أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!















المزيد.....

كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2952 - 2010 / 3 / 22 - 17:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى مشارق الدنيا ومغاربها تكون الانتخابات "عيدا" لا يقل بهجة عن عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك وعيد القيامة المجيد والمولد النبوي الشريف والكريسماس وشم النسيم، لأن الأمم تعيد فى يوم الانتخابات اكتشاف نفسها وتعبر عن إرادتها بحرية.
إلا نحن.. حيث تكون الانتخابات لدينا مناسبة إضافية لـ "النكد الوطنى" وتقطيع الهدوم والتلاسن والعنف اللفظى والجسدى والضرب تحت الحزام وشراء الذمم والضمائر والأصوات، وغير ذلك من صور الانحطاط السياسي والأخلاقي الملازم لتزوير إرادة الأمة.
وليست هذه عادة مصرية فقط، وإنما هى عربية أيضا.. وبامتياز.
وأحد الأمثلة على ذلك ما يجرى فى السودان الشقيق الذى يقف على أعتاب انتخابات مهمة جدا لن تسفر فقط عن "تسمية" رئيس البلاد، وإنما ستسفر – على الأرجح- عن تحرير وثيقة الطلاق البائن بين الشمال والجنوب، وبالتالى فإن الرئيس القادم سيكون – وفق اغلب الاحتمالات والتقديرات- مجرد "نصف رئيس".
فقد شاءت الظروف أن أقوم بزيارة خاطفة للسودان الأسبوع الماضى، ضمن الوفد الذى رأسه الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، للمشاركة فى المؤتمر العربى للاستثمار والتنمية فى جنوب السودان الذى عقد فى "مدينة" جوبا عاصمة الجنوب المحروم من كل شىء عبر سنوات وعقود، حتى إنك تتخيل أن "آلة الزمن" عادت بك فى هذا المكان التعيس إلى القرون الوسطى!
المهم.. انه فى الطريق إلى "جوبا" لم يكن هناك مفر من المرور بالخرطوم وعقد "اجتماع تنسيقي" بين المشاركين فى هذا المؤتمر قبل ركوب الطائرة فى الصباح الباكر صوب الجنوب (لأن مطار جوبا لا يعمل إلا فى ساعات النهار فقط لافتقاره للإضاءة وأجهزة الملاحة والتوجيه الليلية، وبالتالي فإن تسميته بالمطار مجرد تسمية مجازية!).
وأثناء هذا المرور العابر بالعاصمة – التى شيدها محمد على- كانت اللافتات على جانبى الطريق من مطار الخرطوم حتى الفندق دعاية انتخابية للرئيس عمر البشير الذى رشح نفسه.. "تانى!" إن الاستمرار فى الجلوس على مقعد الرئاسة رغم أن أكبر "إنجازاته" سيكون على الأرجح تقطيع أوصال البلاد!
ورغم أن هناك مرشحين كثيرين غير البشير، وصل عددهم إلى 13 مرشحا، منهم شخصيات مرموقة ولهم سجل حافل فى التاريخ المعاصر للسودان، وليسوا على الأقل مطلوبين من قبل محكمة دولية للمحاكمة بتهم تقشعر لها الأبدان، فإن عينى لم تقع على لافتة يتيمة لأى منهم!
لكن سرعان ما نكتشف هذه الفزورة. فحزب المؤتمر الوطني الحاكم قام بـ "تجهيز الملعب لنفسه" حسب القول البليغ للدكتور على بابكر الهدى فى تحليل مهم بجريدة "رأى الشعب".
وحسب هذا التحليل السياسى فإن "المؤتمر الوطنى" بدأ هذه الخطوات بـ "إصدار قانون يشترط تسجيل الأحزاب، وهو أمر رفضته الأحزاب مجتمعة بالقول فقط وليس بالفعل. ثم خضع الجميع لواقع الأمر كالعادة من تلك الأحزاب".
ثم تبع تلك الفوضى قانون للأحزاب، وقانون انتخابات، وكلاهما "منحاز وغير عادل".
أضف إلى ذلك التعداد السكانى الذى أجراه "المؤتمر الوطنى" على طريقته الخاصة، وتلاعب به بصورة يعرفها الجميع، وعلى أساسه تم توزيع الدوائر بصورة تضمن فوزه!
تبع ذلك تشكيل "المفوضية القومية للانتخابات"، وهى ليست قومية بل منحازة تماما للمؤتمر الوطنى الحاكم، وضمت فى عضويتها رئيسا ونائب رئيس من أرباب الشمولية، كما شغل نائب الرئيس منصب السفير لنظام "الإنقاذ" فى أمريكا أولى سنوات "الإنقاذ" مدافعا عن النظام "الجديد" بعد نجاح انقلابه عام 1989، ومدافعا عن انتهاكاته لحقوق الإنسان فى أشد أيامه قسوة وقمعا فى "بيوت الأشباح"، كما ضمت المفوضية عددا من الجنرالات الذين عرفوا بمساندة الأنظمة الشمولية، وكانوا أعوانا للرئيس السابق جعفر نميرى الذى انتهك الحريات وسجن وعذب وقتل وأعدم المفكرين وشرع لأقبح قوانين استبدادية فى تاريخ السودان، ولم يدافعوا يوما عن الديموقراطية وحقوق الإنسان".
هؤلاء هم "فرسان" المفوضية التى سيكون بيدها الحل والعقد فى الانتخابات المقبلة!
ومسك الختام- كما يقول الدكتور على بابكر الهدى- كانت عملية التسجيل التى جاءت معيبة بكل أشكالها، وشملت العديد من التجاوزات والخروقات الخطيرة، وشهدت أكبر عملية تزوير، بل كان هناك تعتيم متعمد لمواقع مراكز التسجيل.
أما فى الخارج فحدث ولا حرج، فقد تركت العملية برمتها لضباط الأمن والقناصل فى السفارات. وجميعهم كما يعلم القاصى والداني مؤيدون لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم بعد أن أُفرغت وزارة الخارجية خلال العشرين سنة الماضية من كل من لا ينتمي إلى تنظيم الحركة الإسلامية. ونتيجة لذلك لم يتم تسجيل أكثر من مليون ونصف المليون من اجمالي عدد السودانيين المقيمين بالخارج والذى يتراوح – فى اقل التقديرات- بين خمسة وستة ملايين.
وفى خلفية ذلك كله يوجد "تراث " طويل لحزب المؤتمر الوطني الذى تفنن وبرع فى عمليات تزوير الانتخابات، ولم تسلم من هذا التزوير انتخابات اتحادات الطلاب والنقابات العمالية والمهنية.
***
ألا يذكركم ذلك التشابه الذى يصل إلى حد التطابق بين المناخ الانتخابى السوداني والبيئة الانتخابية المصرية الراهنة- بان آليات تزييف إرادة الأمم تكاد تكون واحدة رغم اختلاف الظروف واختلاف التاريخ والجغرافيا؟!
***
زاوية أخرى يلفت نظرنا إليها "حيدر المكاشفى" بمقاله المنشور فى جريدة "الصحافة" فى ذات اليوم، تأييدا لقيام ياسر عرمان مرشح "الحركة الشعبية" للرئاسة بوضع كمامة على فمه فى آخر مؤتمراته الصحفية تعبيرا عن مصادرة حقه الطبيعى والقانونى فى التعبير عبر وسائط الإعلام المسماة "قومية"، واحتجاجا على هيمنة حزب المؤتمر الوطنى على هذه الأجهزة الإعلامية، خاصة فى أجواء الانتخابات التى تفرض عليها التحلى بقيم المهنية والعدالة والنزاهة تجاه مختلف ألوان الطيف السياسي خلافا لما اعتادته طوال أكثر من عشرين عاما ظلت خلالها حكرا على حزب وحيد منذ أن أذاع رئيسه بيان الانقلاب الأول فى يونية 1989.
ويعدد "حيدر المكاشفى" دلائل اندماج الحزب الحاكم فى الدولة وتماهيه وتمدده فى كل مؤسساتها، وليست المؤسسات الإعلامية فقط.. بحيث لم يعد يوجد مفصل من مفاصل الدولة إلا وقد احكم الحزب الحاكم قبضته عليه بعد إزاحة الآخرين وتشريدهم وتدجين من لم يزحه أو يشرده.."
وبالتالى فانه يقول للمحتجين على أن الصحف "القومية" ليست اسما على مسمى.. يقول لهم: "الأولى بكم أن تحتجوا على هيمنة الحزب الحاكم على مفاصل الدولة وان تطالبوا بفصله عنها وليس فقط عن جزئية الإعلام التى لن تغنيكم شيئا".
***
هذه الكلمات الصريحة لزملاء صحفيين وكتاب سودانيين – والذين هم مثل أهل مكة أدرى بشعابها- وليس "الكلام الساكت" كما يقول أهلنا فى السودان وصفا للكلام الميت والمحنط... أعادت الى ذهنى صورة لافتات الدعاية الانتخابية الرئيس البشير التى تقف منفردة ووحيدة فى شوارع الخرطوم.
لكنها ذكرتنى أيضا بالانتخابات المصرية، حتى اختلط علىَّ الأمر، بحيث انى كلما سمعت اسم حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم فى السودان تصورت أن الحديث يدور حول الحزب "الوطنى" الحاكم فى مصر.
***
فيا أيتها الديموقراطية التى تم اختزالها فى عملية الانتخابات فقط..
ويا أيتها الانتخابات التى تم تشويهها ومسخها "وتفصيلها" على المقاس المطلوب..
كم من الجرائم ترتكب باسميكما؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
- »رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
- سلامتك .. يا وطن
- العلم يا ناس!!
- مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
- حتي القضاة.. معرضون للخطأ
- سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-
- تعامل مصر -الخشن-.. مع قوتها -الناعمة- .. محمد صالح .....الآ ...
- نجع حمادى.. - حقل الأرز- الذى أصبح -مزرعة ذئاب-!
- مبادرة «شق» الإخوان (1)
- مبادرة «شق» الإخوان (2)


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!