أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - فؤاد زكريا‏..‏ هذا الذي بدأ














المزيد.....

فؤاد زكريا‏..‏ هذا الذي بدأ


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 11:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الفلسفة والأصالة صنوان‏,‏ وأنت في مجال الفلسفة لا تملك إلا أن تكون نفسك‏,‏ وليس مجرد مسخ شائه‏,‏ المشكلة هي أننا نعاني من التشرقية‏,‏ والمصطلح لألبرت حوراني‏,‏ وهي بكلمة واحدة انعدام الأصالة‏.‏

والفرد التشرقي هو الذي يعيش في الوقت نفسه‏,‏ في عالمين أو أكثر دون أن ينتمي إلي أي منهما‏,‏ وهو الذي يتمكن من تلبس الأشكال الخارجية المشيرة إلي تملك جنسية معينة أو دين أو ثقافة‏,‏ من دون أن يملكها بالفعل‏.‏
وهو الفرد الذي لم تعد له قيمه الخاصة ولم يعد قادرا علي الخلق بل علي المحاكاة فحسب‏,‏ وحتي المحاكاة لا يقوم بها بشكل دقيق‏,‏ لأنها هي أيضا تقتضي نوعا من الأصالة‏,‏ إنه إنسان لا ينتمي إلي أي مجتمع ولا يملك أي شئ خاص به‏,‏ فما حدث منذ بواكير النهضة في القرن التاسع عشر وحتي السبعينيات من القرن العشرين كان في مجمله تلفيقا وليس توفيقا‏,‏ وهو ما أدي في النهاية إلي حالة الانشطار الحاد التي نعيشها اليوم‏,‏ بين التيارات الإسلامية وأنصار المشروع العلماني‏.‏ ربما كان فؤاد زكريا‏1927‏ ـ‏2010‏ هو الاستثناء الكبير الوحيد‏,‏ والمأزق الحقيقي في نفس الوقت الذي تعرض له أكبر مشروع ثقافي للتغيير الاجتماعي في القرن العشرين‏,‏ الذي لم يتوافق أبرز فرسانه مع حركة التاريخ في المجتمع‏,‏ ومع هذا‏,‏ أصر في شجاعة علي الإمساك براية العقلانية والتنوير‏,‏ والإبقاء عليها مرفوعة عاليا‏,‏ رغم عواصف المتعصبين وسطوة المتعملقين‏.‏
ففي بداية القرن العشرين‏,‏ كانت العلمانية مشروعا متكاملا‏,‏ يقف في مواجهة مشروع إسلامي آخر‏,‏ كان موجودا بصورة أكثر تواضعا‏,‏ وأقل عنفا وعدوانية‏,‏ وتركت العلمانية أثرها في أجيال عدة لطفي السيد‏,‏ سلامة موسي‏,‏ وطه حسين‏,‏ لويس عوض‏,‏ زكي نجيب محمود‏,‏ وفؤاد زكريا وغيرهم‏,‏ وهو أثر ضمني‏,‏ بل إن جزءا كبيرا من الثقافة العامة لمصر طوال الثلاثة أرباع الأولي من القرن العشرين كانت تصطبغ بالصبغة العلمانية‏,‏ ولا يكاد يوجد مفكر مهم في تلك الفترة إلا وكان له نصيب منها‏,‏ ولم تكن هناك حاجة للمجاهرة بالعلمانية علي اعتبار أنها موجودة ضمنا‏,‏ لأن المواجهة الحادة بينها وبين التيارات الإسلامية لم تكن قائمة حتي أوائل السبعينيات‏.‏ أما الصيغ الفكرية التي كانت مطروحة آنذاك‏,‏ فقد تمثلت عمليا في صيغتين أساسيتين ـ وهاتان الصيغتان كانتا موجودتين أصلا منذ نهاية القرن التاسع عشر‏,‏ الصيغة الأولي عرفت منذ الإمام محمد عبده بالتوفيقية‏,‏ أما الصيغة الثانية فهي الابنة الشرعية للأولي‏,‏ وهي صيغة إما‏..‏ أو‏..‏ غير أن هذه التوفيقية‏,‏ لم تكن ـ في التحليل الأخير ـ توفيقا متوازنا أو متكافئا بين طرفين‏,‏ وإنما كانت في حقيقتها‏,‏ انحيازا وتغليبا وترجيحا لطرف علي حساب الطرف الآخر‏,‏ وإخفاء هذا الانحياز والترجيح خلف قناع توفيقي ظاهري‏,‏ ناهيك عن التوتر الخفي الذي ظل كامنا داخل الصيغة التوفيقية‏,‏ حتي حانت الفرصة‏,‏ وبرز في العلن ذلك الانشطار الحاد بين عنصري المعادلة‏.‏
بيد أن التكوين الفلسفي لفؤاد زكريا ومزاجه النقدي‏,‏ فضلا عن حسه التاريخي‏,‏ كان يأبي الصيغتين معا‏,‏ ومن ثم كان لابد من البحث عن مخرج‏,‏ لا هو توفيقي‏,‏ ولا هو إما‏..‏ أو‏..‏ وهنا تحديدا سنعثر علي أهم لحظة من اللحظات المضيئة النادرة في منتصف القرن العشرين‏,‏ لحظة لم ندرك بعد أبعادها ودلالاتها‏,‏ لأننا ببساطة لم ندرسها بما فيها الكفاية‏,‏ كما أن الأحداث اللاحقة طمست معالمها‏!‏ فقد كانت هناك صيغة أخري طرحت علي المستوي السياسي والاجتماعي‏,‏ هي صيغة التحرر والاستقلال سعي فؤاد زكريا إلي تأصيلها علي مستوي الفكر والثقافة‏,‏ التي ظلت علي مختلف المستويات الأخري مجرد شعار‏..‏ وكأنه علي موعد مع نيتشه الذي لم تبق من أقواله في أذن فؤاد زكريا سوي عبارة كن نفسك‏.‏
وتلك كانت مفارقة‏,‏ تسترعي الانتباه والتأمل‏,‏ بين الفكر والواقع‏,‏ في هذا المنعطف التاريخي‏,‏ إذ إن ما آمن به فؤاد زكريا وسعي إلي تأصيله بالفعل كان يتناقض عمليا مع مجريات الأمور في الواقع المصري الذي أبي بدوره أن يتنازل عن الصيغة التوفيقية‏,‏ بل وعاد بها إلي مكونتها الأولي وهي صيغة إما‏..‏ أو‏,‏ وهذه الصيغة الأخيرة أدت بطبيعة الحال إلي ما نحن فيه الآن‏,‏ من حالة التشظي والانقسام الذي نعيشه‏,‏ وهو ما يسميه الدكتور حسن أبوطالب بـ الفوضي القدرية‏,‏ وهي حالة شاذة في عصر يتزايد فيه الاندماج والانفتاح يوما بعد يوم‏,‏ وهي تتمثل في تجاور كيانات منفصلة ومنعزلة داخل المجتمع الواحد‏,‏ تنتمي إلي عصور زمنية وعقلية شديدة التباين ، بعضها ينتمي إلي العصر الجاهلي والبعض الآخر إلي الحداثة المشوهة,‏ والبعض الثالث إلي ما بعد الحداثة المنقوصة‏.‏
وهذه الفوضي القدرية التي تتمفصل في مطلع الألفية الثالثة‏,‏ وتهدر طاقاتنا ورأس مالنا الاجتماعي والمعرفي والوطني‏,‏ بحاجة ملحة اليوم إلي مشروع سياسي عاجل‏,‏ وعقد اجتماعي جديد ينظم التعايش والاندماج وليس التجاور‏,‏ ويقوم علي مبادئ التسامح والمواطنة والاحترام المتبادل بين الفاعلين الاجتماعيين المختلفين‏,‏ والذين يعيشون في وطن واحد‏,‏ خاصة أن المعرفة اليوم تتجه بالمثل نحو نموذج جديد ـ‏Paradigm‏ ينطوي بدوره علي مفاهيم وقيم جديدة‏,‏ أجملها الفيلسوف الفرنسي بسراب نيكولسكو في‏:‏ التحول عن العقلانية المفرطة إلي الحدس والكشف‏,‏ عن التحليل إلي التركيب‏,‏ عن الاختزال إلي التكامل وعن مراكمة المعلومات إلي المعرفة كوظيفة وجودية‏,‏ وهو ما تنبه إليه فؤاد زكريا منذ منتصف القرن العشرين وناضل من أجله حتي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين‏,‏ فهذا الذي بدأ‏..‏



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخلص والمنقذ والمنتظر
- علي أبواب الحرب بالصدفة !
- بالمصري .. ساحة أثينا الجديدة
- الشعب صنيعة حكومته
- الأمن العالمي‮.. ‬لا يتجزأ
- السبيل إلي إنصاف المحرومين
- هل يمكن حماية الدين دون الحد من حرية التعبير؟
- تغير المناخ والسلام العالمي
- تفكيك أفلاطون
- المسكوت عنه في تغير المناخ
- كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟
- الحوار المتمدن والحكمة الذهبية
- الكرامة
- كراهية الغرب
- التسامح في الأديان ، وبينها
- خان الخليلي
- وجها لوجه وليس كتفا بكتف
- أطياف دريدا بالبحرين
- حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية
- يا أصدقائي ، لم يعد هناك صديق !


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - فؤاد زكريا‏..‏ هذا الذي بدأ