أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هاله طلعت - ليلى














المزيد.....

ليلى


هاله طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 03:19
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في كل صباح تستيقظ ليلى بتثاقل شديد تتلكأ في سريرها غير راغبة في النهوض من أغطيته الدافئة , تصر أمها على إيقاظها
استيقظي يا ليلى سيفوت موعد المدرسة .
تحدث ليلي نفسها وماذا في ذلك ليته يفوت , تبدأ في التأوه بصوت عالي مدعيه المرض
يعلو صوت أمها تمهيد لمرحلة الصراخ الصباحية التي تمنحها إياه كل يوم
قلت لك استيقظي ليس بك شئ و انا أعلم هذا جيدا
تهز ليلى رأسها في ضيق , تعلم جيدا أنه ليس هناك جدوى من ادعاء المرض فأمها تعلم جيدا أنها ليست مريضة و إنما تتعلل بالمرض لتتغيب من المدرسة
تنهض من سريرها مقطبة الجبين و شعور عالي بالضيق و الانقباض يحوطها
ترتدي ملابسها في بطء تبدأ أمها في عزف سيمفونية صراخها اليومي , اريدك ان تكوني طالبه متفوقة وناجحة لتصبحي طبيبة أو مهندسة يوما ما أضعت حياتي عندما لم أكمل تعليمي و لا اريد لك نفس المصير لما لا تساعديني على تحقيق هذا الحلم
تبدأ ليلى في حديثها الصامت مع نفسها الذي لا يخرج منه سوى همهمة لا تستطيع أمها تفسيرها مما يزيد من حدة صراخها العصبي
تكمل ليلى ارتداء ملابسها بسرعة حامله حقيبتها على ظهرها محملة بأطنان من الكتب و الكراسات لا حصر لها و تأخذ مصروفها من أمها في صمت مغلف بحاله من الغضب المكبوت
يعلو نداء صاحباتها من الشارع فيدب في جسدها حاله من النشاط المفاجئ و تبدأ ألان في التحرك بسرعة متحمسة للنزول يصاحب ذلك استمرار حالة الصراخ الغاضب الذي بدأته أمها : ايوه طبعا الآن تتحركي بحماس , والله أصحابك هؤلاء سوف يضيعوا مستقبلك للأبد
تحرك ليلى رأسها في ضيق و تسرع الخطى لتفر من صراخ أمها , محاولة الحصول على المتعة الوحيدة من هذه الرحلة اليومية وهي لقاء الأصدقاء و الدخول في دائرة من الثرثرة و اللهو الممتع الذي يرى كل من حولها انه مضيعة للوقت لا فائدة منه.
تعود إلى همهمتها :ألا يمل هؤلاء الكبار من الصراخ و اللقاء النصائح طوال اليوم بلا توقف و كأنهم امتلكوا وحدهم مفاتيح الطريق إلى النجاح و ما عداهم فشل و مضيعة للوقت , متى يهبطوا من أبراجهم ليروا ما نراه و يسمعوا ما نريده نحن ليس ما يريدونه هم لنا .
تلتقي أخيرا بصديقاتها في الشارع يتصافحن في مرح صاخب يبدأن في السير إلى المدرسة
اقتربت ليلى مع صاحباتها من باب المدرسة, حيث بدأت تلقي بظلها الثقيل على حديثهن المرح فيتخلله الصمت تدريجيا كلما أقتربتا من بوابة المدرسة و الولوج خلاله الى الداخل , يرقبنا غلق الباب بصمت غير مبرر متوجهين حيث يقف الطابور الصباحي الذي يسبق بداية اليوم الدراسي.
بدأ الطابور، وقفت ليلي إلى جوار صاحباتها في صف غير منتظم وسط صرخات مدرسة الفصل التي تحاول وقف سيل ثرثرتهن الذي لا ينتهي و تنظيم الصف ,حرارة الشمس الساخنة تلهب رؤوسهن و تطن آذانهن من مواضيع إذاعية مفروضة عليهن , لا تثير داخلهن سوى الشعور بالملل و عدم الرغبة في المتابعة.
تميل ليلى على أحدى صديقاتها وتبدأ معها في حديث خاص عن أحدث كليب لمغني شاب مشهور رأته بالأمس في التليفزيون أثناء انشغال أمها عنها بأعداد طعام العشاء و تخبرها صديقتها عن صور أحد النجوم الذي يعشقنه في مجلة اشترتها من مصروفها بالأمس, يندمجا في حديث ممتع يتشعب في كثير مما يشغل بالهن هذه الأيام و ربما دخلتا في دائرة من الأحلام عن ما يردنا أن يفعلنه بعد أن يتحررن من سطوة البيت الذي يضمهن و سطوة تلك المدرسة البغيضة.
تنشغل هي و صديقاتها بالتحدث مع بعضهن في أمورهن الخاصة التي لا يحاول احد ممن حولهن سماعها او الاهتمام بها, و فجأة.. تلمحها مديرة المدرسة التي تقف على منصة الإذاعة المدرسية ترقب كل من في المدرسة من طالبات و مدرسين بعين غاضبة دائما ,و في لحظة خاطفة بسرعة البرق تنقض على ليلى جاذبه إياه من ذراعها لتحملها إلى أعلى مكان في الطابور فارضة عليها رفع يديها إلى أعلى و وجهها ناحية الحائط ,همهمة مخنوقة تبدأ في الانتقال بسرعة بين صفوف الفتيات يعقبها صراخ المديرة محمل برياح الوعيد بأن يكون مصيرهن أشد وطأة من مصير تلك الفتاه لكن صديقات ليلى لا يتوقفن عن الاعتراض بصوت يصنع ضجيج خافت لا تستطيع أن تتحمله تلك المشتعلة غضبا , فتصرف الطابور و تطلب من كل الطالبات الصعود إلى فصولهن ماعدا فصل ليلى.
تظل طالبات فصل ليلى واقفات, رافعات أيديهن إلى أعلى طوال اليوم الدراسي تحت وطأة الإحساس بالضعف , الإهانة , الغضب المقهور , و تظل ليلى رافعة يديها وجهه للحائط يحاوطها نفس الشعور
بينما حرارة الشمس الحارقة الموجعة تذيب كل شئ الحلم , الروح , بريق الحياة المشتعل داخل القلوب .



#هاله_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم مشرق و فصل مظلم
- حادثه بسيطة جدا
- حلم الحياة
- من نحارب و لحساب من
- بين الحقيقه العلميه و الاوهام الاسطوريه
- و باء لا مصل له
- صورة أخرى على أرض الواقع
- الخوف
- أرض الواقع
- احترس ممنوع اللعب
- مسرحية هزلية
- عندما تحدثت بدور


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هاله طلعت - ليلى