أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد مليطان - ليبيا.. بين الإفتاء السلفي وحقوق الإنسان














المزيد.....

ليبيا.. بين الإفتاء السلفي وحقوق الإنسان


محمد مليطان

الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 16:35
المحور: حقوق الانسان
    


تعيش ليبيا في السنوات الأخيرة أجواء إعادة ترتيب البيت الليبي، عبر عدد من المراجعات للسائد من مفاهيم وأطر وتكوينات لها علاقة بالسياسي أو الثقافي أو الديني، هذا التحول، الذي لايزال في طور المخاض، يندرج من ضمن ما يطلق عليه «مشروع ليبيا الغد»، الذي يقوده سيف الإسلام القذافي، وهو مشروع يوصف بأنه «إصلاحي». وعرف عنه -أي المشروع- اهتمامه بتوجيه خطابه إلى فئة الشباب في الدرجة الأولى، ما جعل منه مشروعا تعبويا وحماسيا يفتقر إلى أسس نظرية ومنهجية تؤطره، وهو ما انعكس في مظاهر عديدة اتسمت بالارتجالية والعشوائية، على الرغم من اعتباره من قبل المريدين له والأنصار مشروعا واعدا وإن تخللته عثرات. من هذه الهفوات ذات البعد الارتجالي أن رئيس جمعية حقوق الإنسان في ليبيا، التابعة لمؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية، الكاتب الصحافي محمد طرنيش، كتب مقالة طالب فيها الدولة الليبية بإعادة بناء وظيفة «المفتي»، مقترحا شكلين لهذه الوظيفة، يمكن أن تتمثل فيهما، وهما: «مجلس الإفتاء الأعلى»، أو «هيئة العلماء».
وبالطبع، فقد باركت هذا الاقتراح شخصيات فقهية ليبية، وهو أمر طبيعي، والأكثر طبيعية أن تطالب بهذه الوظيفة ذات الصبغة المتصلة بالسلطة الدينية شخصيات فقهية شعبية، لكن المفارقة واللامنطق، هي مطالبة الأستاذ طرنيش باستحداث هذه الوظيفة الدينية الرسمية؛ وذلك لكونها لا تنسجم مع أدبيات ومفهوم «حقوق الإنسان»، التي يترأس طرنيش جمعيتها في ليبيا، بل تتعارض معها، من حيث أن وظيفة «المفتي» إصدار الفتاوى الإلزامية الموصوفة بـ«الرسمية» و«الحكومية»، التي من شأنها أن تُكره الناس وتجبرهم على الخضوع لها. تأتي هذه المطالبة غير الحقوقية في وقت باتت فيه المجتمعات الإسلامية تقترب من نيل استقلالها من سلطة المؤسسة الدينية المؤطرة سياسيا، بعدما أخضعت ردحا من الزمن لسلطة وظيفة المفتي التقليدية التي اكتسبتها، منذ أول ظهور رسمي لها في ظل الدولة العثمانية الآفلة، غير أن دولاب القطار الإصلاحي في ليبيا يدور بطريقة معاكسة، على ما يبدو، في هذه الواقعة تحديدا. في هذا المقام، لا يمكن الفصل بين تبني مفهوم حقوق الإنسان على المستوى الشخصي، وبين تقلّد مهام وظيفية رسمية معنية بهذا المفهوم، فمن يتقلد منصبا حقوقيا، لا بد أن يكون -من باب أولى- مؤمنا بالمبادئ الحقوقية التي يتبناها هذا الموقع، لكن مطالبة محمد طرنيش، رئيس جمعية حقوق الإنسان في ليبيا، لا تسير وفق هذا الاتجاه، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخّل، وهو ما يتعارض مع وجود وظيفة «المفتي»، المنعوتة وظيفته هذه بأنها «النيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم»، ومن سيجرؤ بعد ذلك على مخالفة نائب رسول الله في فتواه؟
علاوة على ما في المطالبة باستحداث منصب «مفتي ليبيا» من سلفية ثقافية ودينية وسياسية، فإنه يطرح إشكالا ولا يحل مشكلا.. يطرح إشكالا بخصوص التعددية الفكرية والدينية التي باتت الدول المعاصرة تتبناها كقيم أساسية للدولة، ولا تحل المشكل المتمثل في اختلاف الناس ومخالفتهم الدولة، فيما يخص الشأن الديني. فالدول التي تتوفّر على هذه الوظيفة الدينية الرسمية، بل وكذلك الدول القائمة على أسس موصوفة بأنها دينية، لم تستطع منع اتباع الناس «سرا» لفتاوى وافدة من خارج حدودها، واعتناقهم اتجاهات ومذاهب لا تتمتع باعتراف رسمي من «المفتي» أو الدولة، وهو أحد الأسباب الرئيسة التي بُنيت عليها المطالبة بإنشاء منصب رسمي للسلطة الدينية في ليبيا.



#محمد_مليطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبالغة -حماة- العربية
- مستنقع التطرف
- الإثارة الرمزية في الفضائيات الملتحية
- ثقافة إسلامية أم -إسلام ثقافي- ..؟
- ليبيا اليوم .. بين ليبيا الأمس وليبيا الغد
- أكاديمية الفساد
- طموحات شبابية.. بحجم شقة
- التوسل إلى الأمام.. عبر التراجع
- الاوبرا الالمانية تقدم عرضا تظهر فيها رأس النبي محمد - صلى ا ...
- لا تغربي يا شمس
- (تصدر حسب التساهيل).. علامة ليبية بامتياز في عالم الصحافة
- الشرق الأوسط الجديد.. مواسم الحصاد
- الإعلام الليبي.. احتضار الخطاب ونزوح المتلقي


المزيد.....




- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد مليطان - ليبيا.. بين الإفتاء السلفي وحقوق الإنسان