|
عندما ينهض الموتى
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 18:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد تكون هذه اللقطة مأخوذة من فلم اجنبي او عربي ، لكن هي في نظر بعض الشباب منصة للرفض والأحتجاج وتعرية الفساد الذي يرتدي الملابس النظيفة ، مقبرة تتحول الى عنوان يثير الغضب والضحك والبكاء لأن هذه الأجيال لم تجد الا الموتى والمقابر لكي تستنجد بهم .
مجموعة من الشباب في (نواكشوط )
عاصمة موريتانيا ارادوا القاء القبض على من يغطون على الفساد ويشاركون في تغلغله، فقاموا بأرتداء الأكفان وانتظروا في المقبرة حتى يحين موعد اللقاء ، في منتصف الليل التقى ضباط الشرطة مع زعماء العصابات كي يقبضوا الرشوات مقابل السكوت وغض النظر عن اعمالهم الفاسدة .
اثناء تسليم الأموال نهض الشباب "الموتى" بأكفانهم وصراخهم مما اثار الذعر والخوف والأرتباك ، وهرب ضباط الشرطة الذين كان خوفهم اكبر من شجاعتهم ونجح كمين الموت في كشف العلاقة بين الشرطة وزعماء العصابات ، وقد صرح الشباب بعد ذلك ان هذا التصرف جاء احتجاجاً ورفضاً على تغلغل الفساد في جهاز الشرطة الذي من المفروض حماية المجتمع ونشر الأمن .
هل من المفروض ان يصل الأمر الى بعثرة هدوء المقابر ، الى ازعاج الموتى حتى نحقق القليل من العدالة والحق والشرف والأمانة ؟ كم مقبرة ومقبرة نريد ان نزعجها حتى نصحو من الوضع المزري الذي نعيش فيه ؟
استعمل الكثير من الفنانين والشعراء والأدباء المقابر كخلفية للأحتجاج او ابراز عيوب المجتمع او ايصال رسائل الى القادة والمسؤولين ، وقد اعتبر الكثير منهم ان المقابر ليست ساحات النهايات بل هي ساحات البدايات ، وحاول البعض اسقاط الحاضرالبائس على الماضي والتكلم مع الشهداء ، ويصل الأستهزاء قمته حين يعترف الأحياء امام الشهداء ان الأوضاع لم تتغير خاصة الأوضاع السياسية التي استشهدوا من اجلها ، بل بالعكس هناك من استغل استشهادهم وحوله الى نفوذ وجاه وارصدة في البنوك .
اما دمهم فقد بيع في اسواق التنازلات ، ونذكر جميعنا الحوار المسرحي الذي كتبه محمد الماغوط في مسرحية (كاسك ياوطن) الذي دار بين غوار ووالده الشهيد الذي يريد ان يطمئن على تضحياته ، فيكذب عليه غوار ويقول وهو يترنح من شدة السكر ان العرب انتصروا وفلسطين رجعت لأصحابها والوحدة العربية تحققت ، فجأة يصحو غوار ويبدأ بالبكاء ، يحكي لأبيه عن ضعف وتخاذل الدول العربية ، فيقول الأب بحزن واسف ( انا اسا مت) أي هنا يؤكد الكاتب (الماغوط )ان الشهيد يبقى حاملاً حبل التفاؤل الموصول بالأرض التي استشهد من اجلها ، لكن حين يكون الخذلان اكبر من احلامه ودمه يموت مطعوناً بالخيبة القاتلة .
قد يضحك البعض على تصرف شباب( نواكشوط) ويعتبرها لقطة مسروقة من فلم عربي او اجنبي ، لكن اذا نظرنا الى عمق المعنى نجده برقيات تحذير الى كبار المسؤولين ، في حالة استمرار الوضع فأن كل شيء سيثور وينهض حتى الموتى وستتحرك المقابر لأن الوضع الذي يعيشون فيه لم يعد يحتمل .
لو اردنا اسقاط هذا التصرف الشبابي الموريتاني على حالنا الفلسطيني المهترىء الذي تشابكت خيوطه ، حتى اننا لم نعد نعرف بداية الخيط من نهايته ، ومن المسؤول عن التشابك ومن الذي سيلتقط بقايا الكومة ؟ كم مقبرة ومقبرة نريد ؟ كم كفن وكفن؟ وهل هناك الآن من يجرؤ ويطالب بأحترام دم ومقابر الشهداء .
بين الخيوط والأكفان تستباح الذاكرة والثقة والتاريخ ، يطل الفساد ناشراً جناحيه كأننا على موعد دائم مع المفاجئات – ليس كمفاجئات حسن نصرالله – ولكن مع الفضائح التي تبعث على الغثيان ، الضابط فهمي شبانه يحمل الأسرار وملفات الفساد ملوحاً بها، يهدد السلطة والزمرة التي تحيط بها ، ولا احد يحقق ويحاول ابراز الصورة الحقيقة للشعب المطعون في قضيته وماله ولجوئه الذي اصبح بمثابة كيس الرمل المعلق الذي يضربه الجميع ، الكل يعرف والكل صامت ، ولا احد يميط اللثام عن لغز اسمه ( فهمي شبانه) .
قديماً كانوا يقولون بلهجة الأستغراب لمن يهجم على حي ( واحد بهد على بلد ) وشبانه اليوم- يهد- على السلطة فلسطينية فما هي القصة بالضبط وهل نحن بحاجة الى شباب يرتدون الأكفان ويختبؤن في المقابر حين يلتقي (فهمي ) مع رجال السلطة لمعرفة الحقيقة .
و(الأمير الأخضر ) او مصعب حسن يوسف الذي لقب (الأخضر) رمزاً لرايات حماس الخضراء ، هاهوالأمير الصغير يغتال ثقة ابيه القيادي في حركة حماس وثقة من حوله ويتحول الى اسطورة مخزية في الخيانة والتعاون مع اسرائيل ، وتكون اعترافاته المبهورة في السلام والوئام جزءاً من العطاء الذي منحه بفخر للمخابرات الأسرائيلية .
كلنا نشعر بالضيق والأختناق ونحن نقرأ ونسمع ونرى مثل هذه الأخبار التي يكتوي بها الجلد ، هل علينا ان نسير في طريق المقابر لعل هناك نلتقي بمن يتآمرون علينا .
لن ندعهم يعتقدون ان المكان آمن بل سنصرخ حتى ينهض الموتى .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امرأه من تمر هندي
-
ثمن المطلقة الف دولار والزوجة الثالثة والرابعة خمسة الآف
-
على كل عربي ان يحافظ على مؤخرته
المزيد.....
-
بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني
...
-
تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
-
عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة
...
-
خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا
...
-
كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو
...
-
مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال
...
-
تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس
...
-
مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران
...
-
تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|