أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أين سقط البطل؟















المزيد.....

أين سقط البطل؟


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2927 - 2010 / 2 / 25 - 05:54
المحور: حقوق الانسان
    


إن كان هنالك في قصصنا بطلاً اتراجيدياً محزناً وسقط هذا البطل في إحدى مشاهد القصص التي نرويها , إن كان ذلك فعلاً قد حصل فإن السوآل الذي يطرح نفسه هنا هو : أين سقط هذا البطل ؟ وهل كان بطلاً تراجيدياً محزناً أو حالماً ؟, أم كان مجرد رجلٍ مدعياً للبطولة وفي قومه دعياً , أم أنه كان مجرد مُهرج كوميدي, وساخراً مؤلماً مؤلفاً للكوميديا السوداء؟, أم كان مجرد تجربة عابرة في سفينة القبطان التي حملته إلى بر الأمان قبل أن تغرق السفينة به وبمن معه ؟
إن كل ذلك قد حصل فأين هم الشخوص الذين حتى لم يرمز لأسمائهم ولو مجرد رمزٍ وأين أحزاب اليسار والمعارضة في الأردن ؟ أم أنهم هم الأدعياء؟ والدجالون ؟ أين مؤسسات المجتمع المدني ؟ وأين حزمةالأمان الاجتماعي ؟ وأين الريح التي تحمل معها حتى الغبار ؟ لماذا لم تحمل الريح البطل في القصة من الموقع الذي سقط فيه ؟ يومَ غابت مؤسسات الحكم المدنية , ويوم تلاشت أحزاب المعارضة , كان البطل يرى في أحزاب المعارضة مجرد أكوام من الخردة التاريخية مثلها مثل اللغة , إن أحزاب المعارضة ليست موجودة , بل هنالك مجرد إسلاميين يدعون أنهم هم المعارضة وهم اليسار , غير أنهم جنود وأتباع للحكومة حين تريد الحكومة عدم موافقة إسرائيل والنظام الرأسمالي على شيء يقومون على الفور بإطلاق نباح الاسلاميين في الطرق وعبر مكبرات الصوت من المساجد والجامعات والنقابات المهنية .
إن كل ما يتعلق بالفكر اليساري والديمقراطية والحرية محض كذب وتزوير في الأردن وكلهم موظفون في أجهزة المخابرات تشرف عليهم بمقتضى المصلحة العامة للدولة والنظام , لذلك سقط البطل في خضم غياب الفعاليات الرسمية الحكومية, وسقط البطل في خضم غياب كل ما يتعلق بالفكر الحر وبالعلمانية, كان البطل لا يجد صحيفة تنشر له مقالاً أو قصة أو قصيدةً مهما كان شكلها ونوعها , وكانت وما زالت الصحف الأردنية تقوم بدعم الضعفاء ومحاصرة الأقوياء , وهذا السلوك أدى ويؤدي وما زال يؤدي إلى اضعاف الثقافة القوية والمثقفين الأقوياء وصعود ثلة حثالة من المتطفلين والمتسلقين على أكتاف المخربين والمفسدين إلى قمة الهرم والنجومية , وكانوا وما زالوا النجوم الحقيقيون يتساقطةن على الأرض مثل غبار الشهب الطائرة في السماء , ويدخلون التاريخ ويخرجون منه دون أن تسمح لهم أجهزة البيرقراط الفاسد بالظهور أو حتى بالتعبير عن آلامها وأحزانها , كانت وما زالت حياتنا وأرواحنا محكوم ٌ عليها بالموت من لحظة الولادة وكانت أشعة الشمس وما زالت تدخل إلى بيوت كل الدجاجلة ما عدى المثقفين لا تدخل منها أشعة الشمس ولا تخرج منها أشعة الشمس وكان وما زال المثقف الأردني الحقيقي محكوم عليه بالموت وهو في مقتبل العمر والشباب , وكانت وما زالت رائحة الموت في الأردن تنبعثُ من كل مكان , كانت الأمكنة يوم سقوط البطل مصابة بالشلل وكانت حالة من الشللية وانعدام الرؤيا والضبابية تتحكم بمصير كل المثقفين الحقيقيين , كانت الشللية رمزاً يعبده كل أصحاب القرارات في الأردن , فغالبية المسئولين الأردنيين هم من دعاة الشللية وأينما ذهبنا نجدُ فئة تصف الأخرى بالشللية والعنصرية , ونحن في الأردن شعب ممزق من الداخل فيه الأردني والفلسطيني لا يطيقون بعضهم بعضا والفلسطيني يتهم الأردني بالتآمر عليه والأردني يتهم الفلسطيني والشمالي يتهم الجنوبي والجنوبي يتهم الشمالي والشامي يسب العراقي والعراقي يسب الشامي , وهذه الميزة ليست موجودة في الشعب الأردني بل هي في كل شعوب العالم , ففي أي دولة هنالك حالة من التمزق والانفصام الداخلي , وأي دولة في العالم فيها هذا النوع من التبعثر والتخبط والتلاشي , وهنا يجب أن لا نُخفي حقيقتنا وحقيقة سلوكنا وأن نقول : نحن نعيشُ شعباً واحداً , فهذا الكلام غير صحيح 100 % , ولكن هنالك أردنيون أصحاء عقلياً وااجتماعياً وفكرياً ومذهبياً من شتى الأصول المنابت , ولكن الطامة الكبرى أن النوعيات الأخرى من الجهال موجودة في مؤسسات مجتمع مدنية تعيق حركة الفكر والعمل .

لقد سقط البطل وانتهى أمره وصار لازماً عليه أن يهتم بنفسه ووجوده وبقاءه , وهذا ما حصل , حيث أصبح العمل والانتاج هما عملي المتواصل , ولأنني عرفت أين سقطت ومن أسقط البطل لذلك تجنبتُ كل المواقع التي سقطتُ فيها وهي مؤسسات مجتمع مدنية لا تحترم العمل الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي أو النقابي فتراجعتُ عن كل هذه المواقع وانسحبت للعودة والانخراط في المجامع والناس مثلي مثل أي انسان وشخص عادي , ولم يعد هاجس الثقافة يحلو لي ولا حتى التشدق بكلمات ومصطلحات المثقفين كان كل همي أولاً وأخيراً أن أعود للعمل وأحمل ولدي علي للطواف به في الحارة وبين الناس وملاعبته وتدريبه على المشي وكنتُ وما زلتُ لا أخرج من بيتي إلا للعمل أو بصحبة أولادي إلى أي مكان يحبونه .

وأحببت بيتي وأسرتي جميعاً وقلت بيني وبين نفسي : أنا معلم عمار وبناء وأنا أقوم ببناء البيوت , ولكن ما المانع أن أقوم ببناء صرحٍ كبيرٍ وعظيم يُسمى الأسرة؟ وفعلاً عملت على إقامة مشروع كبير اسمه الأسرة الناجحة , وهذا التفكير ما زال يراودني إلى اليوم وأدافع عن مشروعي بيدي وأرجلي وعيوني وكل حواسي وأعضائي الجسدية .

إنه لشيء جميل أن أشعر بأنني أب أحب أولادي وأعطيهم كل ما حُرمت منه في وطني وأن يكون صدري لهم وطناً وذراعي شجرة يتسلقون عليها وظهري مرجوحة أو مطيةً يركبونها ليلاً ونهاراً وأن أعلمهم على (ألف باء ) الحب والعطاء , وأن أدربهم كيف يتعايشون في مجتمعٍ ليس مدنياً وبحاجة إلى ألف عام أخرى لكي يتمدن طالما لم تتدخل به قوى غربية تجعله أكثر مدنية وملائمة للعصر.

إن أكبر كذبة في الوطن هي أن أعتقد أن هنالك يسار أو معارضة أو ثقافة حقيقية في الأردن , إن اليسار والمعارضة واليمين هم موظفون حكوميون تدعمه أجهزة خفية من أجل تمرير مقترحاتها وأحياناً من أجل تجميل صورة الدولة بأن لديها مدنية ومعارضة ويسار وأحزاب , علماً أن الناس إلى اليوم وخصوصاً من أقربائي يحذرون بعضهم بعضاً من المشي معي وليس باتجاهي المهم والأهم عدم التعامل معي لأن ذلك يعيق تأخرهم وتقدمهم ويعيقهم عن العمل وسيتعرضون للمذايقات مثلي , ما زلنا نعيش في الأردن حيث يحاصر ُ فيه المثقف وينبذُ في العراء كما تنبذُ الفواكه لتصبح خمرة معتقة يشربها ويتلذذ بسقوطها وجفافها أصحابها , وما زلنا نعيشُ في الأردن حيث الكتاب والورقة والقلم جريمة يعاقب عليها القانون سراً وبدون محاكمات , وما زلنا نعيش في بلد يخافُ فيه المواطن الأردني من فتح النافذة أو من الدخول إلى أمسية شعرية أو محاضرة فكرية وما زلنا نعيش في الأردن حيث المعسكر القديم ما زال يحكم وما زال يرسم وما زال يخطط للايقاع بالمثقفين وبالمتنورين .
ويتهمني البعض من أنني أنقل صورة سوداء عن وطني وبلدي وأهلي وناسي غير أنني أقول ما أشعرُ وأحسُ به , ولا أكذب ولا أتصنّع ولا أتجمل .
كل هذه الأفكار كانت حقيقة أسقطتني من خلال الضغط العصبي الذي سببته لي , ولولى وجود الانترنت لانتهيت من زمان , ولكن الانترنت عجل في أخذي لحقوقي والإنترنت سيكون قريباً نهاية حتمية لأجهزة البيرقراط الفاسد والملعون والقمعي والجبان .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن البقاء
- في العيادة النفسية2
- في العيادة النفسية1
- نساء مثقفات
- المتطفلون
- الزواج والطلاق على الطريقة الجندرية
- فضيحه وعليها شهود
- اترتح في ملعونك بيجيك الألعن منه
- هذا من فضل الشيطان
- انا وهي
- لغتنا الجنسية
- فالنتاين سعيد يا حبيبتي
- انبوب بوري
- الاسلام ضد الابداع
- أهمية بقاء إسرائيل
- سوق الخُضره
- عدد النجوم وعدد النمل
- المرأه القرويه
- ما هية الفحشاء والمنكر
- هل تنهى صلاة المسلم عن الفحشاء والمنكر ؟


المزيد.....




- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أين سقط البطل؟