أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - راغب الركابي - المثيولوجيا والدين 2















المزيد.....

المثيولوجيا والدين 2


راغب الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 2944 - 2010 / 3 / 14 - 10:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في الحلقة هذه نواصل التذكير بالهرطقة الدينية التي أشاعت الخمول وكرست التقليد ، وفي هذا المجال تتسع الدائرة ، لتشمل أئمة التصوف تحت اسم " أولياء الله الصالحين " فكان من الطبيعي أن تنتشر القبور المجصصة والمرخمة ، وأن ترتفع القباب المذهبة والمفضضة والمرصصة فوق الأضرحة والمقامات ، وأن تتحول إلى مزارات توقد عندها الشموع ويحرق عندها البخور وتذبح على أبوابها الأضاحي والندور ، والأمثلة على ذلك لا يحصرها العد في النجف و كربلاء وفي الشام وبغداد وفي القاهرة وتطوان وتنتشر هذه الظاهرة في المدن والقرى الإسلامية .
ويتحول الناس في دعائهم وعبادتهم من الله إلى قبور الأولياء وأضرحة أصحاب الكرامات متناسين أو ناسين كلام الله في قوله تعالى : - قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن .. الإسراء 110 ، وقوله تعالى : - وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا - الجن 18 ، وقوله تعالى : - إياك نعبد وإياك نستعين - الفاتحة 4
ولقد رأينا كيف تم تغيير معاني الكتاب المجيد في معنى الشفاعة ؟ وكيف جرى تحوير كتاب الله على غير ما ينبغي في هذا الشأن ؟ كزعم بعضهم إن قوله تعالى : - مرج البحرين يلتقيان - في سورة الرحمن 19 تعني الحسن والحسين – ع - ، ورأينا كيف تم تخصيص النبي دون غيره من الأنبياء والرسل بهذه الشفاعة , التي تعطل الأحكام الإلهية وتمنع دخول أهل الكبائر إلى النار أو تخرجهم منها إذا هم دخلوها حسب قول المفسرين ؟ وهذ إنتقاص متعمد من الأنبياء والرسل ، وتفريق بينهم في الكرامات والمقامات !!! الأمر الذي نجده يتعارض مع قوله تعالى : - .. لا نفرق بين أحد من رسله .. - البقرة 285 ، وقوله تعالى : - .. لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون - آل عمران 84 ، والبقرة 136 ، لأن التفريق بين الرسل من علامات الكافرين حقا بدلالة قوله تعالى : - إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله .. - النساء 150 ، إلى قوله تعالى : - أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا - النساء 151 .
والآن لنبحث أثر القول بالشفاعة في نسف أهم الأسس التي قامت عليه الحكمة الإلهية من الوجود الإنساني ، وأهم عنصر سيقوم عليه الحساب يوم القيامة ، ونعني به العمل .
1 - حين قرر الله استخلاف الإنسان في الأرض ، وحين اعترضت الملائكة على القرار لأنها شاهدت فعل أدم الترابي في الفساد وفي سفك الدماء وفي عصيان الأوامر الله وترك التسبيح والتقديس قبل ان يصير إنسانا ، وهذا ما لا تعلمه الملائكة ..
فالله يعلم إن ثمة من سيختار الإصلاح وهو قادر على الفساد ، وإن ثمة من سيختار إحياء الأنفس وهو قادر على قتلها ، وسيختار الإيمان وهو قادر على الكفر - أنظر النصوص 30- 32 من سورة البقرة - .
والسؤال الذي يمكننا رصده هو : ما فائدة القارىء من هذا الحوار ؟ خصوصا وهو يعلم إن الملائكة ليس لها حرية أو إرادة يمكنها معها أن تحتج أو تعترض بدلالة قوله تعالى : - .. لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون - التحريم 6 ؟.
ونقول : إن الفائدة في ذلك هي : 1 - إنها إقرار وتكريس لمبدأ العمل الذي حدده النص التالي : - كل امريء بما كسب رهين - .
2 - إنها إقرار وتكريس لمبدأ الاختيار الذي قرره النص التالي : - وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر ، إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ،
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ، أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا - الكهف
29 ، 30 ، 31 .
2- إن العمل في الكتاب المجيد هو : إما عمل صالح ، وإما عمل طالح ، والجزاء على قدر العمل إن كان صالحا فله الجنة وإن كان طالحا فله
النار ، من قال النبي : الخلق كلهم عيال الله أحبهم إلى
الله أنفعهم لعياله .
3- والكتاب المجيد فصل أنواع الثواب المستحق لأصحاب العمل الصالح ، وأسهب في تفصيل الحدود والعقوبات على كل عمل طالح ، وبين في أكثر من موضع أنه لا أحد يملك حرمان مثاب من ثوابه ولا أحد يملك إعفاء معاقب من عقوبته طبقا لقوله تعالى : - فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره - الزلزلة 7 ، 8 .
4- أشرنا في الحلقة الأولى إلى أن للشفاعة أجزاء ثلاث : المشفوع عنده ، والشافع ، والمشفوع له ، ولا بد من أن يعرف كلا الطرفين الطرف الثالث ، خصوصا الشافع والمشفوع له ، ولابد من أن يكون محل الشفاعة وموضوعها محددا واضحا ، فكيف يعرف الشافع المشفوع لهم يوم الحشر ؟ وإن هو عرفهم فكيف يعرف ما اكتسبت
جوارحهم من معاص وما ارتكبوا من موبقات ، سواء حصل ذلك في حياته أم بعد مماته ؟
والظاهر إن هذه الأسئلة قديمة تحدث عنها الرازي وتحدث عن منكرين للشفاعة تمسكوا في إنكارهم بأحاديث نبوية ، منها ما رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام دخل المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، وددت أني قد رأيت إخواننا ، قالوا : ألسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد . قالوا : يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك ؟ قال : أرأيت إن كان لرجل خيل محجلة في خيل دهم فهل لا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض . ألا فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم ألا هلم ألا هلم فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك ، وفي رواية جابر : أنت لا تدري ما أحدثوا بعدك - فأقول : فسحقا سحقا ، والاستدلال بهذا الخبر على نفي الشفاعة أنه لو كان شفيعا لهم لم يكن يقول فسحقا سحقا لأن الشفيع لا يقول ذلك " - أنظر التفسير الكبير للرازي ج 3 ص 55 - .
إننا ننكر الشفاعة بدليل ماورد في الكتاب المجيد كقوله : - أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار - الزمر 19 ، وهذا منا لا يحتاج إلى تنقيب في كلام المتقدمين ولا إلى أخبار مظنونة في الغالب ، ثم لنقرء النصوص التالية ونتدبر معانيها قال تعالى :
1 – وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون - الذاريات 51 ..
2 – .. إن أكرمكم عند الله أتقاكم .. - الحجرات 13 ..
3 – الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا -
الملك 2 ..
4 – من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه
حياة طيبة .. - النحل 97 ..
5 – إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من
آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا .. - البقرة 62 ..
6 – يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس
ما عملت وهم لا يظلمون - النحل 111 .
العين والميم واللام أصل صحيح في اللسان ومفردة وردت في الكتاب المجيد 406 مرة منها : - وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار .. - البقرة 25 ومنها : - والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. - العصر 1 – 3 .
ناهيك عن مفردات أخرى تشترك معها دائما في الدلالة والمعنى كالفعل في قوله تعالى ( .. وما فعلته عن أمري .. ) الكهف 82 ,
وكالكسب في قوله تعالى ( كل امرىء بما كسب رهين )
الطور 21 , وكالاكتساب في قوله تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت .. ) البقرة 286 .
وناهيك عن مفردات تشترك معها أحيانا في الدلالة والمعنى كالتقوى في قوله تعالى - .. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا - النساء 77 ، وفي قوله تعالى - .. ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون - الأنعام 153 ، أي لعلكم تعملون بهذه الوصايا (*) .

فإذا نحن تأملنا النصوص المتقدمة وجدنا إن العبادة في الذاريات 51 هي العمل ، وأن التقوى في الحجرات 13 هي العمل ، ووجدنا أن العمل الصالح في الكتاب المجيد يأتي مقترنا بالإيمان بالله واليوم الآخر في عشرات المواضع مثالها النحل 97 والبقرة 62 ، ووجدنا أخيرا أمرا بغاية الأهمية في آية الملك 2 هو أن القصد الإلهي من خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا .
ونفهم في ضوء الفقرات الخمس السابقة أن القول بالشفاعة يقتل العمل والابداع في العمل ويدعو إلى تكاسل والخمول ، ويقعد بالإنسان عن كل ما ينفع الناس ، ويسوغ لمن يريد العمل الطالح
، ومع ذلك يأمل بشفيع يخرجه من النار ويدخله إلى الجنة !!!!

(*) – الأصل الغالب في التقوى هو الوقاية كما في قوله تعالى : - يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة .. - التحريم 6 ، وهي بهذا المعنى مفهوم مجرد كالإيمان والإخلاص والتوبة لا يتجسد إلا بالعمل .
أما تفسير التقوى بالخوف كما فعل الشيخ الحايك في ترجمته للقرآن الكريم إلى الانكليزية - أنظر ترجمة قوله تعالى : - ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين - المائدة 93 ، فليس عندنا بشيء ، لأن الخوف لا يصنع إيمانا ولا ينتج إحسانا ..

ونقول آخراً : - أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار - الزمر 19 ..



#راغب_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قول في الإجتثاث
- قراءة في كتاب نقد العقل الإسلامي
- بعض من الأخبار المزيفة في قضايا وقعة كربلاء
- الوحدة الإسلامية كما يرآها الشيخ المنتظري
- دراسة موجزة في الفكر السياسي للآستاذ المعظم آية الله الشيخ ا ...
- العراق بين إحتلالين
- الشخصية الليبرالية ج1
- عيسى المسيح وأمه مريم
- قصص من الكتاب المجيد
- ضياع الهوية الوطنية
- الليبرالية الديمقراطية والسلطة
- العراق والمرحلة المقبلة
- الليبرالية الديمقراطية و حاجات الأمة
- إيران والإصلاح
- صور صداميه تعود من جديد
- الليبرالية الديمقراطية ومفهوم الدولة
- الإنتقال إلى الدولة
- الليبرالية الديمقراطية هي الحل
- التغيير و الإصلاح
- الدين لله والوطن للجميع


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - راغب الركابي - المثيولوجيا والدين 2