أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي شكشك - الخراب














المزيد.....

الخراب


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2948 - 2010 / 3 / 18 - 18:43
المحور: الادب والفن
    



لا أظنُّ الأمور غامضة, فقد تراكم لدى الإنسان العربي على الأقل بحكم التجارب والمراقبة والمماحكة المتسارعة على مدى العقود السابقة ما يجعله يُعيدُ توليدَ ذاته ويواصلُ صياغةَ وعيه, صياغةً عضويةً أكثر منها تنظيرية, بحيث أصبح غيرَ قابل للتشاؤم ولا للتفاؤل ولا للمخاتلة, وربما هو الآن قادرٌ على تقدير الأمور تقديراً جيداً, ويعرف ما يلزم, ومن هنا ردودُ أفعاله التي قد تبدو أحياناً واعية وأحياناً أخرى لامبالية,
فقد عاصر الإنسانُ العربيُّ أحداثاً هامّة أضاءتْ له مساحاتٍ مظلمةً ورمادية لم تُتَحْ لجيلٍ من قبله, وقد تمَّ ذلك بالقوة ودونما إرادةٍ كاملة أو قصد أو جهدٍ كامل منه, فقد شكّلت القوة المعادية المتمثلة في الدولة الغاصبة في فلسطين آليةً هامةً في إضاءة هذه المساحاتِ وعملت آلية الغشم الصهيونية عملَ الصادم دوماً لوعي العربي ووعي الفلسطيني مما كان في كلِّ مرّةٍ يجعله يُعيدُ صياغة أسسه ومنظوماته ويفتح على آفاقٍ أخرى, لكنه كان دوماً وربما مازال لا يصوغ نظريةً كاملة تأخذُ به إلى مشروع, ويكتفي بتخزين مكتسبات الوعي في مناطقَ غيرِ فاعلةٍ غالباً من وجدانه, كأنّ هناك ثلاجة في ركن ما من الذاكرة, ولهذا كان الإنسان العربي فيما كان, قابلاً للذاكرة والنسيان, أو على الأقل كان أقرب للانفعالية منه إلى صاحب المشروع,
من هنا كان لا بد من جرعة ٍ كبيرةٍ من الألم ولونٍ فاقعٍ من الفاجعة لكي يتحرك هذا الشيءُ فينا, كأنه لابدّ من كلِّ هذا لكي تصلَ درجةُ اشتعال مخزوننا المكنون إلى اللحظة الحرجة اللازمة للانفعال.
ولربما وطّنّا أنفسَنا أنَّ المعركة طويلة وشرسة, ولن تُحسَم اليوم, فللجماهير حِسُّها وفطنتُها وحكمتُها التي تجعلُها لا تُجمِعُ على باطل, فلربَّما تنتظر برهةَ الجَدِّ التي تستبطنها وتعرِفُ علاماتها,
ومن هنا قد يكون سوءُ فهمها أو إساءةُ قراءتها أحياناً, مما يدفعُ العدوَّ للتمادي في غَيِّه وتعدّيه, فيعمد إلى الإيغال أعمقَ في طبقات المحو والإهانة عندما يُكرّمُ مجرِميه ويحتجُّ على تكريمنا لشهيدةٍ ورمزٍ من نوع دلال المغربي وما تعنيه.
وقد يظنُّ الصديقُ والشقيقُ أنها غائبةٌ أو لامبالية, دون أن يمنعَ هذا من تدخّلها حين يتجاوزُ الأمرُ الحدود, أو يُصبحُ علامةَ الرضا السكوت, من هنا تأتي هبّاتُها وانتفاضاتُها علامةً وإشارةً على حياتها وكرامتها حتى وهي تعي أنَّ الحسم النهائيَّ ما زال لم تنضج شروطه بعد, وأنّ البرهة المرجوّةَ لم تتحقق أشراطُها, مكتفياً بإرسال رسالةٍ إلى من يهمُّه الأمرُ الذي قد يكونُ العدوُّ أحيانا, كما قد تكون القيادة في إشارةٍ لها أنها معها تشدّ على يديها وتستدعيها, تدعمها وتؤازرها, مثلما كان الأمرُ في الانتفاضة الأولى, وقد تكون الرسالةُ إلى الذات, لإثبات اللياقة الدائمة, ولتجديد الثقة بالروح أنها هنا تداعبُ التاريخ وحاضرةٌ فيه, كأنها مناوراتها بانتظار لحظة الميلاد الأولى.
وهي في هذا وذاك تُدركُ أنَّ هناك خراباً ما فينا, لابدَّ من التطهّرِ منه قبل الصلاة, فهو سببٌ لما أحاط بنا من خراب, كما أنّ تطهّرَ الروحِ منه شرطٌ لإزالته من حولنا وإزالةِ كنيس الخراب.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فجيعة الحقيقة
- في اللامعقول
- ماذا لو ؟
- استدراج
- لسان الجرح المبين
- صورتان
- كل عام ونحن كما نحن
- هواري بومدين -صوفية السياسي -
- مجرّد عِناد
- بياض صمتها
- القدس في آخر العام
- حول الملعب
- مايعجز الكلام
- النيوءة
- نحن لا غودو
- ترجمان الاشواق
- الزمن الثقافي الفلسطيني
- موجز الكلام- فتحي الشقاقي-
- في منطقة اليقين
- الجريمة


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي شكشك - الخراب