أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - محمد عثمان ابراهيم - المرأة في السودان: ماء النار على صفحة الورد















المزيد.....

المرأة في السودان: ماء النار على صفحة الورد


محمد عثمان ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2934 - 2010 / 3 / 4 - 04:28
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


الى أمنية، جاءت الى هذه العالم طفلة طاهرة نقية وصحيحة ومكتملة النمو وغادرته مسمولة العينين منزوعة الأنوثة والثدي والروح. تواطأ على قتلها كثيرون ونال العقوبة واحد.
إلى إشراقة وابتهال وسناء وعايدة وأخريات كثر سمعنا بقصصهن الحزينة والى أخريات لم ترد الينا حكاياتهن، جئن الى هذا العالم في صمت ، لم يفرح لقدومهن أحد ثم انزوين في صمت أعمق! ستبقى حياتهن عاراً أبدياً جديراً بالتكتم والنسيان.
إلى عزيزة ابراهيم محمد والدة الطفل فؤاد محمد آدم، إختطفته جماعة آثمة وهو ابن عامين من مركز التطعيم ثم عاد الى أمه واهله بمعجزة، وهو غريب الوجه والجسد واللسان. حرم أهله من رؤيته وهو يتعثر في المشي ويتعلم أولى المفردات ويبكي حين يغيب الأعزاء عن وجهه لحظة واحدة. ترى كيف احتمل هذا الصغير الغياب لسنوات ثلاث؟
الى أم شوايل أو آمنة بنت وهب كما أسمت نفسها تلك الطفلة البهية المعجزة.
الى المرأة السودانية : لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
هذا المقال محجوب الإهداء عن:
سامية أحمد محمد وزيرة الشئون الإجتماعية والمرأة والطفل
سامي عبدالدائم وزير الدولة لشئون الرعاية الإجتماعية والمرأة والطفل
وهما يحولان الوزارة الى غرفة عمليات في خدمة السياسة وتجييش الفقراء ومحاربة لويس مورينو أوكامبو
***
شكراً للصحافة السودانية وشكراً لمنتدى الرأي العام وشكراً للمواقع والمنتديات الإلكترونية إذ عملت جميع هذه المؤسسات على مواجهتنا بأفظع سوءاتنا. تخلت الكثير من الصحف - تحت وطأة القيود الحكومية - عن السياسة، وبضغط الهزائم المتتالية- عن الرياضة، وبسبب تدهور الشعر والرواية والغناء- عن الآداب والفنون، ولم يبق أمامها سوى أخبار المجتمع. حسناً فعلت الصحف أن قدمت أسوا الفظاعات التي عانت منها النساء (نصف هذا المجتمع) لهذا المجتمع حتى قال البعض تحت تأثير الصدمة " ما بال الشعب تغير؟" و"ما بالنا لم نعد نترفّق بالقوارير؟" وطالب البعض بدراسة هذا النزوع الجديد، أو كما قالوا.
ليس ثمة نزوع جديد ففي السودان تقتل المرأة، وتدفن،وتحرق، وتبقر بطنها، وتقطع أذنها، وتسمل عينيها منذ قديم الزمان دون ان تجرؤ الصحافة على الإشارة لذلك إلا بالرموز!
ليس ثمة نزوع جديد ففي السودان تغتصب المرأة، وتذل، وتهان، ويحلق شعرها، ويتم (تبخيرها بالشطة) في كل بادية وحضر!
ليس ثمة نزوع جديد ففي السودان تضرب النساء، ويفرق في معاملتهن لصالح الرجل في الطعام والشراب، والزواج والطلاق، والإنجاب والعقم.
ليس ثمة نزوع جديد ففي السودان تشرب النساء صبغة الشعر، للخروج من عالمنا هذا دون أن تجرؤ الأجهزة الحكومية على نشر احصائياتها وتحليلاتها وأخبارها.
من لم يسمع بحادثة قتلت فيها امرأة، أو عذبت، أو انتحرت، أو أهينت، فليرم هذا المقال بحجر!
***
أوائل هذا العام نقلت لنا وسائل الإعلام المحلية أن وزيرة الرعاية الإجتماعية بولاية الخرطوم الأستاذة أميرة الفاضل نالت تكريماً عالمياً (الرأي العام 2 يناير 2010 مثلاً) كقيادية سودانية، وأفادت الصحف أن المنظمة العالمية للكتاب الآفروآسيويين هي التي تولت التكريم. تابعتُ–كما هو دأبي- غالبية الصحف الصادرة في الخرطوم فلم أجد صحيفة واحدة تساءلت عن سبب ومغزى التكريم العالمي، وما هي المنجزات التي حققتها معالي الوزيرة لتنال التكريم الآفروآسيوي (العظيم)؟ لم تسأل صحيفة واحدة عن حيثيات التكريم وما هو المنجز الذي رآه العالَم الآفروآسيوي يتحقق في ولاية الخرطوم ولم تراه حكومة السودان ولا شعب السودان أو مؤسساته الحكومية والأهلية؟
لست في معرض نقد السيدة الوزيرة وقد قرأت في وسائل إعلام أخرى أنها تعمل ما في وسعها، لكني لم أر في مكان واحد كتابة تفيد بأنها حققت إنجازاً فوق العادة يستحق التكريم ومعروف إن الشيء المتميز (فقط) هو الذي يحصل على التكريم، وليس الشيء المعتاد.
الحقيقة المؤسفة للأمر كله أن الوزيرة لم تحصل على أي تكريم حقيقي، كما أرادت الجهة التي بثت النبأ ووزعته على وسائل الإعلام، أن تخدعنا. والحقيقة المؤسفة ان الجائزة المذكورة قام بمنحها مواطن مصري (مستهبل) اسمه محمد مجدي مرجان لمجموعة من نساء الأمراء والملوك العرب وقد أدخل الرجل اسم الوزيرة السودانية وعينه على حرم أمير الكويت وحرم العاهل السعودي لأسباب لا تخفى على فطنة القاريء.
وعلاقة الدكتور مرجان مع الكويت ومودته لها ليست أمراً جديداً فقد اعلن قبل عامين أن منظمته بصدد "تكريم صاحب السمو أمير الكويت لجهوده الكبيرة التي يبذلها لدعم الثقافة والأدب وتشجيع المثقفين" مضياً " أن القيادة السياسية الرشيدة في الكويت، وعلى راسها صاحب السمو... تقدم دعماً غير محدود للثقافة والأدب والفكر"(الرأي الكويتية 11 مارس 2008) ولم يوضح الدكتور طبيعة الدعم المذكور!
فمن هو الدكتور المستشار مجدي مرجان؟ والإجابة هي ان الرجل قانوني مصري مسيحي سلك في طريق الكهنوت الأرثوذكسي زماناً حتى بلغ رتبة شماس في هرم الكنيسة القبطية ثم أعلن إسلامه واضاف لإسمه اسم النبي الكريم محمد فصار المستشار الدكتور محمد مجدي مرجان. ألف الرجل عدة كتب نال بها غضب الكنيسة القبطية فلم يعد أمام المؤسسة الرسمية وشبه الرسمية في مصر تجاهله في ظل الحساسية الدينية هناك ، وربما عملاً بالهدي الإسلامي في ضرورة إحسان معاملة المؤلفة قلوبهم. أسس الرجل منظمة ذات مكاتب خاوية مظلمة أسماها (المنظمة العالمية للكتاب الآفروآسيويين) زارها الكاتب الساخر (بلال فضل) في أكتوبر 2005 وكتب عنها مقالاً ساخراً في الدستور المصرية بعنوان (آفرو بس مش آسيوي)، كما منح الرجل زاوية اسبوعية يكتب فيها مقالاته العجيبة كل أربعاء في صحيفة الأهرام وهي زاوية خصصها لكيل المديح والتطبيل للنظام الحاكم وللرئيس حسني مبارك شخصياً من نوع " جاء مبارك وفتح أبواب الحرية الى حد التدليل واضاء شموس الديمقراطية حتى الإبهار، وأعطى إبن الشارع والزقاق حق اختيار قائد السفينة كلها بعد أن كان عبداً لعبيد السلطان، حق لم يجسر خيال مصري أن يداعب حلمه وعبر آلاف السنين مهما شطح أو اشتط" أو من نوع "الحجم والوزن السياسي الدولي الضخم لمصر يتجاوز كل ذلك بكثير‏، فالثقل السياسي لمصر مبارك يطاول اليوم قامة الدول الكبري والعظمي الشريكة في صنع القرار الدولي ورسم خريطة العالم وتقرير مصيره ومستقبله" أو على شاكلة "إن ما فعله مبارك ابن مصر البار لأمه الحبيبة ولأبنائها أشقائه خلال العقدين الماضيين لم يحدث منذ مئات السنين وعشرات الأجيال ولو تدفقت الدماء في الشوارع أنهارا‏،‏ فقد تجاوز الانجاز كل الأحلام والآمال" وهذه مقاطع من مقالات نشرتها (الأهرام) للدكتور المستشار نسوقها هنا على سبيل المثال فقط وليس بغرض مقارنتها بمقالات الأستاذ محجوب فضل بدري التي تنشرها الزميلة (آخر لحظة) ! لا علينا الآن بهذا.
***
في سعيها للسيطرة على الوزارات ذات السطوة، لم تهتم الحركة الشعبية لتحرير السودان، في حكومة ما بعد نيفاشا، بالحصول على أي نصيب في الوزارات المعنية بخدمة الناس. تركت وزارات الخدمات ودفعت برجالها لوزارات الخارجية والدولة للداخلية وشئون مجلس الوزراء والدولة لرئاسة الجمهورية والدولة للعدل والدولة للنفط ولم تفكر أبداً في المنافسة للحصول على نصيب في وزارة الرعاية الإجتماعية وشئون المرأة (التي كان الدكتور الراحل جون قرنق يصفها بأنها مهمشة المهمشين) والطفل. تغافل قادة الحركة الشعبية عن حقيقة أن غالبية البائسات في أطراف ولاية الخرطوم، والسجينات في زنزاتها، والمتشردات في شوارعها هن من ضحايا فترة الحرب اللعينة ومن أقاليم كانت مسرحاً لتلك الحروب، لكن الحركة الشعبية لم تكن تسعى لمعالجة آثار الحروب بقدر ما كانت تسعى لتوطين جيشها الكبير من الساسة الطامحين في وظائف مدفوعة الأجر.
تركت الحركة الشعبية الوزارة المهمة هذه للمؤتمر الوطني الذي اقتسمها قسمة غير عادلة مع جماعة الإخوان المسلمين. ولم يقصر الحزب الحاكم فقد جعل على رأس الوزارة الأستاذة سامية القيادية البارزة فيه والتي جعلت مبلغ همها تسخير إمكانيات الوزارة وإداراتها المتعددة الكبرى في خدمة السياسة. إذا دخلت الى موقع الوزارة الضخم على شبكة الإنترنت سترى في الواجهة شعاراً سياسياً حاسماً مكتوب أعلى صورة السيد رئيس الجمهورية يعلن عدم تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية وبجانب ذلك صورة عليها خطان متقاطعان من أعلاها الى أسفلها للمدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو، وغني عن الذكر أن شأن اوكامبو لا يخص وزارة الشئون الإجتماعية والمرأة والطفل من قريب ولا من بعيد كما إن زوار موقع الوزارة على شبكة الإنترنت والذين يفترض ان يكونوا من المعوزين والمحتاجين والمعاقين والأرامل والمؤلفة قلوبهم والصحفيين والطلاب ليسوا بحاجة للتعرف على آراء الوزيرة في الشئون السياسية والعدلية.
هذا الإنشغال جعل الوزيرة تجهل بعض الحقائق التي يعرفها العالم كله من نوع إن النساء يتعرضن للجلد في ولاية الخرطوم بسبب الملابس فقد صرحت الوزيرة قبل أشهر لإذاعة مرايا إف إم "ان السلطات لا تجلد النساء بسبب ارتدائهن لأي نوع من الملابس" كما نفت الوزيرة علمها بتعرض الطفلة سلفا كاشف للجلد في محكمة بالعاصمة بسبب إرتدائها لتنورة قصيرة ولم تتخذ أي موقف مناصر للطفلة (المرأة) بعد أن علمت بالكارثة.
تقول الوزارة إن رسالتها هي " المساهمة في إرساء بنية مجتمعية تحقق الوئام والتكافل وتنهض بأعباء التنمية الشاملة تقوية وتمتيناً للنسيج الإجتماعي" وغني عن القول إن هذه الجملة تشبه قصائد الشعر الحديث وتعليقات مذيعي برنامج البيت المتحذلقين على تلفزيون السودان، وهي جملة لا تفضي الى أي معنى مفيد وإنما تقوم بحشو بعض مفردات الخطاب الإنقاذي الإسلاموي وتركيبها في عبارات طنانة وطويلة بلا مضمون. وتقول الوزارة إن هدفها الإستراتيجي "هو السعي لإقامة مجتمع الكفاية والعدل والمعرفة ". السعي يا وزارة الشئون الإجتماعية ليس هدفاً وإنما هو وسيلة، وتحقيق مجتمع الكفاية إياه هو الهدف الذي ينبغي أن تسعى إليه، ثم إن تحقيق مجتمع المعرفة ليس من مهام وزارة الشئون الإجتماعية والمرأة والطفل وإنما هو من مهام وزارات التعليم والبحث العلمي والجامعات. لن نمضي على هذا المنوال في مساءلة أدبيات الوزارة لكنّا نشير الى أننا نقرأ وإن خدع الكلام المنمق لا تنطلي علينا.
***
السيدة الوزيرة مشغولة بالسياسة لذا نقدم لها بعض عناوين الأخبار:
• أتي طفل حديث الولادة الى دار المايقوما وجسمه مليء بالديدان.
• يأتي البعض من الأطفال حديثي الولادة الى دار الرعاية بالمايقوما وهم بحبلهم السري غير مقطوع.
• "نقول دايرين الطفل هيثم، يكون هيثم مات، دايرين ايمن... ايمن مات، ما بنتظرك لأنه بيكون بينزف لحدي ما يموت" محمد محي الدين الجميعابي، مدير منظمة انا السودان.
• "اين الدولة؟ اين البترول؟ اين الذهب؟ ... ما عندهم دولة الأطفال ديل؟ أنا كمواطن بسأل أين الدولة؟ الكاتب الصحفي الفاتح يوسف جبرا.
• الحكم بالسجن ثلاث سنوات على المدان الأول والسجن لعامين للمدان الثاني والغرامة مليون (ألف) جنيه على من قاما بتشويه جسد الفتاة ابتهال محمد أحمد (17 سنة) فقط لا غير!
• رجل يقتل زوجته طعناً اثناء صلاتها بسبب تشغيلها لشريط تسجيل فيه أغنية يقول مطلعها: مرتك بنقلعها منك.
• رجل يقتل زوجته في الدروشاب ويشرع في الإنتحار.
• رجل يقتل زوجته طعناً أثناء عملها في بيع الشاي وسط الخرطوم.
• مغترب بنغالي يقتل زوجته بآلة حادة ويلقي بجثتها في مرحاض.
ليست هناك حاجة للمزيد فهذا يكفي لحتى لا نزعج السيدة الوزيرة المشغولة بالمحكمة الجنائية ومواطني غزة وأطفال افريقيا والإنتخابات.
حين تحدث جريمة بشعة من هذا النوع ضد نساء يتوقع الناس من وزيرة شئون النساء أن يكون لها رأي في الأمر. يتوقع الناس من الوزيرة المعنية موقفاً مناصراً للمرأة المظلومة التي تقع ضمن مسئولياتها الكبيرة. يتوقع الناس ان تقود الوزيرة مبادرة من داخل الوزارة ومن داخل مجلس الوزراء ومن داخل البرلمان تضع مرتكبي الجرائم البشعة ضد المرأة أمام مسئولياتهم وينالون العقوبة المغلظة اللائقة. من غير الممكن في مجتمع بدائي، ناهي عن مجتمع رسالي، أن يسكب رجل دورقاً من ماء النار على فتاة غضة فيشوّه وجهها وجسدها ويدخلها في رحلة علاج لم تكتمل حول العالم منذ سبع سنوات ثم تقضي المحكمة بسجنه ثلاث سنوات وبتغريمه 1000 جنيه فقط. هب إن هذا الرجل طبع منشوراً ضد الحكومة ووزعه في الطرقات، كم من السنوات كان سيقضي وراء الشمس؟
ما لزوم وجود وزيرة لشئون المرأة إذا لم تكن المرأة معنية بقضية إمرأة يتم تزويجها وهي قاصر في مدرسة الاساس لمدير المدرسة الذي يسمل عينيها ويقطع ثديها بالسكين ويشوه جسدها ثم يتركها غارقة في دمائها في الحمام؟
ما لزوم وجود وزيرة للمرأة والطفل إذا كانت الوزيرة لا تتكرم بحضور منتدى، ينعقد في دار أكبر وأقدم وأعرق مؤسسة صحفية في البلاد، لمناقشة قضية مقتل المئات من الأطفال حديثي الولادة في عاصمة دولة الشريعة الرسالية؟ (غابت الوزيرة والوزارة عن منتدى الرأي العام الأسبوعي حول قضية اطفال دار المايقوما والذي نشرت الصحيفة مداولاته على امتداد ثلاث حلقات).
ما لزوم وجود وزيرة للمرأة والطفل لم تتكرم حتى الآن بزيارة دار المايقوما لرعاية الأطفال حديثي الولادة والتي زارها الرئيس البشير نفسه منذ أثر من عام (18 فبرير 2008) في إشارة لا مراء فيها الى تعاطف قيادة الدولة مع هؤء الأطفال وتحفيزاً لأهل الخير على التبرع والبر.
تجيد الوزيرة الحديث وهي خطيبة مفوهة وصفت حادثة قيام مجموعة إجرامية باختطاف أطفال في شرق تشاد بأنها "قضية صدمت الضمير الإنساني العالمي" وقالت إن ما حدث أمر "يخص كل الضمير الحر...كل الإنسانية" (فضائية الجزيرة 11/11/2007م) لكن الوزيرة لا تهتم بما تنشره الصحف عن وجود 47 طفلاً مختطفاً لدى شبكة إجرامية، وإن الطفل من هؤلاء يباع بمبلغ ألفين وخمسمائة جنيه. صحف أخرى ومجالس تتحدث عن إختفاء أطفال وإتجار بهم دون أن نسمع عن لجان تحقيق أو توجيهات أو تصريح (خجول) من وزارة شئون الطفل.
***
بالنظر الى وزارة الرعاية الإجتماعية وشئون المرأة والطفل نجد أنها وزارة ضخمة واسعة النفوذ والمهام ، كثيرة الموارد والمصارف والأموال وتتبع لها صناديق وأجهزة يصلح أن يخصص لكل واحد منها وزارة منفردة أو وكالة حكومية مستقلة مثل ديوان الزكاة ، الصندوق القومي للمعاشات، الصندوق القومي للتأمين الصحي، الصندوق القومي للتأمين الإجتماعي، مصرف الإدخار، الأطراف الصناعية، المجلس القومي للسكان، والمجلس القومي للطفولة. لو اهتمت الوزيرة بمتابعة أنشطة هذه الوحدات التابعة لوزارتها لما سمعت بأمر فلسطين كلها ناهيك عن غزة وأوكامبو.
إذن ما هو الحل؟
من خلال قراءة أولية لأعمال هذه الوزارة يتضح بما لا يدع موطناً للشك إن الأعباء الملقاة على السيدة الوزيرة كبيرة للغاية وتحتاج الى طاقات عدد كبير من الناس، ونحسب إن إعادة تقسيم هذه الوزارة وتحديد مسئولياتها أمر ضروري بحيث يتم إستبعاد الصناديق التي تتمتع بإستقلال ذاتي ونفوذ كبير مثل ديوان الزكاة عنها. نستطيع القول إن المدير العام لديوان الزكاة (هذا أو غيره) لا يخضع لإشراف الوزيرة أو الوزارة بشكل مباشر وإن نفوذه الذي يحصل عليه من حجم الموارد والمسئوليات التي يشرف عليها تجعله في حل من أي التزامات إدارية تجاه الوزارة.
لا امل في أن تلعب الوزارة بشكلها الحالي المترهل أي دور مفيد في خدمة تطلعات المرأة السودانية ورعاية مصالحها ،مثلما لا أمل في أن تقدم الوزارة فائدة يعتد بها لمصلحة الطفل الذي تضعه عنواناً على لافتاتها وتتجاهل حضوره في عملها اليومي.
ربما حان الوقت لتأسيس صندوق قومي للمرأة تترأسه وتشرف عليه السيدة الفضلى وداد بابكر قرينة السيد رئيس الجمهورية على غرار المجلس القومي للمرأة في مصر والذي تترأسه السيدة الأولى هناك سوزان مبارك.
أعتقد أن تولي السيدة وداد بابكر لرئاسة مجلس من هذا النوع يعتبر كسباً مهماً يمكن أن تحصل عليه فقد شكلت قرينة السيد الرئيس حضوراً ملحوظاً في الشأن العام السوداني خلال السنوات الأخيرة ولعل مشاركتها في الحملة الإنتخابية لزوجها المرشح لدورة قادمة لرئاسة الجمهورية، تصب في إتجاه مساهمتها في الشأن العام. المتابع للروتين الحكومي العام في السودان يجد أن السيد الرئيس لا يلتقي خلال يومه بسيدات ونساء كثيرات أثناء تأديته لمهامه الرسمية، مقارنة بعدد الرجال الذين يحيطون به سواء كان ذلك في رئاسة الجمهورية، أو في مجلس الوزراء، أو في أجهزة القوات النظامية، وبالتالي فإن المرأة بحاجة الى جهد كبير لإسماع صوتها للرئيس ومعاونيه، فمَن أفضل من زوجته للتعبير عن مصالح ما يزيد على 47% من سكان السودان وإبلاغ رسالتهن لذوي الإختصاص.
ليس في مثل هذا الواجب من جديد في حياة السيدات الأُوَل فقد طبعت العديد من قرينات الرؤساء والزعماء حياة الكثير من شعوب العالم وقدمن مساهمات إيجابية كبيرة خدمة لبلدانهن وفي سير السيدة عائشة بنت أبي بكر(رضي الله عنها) وإليانور روزفلت وإيفيتا بيرون وموزة بنت ناصر المسند وغيرهن رصيد لا ينضب للإتباع ونيل الإلهام.
أهم شيء إذا قدر لمثل هذا المجلس أن يؤسس هو أن يكون بعيداً عن مملكة الإتحاد العام للمرأة السودانية الذي اثبت طوال العقدين الماضيين أهميته لتظاهرات الحزب الحاكم ومهرجانات التبرع بالمشغولات الذهبية، وضآلة منتوجه لصالح المرأة.
في مناسبة اليوم العالمي للمرأة نتمنى للمرأة السودانية عيداً سعيداً وعاماً مقبلاً ناجحاً تشغل فيه ربع مقاعد البرلمان الفدرالي المقبل وحينها سيكون بوسعها إصدار التشريعات التي تعاقب من يرشقون الحرائر على وجوههن بماء النار بما كسبت أيديهم.



#محمد_عثمان_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصمت مقابل السلام
- الإستبداد عبر الإقتراع الحر المباشر
- التقارب المصري الإثيوبي: أين مصالح السودان؟
- المصالحة الثقافية: في تحية حسن موسى وكمال الجزولي
- السودان: دبلوماسية عبدالمحمود و د. مصطفى أو في فداحة الحاجة ...
- الناخبون المهاجرون: كيف تختار تكساس للسودان حكامه
- علي وعلي : الصمت وجوهر الكلام
- تحالف كومبيتاليا : اليمين واليسار في السودان
- في السودان: الشرطة في خدمة الشغب
- د. جون قرنق دي مابيور وأنا 3
- هيلاري في افريقيا: الصين والنفط والسلاح
- د. جون قرنق دي مابيور وأنا 2
- د. جون قرنق دي مابيور وأنا 1
- الغوث في زمن الحرب (1-2)
- الأحزاب التأريخية ، كم لبثتم في الأرض؟ (2-2)
- الأحزاب التأريخية ، كم لبثتم في الأرض؟ (1-2)
- دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي (2-2)
- السودان: دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي (1-2)
- روزمين عثمان : الماما قراندى في الخرطوم
- عرض لرواية النمر الأبيض الفائزة بجائزة مان بوكر


المزيد.....




- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - محمد عثمان ابراهيم - المرأة في السودان: ماء النار على صفحة الورد