أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - حوار مع كلب عراقي 2















المزيد.....

حوار مع كلب عراقي 2


كريم الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 17:19
المحور: الادب والفن
    


حوار مع كلب عراقي 2
كَلي بشباب الوطن كلي بشيوخه شلون
كَلي بشمال الوطن كلي بجنوبه شلون
كَلي بطريق الشعب بشرني بالسعدون
هم عل شوارع بشر مازالو ينامون ؟

كان يجد مثيلهُ في الكلاب، يراقبها على طريق التنافس والحذو بمزاياها الأنسية المُتكالبة. توطد الأمر به لدرجة الأقتراب الكامل من هسيسها ، شرار تقافز الضوء من عيونها ، تحريك أذانها، اصناف نباحها ، وتسايرها لطبيعة الكائنات المختلفة الصديقة والمبغضة، مقارباته كانت تؤدي احيانا الى التلكؤ . ما كان يسأل عن الاسباب فيعرف عليه التدرج في تخطيه ما يدور في جمجمته من لجّة الاسئلة غير اللازمة ، يتخلص منها ، يسكتها بالمزيد من الحث والحث المضاد فهي الحيلولة بينه وبين الإقتراب من هذه المخلوقات المحببة لديه.
لم يكن وجه المقارنة وليد صدفة عابرة بل هو تراكم وجودي قاده معناه المفعم بالتشوهات الكبيرة والتي جعلت قدره ينمو تنافسيا مع كائنات اختطت نفس طريقه كونها منبوذة ومحاصره بمقدمات اسئلة اصولية وعرفية لا اجوبة مُقنعة لها وإلاّ لكان مخلوقا سويا يعيش العادة التراكمية وينساق مع اللحظة لتفعيلها وفق تراتيبية السائد في تفاصيل الليل والنهار وانقضاء الايام دون مقدمات كبيرة وجد نفسه في خضم تناقضاتها، ما يربطه بها تجاوزهما المشترك لما يُفهم ب الزمن وادعاءات تعاقبية الفصول وحلوّل السنة بعد الأخرى التي ما رأى فيها يوما تغيرا ملحوظا يشده فالمنبوذ خارج دائرة التقويم هامشا مُحاصرا هكذا هو موجز معارفه وما حاد عنه يوما يُذكر . ففي النهار مثلا وكأن اشعة الشمس عقوبته الاوديبية معنية بدبغ جلده لتكشف قلة حيلته إزاء عوراته كونه ليس رقميا ولم يفكر ان يكون مجدولا وإن كان حزبيا على طريقة خالف تُعرّف...
وحين يجن الليل تقوم قيامته فهو بلا مأوى قد نبذته كل التشكيلات الاجتماعية القريبة والبعيدة فالخطورة تلحقهم لسابع ظهر وهو مدموغ بسلم العشيرة ، ولأنه متبوع بتقليد المسحوقات كان مُسيرا ان يحذو حذوها في إسكات فضوله ليكتشف اسرار ميولاته هذه وليس مصادفة ان التقى وهو في طريق البحث عن جدواه بكم هائل من الأجوبة المبتورة من خلال تلك الوجوه ممسوحة الأقدار وهي تبحث عن جدواها كشكل من اشكال التوافق النفسي كونها متمردة بالسجية ...
******
أتخذ ركنا خاويا قبل حلول خيوط الظلام يحسب ما تكدس بجيبه من نقود معدنية أستجمعها بطريقة التسول وكيفما اتفق لم يسأل نفسه إن كانت تكفي فعلا لقضاء الليل كأي إنسان ينعم بالكفاف فمثل هذه الأسئلة تعكر مزاجه المزدحم بالاجوبة العبثية تفاديا ، قال مع نفسه : لابد ان أجد احدهم في البار وربما يكون قد غنم شيئا ما فالصدفة دائما ما يعول عليها وإن كانت خائبة لكنها امله الوحيد المتبقي وما كذب. سارع بغريزته لسحق الساعات متجولا حتى اقتربت الساعة المناسبة فمرق الى الحانة يتفحص الوجوه المصفرّة الطاعنة في السُمرة ، ذاتها، وهي تشيح الطرف عنه حتى وجد رفيق معناه منزويا يترقب خيوط الحلول الممل يجرع خيالات الكأس تلو الكأس فعرف أنه في بداية الأنتظار الممل، جلس الى قربه أمّله خيرا من خلال ابتسامه عرجاء فدار حديث ابتدائي مشوه المعالم عرف من خلاله بأن الحال لا يسر الليلة بالذات إذ ان عليه أن يكون مضروبا بضعفين في صرفياته، تفقد نقوده بحركة هستيرية فوجدها على حالها تنهش تطاول اصابعه من قلة...
انقضت الساعات الاولى من الليل دفع ما بجيبه من نقود بعد ان حسبها:
نصف قنينة عرق مستكي مع اللبلبي بدينارين ونصف وصاحبه الذي يشاطره معتركه الليلي لم يحرك ساكنا تقاسم معه ما تبقى من اكعاب الكؤوس الطحينية حتى اخذتهم الخطى يذرعها الطريق صوب المجهول الغاطس في الظلمة والمفاجأت غير السارة بحثا عن مأوى...
اين نبات الليلة؟
سارا باتجاهات تعرفهم اكثر مما يعرفونها ، يرممون بقاياهم المحزوزة باغاني الحزب الكئيبة بُغية أن تُصِعد النشوة وتدفع القلق بعيدا غير عابثين بما ينتظرهم، كانت خطواتهم المترنحة اللاتعينية تبخر النشوة شيئا فشيئا وكالعادة تشاجر مع صاحبه بتشنج المعهود فافترقا كلٌ في طريق...
اقتربت الساعة بعد منتصف الليل يبحث عن مكان شاغر يلقي بكاهله عليه ويسكت صراخ تنمل اطرافه وتحجرها، وجد مصطبة شاغرة التفت يميناً وشمالاً متفقدا ليس إلا ، لا خشية من العيون المارقة المتخفية في جنح الظلام وهي تراقبه قدر معرفتها به ، بل لانها محجوزة من متسولة عجوز لم يسلم من لسانها الباشط يوما إن وجدته مستلقيا محلها وقد انذرته مرات.. . حسب الوقت من خلال ساعة إرهاقه ونزقه تمدد في المحل غير عابث وغطّ في إغفاءة تخللها الكثير من الكوابيس المرعبة بعد ان تفقد هويته المزورة تلمسها مقعرة في زاوية حرجة مربوطة بخيوط جيبه ، لا يدري إن كان في اليقظة او في المنام. بعد ساعات عادت الشمطاء فغرزت اظافرها النتنة بشعر رأسه فهب منتفضا يتحسس بطاقته المزورة وبعد دقائق افرغ لها المكان خشية من لسانها السليط وهي تهدده المرة بعد الأخرى باخبار رجال الأمن بحقيقة تشرده...
سار مترنحا تقوده خطواته منساقا بغريزة الشم حتى استقر عند ( فرن المجد الحراري؟!) لبيع المعجنات ، استند الى أحد الجدران يتدفأ بما تبقى من مخلفات الحرارة الصباحية وهي تدغدغ مخيلته، اسند ظهره وكما يفعل الحمار الأجرب مارس عملية الاستحمام (التليٍِف الاحتكاكي) بجدار مقعر حتى استشاط ظهره وجعا ثم انتزع لفائف الوحل بكماشتيه بعد ان طواها وسَمرها بجيوب اظافره مأخوذا بدغدة نشوة الخبز الحار المنبعث من طيات المكان وخيوط السمن البلدي تشاطر مائدته البخيلة لينزلق منزوع القوى مستقرا على عظام عجيزته مغمض العينين وبعدها لا يدري فقد إستشاط شيئ جواه احس بلذة عابرة مردها تحسس عضوه الغافي المنكمش من البرد تداعبه قشعريرة مرنة تعرفها جزئيات دمه، افاق من سكرته بتلذذ مضاعف فوجده كلبا اجرب يستجمع دفئيهما معا بطريقة الأُم ورضيعها ، منكمشا يبحث عن ارتكاز مريح. بين إنكماش الأطراف لم يكترث فقد تعود مبيت الكائنات المشردة باصنافها واحجامها في حجره ثم أن الدفء متبادل والكلب يعرفه بالتأكيد من رائحته التي تشبه رائحة السجون المطمورة تحت الأرض مشردا مثله ، قليل الحيلة فأبن الليل يعرف نظيرة هكذا حدث نفسه في غفوة مقتطعة من الزمن النحس.
فتح ساقيه ليدعه يستريح فالقلق مشترك مناصفة ، راحته من راحة الكلب فإن استقر احدهما أسعف الآخر . غاب يمرغ فروته حتى غطا في سبات نوم لذيذ ملتحمين كتوأم يتنعمان بما تبقى من سويعات الليل طاردين الاحتمال المؤكد فالمحل يفتح باكرا وعليهما المغادرة قبل جلجلة الاقفال وسعال عامل الفجر وهو يلعن الشيطان الرجيم بهيئة متشرد وكلب منزوع الشعر...
****
فيما كان قرص الشمس غافيا في المُحاق غادرا المكان يتموجان كشبحين لفجر كاذب باتجاه درب المزابل يسوقهما هاجس إشباع غريزة البقاء بحثا عن رزقيهما ، هو ليلملم الخبز المطمور المتشابك ما شاءت الاقدار ، يفرزه بكيس ويذهب به مُتخفيا جادة بائعة المرق الصباحي وسط تجمهر – غبشة العمال - تعرفه من تكرار تسوله اليومي – ها يمه جيت عندك فلوس لو ما عندك وقبل ان يجيبها تُسارِع بإطلاق امومتها العراقية تعال يمه تعال الرزق على الله... – والكلب يرفس اكوام النفايات مطلقا غريزته الذكورية للتعويض حتى يرتوي ثم ينزوي وسط النفايات يكمل نومته فحاله افضل على اية حال وإن كانا من فصيلة واحدة في حقيقة الأمر...
الحكاية لم تنتهي
كريم الثوري
مدينة الكلاب السائبة...



#كريم_الثوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصبعي منقع بالوراثة
- مهر حواء
- الجمال ومدلول القبح في الجميل
- الديمقراطي الأخير
- الموت الذي تفرون منه
- انا منافق اذن انا موجود3
- رسالة نصية الى صديق العمر علي السعدي : دعك من السياسة واكتب ...
- ادم وعقدة التكوين
- خلود المطلبي في دور الراهبة
- بائع الاوهام
- انا منافق اذن انا موجود2
- انا منافق اذن انا موجود
- ماله هو من دون سائر الخلق
- السواد يالوني المفضل
- 3 دجاجات ...وديك ؟
- اول الكلام آخره
- رحلة الملتاع في عراق الجياع
- متى تكسر أنياب التماسيح
- الطرة والكتبة
- صديقي سيد


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - حوار مع كلب عراقي 2