أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان محمد صالح الهيتي - قراءة في قصص باب السنجة















المزيد.....

قراءة في قصص باب السنجة


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2934 - 2010 / 3 / 4 - 02:32
المحور: الادب والفن
    


لست ناقدا قصصيا، ولست قارئا للقصة ، إلا بين الحين والحين، ولكني أقف عند كتابات المبدعين من أبناء مدينتي هيت .عليه سأتناول الموضوع بطريقتي الخاصة دون أن أتقيد بمنهج نقدي معين، وسأكتب بالأسلوب الذي أراه مناسبا.ولكن لابد لي قبل أن ادخل في الكتابة عن (باب السَنْجة) أن ادخل من(باب السَنْجة) إلى مدينتي، فأقول: إن المجموعة القصصية اتخذت اسمها وعنوانها من واحد من أبواب هيت الثلاثة وهي: الباب الغربي والباب الشرقي و(باب السَنْجة) – ونلفظها نحن الهيتيين (باب السِنْجة ) بكسر السين. لقد أورد المرحوم الرصافي في كتابه الآلة والأداة تعريفها على النحو الآتي: "السَنْجة بفتح فسكون ،سَنْجة الميزان ،ما يوزن به كالأوقية والرطل ،معرّبة عن سِنكة بالفارسية ،ويقال صنجة بالصاد أيضا، وهي بالسين أفصح.جمعها سنجات". ولا أعتقد بأن تسمية باب السِنْجة في مدينة هيت مأخوذ من هذه التسمية، بل أنه مأخوذ من كلمة (سنجق)، وهي كلمة تركية تلفظ بالعامية (سنجك بالكاف المعجمة) وتعني وحدة إدارية أو إقطاعية ،وكانت معروفة في العهد العثماني. و(السنجق) أيضا العلم ،أو الراية،أو اللواء ،ويطلق على حاملها (السنجقدار). وقد اعتمد الهيتيون هذه الكلمة للدلالة على الريف، فيقولون للذاهب إلى القرى إنه ذاهب إلى السنجق(السنجك).وباب السِنْجة هو باب الدخول إلى مدينة هيت القديمة من جهة نهر الفرات، ويقع مقابل قرية التربة ونواعيرها التي انتشرت صورتها حيث أصبحت لوحة فنية أطرّت دليل العراق الإعلامي الصادر عن وزارة الثقافة والإرشاد في بداية العهد الجمهوري.ادخل إلى مجموعة القصص القصيرة، والقصيرة جدا فانظر أول ما انظر إليها من (ثقب اللوحة) فأرى (الخارطة) أمامي، واسمع من حولي (أصوات مكتومة) كان أبرزها صوت (الساعي)خالد الذي خرج من جسده إلى شرفة روحه المطلة على السماء قبالة (بلورات من الفرح) .جميلة هي الصورة التي رايتها من ثقب اللوحة، والأجمل منها ما قاله رسمي:"هكذا صاغ مفهومه عن اللوحة ،وتمنى لو أنها لم تتأطر بهذا الإطار الخشبي ،عسى أن تمتلك قدرا اكبرا من الحرية والحياة ". أما على (الخارطة) فقد رأيت الوطن، ولكنه الوطن المُتعب من حروب لا ناقة لـ (حميد) فيها ولا جمل ، حميد الذي كان الوحيد الذي ألحَ على معلمه أن تكون الخارطة بحجم الحائط الذي يشكل واجهة المدرسة. لقد أحب حميد الوطن فأراد أن يرسم كل مدنه على الخارطة لأن كل المدن - من وجهة نظره - مهمة ولأنه لا يريد أن ينسى واحدة منها. ولكن وطن (حميد) لم يكن في الواقع كما هو على الخارطة، فقد تلوث الوطن وتمزقت الخارطة.نترك حميد مجروحا شاردا متلمسا موضع الدم على الحدود، بعد أن سمعنا(أصوات مكتومة) لتلك الزوجة التي ما ملـّت من الانتظار، ولا من تغيير فستانها في كل ليلة بانتظار الزوج الذي يتركها وحيدة في كل ليلة. فجعلت من الهرّ المدلل أنيسا لها،ولم تكن ليلتها هذه بأحسن من الليالي التي سبقتها، فقد تكرر الفعل الذي يقع كل ليلة، وهو نوم الزوج دون أن ينظر إليها أو يتملى بفستانها، فتسكت المسكينة عن الكلام المباح، ويسكن الصمت خائفا لا يخترقه سوى مواء الهرّ المدلل،وشخير الزوج الذي أدمن الكحول المغشوش، وتنتهي الحكاية عند هذا الحد، فتغلق المذياع ،ولكنها تدندن بحسرة وألم أغنية أم كلثوم أنا بانتظارك.ونعود إلى (الساعي) فنجد صورة الأخت الثلاثينية التي تفقد أخاها شهيدا ،فتلبس الأسود من الملابس، وتعيش في حيرة وخوف وقلق بين أن تظل عروسا متأنقة، جميلة في عيني زوجها، وبين العرف والعادات التي توجب عليها الابتعاد - ولو لحين - عن كل ماله علاقة بالأناقة والجمال.ولكنه الموت و(كل من عليها فان ٍ) فمثلما يموت الإنسان شهيدا يموت موتا طبيعيا،ولكنه ليس موتا باردا كالذي قرره الكاتب لنا في (موت بارد) وسار بنا إلى حيث مقبرة الشيخ أحمد،إننا لا نريد الموت البارد نريده حارا ،كما أننا لا نريد أن ندخل القبر بإرادتنا، ولن نضع قطعة المرمر للدلالة على قبورنا، فخير القبور الدوارس.وبعد الموت البارد، ترتفع حرارة القصص في (أسنان الطفلة بان) وفي (رجل الميكانو) عندما تنهش الانفجارات الاسمنت والأجساد والحدائق ويخترق الصمت وجداره هدير الطائرات وما تحدثه سرفات الدبابات على أسفلت الشوارع، ولن ننسى في هذا الوطيس بأن المرأة تظل هي هي حواء الباحثة عن الأناقة والجمال رغم القذائف والانفجارات.وفي (انعكاسات) يستفهم الأستاذ المتخصص بالطب النفسي،كما نستفهم نحن فيسأل:من هو الأول في الجنون المعتوه أو المخبول أو المهووس أو المجنون أو الحالم ؟وحالنا حال هذا الأستاذ الحائر مثلنا، و زوجه كالأخريات من النساء تبالغ في إعلان مخاوفها، وأنها تؤكد باستمرار أن الأقدار لا ترحم ولا تفرق بين البشر، وأن زوجها واحد منهم يكره ويحب ويعشق اللوحة. ومثل الكثيرين ممن عانوا من الخدمة العسكرية ومن أيامها فان الكاتب لم ينسَ( أوسمة الجنرال) ذلك الذي تلمّس أحجارَ رتبته العسكرية وانتهى إلى أن قرارا قد يصدر بعد لحظات يحوّل كل هذا الزهو العسكري إلى ركام هش تبتلعه مكنسة كهربائية.ويظل كل شيء يسير بانسيابية واضحة حتى ندخل (المصيدة) فنجد فجأة تشتت الانسيابية وحلول الفوضى حين يرى جميع من في السوق فأرا عاديا يطارد قطا ً.عجيب أمر هذا الفأر،وأمر هذا القط .هذا ما قاله البعض،أما البعض الآخر فقد ظن أن الأمر لعبة ،ولم يظن أي من المشاهدين للمطاردة أن الأمر خدعة (مصيدة) دبرها القط الماكر للفأر المسكين ليجعل منه وجبة شهية.ونصل في القصص القصيرة إلى (مخيلة النص) فنقرأ لجورجيبس أوتس" حتى الكوابيس تصلح للكتابة "فندخل الصالة مع الداخلين ونرى العرض والكراسي ونرى قبعتين ولأننا لا نفقه شيئا عن المسرح، ولا نعرف فن الإخراج والتمثيل، لم نركز سوى على جسد تلك الراقصة التي كانت تهتز بعنف .ولم نفهم من الأصوات غير صوت المذيع الذي كان هادئا بعض الشيء،وحين توقف المذيع بدأ الضجيج في القاعة وانتهت المسرحية بإنهاك وإعياء أصاب الراقصة الجميلة.وبعد إسدال الستارة خرجنا لنقرأ معا القصص القصيرة جدا وكان وصولنا بعد (منتصف الليل) فقرءنا(تواطؤ) وعرفنا كيف يمارس ضابط الجوازات التواطؤ. وما بين (الصفقة) و( المقايضة) نقرأ (علاقة طارئة) وكيف وقع صاحبنا ضحية نصب واحتيال فنُشل منه كل ما يملك مقابل وجبة غداء ظنها كرما .وفي (الرحلة) نجوب الدروب، وندخل تجاويف الأزقة ونغيب في طوابق العمارات ،ونتوه في الشارع الذي يكتظ بالمارة قاصدي السوق الوحيد في المدينة، ولكننا لن ننسى تلك الأم الرءوم حين نقرأ ( الطفل الرابع)، وكيف أنها فقدت ابنها الأول شهيدا والثاني سجينا، و كيف أصيب الثالث بجروح جراء انفجار،وحين ذهبت لزيارته في المستشفى ولدت طفلها الرابع الذي لن يكون مصيره أفضل من أخوته الثلاثة .ونقرأ (أسعار) و(قرار) و(الهاتف) و(تدقيق) و(استسلام) و(اضبارة أخرى) و(طريقة أخرى)،وكلها قصص تدور في السوق بين الموت والنار .وأخيرا نصل بالقراءة إلى (هيتا1) و(هيتا2) ،ولا أدري لماذا قسّم الكاتب مدينته هيت الواحدة الموحدة إلى اثنتين،وحتى لو كانت له بهذا الصدد رؤيا خاصة فلا اتفق معه فهيت هي واحدة موحدة إنها هيت مدني صالح.
لقد كان رسمي حومي مبدعا ورسم لنا لوحات جميلة زاهية، وكيف لا يبدع رسمي وهو سليل مبدعين اصلاء أنجبتهم هذه المدينة الفاضلة ، فمن منا ينسى الشاعر عبد الحميد الهيتي الحائز على الجائزة الثالثة للشعر في أربعينات القرن الماضي في المسابقة التي أعدتها إذاعة لندن؟ وكيف للفلسفة والأدب وللفلاسفة والأدباء أن ينسوا إبداعات فيلسوف الشرق مدني صالح ومن من العراقيين ينسى كتابات يوسف نمر ذياب في النقد الأدبي، أو ينسى ما كتبه طراد الكبيسي. ومن منا لا يشعر بالزهو حين يذكر سبتي الهيتي؟ وإذا ما حق لنا أن نفتخر يوما بمبدع متخصص فلنا كل الحق أن نفخر بابن مدينتنا إبراهيم احمد الذي يعد بحق رائد القصة القصيرة جدا في العراق، وإذا ما كان هذا السلف، فلابد أن يكون الخلف مثله وها هو اليوم يحل في ساحة الإبداع مبدع آخر من أبناء هذه المدينة العريقة الأصيلة الممتدة في جذور التاريخ والحضارة انه رسمي رحومي الهيتي الفائز بجائزة نازك الملائكة للإبداع.



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصاب المصلحة ونصاب السلوك
- بطاقة الى العام 2010
- أيها النواب افتحوا القائمة واجعلوا العراق دائرة واحدة
- أنا، وهيت ، وأعيادي
- ليست العبرة بتغير الرؤوس،الحكمة بتغير النفوس
- عندما تدور النواعير في الصحراء
- هيت ، وأنا، والزعيم
- ربي اجعل هذا البلد آمنا


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان محمد صالح الهيتي - قراءة في قصص باب السنجة