أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - أسرار العرض المسرحي وحرية التلقي















المزيد.....

أسرار العرض المسرحي وحرية التلقي


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 2951 - 2010 / 3 / 21 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


صميم حسب الله
كلية الفنون الجميلة - بغداد

في البدء لابد من كلمة أولى نستوضح من خلالها ان كتاب (ليس هناك اسرار) يقف على مرتكزات ومرجعيات سابقة للمؤلف وبخاصة كتابه (المساحة الفارغة ) او (المكان الخالي ) حسب الترجمة الأخرى .
وهو بطبيعة الحال وكما هي جميع كتب (بيتر بروك) تشكل جانبه النظري عبر رحلته الطويلة مع المسرح ، والتي مازال يحث خطاه ساعياً الى تطوير مهارات عدد من الممثلين جمعهم من مختلف انحاء العالم ومؤسساً من خلال تجاربه في (المركز الدولي للأبحاث المسرحية).
وقد جاء القسم الاول من كتابه هذا تحت عنوان (سر الضجر ) الذي يوضح فيه كيف يمكن للممثل ان يبعد الضجر عن المتلقي في صالة العرض ، ويضع (بروك) طرقاً عدة لذلك فيقول: " نحن الممثلون نبني لكي نهدم".
ان عملية الهدم والبناء في اداء الممثل تعطي حافزاً اكبر من اجل الحفر في الدور المسند اليه ، ويبحث (بروك) من جهة ثانية عن مساحات خالية يحفز بها خيال الممثل والمتلقي على حد سواء، ذلك أن "المكان العاري لايحكي قصة لذلك فإن كل خيال وإنتباه وعملية تفكير للمتفرج هي حرة وغير مقيدة" ويوضح (بروك) من خلال ذلك اعتماده على جسد الممثل والمكان الخالي كونها عناصر اساسية لتكوين عرض مسرحي من اجل اطلاق العنان لخيال المتلقي ، الذي يشكل حسب مفهومه روح العرض المسرحي ، ولا يعتمد (بروك) في عروضه على اللغة بوصفها المنطوق الاول لإيصال الافكار والمعاني وإنما تأتي اللغة بالدرجة الثانية بسبب إعتماده على الارتجال في المراحل الاولى من التمارين ويعود ذلك الى ان (بروك) يطمح الى تحرير جسد وخيال الممثل في مسرحه من خزين مغاير لطموحاته في تدريب الممثل وانتاج العرض المسرحي.
ان الكثير من المقولات التي ترد في هذا الكتاب تشكل حضورا تطبيقياً في تجارب (بروك) المسرحية والسينمائية الا ان هناك بعض تلك المقولات يقع تحت سوء الفهم او فقر الترجمة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول (بروك) " كلما كان العمل عظيماً ، كلما كانت الكآبة عظيمة ، اذا كان التنفيذ والفهم ليسا على نفس المستوى " ومانود الاشارة اليه هنا هو كيف يمكن للعمل ان يكون عظيماً وينقصه التنفيذ الجيد والفهم الجيد ،اذ هذا كلام غير دقيق ذلك أن للعمل العظيم مقومات تمنحه هذه العظمة ويدخل التنفيذ والفهم في صميم تلك المقومات فضلا عن تكامل عناصره الاخرى .
ان تركيز (بيتر بروك) على اهمية الخيال لدى المتلقي بوصفه مشاركاً فعلياً في العرض المسرحي ، يحيلنا الى نوع معين من الاداء والتعبير المسرحي لدى الممثل عبر المساحة الخالية لكي يستثير خيال المتلقي من اجل التواصل في عملية ارسال الشفرات الجمالية والفكرية من جهة واستقبالها من جهة ثانية.
ويؤكد (بروك) على ضروة الاستعانة باللغة بوصفها مصدراً اساسياً لتحفيز الخيال لدى المتلقي قائلاً " اذا تحرك شخصان عبر مساحة وقال احدهما للأخر مرحباً ياسيد لفنجستون ، اؤكد ان هذه الكلمات كافية لأن تستحضر في الذهن صور أفريقيا وأشجار النخيل " الا ان هذا الاعتقاد لدى (بروك) نسبي بشكل او بأخر فاللغة متغيرة من منطقة الى اخرى وما يمكن ان يثير الذهن من كلمات في منطقة معينة قد لايثير في منطقة اخرى وخير مثال على ذلك ان العروض المسرحية اليابانية والتي تعبر الكلمات فيها عن اشياء لايفهمها ألا المواطن الياباني وتثير لديه الضحك والحزن والخيال وغير ذلك ، ومن ناحية اخرى فإن أعتماد (بروك) على اللغة يؤكد اهتمامه بالنص المسرحي على الرغم من محاولاته المتعددة للوصول الى الثيمات التقليدية للنصوص الا انه (أي النص) يعد مصدراً اساسياً في مسرحه حتى وإن تخلى عن البيئة المسرحية التي يخلقها الديكور والذي غالباً ما يعد قاتلاً لخيال المتلقي ومعرقلا لعملية التواصل بينه وبين الممثل حسب تعبير (بروك) .
ان تأثير الاساطير والطقوس على مسرح (بيتر بروك) له اهمية كبيرة وهو مادفعه الى البحث عن طقوس واساطير جديدة على مجمتعه فتارة نراه يرتحل مع فريق عمله الى الهند بحثاً عن اشكال جديدة ، وتارة اخرى يرحل الى مدينة (شيراز) في ايران لمشاهدة طقوس (التعزية) والتي يتم فيها عرض واقعة استشهاد الامام الحسين(ع) وقد أثار هذا الشكل الطقوسي /المسرحي لديه الكثير من التأملات التي ساهمت في تطوير مسرحه ، ويذكر (بروك) التحول الذي حدث له اثناء مشاهدة طقوس التعزية ذلك انه شاهد هذه الطقوس اكثر من مرة ففي المرة الاولى شاهدها في احدى القرى النائية في ايران وقد كان الناس يشكلون حلقة حول من يمثلون الطقوس (الشخصيات) بلباسهم البسيط والموسيقى التي تنطلق من آلالات بدائية الا ان هذا الطقس كان مؤثراً بشكل عميق .
اما مشاهدته الثانية والتي كان (شاه ايران) قد دعى اليها من اجل تقديم هذا (التراث) الى العالم وتم تقديم العرض امام حشد من الضيوف من كافة انحاء العالم وكان (الممثلون) يرتدون الملابس والمعدات التي جهزت لهم استعداداً للتعبيرعن هذه المناسبة وبمصاحبة موسيقى تعزف على الآلات حديثة اذا ماقورنت بتلك الآلات القديمة الا ان هذه الطقوس لم تحظ بإعجاب (بروك) ذلك انها كانت خالية من الروح العفوية التي كان (الممثلون) يبثونها في الطقس اثناء مشاهدته لهم في قراهم النائية وإستخدامهم لأدوات بسيطة تساندها صرخاتهم الحزينة على استشهاد الامام الحسين(ع) .
ان تطوير الارتجال في المسرح له اهمية بالغة وقد استعان (بروك) به لتطوير قدرات ممثليه ويطرح عبر الارتجال عدة تساؤلات ويجيب عليها قائلاً " لماذا نرتجل ؟ اولاً لنخلق جواً عاماً وعلاقات ولنشعر كل فرد بالارتياح، ولنتيح لكل فرد ان يقف وأن يجلس من دون ان يصبح ذلك معاناة ، ولأنه لامفر من الخوف فأول مانحتاجه هو الثقة، وبما ان أكثر ما يخيف اليوم هو الكلام فعلى المرء ان لايبدأ بالكلمات ولاالافكار ، وإنما بالجسد ، إن الجسد الحر إما ان يعيش كله او يموت كله " .
ان تعبير (بروك) عن الارتجال هو الاقرب الى الحقيقة ذلك ان طاقة الجسد هي ما يجعل الممثل في حالة من البوح بالدواخل النفسية التي للشخصية والتي يأتي الكلام فيها لاحقا كونه يأتي نتيجة لفعل الجسد وليس لغاية مجردة.
وقد ذكر (بروك)في القسم الثاني من كتابه هذا والذي جاء تحت عنوان (السمكة الذهبية) ان المخرج المسرحي شبيه بـ (صياد السمك) الذي يقوم بترتيب العقد في شباكه ويرميها في المياه من اجل التقاط انواع مختلفة من الاسماك التي تختلف في شكلها ونوعها ، كذلك هو الحال بالنسبة للمخرج المسرحي الذي ينظم افكاره عبر ممثليه ومساحته الخالية ليحصل على تفاعل المتلقي الذي غالباً ما يكون متبايناً بطبيعة الحال كما هو حال الاسماك التي تلتقطها شباك الصياد والتي قد تكون احداها سمكة ذهبية.
اما في القسم الاخير الذي حمل عنوان (ليس هناك اسرار) وقد كشف فيه (بيتر بروك) عن اسرار تكوين العرض المسرحي وكيف تنشأ فكرة العرض من خلال التدريبات المسرحية التي كان يقوم بها سراً مع ممثليه وكان يرفض ان يدخل اي شخص الى بروفاته ، للحفاظ على الاسرار في البروفات ، الا انه يعود في نهاية الكتاب الى الاشارة المليئة بالثقة والتي يؤكد من خلالها على ان المسرح فن كوني ولا مجال فيه للأسرار.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية العلاقة بين الممثل المسرحي .. والآخر الاجتماعي
- سبتمبر يطرق الابواب..!
- الفرق المسرحيةالعراقية وحلم العودة الى الواقع
- المسرح العراقي.. والعروض المهاجرة
- الاغواء والضحية.. نهاية لاقتباسات متعددة .. أسئلة ترتقي إلي ...
- -المسرح جنتي-
- بوح الخطاب المسرحي
- مسرحية -غرفة الإنعاش-
- مسرحية -قلب الحدث-:
- مسرحية الظلال : عندما يكون البطل نصاً مسرحياً
- مسرحية -هنا بغداد- : موت في النص .. تشويه في العرض !!
- تحولات المكان المسرحي .. وسوء الفهم !!


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - أسرار العرض المسرحي وحرية التلقي