خشب الدرويش

سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 2948 - 2010 / 3 / 18 - 02:10
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

في تصريح صحفي للسيد الدرويش، وزع باسمه أواسط شهر فبراير الماضي، يمكن للمرء أن يضع قدميه على معالم التردي الذي بلغه التعليم العالي ببلادنا والسطحية الرهيبة التي تواجه بها قضاياه على المستوى النقابي، و أن يلمس عن قرب عمق المستنقع الذي امتاح منه الدرويش لغته الحاقدة،والعتاد المهشم المحشو بخشبيات السباب والشتم السياسي الساقط والتخوين الذي لا يلين، عادة الأنبياء الخاسرين.
ففي الفقرة الأخيرة من الصفحة الخامسة من تصريحه الفانتازي والبطولي يوجه الدرويش سهامه الطائشة بلا اتجاه، في كل اتجاه دون روية أوحساب، ليستنسر ويفسح لتصريحه،كي لا نقول ريحه، أن ينطبع في الذاكرة.ونحيي بالمناسبة الجريدة الوطنية التي نشرت التصريح في شكل استجواب، لأنها أغلقت باب انفلات روح تلك الفقرة، وألغتها من السياق، لأنها أصلا خارج السياق، ورغم ذلك فإن الدرويش وحوارييه أصروا على أن يشتتوا تصريحه في كل الممرات وثقوب الجدران، إمعانا منهم في الرغبة السوداء في الإيذاء واجتراح كرامة الأساتذة الباحثين الذين اختلفوا مع الدرويش في الطريق، ولا يشاطرونه مواقفه وفتوحاته السياسية والنقابية، ورفضوا أن يتحلقوا حوله دراويش يتوسلون كراماته وأسراره الهائلة.
ويهمنا أن نقف بعجالة على بعض دلالات القاموس الخبيث الذي وظفه وتجاوز فيه حدود اللياقة، وروح الجدل والموضوعية والقبول بمبدأ الاختلاف المفترض أن يتشبع بها أستاذ باحث له جلبابه السياسي وقبعته النقابية كما للآخرين جلابيبهم وقبعاتهم بعدد ألوان الطيف، مع التسجيل أن الدرويش أثناء حديثه عن الوزارة الوصية على التعليم العالي وعن الحكومة يبدو لطيفا ومهذبا غاية التهذيب وحريصا على انتقاء الألفاظ المادحة وآيات التبجيل، ولا يتورع عن القول إن قلبه وسيفه معها، وأنها صانعة ألف المعجزات، متباكيا من شدة الوجد ليتبرأ من نقابته ويقول: إنها العذراء المسكينة، المجبولة على السمع والطاعة ولا ترغب في خوض أي إضراب فلا تؤاخذوها بما فعلت فهي مغلوبة على أمرها. ولكن حين يتعلق الأمر بالأساتذة الباحثين فإنه ينقلب الرأس على العقب ويكشر عن أثواب سلاطة لسانه، ويضرب بعكازه في وحل القاموس السياسي الشعبوي البذيء ، متخيلا أن الجنة تحت قدميه وقدمي نقابته.
أما هيكل قاموسه فقد قام على هذه العبارات:
1- "الدعم السلبي للفئوية والتفرقة بين الأساتذة الباحثين": ويوظف هذه العبارة وكأنه يلقي باللائمة على سماوات أخرى، في حين أن نقابته الوحدوية حتى منتهى الانحلال هي التي ناورت من أجل الدعم المباشر والصريح لتفكيك صفوف الأساتذة الباحثين وضرب وحدتهم، وتصنيفهم إلى أساتذة من الدرجة الرفيعة وأساتذة من الدرجة الوضيعة،ولعبت ملحمة التواطؤ مع الوزارة الوصية لبلقنة خريطتهم العلمية والأكاديمية، وتشتيتهم عن طريق الدفاع الأعمى عن الامتيازات والتستر على آليات تدمير القيم العلمية والأكاديمية، فالدعم كل الدعم للتفرقة كان من نقابته، وهي التي ساهمت بعجزها ووهنها في صناعة طقوس الشتات والتمييز وإذلال الأساتذة الباحثين.
2- "تشجيع خلق إطارات وهمية": الحقيقة دائما ساطعة ولا يمكن حجبها بأي غربال، فالإطار الوهمي هو الإطار الذي ينتمي إليه الدرويش، لأن هذا الإطار منذ 2001 اختار جبة الجمعيات، وغير معطفه،ولم يعد هناك ما يصله قانونيا بالنقابات، ومع ذلك فإن الدرويش يفتح باب التمويه ليوهمنا باحتوائه لتاريخ وشرعية نضالية تم اغتيالهما منذ 2001، وتم الانسلاخ من تبعاتهما النضالية المشرقة، فالوهم في الواقع هو صناعة الدرويش وجمعيته التي تتكلم لغة غير لغتها، وتبكي أنقاض الرماد.
3- "نفعيون أصحابها": يسقط الدرويش قناع الصفاقة حين يصم "أصحابها" بالارتزاق والانتفاعية، وكل إناء بما فيه يرشح، والتاريخ كشاف الخبايا وستبزغ الحقيقة يوما ما ويظهر الانتفاعيون الدراويش الذين يتسابقون نحو المواقع ونحو موائد الحظوة والتهافت على المناصب والتقرب لمراكز القرار،والذين لا يرددون غير مزامير الوصول السريع تحت عباءات طهرانية زائفة تقتنص الطريق في الشقوق والمعابر الخبيئة.
4- "انتهازيون المدافعون عنها": يجرف الدرويش تاريخ الحذر، ويعلن الحرب على الفجار، ويلقي أساطيره في وجه المدافعين حماة هذه الاختيارات الإطارات الوهمية كما يتوهم في هراء حدوده، ولكن من يكون الانتهازي أليس ذاك الذي باع مسيره الطويل من أجل أن يقول للجميع إن أصحاب كليات العلوم استبدوا بكل شيء في مقاليد نقابته، وأن عهد أهل كليات الآداب قد حل، وهو الأجدر بالحلول،إن الدرويش للأسف لا يداول في سوق لغته غير العملات التي يسكها ويبتاع بها طريق الزيف والسيادة العظمى التي يحلم بها.
5- "زعامة خاوية وهمية أنانية":من أفنى المسافات من أجل أن يصل وجع الزعامة، وشرع متاهات الكيد ليصنع ملامح زعيم لا يشق له غبار، يعرف الصاغرة والكابرة، ويشتري ذمم الأنصار بتسوية ملفات تحت الطلب ورسم طريق وساطات وسمسرات غير عمومية ومواعد مع ريح الوزارة..؟ لتكن خطواتك في مأمن ياسيدي الدرويش فلا أحد سواك يرشق برج الزعامات، ولا أحد سواك يبحث عن الخواء، ولا أحد ينافسك أنانيتك المقفلة أنت من تنطح الصخور، فلا تلق بأسقامك علينا.
6- "المعلوم لديهم أصحابها والجهات التي تدعمها": لتطلق كل النار يا سيدي الدرويش، وافتح كتابك بيمينك،وقل ما المعلوم عن الأصحاب، ماذا تخبئ أقدامهم ماذا تقول أبراجهم، وأي الجهات التي تدعمهم، لا تستظل بكسوف الظلال، ألق في وجهنا كل المعلومات، كل التقارير السرية التي تصل مأواك "يا أبانا في المباحث".
تذكر ملامحنا جيدا، المرة والمرات، يا سيدي الدرويش، فنحن الجهات كل الجهات، لن نبايعك سلطانا علينا،كل ريحك لا تبهجنا، وابحث عن جدواك بعيدا عنا.

#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات