أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - ثنائية الفلسفة والعلم 2















المزيد.....

ثنائية الفلسفة والعلم 2


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 09:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثنائية الفلسفة والعلم
المعاني الكلية .. وجدل العصر التكنولوجي
( 2 ----- 2 )
ضمد كاظم وسمي
كان للطفرة الأفتراقية الهائلة في الفكر الغربي التي تلت عصر النهضة الأوربية ، أثرها العظيم في تقدم الفكر العلمي على حساب الفلسفة حين أتخذ العلم مساراً مغايراً لهدي الفلسفة ، بل وشق سبيله الوضعي مفارقاً لقيم المعاني الكلية والمنظومة الأخلاقية .. بأعتباره نموذجاً معرفياً تتلازم عنده المعرفة والقوة لتشكل قدرة فاعلة للسيطرة والتحكم بالطبيعة لصالح الأنسان لتبديد حيرته .. ومحاولة وضع الأجابات المناسبة لتساؤلاته الموغلة في التاريخ مثلما هي تقض مضاجع حاضره أستشرافاً للمستقبل .. وبذلك يكون نموذج الفلسفة المعرفي قد تراجع وأنسحب الى جبه العتيق منذ ديكارت ونيوتن ثم على يد الفيلسوف أوكست كونت .. إذ أستطاع الفكر الحداثي المبني على أساس الفلسفة الوضعية العقلانية أن يحيد الفلسفة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لتزدهر الحداثة بأقانيمها في العلم والحرية والتقدم والأنسنة القائمة على اساس مركزية الأنسان في الكون وتسنم سموه .
لكن مع أطلالة القرن العشرين وأشرئباب الفكر الأحتمالي .. وتراجع الفكر الحتمي بشبكاته وسيروراته .. الأمر الذي أثار المزيد من المشكلات ذات البعد الأحتمالي .. التي ترتب عليها فاعلية النشاط في الفكر الفلسفي لاسيما في حقل فلسفة العلوم .. بعد التطور الكبير الحاصل في مضمار العلوم .
يمكن القول ان العلم طفق بالظهور كوليد نما من الفلسفة .. كما عند فرانسيس بيكون ( 1561 -1626 ) وراح يتميز مستقلاً عنها على يد أوكست كونت ( 1789-1857 ) الذي حدد ثلاث مراحل لتطور الفكر الأنساني : المرحلة اللاهوتية ، والمرحلة الميتافيزيقية ، والمرحلة العلمية .. التي عدها أعلى مراحل التطور .. بينما أفترض اوكستون باشلار أن هناك مرحلة جديدة سماها مرحلة التجريد العلمي التي تعد اعلى مراحل التقدم العلمي .. وقد جاءت هذه النظرية على خلفية التطور العلمي النظري الذي تحقق منذ بداية القرن العشرين وتمثل ذلك في نظريات مثل نظرية الكم والنظرية النسبية ... الخ .
اذا كانت الفلسفة أمّاً للعلوم قبل القرن الثامن عشر .. فقد أقتصر دورها إبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على مد العلوم بأساليب البحث (( المنهج )) فقط .. ومع بداية القرن العشرين وحتى الآن فان الفيزياء المعاصرة .. (( أظهرت نتائج علمية قادت الى إشكاليات فلسفية لم تهدأ عاصفتها حتى الآن وبذلك عادت الفلسفة لتمثل مرحلة جديدة )) .
لعل العلم قد تمكن من طرح المزيد من التساؤلات ووفر في ذات الوقت الكثير من الأجابات .. لكنه أخيراً تمخض عن نمط جديد من النشاط التطبيقي ذلك هو (( التكنولوجيا )) .. فاذا كان العلم يتغيّا إكتشاف الطبيعة ، فان عظمة التكنولوجيا تتجسد في محاولاتها لتغيير هذه الطبيعة . لقد كان العلم قديماً قدم الأنسان إلا أنه لم يتبلور كنشاط فاعل ومتميز الا بعد اطروحات فرنسيس بيكون .. كما أن التكنولوجيا قديمة قدم الحضارة الانسانية بيد أنها لم تحظ بالأهتمام الذي نالته العلوم المجردة .. لكن مع الثورة الصناعية طفقت تشكل قوة فاعلة إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً ، غير انها في القرن العشرين راحت تترك تأثيرها الواضح حتى على البيئة .. الأمر الذي جعل التكنولوجيا تسعى للأنفصال عن العلم الذي أصبح في تطوره اللاحق تابعاً للتكنولوجيا .. لان جوهر الحداثة هو (( استشراء روح التقنية كأستعمال وتحكم )) .. وأن موقف الفكر الجديد من العلم يرى ان العلم تابع للتكنولوجيا ووليدها . وصار الأنجاز التكنولوجي أسرع من الأنجاز العلمي .. (( ان التسارع التكنولوجي أخذ بالزيادة متجاوزاً الأنجاز العلمي وسرعته )) .. مما أثار أهتمام الفلاسفة بالتكنولوجيا خاصة بعد التحقق التجريبي المؤيد لصحة النظريات الرياضية التجريدية .. حيث أن التطبيق التقني للعلم عرف بشكله الجلي في القرن التاسع عشر لكنه بني على اسس علمية منهجية منذ القرن العشرين .. فيما شهد النصف الثاني من القرن العشرين محاولة التكنولوجيا في السيطرة كنموذج إبداعي .. وبذلك يكون العالم قد دشن عصر التكنولوجيا الذي يعقب عصور العلوم والفلسفة . لقد أهتمت الدراسات الفلسفية أخيراً بطبيعة علاقة التكنولوجيا بالعلم والسياسية والأقتصاد والفلسفة والتيارات الفكرية الحداثية ، وتأثيرات التكنولوجيا على الأنسان وعلاقته بالواقع والطبيعة .. وعلاقة التكنولوجيا عبر الحدود وعلاقتها بالقيم والاخلاق وأبعاد الأنسان الأخرى .
لقد كان التساؤل وحيرة الأنسان أمام ظواهر الطبيعة ينتج مشكلاً ملغزاً ، يضطره للبحث في الأسباب للوصول الى كنه (( المشكلة )) .. وقد يتوه بين ما يبدو من أسباب دانية .. وأخرى قصيّة قد تنتهي به الى حيرة جديدة .. وهكذا قد يستنزف لب الأنسان دون ان يطال الحقيقة ! .. ومع تقدم الحضارة الأنسانية صار الأنسان يعتمد لمواجهة حيرته المستمرة ما عرف بالمنهج العلمي ذي الطبيعة الدورية .. أي ينطلق في بحثه من حقائق وفق آليّة ممنهجة للوصول الى حقائق جديدة .. (( ان دورة العلم هذه تؤدي الى معرفة علمية جديدة أي هناك إضافة معرفية مثل كشف سر من أسرار الطبيعة )) .. ثم تم تطوير هذه الاكتشافات والأختراعات لتستثمر كناتج تكنولوجي .. والذي كانت ولماتزل الحاجة اليه هي العامل المحرك في النشاط التكنولوجي .. وتعد الحاجة هي مقداح البحث عن وسائل لتلبية الحاجات الأنسانية غير المحدودة .
أن مصطلح (( التكنولوجيا )) مشتق من الكلمة الأغريقية (( تكني )) التي تعني المهارة أو الفن .. وقد أستخدم هذا المصطلح لأول مره عام 1820 وقد ذكر أحدهم رأياً شائقاً نذكره لطرافته بهذا الصدد : (( يقال أن كلمة تكنولوجيا عربية في أصلها فهي مكونة من تكنوومأخوذةمن كلمة تقنية أي المهارة والحذق ، ولوجيا أي اللغة فمعنى هذا ان الكلمة معناها الكلام في الحذق والتقنية )) ..
كانت التكنولوجيا حتى منتصف القرن العشرين توصف ضمن مرحلة الأنتاج المنفصل حيث يقول جابر بن حيان : (( اعلم يابني انك لاتصل الى الحق الا بالتجريب )) .. وهو يريد بالتجريب التجربة ، بينما يعني بالحق الحقيقة ، فيما عرفها جورج سمث حيث قال : (( التكنولوجيا هي أستعمال الأسلوب العلمي والمعرفة في الصناعة من أجل أيجاد مواد نحتاج اليها حاجة شديدة وهي ضرورية في حياتنا )) .. وقال آخر إن .. (( التكنولوجيا هي معرفة الوسيلة ، والعلم معرفة العلة وهذا ما جاء به هيدجر ، العلم ينتج المعرفة أما التكنولوجيا فتساعد على انتاج الثروة )) . يراد من هذه التعريفات التدليل على عدم كون التكنولوجيا عنصراً محايداً في صناعة الواقع الأجتماعي ، ولتوضيح ذلك نرى الى ما طرحه هيدجر الذي أستخدم المثل الآتي : (( عندما يبدأ الصراع والمبارزة بين السيوف فان المعرفة لاتجري بين المتبارزين بالسيوف بل أيضاً تجري بين الحدادين صانعي السيوف )) .. بمعنى آخر لايمكن ان تفصل اية وسيلة منتجة عن مرجعيتها الثقافية والعلمية التي ما كان لهذه الوسيلة أن تكون لولاها .. وبالتالي فان وجهة النظرة هذه لاتؤيد نظرية الانتاج التكنولوجي المنفرد أو المنفصل ولاتقبل بأعتبار التكنولوجيا عنصراً محايداً في صناعة الواقع الأجتماعي ! .. بل ترى .. (( ان منحنى التطور التكنولوجي بدأ يأخذ منحنى تكاملياً ولم تعد الأدوات التكنولوجية منفصلة بل أصبحت تشكل كياناً تكنولوجياً ومن ثم تشكيل نظام المجتمع والحياة .. تكمن هنا النقلة الكبيرة )) . أعتقد أن وجهة النظر هذه تخلط بين العلم والتكنولوجيا في رؤية التباسية ، ذلك أن العلم لم يكن في يوم من الأيام حيادياً بخلاف الأدوات التكنولوجية ذات الطبيعة الحيادية المؤكدة .. فالعلم عمل أنساني وليس هو مجرد آلية جامدة .. وهو ليس هذه المكتشفات والمخترعات بقدر ما هو محاولة للبحث عنها .. أما الذين ينبزون العلم بالحيادية من ناحية القيم الأنسانية فأنهم يخلطون بين العلم كنشاط أنساني ذي بعد أخلاقي وبين مكتشفات العلم ونتاجه التكنولوجي المادي الحيادي .
أن فلسفة التكنولوجيا تعنى (( بطرح الأسئلة المتعلقة بالكيفية التي تؤثر فينا التكنولوجيا )) .. فلقد وضعتنا التكنولوجيا مع ثورة المعلومات في غرفة صغيرة تحتك شعوب العالم فيها بعضها مع البعض الآخر لاكتساب مزيد من المعارف مع توليد المزيد من المشكلات .. لعل على رأسها تصدع المنظومات الخصوصية للثقافة الوطنية جراء هجمة العولمة التوحيدية دولياً .. فضلاً عن تنامي قدرات الدول المالكة للتكنولوجيا المتطورة والموجهة لها .. وتبعية الأطراف لها .. كذلك المشكلات الناجمة عن التلاعب بالطبيعة ومحاولة تغييرها .. والاخطر من ذلك كله ان تقدم التكنولوجيا الكبير سوف يهيء للدولة سلطة جديدة وسطوة لم يسبق لها مثيل .. حيث سيتيسر لها أمكانات جديدة متعاظمة للتحكم الكامل في سلوك البشر في كل المجالات حتى السيطرة على أختيارات الأنسان ومذاقه .. بل حتى في مراقبة العقل البشري والتحكم فيه .. بل ستمكن التكنولوجيا الدولة من مراقبة الغير – الأنسان – وأستراق أخص خفاياه الشخصية .. فضلاً عما تهيئه لها من قوة باطشة أعلامياً وأسرارياً حتى يقف الأنسان عارياً لاملاذ له أمام الدولة .. وهو يظن أنه يحيى في ظل نظام ديمقراطي !! ومع أن المجتمع التكنولوجي سيحقق وفرة وثراء ، وأستهلاكاً واسعاً وبذخاً كبيراً أو تحكماً أكبر بالطبيعة لتغييرها بدءاً بالجينات .. وتكييف الحياة العقلية ومحاولة استغلال الفضاء .. وأمتلاك قوة تدميرية هائلة .. ناهيك عن وقت فراغ كبير سيقود الى اغتراب الانسان نتيجة تحول الأنسان في المجتمع التكنولوجي الى آلة ، كما ان البيئة ستكون معرضة لتلوث ناجم عن النمو السريع فضلاً عن أزمات نفسية وأجتماعية نتيجة الفراغ ، وأنطلاق لنزوات النفس وشهواتها الأمر الذي قد يفضي الى عنف ضار .. ولعل في الأنموذج الأمريكي العنفي الذي يدعس ببساطيله الثقيلة كل من تسول له نفسه التغريد خارج السرب الغربي العولمي .. خير دليل على المستقبل المتوقع للبشرية .
أن البشرية بحاجة ماسة الى ضوابط أخلاقية وفكرية لكبح جماع التكنولوجية المتوحشة .. من خلال الفلسفة والقيم الكلية لجعلها في خدمة الأنسانية والطبيعة والحفاظ على ناموسها المتسامح .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الفلسفة والعلم ( 1-2 )
- صمت العدم
- الوردة البيضاء
- البداوة السياسية
- نقد الثقافة العربية
- عطر القرنفلة
- آيديولوجيا العولمة / من التوحيد التقني الى التشظي الثقافي
- نقد المنطق التحويلي
- ينام في الهوى قلبي
- شيم الملاح
- أبابيل شوق
- الأمن المائي
- تنهيدة العذر
- موقد الاحلام
- بوح
- عيادات ايقاف التدخين
- طائر الشوق
- الصمت الخافق
- السلطان محك الانسان
- الاسلاموفوبيا


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - ثنائية الفلسفة والعلم 2