أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم الحلفي - سبحة وتربة وعطر شانيل














المزيد.....

سبحة وتربة وعطر شانيل


جاسم الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 2927 - 2010 / 2 / 25 - 12:44
المحور: سيرة ذاتية
    


لم يكن والدي شخصية عامة، وهو ليس رجلا استثنائيا، انما هو شخص اعتيادي من بسطاء الناس، لم يكن يملك طموحات تتعدى أمنيات أهل زمانه. كان يحب الدولة ويلتزم بكل ما يصدر عنها بالسرعة القصوى، ولا يتأخر عن اي واجب تفرضه. وكان يسدد فواتير الماء والكهرباء فور استلامها بدون ادنى تأخير، فالدولة برأيه عليها التزامات كثيرة لذا ينبغي مساعدتها في تنفيذ تلك الالتزامات، والدولة هي رب العائلة واجب على أبنائها الطاعة والاحترام، كما يحلو له ان يردد. والدي لا يعرف الفرق بين الدولة والحكومة، فالشرطي في زيه الرسمي يعده ممثلا للدولة!

احترام والدي للدولة وثقته بها جعلته يرفض ولوج طريق الأعمال الحرة التي أغرت أعمامي، فقناعته بوظيفة الدولة جعلته يرفض عروضهم وترغيبهم له في ترك الوظيفة والاتجاه صوب الأعمال الحرة. وكانت حجته في ذلك تنطلق من قوة الدولة وقدرتها على حماية الضعيف وواجبها بتامين العيش الكريم لمواطنيها. فالأمل بالتقاعد كان عنده اكبر من اي مبلغ يستطيع أعمامي جمعه ضمانا لشيخوختهم، فالدولة التي منحته 144 مترا في مدينة الثورة، بنى عليها داره بقرض الدولة وتسهيلاتها باعتباره ابنها، هذا إضافة الى الماء الذي اوصلته الى بيته صافيا، والكهرباء التي لم تشهد انقطاعا انذاك. كان على قناعة بأن الدولة التي وفرت له كل ذلك وهو شاب ستجازيه بكل تأكيد بعد ان يفني في خدمتها سنين عمره.

تحققت الكثير من توقعات والدي، وهي في مجملها كانت بسيطة مثل حياته، لكن لم يكن من بينها التقاعد المجزي الذي تأمله من الدولة التي لا تغش، كما كان يحسب، مواطنا أطاعها وخدمها بكل إخلاص. لم يكن ما توقعه والدي بان الدولة ستفي بوعدها للمتقاعدين بتقاعد مجزي، وبطاقات مخفضة للنقل العام لم يكن هذا التوقع في مكانه. والسؤال: اين هي بطاقات النقل العام؟ لا قل اين هو النقل العام برمته؟ وتأمل كذلك الطبابة المجانية. والسؤال: اين هي الأجهزة الطبية الحديثة؟ ولا بد من طرح السؤال بطريقة أخرى: من فكر بحماية الأطباء؟ لا قل هو اين اصبحت الخدمات الطبية برمتها؟ وتأمل من الدولة أيضا ان تقوم بدورها في رعاية المتقاعدين. اية رعاية تلك التي تأملها؟ وهل وضعت الدولة قانونا للرعاية؟ السؤال هو: متى يستريح المتقاعد؟. توقف ابي عن الذهاب لاستلام التقاعد لفترة طويلة، حينما اصبحت اجور الوصول الى مركز استلام التقاعد أكثر من مبلغ التقاعد بحد ذاته.

وتغيرت قناعة ابي بمصداقية الدولة ونزاهتها حينما أدارت ظهرها للمتقاعدين، ولم تفكر بصحتهم ومعيشتهم وراحتهم. ورفضها منذ ان اندمجت بالفرد واصبح الفرد يصيح انا الدولة والدولة انا. لم يغرِه تعديل رواتب المتقاعدين، حينما لم يعد التعديل يكفي أجور مراجعة دكتور مختص مع تكاليف فحوصات مختبره ووصفته الطبية. كثيرة كانت قناعات والدي التي تغيرت، فهو غير متزمت، ورجل بسيط. وضعت شقيقاتي في قبره مع جثمانه الطاهر سبحة من مكة وتربة من ارض كربلاء، اما انا فقد وضعت قنينة عطر شانيل، فعشقه لطيب العطر لم يتغير.

كل العطر وطيبه للمتقاعدين الذين افنوا حياتهم في خدمة الدولة ولم يديروا لها الظهور، لكنها ادبرت عنهم، ونستهم وركنتهم مهشمين على جانب من الحياة منسيين يتحسرون على زمن مضى كانوا صناعه.

قنينة العطر هي ورقة التصويت من اجل انصاف المتقاعدين، اشر بعلامة الصح على الخيار الصحيح في ورقة الاقتراع، وتذكر معنا جميع المتقاعدين، واشترك في إعادة رونق الحياة لهم.

لو قدر لوالدي ان يدرك الانتخابات، لوضع صوته في المكان الصحيح، وصوّت للذين وقفوا كل حياتهم دفاعاً عن مصالح الكادحين، بكل فئاتهم، ولقد كان منهم، لكنه رحل...



#جاسم_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم تكن وحدها!
- مخاوفهم ومخاوفنا
- لك ان تتصور!
- فساد وضحايا
- وعود -كبار المسؤولين-
- الاجتثاث والتمييز وما بينهما
- -بعض القوائم- والفساد الانتخابي
- لكي لا نرحل أمانينا مرة أخرى
- انتخابات دول الجوار
- تصريحات لها فعل المتفجرات
- سر جلسة قبل منتصف الليل !
- كل شيء من اجل المفوضية!
- أهداف مشاركتنا في الانتخابات
- طريقتان لخنق الديمقراطية
- اعتراف متأخر بانتهاكات انتخابية
- الأكثرية البرلمانية تمهد للانقلاب
- عودة الصداميين الآمنة الى -بيت أبي سفيان-
- فخ القائمة المفتوحة والمغلقة!
- الغياب والحضور في مؤتمر القوى الديمقراطية
- احتفال خاص في يوم مكافحة الفقر


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم الحلفي - سبحة وتربة وعطر شانيل