أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود يوسف بكير - خناقة على من يركب الحمار














المزيد.....

خناقة على من يركب الحمار


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 22:47
المحور: كتابات ساخرة
    


الحمار حيوان طيب ومطيع ووديع ويمتلك صبراً لا حدود له وهو رمز للعطاء بلا مقابل تقريباً لذلك يتخذه الحزب الديمقراطي في أمريكا شعاراً له ، بالإضافة إلى أنه قنوع ويرضى بالقليل فليس عنده مشكلة أن يأكل أي شيء أو أن ينام في أي مكان والأهم من كل هذا أنه لا يعترض على نوعية من يركبه فهو يدرك أنه مركوب مركوب ، وهو يؤمن إيماناً عميقاً أنه خلق لغرض واحد إلا وهو أن يمتطى وأن يسير حسبما توجهه عصا الراكب في طاعة أبديه عمياء ، ولهذا كله يتعرض الحمار كثيراً للظلم والامتهان .
رأيت حشداً كبيراً من البشر يلتفون حول مجموعة من الأشخاص يتجاذبون فيما بينهم حماراً مسكيناً ويتجادلون في صخب لا يخلو من عنف على من يركبه وكان الحمار كالعادة مجللا بالصمت ينظر إلى الأرض في انتظار حسم هذه المعركة حتى ينطلق بالراكب المظفر إلى حيثما يشاء .
كان من بين هؤلاء الأشخاص المتعاركين رجل سمين يرتدى ثياباً فاخرة وتبدو عليه أمارات الصحة والسطوة والقوة يرفع صوته الجهوري ويدعى أنه من نفس البلد التي ينتمي إليها الحمار وأنه يعرفه منذ الصغر وأن أباه كان يأخذه على حجره فوق ظهر هذا الحمار ومن ثم فهو أحق الناس به . لقيت إدعاءات الرجل تأييداً من بعض الحشد من أناس تبدو عليهم أيضاً علامات الغنى ويرتدون نظارات سوداء.
رأيت رجلاً آخراً ذا لحية كثيفة ويرتدى جلباباً أبيضاً وتقف وراءه امرأة منقبة بالسواد، رأيته يصرخ في وجه الحضور بأنه يحمل رسالة من جهة عليا تأمره أن يخلص هذا الحمار المسكين من سطوة هذا الرجل السمين الذي يستغل الحمار أسوأ استغلال ويسيء معاملته وبدأ يتوعد الجميع بأنه لن يبرح المكان إلا وهو وزوجته على ظهر هذا الحمار وإلا فالموت للجميع وشهر سيفه عالياً وعلى الفور اندلعت من أغلبية الحشد أصوات مؤيده ومباركة .
هناك أيضاً رجل أبيض يرتدى ما يشبه ملابس الكاوبوى الأمريكي يحاجى الجميع وهو يربت على ظهر الحمار بحنان مصطنع أنه أتى لتحريره من الظلم والقهر والهوان الذي يتعرض له وسط هذه البيئة المتخلفة التي لا تعي أن للحمير حقوقاً كما هو الحال للبشر ولقي هذا الكلام استحسانا من البعض وعندها هم الرجل ذو اللحية للاحتكاك به ولكن الرجل الأبيض أخرج بسرعة مسدساً من جيبه فالتزم الرجل الملتحي الصمت .
ظهر أيضاً من بين الحشد رجل يرتدى نظارة طبية وبدأ في إلقاء محاضرة معقدة عن حقوق الحمار التاريخية في إطار الصراع الحضاري والمذهبي ومعطيات التحليل المكروكوزمى الهيكلي وتداعيات اللبرالية الراديكالية وافرازاتها المخاطية.... الخ . ولكن أحدا لم يفهمه و لم يلق تأييداً ذا بال فتراجع إلى الخلف .
ظهر أناس آخرون من مشارب مختلفة كل يدعى أنه أحق بامتطاء الحمار ولكن بدا واضحاً أن الحمار سيكون على الأرجح من نصيب واحد من الثلاثة الأقوياء إما الرجل السمين أو الرجل الملتحي أو الرجل الأبيض .
وفجأة لاحظت من مكاني أن الحمار يبدو متململاً وغير سعيد بما يحدث حوله وما هي إلا لحظات حتى انطلق بشكل مفاجئ للجميع نحو ترعة غير بعيدة وانطلقنا جميعاً خلفه نحاول اللحاق به ولكنه كان يبرطع بسرعة غير عادية ورأيناه من بعيد يدرك حافة الترعة ويلقى بنفسه فيها ولما وصلنا إلى ذات الموقع لم نعثر له على أثر. البعض قال أنه انتحر غرقاً والبعض قال أن الحمار يجيد العوم ولابد أنه عبر الترعة إلى البر المقابل وانطلق هارباً بعد أن قرر أن ينعم بحريته لأول مرة في حياته .
اعترتنا جميعاً حالة من الذهول لما حدث فلم يكن أحد يتصور أن يثور الحمار إلى هذا الحد ويعرض نفسه للغرق طمعاً في الحرية والكرامة .
أصيب الرجل السمين بصدمة كبيرة وقرر مغادرة المكان، وعلى الفور تبعه مؤيدوه من أصحاب النظارات السوداء . البعض فسر هذا بأن الرجل السمين يخشى أن يعود الحمار للانتقام منه على ما فعله به فيما مضى ، أما الرجل الأبيض فقد اختفى أيضاً وقيل في هذا أن مبرر حضوره قد انتهى لأن الحمار أصبح حراً وطليقاً ، أما الرجل الملتحي فقد بدا سعيداً للغاية وقيل في هذا أنه يعرف أن الحمار سيعود إليه كي يجرب حظه معه .
والله أعلم .



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن أن يأتي الإصلاح في مصر من الداخل؟
- نصيحة مخلصة إلى الإخوان المسلمين
- مقدمة في الغدر والتملق عند العرب
- حقيقة دور المضاربين وأزمة النظام الرأسمالي
- الإسلام ما بين التقدم والتخلف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود يوسف بكير - خناقة على من يركب الحمار