أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد هيبي - ملحدو عصر هم أنبياء العصر القادم














المزيد.....

ملحدو عصر هم أنبياء العصر القادم


أحمد هيبي

الحوار المتمدن-العدد: 2945 - 2010 / 3 / 15 - 01:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



سواء اتفقنا أن مادة الوعي تختلف عن مادة التراب في أو منبثقة عنها ومشتقة منها, فإننا نتفق أنه لا نهاية لتطور هذا الوعي, وتجاوزه لنفسه. ولا خوف أن ننطلق - مؤقتا - من القصة التوراتية، لا باعتبارها قصة للخطيئة، بل باعتبارها نواة تجاوز الوعي البشري لحدوده، فيما صار يميّز الإنسان عن غيره من البهائم. لقد أكل آدم من شجرة المعرفة, وأفاق لنفسه في عصر موغل في القدم.
ولكي نضع أنفسنا مباشرة زمام الموضوع الذي نناقشه، فلنأخذ ابراهيم الخليل كمثال. فما نتفق عليه جميعا، بغض النظر عن الحقيقة التاريخية، أن تاالرجل كان كافرا بمعتقدات آبائه وأجداده. ساخرا من رب معاصريه أو أربابهم الكثيرين. ولم يكن هذا بالأمر السهل، كما يظن البعض. فقد يدفع المرء حياته لقاء مجاهرته بآراء تخالف آراء معاصريه، خصوصا اذا حملت هذه الاراء رأيا مخالف في الدين وفي القداسة وهي مجموعة ائلة من المحرمات التي لا مبرر لها سوى أنها نزلت من السماء. هكذا استحق ابراهيم الخليل أن يحرق بالنار. ولكن بما أن الأفكار العظيمة، لا تستطيع النار أن تلتهمها، كون النار توليفة مادية من الأكسجين والحطب فقط. فقد نجا ابراهيم الخليل، مُلحد ما بين النهرين، مبشرا ، مبشرا بالدين الجديد. دين الرب الذي ليس هو قمر ولا شمس ولا سحابة، بل هو علة هؤلاء جميعا..
ومثل إبراهيم الخليل كان سقراط, الذي أُرغم على تناول السم, بسبب أفكاره الهدامة عن آلهة عديمي الفائدة, آلهة متصارعة فيما بينها, متهافته, والتي لا تختلف صراعاتها وتفاهاتها أحيانا عن صراعات ،تفاهات زوجين مقبلين عن الفراق. كانت التهمة التي وجهت إلى سقراط هي الإلحاد. الكفر بدين الآباء والأجداد. فما الذي حدث؟ مات سقراط - وهو ميت في كل الأحوال - وعاشت أفكاره وقد انزلت آلهة الأولمب عن عروشها. بشر سقراط بديانة جديدة, هي الديانة ألتي أتى بها أرسطو تلميذه. ديانة العلم والمنطق الصوري الذي يسمى باسمه. وان لم تكن هذه ديانة سماوية, فإنها كانت ديانة أرضية علمية, أثَّرت عمودياً وأفقيا في جميع الديانات والمذاهب ألتي أتت بعدها.
وماذا كان النبي محمّد سوى كافر بديانة قريش؟ وماذا كان ذنبه وما لاقاه من صدود سوى إلحاده بدين آبائه وأجداده. وماذا كانت التهمة التي لبسته, ردحاً من الزمن هو زمن الدعوة, سوى "إساءته" لدين الآباء والأجداد, وأساطير الأوًليين, ممن أتوا قبله ؟ وتفضلوا النموذج الذي أتى به محمد , لقد حول مركز الإلحاد في زمنه, الكعبة, وما فيها من أصنام، إلى مركز
هكذا يرتكز التغيير الخلاق أحيانا على التغيير التدريجي, ويتبنى بعض رموز الماضي, التي لا يمكن إعدامها مرة واحدة. نموذج الإلحاد والإيمان هذا نجده في العلوم نفسها. لقد أساء نبي العلم أرسطو الى العلم أكثر مما أفاده. لقد قام أرسطو بتثبيت مبادىء وعلوم تبين فيما بعد أنها كانت في غاية السطحية والخطأ. فالشمس لا تدور حول الشمس, والأرض ليست مركز الكون كما يقول, الجاذبية لا يمكن تفسيرها برغبة الصخور والكواكب البعيدة العودة إلى حضن الأم الكبرى، إلى الأرض؟ لماذا يعاود الحجر السقوط بعد أن قذفناه الى أعلى، برأي أرسطو؟ لأنه يشتاق إلى العودة إلى المركز، إلى الأرض التي هي مركز الكون, وأصل جميع الأشياء. الناس يموتون لأن أجسامهم الترابية, تعاود الحنين إلى باطن الأرض الذي جاءت منه. ولكن الأفكار العظيمة بقدر ما تكون مفيدة وخلاقة، قد تصبح عائقا على الأفكار الجديدة, الأعظم منها, والأصحّ. وكانت فكر أرسطو التي تبنتها الكنيسة بعد ردح من الزمن، عائقا على فكر جاليلو كوبرنيكوس. ولا شك أن علماء آخرين خالفوا أرسطو في أفكاره ومبادئه، ولكن لم يكتب لأفكارهم الحياة، بسبب أنها خالفت هذا النبي القديم.
وعلى أفكار جاليلو أقام نيوتن ديانته الجديدة. رؤية جديدة للكون اللامتناهي والذي لا سماد فيه بل نجوم تسبح في الفضاء. وأماط نيوتن اللثام عن جاذبية أصبحت في ضوئها جاذبية أرسطو صبيانية بل مضحكة. وأنكر مطلقيه المكان, مبقيا على مطلقيه الزمان. ولكن نبوءة نيوتن وديانته, لم يكتب لها إلا حياة قصيرة فقط. فقد أثبت أينشتاين أن أفكار نيوتن بالنسبة للزمان هي خاطئة. ليس هناك زمن واحد يسود في جميع أرجاء العالم. فالزمن مرتبط بالمكان. ولكل مكان زمانه, بل لكل ذرة في ذرات الكون زمانها الخاص بها. أفكار ليس من السهل أن تستوعبها عقولنا التي تمرست على معتقدات الآباء والأجداد. ولكنهم في الغرب تعلموا الدرس من محاكمة جاليلو: وهو أن ملحد اليوم قد يصبح نبي الغد. فكان للكنيسة الجرأة الأدبية لتعتذر لملحد الأمس وتنصبه نبيا جديدا للعلم. فمتى نتعلم نحن في الشرق - على طريقة تعبير سلامة موسى - هذا الدرس، ونعرف أن ملحدي اليوم قد يكونون أنبياء الغد؟



#أحمد_هيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكار حول اللانهاية
- هيراقليطيس .. لا يمكن عبور نفس النهر مرتين!
- السلحفاة .. يا طويل العمر
- ما هو التفكير الجبري؟
- هل أنت انسان طبيعي؟
- درس في غباء الجسم الانساني
- الجنس عند اليهود - الجزء الأول
- الذكاء المتعدد - أنواع الذكاء الانساني - أعمدة الذكاء السبعة


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد هيبي - ملحدو عصر هم أنبياء العصر القادم