أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح القلازين - نقد















المزيد.....

نقد


صباح القلازين

الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 13:24
المحور: الادب والفن
    


البعد الإنساني في ديوان "عطش "
للشاعرة الفلسطينية صباح القلازين
عبد الحفيظ بن جلولي.
تنحاز الشعرية الفلسطينية إلى التخندق خلف جدار الثورة أو هكذا تتهيّأ الذائقة النقدية لقراءة النتاج الإبداعي الفلسطيني، وقد يكون المتلقي عبر اللاوعي مندغم في حالة وعي قومية تجعله متعاطفا مع الحس المتدافع من عمق الشعرية الفلسطينية، حتى يوازن بين حالة الفقد وحلم الاستعادة للأرض السّليبة، لذلك يترتّب تلقي القارئ مسبقا وفق منظور قرائي ثوري تُحتّمه حالة العجز الاستيعادي للأرض.
إن القراءة في ديوان الشاعرة صباح القلازين "عطش ، تخرج التلقي من هذه الحالة التي تنبع من مستوى وجداني عام إلى وجدانية شعرية خاصة تنفلت من عباءة النص التأسيسي، الذي يمحوره درويش وسميح القاسم إلى فضاءات تمتح من العبق التأسيسي ولكن تتجاوزه إلى رحابات القصيدة المتحرّرة من ربق الجمالية الثورية، لكن في ذات الوقت تقولها بجمالية أنثوية تمتح من واقع الذات المتعثرة في الحياة وفق ما يعتري الإنسان من فترات للانكسار وأخرى للنهوض.
نصوص "عطش نهائي" تنعجن داخل أطر الإنسانية الشعرية في تمظهراتها المتعددة، والتي تفضح في الأخير لعبة الذات داخل متاهات الكينونة المشبعة بالعشق والأرض والإنكسار والنهوض والتّوْق الشديد إلى البوح في فضاءات الكائن المعلق بين الحزن والفرح، الآخر الذي تحتاج الذات إلى ارتمائها على شواطئه، حيث تنفرج عند ذاك مدارات الكينونة على لحظات الحياة المتعدّدة بتعدّد مستويات المعيش الإنساني في اختلافاته واتفاقاته.
دلالة العنوان وتعدّد المعنى:
يرى جيرار جينيت بأن العنوان يعتبر من الإحاطات والتعيينات التي تعرّف بالنص وتجعل حضوره ممكنا في العالم، أي أن العنوان كعتبة نصية افتتاحية لها علاقة وطيدة بالمتن ومن ثم يصبح كاشفا لهوية النص.
والعنوان محل الدراسة "عطش نهائي"، يقدّم الدلالة المتشظية إلى معنيين على الأقل، حيث ينجرّ فيه الفهم إلى نهاية العطش، وهي الحافة المفتوحة على الأمل، لانتفاء سبب الهلاك.
ويتشرّع المعنى الثاني على دلالة أقوى للتعبير عن الرغبة الإنسانية في امتلاك زمام المبادرة لتحرير الذات في مواجهة المصير السلبي، حيث انبنى العنوان على مفردة العطش ذات الدلالة الأقوى في التشبث بالحياة، فالعطش يدفع إلى البحث عن الإرتواء لدفع الموت، كما انه يُعرّف الذات على طبيعة الماء الإحيائية، وتتفكك هذه الدلالة عند العتبة النصّية للإهداء، إذ يتبيّن في إهداء الشاعرة إلى القرّاء، ذلك البعد الإحيائي والإنبعاثي المتمثل في البحث عن الماء كرمز للخصب والنّماء في مواجهة العطش المميت:
"قودوا صحرائي نحو الماء، فالعطش يقاتل كي يصلا.."
ولعلّ العلاقة التي تربط العتبات النصية بالمتن تجعل التداخل في المعنى يرتجع إلى بداياته لتكتمل دورة النص في التواصل بين مفرداته الدلالية، ففي نص "أحلام محرّمة" تقدّم الشاعرة صورة شعرية للإنخراط في الماء:
"في المخيم يحلمون/ بقتل قبّرة تسافر في المطر.."
وفي نص "مطر" تقول:
"فأدرك أن الماء فاتحة العمر/ وبداية كل الأشياء.."
وبالتالي تقدّم النصوص الاحتمال الممكن على أن الشاعرة إنّما قدّمت العطش لتركيز دلالة التشبث بالحياة، إذ من تضاد المعاني نستنتج مقصدية الناصّة المحتملة.
مدار الحب/اشتغال المعنى:
يقول الشاعر الرّوسي أوليغ شيستنسكي في قصيدة "الزّيتونة" والمهداة الى الناقد الجزائري عمر ازراج:
"أقول له أنا ولد الحصار
يجيب: أنا ولد الحرب/بيننا عشرون عاما
ومدن الزهور في الحرائق.."
تساهم الشاعرة في اجتذاب مهارات لغوية لتسريح شحنة الحب القاتلة والمخاتلة والمبرّرة في كلتا الحالتين لأنها تتعلق بشأن ذاتي خاص، وفي ذات الوقت تتعدّى ذلك إلى الآخر المتمثل في الأرض عبر تسريبات خفيّة تعالق بين موضوعتي الحب والثورة، فعندما تقول الشاعرة في قصيدة "اختلاس":
"نختلس الحب/كلص هارب بحافظة جلدية/ونعود إلى أشغالنا فرحين"
تُظهر معاينة الحقول المفرداتية أن حقل السّرقة يشتمل على مفردتي الإختلاس والهرب، وهو ما لا يتوافق مع معنى الفرح المدمج في ذات المقطع الشعري، وهو ما يؤكّد الحرص الممزوج بالخوف الذي يمارسه السّارق حتى لا تضيع منه المسروقات، وهو حرص شديد، ولقد استفادت الشاعرة من هذه الصّورة لكي تُوصِّل المعنى إلى القارئ في واقعية ملموسة، وما يؤكّد ذلك هو موضوعة الفرح التي تعني في ما تعنيه في السياق الشعري حيازة ما يعود للذات ووضع اليد عليه، أي ما تمتلكه حقا وفعلا، وبهذا تتكامل صورة الحرص مع الخوف، لتثبيت الحيازة ومنه كان عنصر الفرح لتحقيق ذلك. وقد يتعلق هذا المعنى بخصوصية ذاتية في بعدها العاطفي، حيث تثوير بؤرة الحب إلى المدى الذي تتوادد فيه الذات بطقسها الوجداني العارم، وهو ما يستفاد من معنى الموت في المقطع الشعري من قصيدة "تهاويم":
"القلب الذي يركض/كغيمة بيضاء..
القلب الذي نحت من الخزف..
مات بجرعة حب زائدة.."
فجرعة الحب الزائدة، تفيد صيغة للمبالغة في الاندماج حدَّ الموت في الذات في حالة الحب الذي يعالق أحابيل القلب بالحبيب، وكذلك في حالة التعلق بالأرض، وهو مدار النضال الفلسطيني من أجل استرجاع المفقود، هو ذاك المعنى الذي يتماس فيه الجوهر مع كلمات شيستنسكي حينما يقول:
".. ومدن الزهور في الحرائق"، ولا تخفى الإحالة في الزهور على الجمالية المنبثة في العالم والذات، واستمراريتها حين تجتمع شعريا إلى الحرائق، كما يحمل هذا السطر الشعري دلالة الإصرار حينما تنبت الزهرة في الحرائق.
نص الوطن/مفردة الأنا:
"النصّ، إذن، حقل منفتح يشارك في إنتاج العلامة" حسب ما يرى هيو سلفرمان، وبهذا لا يكون النص قوة متحركة اتجاه العالم واتجاه القارئ إلا إذا امتلك زمام مبادرة ترتيب الأشياء وفق متواليات مختلفة وقابلة للتأويل.
وموضوعة الوطن في ديوان "عطش نهائي" تستجيب لنرجسية الشاعرة من حيث الإندماج الكلي بالذات لإنتاج مقوّمات الموضوع، حيث لا تعتبر الموضوع منفصلا عن الذات إلا من حيث إدراكه في فضاء النص، إذ يصبح متنقلا من التّجريد الخارجي إلى التنصيص العلاماتي.
تقول الشاعرة في قصيدة "حجر":
"هو ذات الحجر الذي لقحني بالنخل
وألقمني التمر.."
تتحول الشاعرة مريمية، تتلقى التمر من النخلة، وهو ما يحمل دلالة الغربة، داخل الوطن، على أساس اعتزال مريم العذراء عليها السلام قومها، إلا أن هذه العزلة تتشكل ايجابية بدلالة المواجهة.
والمقطع الشعري لا يقف عند هذا الحد بل يدعِّم الموقف الشعري بمجموعة من العلامات الدالة على الأرض والتي تمنح خصوصية التعالق معها، فالنّخل والتمر كلاهما من مفردات المكان اللذان يتداخلان مع الذات من خلال الرؤية العقدية للنخلة، إذ النخلة من ذات التراب الذي خلق منه آدم عليه السلام، كما أنّها كرّست تواصلها القيمي مع الإنسان من خلال فضاء الحادثة المريمية، وبالتالي تصبح النخلة والتمر معادلان موضوعيان للوطن المنغرز في الذات، وهو ما يبيّنه السّطر الشعري التالي من قصيدة خيمة:
"الخيمة العالقة في أعماق روحي
فتصهل روحي
مثل مهر بري
عصيّ على القيد"
تنضاف الخيمة كعلامة تدلّ على الوطن من حيث تَشكُّلها المكاني الذي يعبِّر عن تميّز وخصوصية عربيتين، تتلاحمان مع الذات ليصبحان في مقام الروح، أو المشترك بين الوطن والذات.
إن الشاعرة عندما تُصيّر الوطن إلى علامات دالة عليه، ترتقي في اشتغالها المعرفي لتؤسّس لديمومة أعمق من حيث تنصيص الوطن، حيث لا ينفقد الأثر فيه من متاهة الوجدان الكبيرة والتي قد يكون معلَّقا في أحابيلها أكثر من أي شيء آخر، وهو ما يجعلنا نتساءل عن شعرية الثورة لدى أدباء فلسطين، هل خرجوا من عباءة درويش وسميح أم أنّهم خرجوا واستطاعوا أن يختلفوا، ما دام المشترك سار تواجده في النص؟ فالأرض تمتح من وجدان الشعرية الوطنية وتمتح منها القصيدة لتقول تميّزا بطريقة نجهلها حينما تغدو متّسعا تعبيريا لكافة الرّؤى الفلسطينية، كل واحدة تقولها بطريقتها، لتصبح في الأخير تداخلا عنيفا بين الذات والموضوع.
تقول الشاعرة في قصيدة "افتراض":
"لأن كلينا غريبان/فقد وجدنا الوطن
في حضن يوم عابر ونص مفتوح.."
تتقاطع هذه الجملة الشعرية مع الجملة السّابقة من قصيدة "حجر": "هو ذات الحجر الذي لقحني بالنخل/وألقمني التمر.." عند موضوعة الغربة، ولأنّهما غريبان فلقد استطاعا أن يُثْبتا هويّتهما المفقودة عن طريق التّنصيص، وعندما تحدّد الشاعرة التنصيص بالمفتوح، فلقد بلغت بإدراك الوطن مستوى إنساني يتعاطى معه كافة المتلقين، وهو ما يزكي البعد الكوني للقضية المتمركزة حول الأرض، ووجودية الوطن في "حضن يوم عابر" يؤسّس لطيفيته المتاخمة للحلم، فالعبور هنا لا ينتهي إلى مفهوم الزوال، بل يؤدي معنى الخفة المتاحة في الحلم وحده.
عود على بدء:
يعرّج بنا هذا السّفر الشعري في ديوان "عطش نهائي" للشاعرة الغزّاوية صباح القلازين، على دروب التعالق الفطري مع الآخر، والتّناهي إلى سطوة الإحساس العميق بالذات ومن ثم بالأرض عبر رابط الحب، حيث يصبح الآخر معادلا موضوعيا للحبيب تتماهى فيه كل المعاني لشدّة التعلق بالأرض السليبة، وهو ما يجعل سؤال المجايلة مبرّرا في مسيرة الإبداع الشعري الفلسطيني.



#صباح_القلازين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر
- شعر
- أبواب
- شعر -من ديوان بعنوان عطش


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح القلازين - نقد