أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - رأساً على عقب














المزيد.....

رأساً على عقب


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 893 - 2004 / 7 / 13 - 08:00
المحور: الادب والفن
    


يغطّي ديب علي حسن أمسية شعرية شهدها أحد المراكز الثقافية الفرعية في العاصمة السورية دمشق، فيبدأ هكذا (وأقتبسه حرفياً دون أيّ تدخّل في النصّ، كتابةً ولغةً وعلامات وقف): "قد لا يكون هذا زمن الشعر حضورا ومتابعة للاماسي التي تقام في المراكز الثقافية ولكنه بالتأكيد زمن الشعراء كما ونوعا مئات المجموعات الشعرية تصدر شهريا وشعراء ينبتون ويرفدون الحركة الشعرية بعضهم يغادر الساحة قبل ان يجف حبر قصائده او مجموعاته بعضهم الاخر يلبث قليلا لعله يصارع ظله او يمتح من معينه شيئا جديدا لكنه لا يلبث ان يلحق بالاول تاركا الشعر لمجال اخر واستكشاف اخر".
ونحن لا ندرك تماماً مغزى هذا "المستهلّ الفلسفي"، الذي يأخذ صيغة حكم رهيب على مصير الشعر والشعراء، ولا نجد في عرض مجريات الأمسية ما يدفع الكاتب إلى هذه النبرة الساخرة والتشاؤمية في آن. لكنّ الأمر لا ينتهي هنا، بل إنه يبدأ فقط! صاحبنا يخبرنا أنّ الأمسية "أحياها ثلاثة شعراء متميزين"، لكي نكتشف على الفور أنه يعني شاعراً و... شاعرتين! ثمّ يتساءل دون إبطاء: "وماذا عساه ان يفعل شاعر بين شاعرتين"... صدّقوا أو لا تصدّقوا! ويضيف: "او لنقلب السؤال ولنقل ماذا عساه ان يسمع الجمهور من هؤلاء الشعراء في هكذا احوال واوضاع آلام وآمال"!
ولكي أنصف الرجل، وأرجوكم الصبر عليّ وعليه، يقول في وصف المشارك الأوّل الشاعر صالح هواري: "ومن مرارة العمر يعتصر الشاعر صورا شعرية جديدة تحمل حزنا جديدا غير مجرب على حد تعبير بدوي الجبل حزن صالح هواري حزن انساني وجودي ليس انيا ينتهي بعد لحظات لتنطلق حالة ثانية مغايرة بل ومتى كان حزن المبدع الحقيقي شبيها بأحزان الاخرين"!
وعن الشاعرة الأولى المشاركة يكتب صاحبنا: "اما الشاعرة هيام منور فقد اختارت طاقة من الوان ابداعها المتميز قصائد عدة لها طعم ولون الياسمين وبوح الغاردينيا التي تناثرت على طول الطريق لتغرق الديوان بالعبق كما كتبت الاديبة كوليت خوري رسالتها الى هيام منور"! وإذا كان في وسعنا أن "نبلع" استعارة ركيكة من نوع "بوح الغاردينيا"، فما طعم الياسمين بالله عليكم؟
الشاعرة الثالثة تتميّز بـ "عاطفتها المغزولة بنور الكلمات"، وعنها يتابع صاحبنا فتوحاته فيقول: "بدورها الشاعرة وداد عبد النور حملت عبقا دمشقيا جميلا فاح قصائد للوطن وللقائد وللانسان وللحب، وداد عبد النور شاعرة شفافة يحمل شعرها بوحا خفيا لا يكاد يستقر على حال حتي ينقلك الي حال اخر !
هذا الهياج القاموسي الصرف، الأقرب إلى "صفّ الحكي" كما يقول التعبير الشعبي البليغ، نُشر يوم أمس في صحيفة "الثورة" السورية، المنبر ذاته الذي كان ذات يوم يصدر ملحقاً ثقافياً رفيع المستوى ومتميزاً بكلّ المعايير. لا أعرف اسم المحرّر الثقافي الذي أجاز نشر تغطية ديب علي حسن، ولكنّ موقع "الثورة" على الإنترنت يفيدنا أنّ السيد خالد الأشهب هو أمين التحرير للشؤون الثقافية و... الاقتصادية! كيف جمع المجدَين، الاقتصاد والثقافة، هذه في ذمّة رئيس الحرير ـ المدير العام د. فايز الصايغ، الذي تولى المنصب مؤخراً، ويبشّرنا البعض بأنّه في قلب "الدائرة الحداثية" التي تحيط بالرئيس الشاب!
ولكي لا نظلم "الثورة"، فتبدو وحدها حمّالة انحطاط الكتابة الصحافية والنقدية في سورية الراهنة؛ ثمّ لأننا سوف ندع صحيفة "البعث" جانباً لأنّ الوضع هناك أقرب إلى فالج لا يُعالج؛ نشير إلى مثال من صحيفة "تشرين"، التي قيل ذات يوم إنها في علاقتها مع قصر الروضة وحافظ الأسد ستكون نظير "الأهرام" المصرية في علاقتها مع قصر القبّة وجمال عبد الناصر!
وفي هذه الصحيفة يعلّق د. عاطف البطرس على رواية "جهات الجنوب"، للروائي السوري المتميّز ممدوح عزام، فيقول (وأقتبسه حرفياً، هنا أيضاً): "عدم تحديد المكان يترك /النص/ يتربص عائما غائما يلفه الضباب، المكان هو الارضية التي يقف عليها /النص/ وينهض البناء الروائي. والزمان بالتالي هو تاريخية النص ومحدد لملموسيته ومساعد على كشف مغزاه /السياق التاريخي/. الكتابة هي انعكاس للواقع وخلق له، بتكوين عالم مماثل عن طريق التخييل شريطة ان يبقى الكاتب امينا لجوهر الاحداث ودلالة الوقائع وهو حر في اجراء عملية فرز واختيار بين ما يقدمه الواقع من مادة اولية وعناصر مختلفة بل ومتناقضة احيانا، يعمد الكاتب الى ترتيبها وتصنيفها وفق منظوره، فدون عملية الفرز والتصنيف، لن يكون بمقدار الفنان استيعاب المادة التي عليه ان يكونها /هيغل/"...!
في مادة ديب علي حسن حُشر بدوي الجبل عشوائياً وكيفما اتفق، وفي مادة عاطف البطرس يُحشر هيغل على نحو مماثل، مع فارق أننا هنا لا نعرف أين يبدأ كلام الفيلسوف الألماني وأين ينتهي كلام الدكتور السوري. وهذا الأخير لا يظلم رواية بديعة فحسب (رغم امتداحه لها)، بل يقلب أبسط مفاهيم حضور التاريخ في الرواية، ويجعلها تسير رأساً على عقب.
الأكثر مأساوية أنّ العديد من المفاهيم تسير هكذا، في سورية هذه الأيام!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرادعي في إسرائيل: تفتيش -وجودي- من ارتفاع عين الطير
- الواق واق الجديدة
- أيهما أكثر أولوية: نهب العراق أم محاكمة صدّام؟
- الشعر والطواحين
- لوينسكي جورج بوش
- سياسة الذاكرة حيث ينعدم الفارق الأخلاقي بين هتلر وتشرشل
- المئوية الفريدة
- النظام الرأسمالي العالمي: التنمية بالدَيْن أم غائلة الجوع؟
- القصيدة والأغنية
- أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض
- خارج السرب
- حزب الله في ذكرى التحرير: احتفاء مشروع وأسئلة شائكة
- السينمائي الداعية
- بريجنسكي والسجال الذي يتكرر دون أن يتجدّد: خيار أمريكا في ال ...
- فلسطين التي تقتل
- مصطفى طلاس والتقاعد الخالي من الدلالات
- تكنولوجيا الروح!
- أنساق الإرهاب: -الحملة- في اشتداد والمنظمات في ازدياد!
- برابرة -أبو غريب-
- ما وراء الأكمة مختلف كلّ الاختلاف عن الروايات الرسمية: واقعة ...


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - رأساً على عقب