أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالكريم العبيدي - صورة -فكاهية- من داخل المعتقلات الصدامية














المزيد.....

صورة -فكاهية- من داخل المعتقلات الصدامية


عبدالكريم العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2951 - 2010 / 3 / 21 - 17:20
المحور: كتابات ساخرة
    


في زنزانة مساحتها (3 في 2) متر مربع كان صاحبنا "المكرود" يقف على ساق واحدة مع عشرات غيره من كائنات مطمورة في الظلام طبقا لقانون "الوقفة اللقلقية في المعتقلات العفلقية". كان يعصف به وبغيره "السل" ويغلفه هو وربعه "الجرب" وتعشش في جسده الملايين من الدود والقمل، وكان يأكل صمونة "امعفنه" في اليوم الواحد ويحلم بخيط دخان.
كان يخرج مع بقية المتهمين إلى دورة المياه كل يوم، يهرول صوب المرحاض على أنغام العد من الواحد إلى العشرة، وعلى نغمات العصي والصوندات والكفخات والجلاليق والشتائم الثقيلة"، يهرول ويهرول ليقضي "ربع حاجته" ويعود، يعود مهرولا على أنغام العصي "والصوندات والكفخات والجلاليق والفشار المينلبس عليه ملابس".
كان يحدق في كل ثقب وفي كل شق، في كل ندبة. تجحظ عيناه، تكاد تسقطا من محجريهما وهو يفتش مثل جروة تبحث عن أمها، يفتش بألف عين وعين عن كطف سحقه احدهم بحذائه بعدما ارتوى بالدخاااان.

وفي لحظة نستها الأزمنة، لحظة منفلتة من مقاسات التاريخ سقطت فجأة في المرحاض وأتاحت له أن يعانق "كطف جكاره"، مسحوق بحذاء السجان احتضنه ودسه في الخرقة التي كانت تستر نصف عورته وعاد مهرولا على نغمات "الصوندات و الكيبلات والتواثي والجلاليق وابن ال... وأخ ال....".
عاد منتشيا فرحا وهو يخبئ الكطف، وصار يخبئه في النهار ويمد كفه في الليل ليلامسه ويداعبه ويضعه بين إصبعيه، يشمه ألف مرة ويعلقه بشفتيه ويسحب نفسا طازجا منه ثم يعيده إلى مخبأه، يضعه في أفخم قاصة أسطورية انه "كطف جكاره"!
مضت عشرات الليالي مع هذا العقب المسحوق، وبات يحلم أن يحظى ذات يوم بعود ثقاب يشعل طرف الكطف/ الكنز ليلتهم منه نفسا دخانيا واحدا لا غير .
وفي زلة لسان استجدى ذات يوم من خلال كوة في الباب الحديدي الضخم، توسل لضابط صف أن يمنحه عود ثقاب بحجة نبش أسنانه المتعفنة.
أخرج السجان علبة ثقاب واستل منها عودا ثم أشعله وأطفأه بسرعة ثم مد يده من خلال فتحة الباب وقدمه له، بهت المتهم ولم يهرع نحوه، ظل جامدا قبالة عود محروق لا جدوى منه.

في تلك اللحظة، وبينما كان السجان يمد يده ليناول المتهم عود الثقاب لمحه الضابط الخافر فصرخ في وجهه غاضبا: ما الذي تفعله مع هؤلاء ال.......
ثم سرعان ما أستدعى السجان والمتهم وأوثقت أيديهما من الخلف وجرى معهما التحقيق "الفكاهي"
علقا "بالكناره" في سقف الغرفة وانهالت عليهما الكيبلات والصوندات والتواثي، ثم صعقا بالتيار الكهربائي ثم جيء بقطعة صلبة وأدخلوها في "...".
لامست الكهرباء كل عضو ومنطقة حساسة في جسديهما، صرخا استنجدا ولكن موجات التعذيب كانت تقذف بهما في دهاليز الغيبوبة
أعترف، أعترفا ..هاتان المفردتان كانتا تنهالان على مسامعهما مع الكيبلات والصعقات الكهربائية حتى شارفا على الموت .
لم يعد أمام "المتهم المجرم" إلا أن قال : انزلوني سأعترف لكم بالحقيقة. فرح الضابط وأمر الجلادين بالتوقف وأنزل أبو كطف الجيكارة فأعترف له بالحقيقة، قال: لقد ناولني السجان رمانة يدوية لأفجر بها المعتقل!!
- "شوفوا، هذا ما كنت أتوقعه من هذوله أولاد ال...".

جرت الاتصالات مع أعلى المستويات وتم إعلان النفير العام وجلبت قوات أضافية وخبراء وتم تطويق المبنى وحدثت جلبة عالية في أروقة المعتقل، ثم اقتحمت الزنزانة من قبل فريق طوارئ وجرى إخراج المعتقلين كافة وخلعت كل ملابسهم، فتشوا كل زاوية وثقب في أجسادهم وتلقوا من "الجلاليق والراشديات والدفرات والكيبلات والتفلات والشتائم" ما لم يلقوه لحظة اعتقالهم ثم فتشوا الزنزانة، أرضيتها وسقفها وجدرانها، اقتلعوا الأغلفة الخشبية من الجدران ولم يبقى سوى الكونكريت المسلح، ثم أعيد الحالم بنفس دخاني إلى صالة التعذيب وجرى تعذيبه بقسوة، ضربوه "بتوثيه"على رأسه ثم صعق بالتيار الكهربائي من طرف "..." وعلقوه من قدميه بالكناره.
- أين أخفيت الرمانة اليدوية ؟!، سؤال لم يعد لأبي "كطف" الإجابة عليه، ظل يحلق في غيبوبته الكبرى يبحث عن كذبة جديدة لتتوقف مطارق الموت على رأسه وفي لحظة خاسرة من كل الرهانات همس بوهن "أنزلوني سأعترف لكم"، أنزلوه وتحلقوا من حوله لسماع الكذبة، قال لهم : لقد أعطاني الرجل عود ثقاب محروق وكنت أأمل أن لا يطفئه لأنني أملك كطف جكاره عثرت عليه في المرحاض وعشت معه ليالي طويلة وحلمت أن أعثر معه على عود ثقاب لأشعله وألتهم منه نفسا دخانيا واحدا، هذه هي الحقيقة التي لم تصدقوها وكذبت عليكم وحولت عود الثقاب إلى رمانة يدوية !!
- "ها، علكوه بالكنارة مرة ثانية، تضحك علينه ابن ال..."؟.

أعيد إلى حفلة التعذيب مرة أخرى وصب الجلادون غضبهم كله على جسده.
في المساء أعيد الحالم بخيط دخان إلى الزنزانة محمولا ببقايا بطانية بعدما كسرت يداه وقدماه وأثخن جسده وعضوه التناسلي بالجراح ورمي فوق رؤوس المعتقلين الواقفين جميعا على ساق واحدة طبقا لقانون: الوقفة اللقلقية في المعتقلات الصدامية العفلقية.



#عبدالكريم_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعث و ضرورة المراجعة الذاتية


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالكريم العبيدي - صورة -فكاهية- من داخل المعتقلات الصدامية