|
عندما تحولت تشو يينغ تاي / الى فراشة ملونة ..؟
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 19:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
" تشو يينغ تاي " إسم فتاة صينية ، لأسرة الراحل جين الملكية الشرقية في الصين القديمة . ( 317- 420 ميلادية ) . تعلمت " تشو " من أخيها حب الأدب والشعر خاصة النثر والغناء . ووفق التقاليد القديمة ، لم يكن مسموحاً للنساء الإلتحاق بالمدارس العامة . لذا رفض والدها رغبة إبنته بالتعلم . الفتاة " تشو يينغ " إرتدت ثياب كاهن ، وأخبرت والدها أنه من الأفضل إرسال إبنتك الى المدارس بناءاً على قراءة كف يدها . إنطلت الحيلة على والدها، وهكذا تنكرت الفتاة بملابس شاب والتحقت في مدرسة مشهورة بمدينة " هانغ تشو " . القصة لم تنتهي هنا ، من هنا تبدأ ، هي عبارة عن واحدة من أروع ملاحم المسرح الصيني الرومانسية الخالدة تدعى ( حب الفراشات ) أو أحباب الفراشة . ومشهورة في الأدب الشعبي الصيني . حيث تقدم كمسرحية بالية من أربعة فصول ، ترافقها مقطوعة ألة " الكمان " الموسيقية ( كنتشيرتو ) كما هي قصة " روميو وجولييت " أو أوبريت عايدة . في كافة التراث العالمي لعب الحب دوراً محورياً في التغيير ، وخلق مفاهيم أكثر إنسانية وتواصلاً مع الأخر لا سيما المختلف . في الأدب اليوناني القديم كان ( إيروتس ) حامل جعبة السهام . اصاب بسهمة ( أفروديتي ) فعشقت ( أذاونيس ) . كما كان يفر هارباً ( زيوس ) كبير الألهة مع حبيبته كيلا تكتشف زوجته ( هيرا ) مكانه ، وتقتحم عليه خلوته الغرامية . وفي مصر القديمة، دمرت قصة غرام ( كليوبترا ومارك أنطونيو ) أخر ما تبقى من إمبراطورية عجوز على يد الغزاة الرومان . حتى ( الألكسندر الكبير ) احب إبنتة ملك الفرس ، وأثار ضده حفيظة قواده العسكريين من أبناء جلدته . في القصص الدينية ، أحب ( النبي سليمان ) إبنة ملك صيدون الفينيقي ، كما يقال أن قصة حب جمعت بين ( المسيح عيسى ومريم المجدلية ) كما في العلاقة التي ( يمكن إعتبارها قصة حب ) بين ( النبي محمد وعائشة الصغيرة ) رغم فارق العمر . في الأدب العربي هناك قصص غرامية مماثلة كقصة غرام ، قيس وليلى ، أو جميل وبثينة . أو مثل كل قصص الحب الجميلة بيد أنه في عالمنا غالباً ما تكون النهاية دراماتيكية وحتى تراجيدية بصورة مؤلمة . ربما هنا لعبت الأفلام المصرية التي كانت تدور دوماً حول قصص الحب وتنتهي بالزواج كنوع من التعويض النفسي للحالة الواقعية البائسة التي تعيشها شعوبنا . لأن بلادنا لا تعترف بالحب . لذاغالباً يجري بها سفك دماء الفتاة بحجة ( غسل العار ) ..؟ بدل الموافقة على رأي الفتاة أو الشاب وزواجهما بمن يحب أو تحب . فعندما يتحول الأب أو الأخ الى قاض وجلاد للفتاة وسارق للحياة فهو يمارس فعل القتل الشنيع الذي يستحق عليه عقاباً يتلائم مع جرمة في مصادرة حق الأخرين بالحياة . في بلادنا عادة دماء المرأة لا تساوي شيئاً فكيف روحها وأحاسيسها .؟ فمن حق الرجل ( المذكر ) أن يختار وقد لا يختار، فقد يختاروا بدلاً عنه . لكن ليس من حق الفتاة إختيار شريك عمرها . فمن الذي سيتزوج الأب أو الأم أم الفتاة والشاب ..؟ هي جزء من آلية ( تفكير ) موسومة بها المنطقة . تتلخص في مسح الشخصية وسحقها، وإذابتها بأسيد الفكر الخرافي ، كما تمت إذابة جثة ذلك المفكراللبناني في أسيد النظام خوفاً من أفكاره التحررية . لا تفكر نحن كنظام نفكر بدلاً عنك . وقد ينجب النظام أولاداً بدلاً عن الشعب فكل شئ جائز في عصر من لا عصر له . عصر هلامي ، سديمي لا تعرف أوله من أخره ، أو هل هو سبع سموات طباقاً أم غازات ونجوم ومجرات وربما كائنات أكثر ذكاءاً . في أغنية " قيس وليلى " وبصوت عبد الوهاب الجميل ، تقول ليلى ، أقيس إبن عمي عندنا ...يامرحبا.. يا مرحباً . هنا يتدخل صوت والد ليلى الأجش بقوله، أجئت تطلب ناراً أم جئت تشعل في البيت ناراً ..؟ لنتخيل حجم المرارة والأسى . والنهاية مماثلة لروايات معظم قصص الحب التراجيدية الأخرى في عالمنا الشرقي القديمة والراهنة . كل منا يحمل في ثنايا قلبه وذاكرته قصة حب مختبئة ، حتى رجل الدين هذه هي الطبيعة البشرية ، لكن البعض يطلق حريتها كنسمة هواء وماء ، وأخر يقتلها ، بل يوأدها . ما أصعب أن يعيش المرء بلا قلب وبلا حب . ما أصعب الزمن عندما يتحول قلب الإنسان الى حجر نيزكي أسود حاقد . وهل تحقد الحجارة ..؟ نعم في بلادنا كل شئ جائز. طالما أن حرية الحياة ممنوعة من الصرف . ألا ينطق الحجر ويقول يا فلان هذا فلان ورائي تعال فإقتله..؟ لنعود الى " تشو يينغ " مضت ثلاث سنوات على إلتحاق الفتاة بمدرسة متقدمة ، وهي متنكرة بثياب شاب . بيد أنها أحبت زميل دراستها الشاب " ليانغ شان بو " كان شاباً فقيراً مثقفاً ووسيماً ، لكنه لم يعرف أن صديقه هو فتاة وليست شاباً . طلب والد الفتاة من إبنته العودة الى القصر. رافق الشاب " ليانغ " صديقه لوداعه، في الطريق كشفت ( تشو يينغ ) القناع عن نفسها ، وأخبرت صديقها بحقيقتها ، وحبها له وإتفقا على حضور ( ليانغ ) الفقير مع والده لزيارة أهلها الأثرياء بهدف الزواج . مرت الأيام ، ولم يستطع الشاب ( ليانغ ) توفير أجرة الطريق الى قرية حبيبته . والفتاة لم تفشي سرها بإنتظار حضور حبيبها ... بيد أن والدها الثري الذي لم يعرف بقصة الحب هذه ، زوجها الى إبن حاكم قريب في بلدة مجاورة . اخيراً وصل الشاب الفقير ( ليانغ ) مع والده الى قصر حبيبته ، بعد أيام على زواج " تشويينغ تاي " وهناك عرف ما حدث ، حيث أخبرته ( تشو ) . لكن الفقر كان السبب . أقسما على الموت معاً والدفن في قبر واحد . عاد ( ليانغ ) الى قريته حزيناً ، مريضاً ثم مات من الأسى والوجد . ودفن في بلدة ( جو لونغ شوي ) . علمت " تشو " بالخبر فقررت زيارة القبر. وعند وصولها قبر ليانغ هبت رياح عاتية ، وأمطار غزيرة ، وبرق أعقبه رعد هائل من ( إلإله ) أسفر عن شق القبر. فقفزت ( تشويينغ تاي ) الى فتحة القبر ودفنت مع حبيبها كما أقسما على ذلك . وفي تلك اللحظة توقفت العاصفة فجأة ، وإنبثق في الأفق قوس قزح جميل ، وتحولت روح الحبيبين الى فراشتين جميلتين خرجتا من القبر. فقد تعهد ( الإله ) بجمع من فرقهم المنشأ الإجتماعي . تحولت القصة في الأدب الصيني الى أحدى الملاحم الأدبية التي تمجد الحب بإبداعها الشعري الرومانسي . المرأة هذه الإنسانة الرائعة ، هي آية الله الكبرى ، كيف يمكن حرمانها من الحب وتقرير ما تريد ، فيما نطالبها بمنح حبها وحنانها لعائلتها . أو كيف لها أن تقتنع بمحبة زوجها الذي يتنقل برأسة بين عدد من الوسائد البشرية . ترى هذا المزواج أو المتعدد الزوجات هل يعرف معنى الحب ..؟ كل شئ في العالم يتطور خاصة في مجال حقوق الإنسان الإجتماعية . العالم يسير بينما نحن في بلادنا جالسون . الزعيم جالس في مكانه ، ورجل الأمن جالس في مكانه ، والجمجمة الفارغة جالسة في مكانها .. ورجل الدين جالس فوق الزمن ، والزمن جالس فوق الزمن ، حتى فنجان القهوة جالس في مكانه . ترى هل يعرف أحدهم معنى الزمن ..؟ أو قيمة الوردة حتى البيضاء وليس فقط الحمراء . أيام حكم الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ، كانت الناس تتمشى في شارع الحبيب الرئيسي ، عصر كل يوم تزين صدرها ( فلة) وهي وردة بيضاء ذات رائحة جميلة ، حتى الرئيس نفسه . في زمن لاحق يقال أن الورد تحول الى مستحاثات من عصر مضى . في بلادنا كل شئ جائز " بابلو نيرودا " شاعر الفقراء والحب والورد له هذه المقتطفات ننقلها بتصرف " إن مت فجأة .. فلن أكف عن الغناء مياه راكدة أريد أن أقفز الى الماء لأسقط في السماء . أحب الحب الذي يتقاسم بالقبل في السرير والخبز . حب كإله يقترب حب كإله يمضي .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جلسة تحضير أرواح / في قرية (بريفزا) ..؟
-
العودة من المستقبل الى / عصر نهاية الديانات ..؟
-
في حفلة زيزي حتى القطط والكلاب/ تعلمت معنى المساواة..؟
-
دعوة الى صديقي الكلب المحترم / لحضور حفلة عيد ميلاد..؟
-
خمرُُ في الجنة .. وشاي في الدنيا للمؤمنين..؟
-
قبطي يولم في رمضان / ومسلم يحتفل بعيد الميلاد ..؟
-
ثقافة الغريزة الجنسية في الجنة ..؟
-
مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث
-
هل الجلد والرجم والقتل هي قوانين ( إلهية )
-
هولوكست التاريخ / ج4 سفر التكوين والخلق في الأسطورة المصرية
...
-
هولوكست التاريخ ..أنبياء أم قادة سياسيون ..؟
-
هولوكست التاريخ / إعادة قراءة لإسطورة الخلق والتكوين ومصادر
...
-
هل أدم هو الأسم الحقيقي للإنسان الأول ..؟
-
طرقت الباب ... ( حتى ) كل متني ..؟
-
الحوار المتمدن و تجديد الخطاب العقلي
-
الله .. المزوج .. وجبريل الشاهد ..؟
-
إختراع صيني جديد ... خروف برأسين ..؟
-
لا حضارة بدون نساء.. ولا ديمقراطية بلا تعددية/ ولا ثقافة بلا
...
-
عندما يحمل( النبي ) سيفاً .. يحمل أتباعه سيوفاً
-
ينتحر العقل عندما يتوقف النقد
المزيد.....
-
بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر
...
-
هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي
...
-
“لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع
...
-
شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
-
“800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم
...
-
البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
-
مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة
...
-
“سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف
...
-
إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى
...
-
هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|