
-
عادل إمام... رئيسا منتخبا لمصر
-
العلمانيّة في مواجهة المشكّكين
-
العلمانية بين السؤال العبثي و اليقين الجامد
-
سيف الخياط و استعادة الكرامة العراقية
-
العلمانية... موقف وسطي
-
نسبية الأخلاق و التدين
-
العلمانية و -الاغتراب- كضرورة
-
تجليات علمانية
-
أوهام... ما وراء فصل الدين عن الدولة حلقة ثانية
-
أوهام... ما وراء فصل الدين عن الدولة
-
كرموا سيد القمني... ثم اقتلوه
-
العلمانية و الإنسانية... إشكالات نقدية
-
ما هي العلمانية من منظور خصومها؟؟
-
الخلافة و الولاية الفقهية.. نقاط مهمة (ح 3)
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|