أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فيصل البيطار - التاريخ السري للكيلوت















المزيد.....

التاريخ السري للكيلوت


فيصل البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 16:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دخلت الشابه نائله بنت الفرافصه لأول مره على زوجها الكهل عثمان بن عفان قادمه من سماوة بني كلب في العراق، كان جالس على فراشه وعيناه تجولان في انحاء جسدها طالب منها أن تنزع عنها ملابسها قطعة من بعد قطعه وهو يسميها لها، ولما إنتهت إلى آخر قطعه قالت : هذه لك .... أي هو من يقوم بنزعها لا هي .

القطعه الأخيره كانت تسمى الإزار، وهي آخر ثوب ترديه المرأه ويلامس جسدها تماما، ويطلق عليه في بلاد الشام تسمية " الشلحه " ربما لأنها أخر ما تشلحه المرأه قبل أن تتعرى تماما، وفي العراق يُسمى " أتك " وهي كلمه تركيه تعني ذيل، والكنايه هنا واضحه، هي ذيل ملابس المرأه أي آخرها، وهم الآن يسمونها كومبيليزون .

لم تكن نائله ترتدي قطعه أخرى أسفل إزارها ذاك، والسبب في هذا أنها لم تكن تعرفها في سماوة العراق، كما لم يكن يعرفها عرب الحجاز والجزيره، نساء ورجالا، تلك التي نسميها في الشام والعراق " لباس " وفي الجزيره سروال ثم شروال في بلاد الشام للرجال وله شكله الخاص الملائم للحركه في طبيعتهم الجبليه، وبتنا الآن نطلق على تلك القطعه تسميات أجنبيه .. أندر وير وكيلوت .

إكتشاف عرب الجزيره لهذه القطعه من الملابس لم يكن ضروريا، ولا تفرضه الحاجه للتعامل مع تفاصيل الحياه وما طرأ من تطور على أنماط المعيشه عندهم قبل الغزوات الخطابيه، في الجزيره لم يكن الحصان وعشيرته معروفين على نطاق واسع ولم يعرفه العرب بهذا الإنتشار إلا مع إستعمارهم للعراق وبلاد الشام ومصر، الجمل هو الذي كان معروف كواسطه للإنتقال في الترحال والتجاره والحروب، ويركبه العربي ورجليه الإثنتان بإتجاه واحد وليس كما يمتطي الحصان حيث تكون كل رِجل على جنب من جنبيه . من هذا نفهم، أن العربي الذي يرتدي ثوبه " الدشداشه " لم يكن بحاجه للباس الداخلي وهو على ظهر بعيره، بينما يصعب عليه إمتطاء الحصان بدشداشته بدونه، لما يسببه الإحتكاك من أذى للراكب . وعليه فنحن نرجح معرفة الشعوب التي تستعمل الحصان وأقرباءه للباسٍ داخلي خاص يجنب الراكب آلام الإحتكاك والمضاعفات التي تنشأ عنه ولكلا الجنسين معا، ولم يكن لعرب الجزيره من حاجة له يستدعي شيوعه، إذ لم يعرفوه إلا بعد مغادرتهم الجزيره وتخليهم عن الجمال في مستعمراتهم الجديده، وتُظهر لنا لوحات الواسطي الذي عاش في القرن السابع الهجري، رجال يمتطون أحصنتهم حاسرين دشاديشهم واسفلها لباسهم، كما يظهر هذا في حالتهم وقوفا .

لم يكن لباسهم الداخلي في شكله كما هو معروف اليوم، كان عبارة عن لباس فضفاض يبدأ من أسفل البطن لينتهي عند أعلى كل قدم، ويُربط من الأعلى بقطعة من القماش او الحبل أطلقوا عليها تسمية " تِكه " إستحدثوا لها لاحقا قناة خاصه بها، هذا اللباس مازال شائع حتى الآن لكل من يرتدي الدشداشه بعد أن حل المطاط بدلا عن التكه القطنيه، ويرتديه أيضا سلفيوا المسلمون دون أن يعلموا أنه لم يكن زيا عربيا ولا إسلاميا من أصله، وفي أرياف فلسطين وسوريا ولبنان كان يأخذ شكلا خاصا به، إذ يتميز بذيله الفضفاض الذي يمكّن من يرتديه من حرية الجلوس متربعا، وحرية الحركه عند العمل في حقله وعند إعتلاء أشجاره وفي صعوده جباله وهبوطه وديانه، ويكون في غالب الأحيان ذو لون اسود يعقده من الأعلى بقطعة من الحبل القطني، ولا يرتدي الشامي فوقه أي قطعه أيام الصيف، أما تحته فلا من قطعة أخرى ، ويمكن أن نرى هذا اللباس الذي إنقرض منذ زمن في مسرحيات فيروز وصباح يردتيه وديع الصافي والراحلين نصري شمس الدين وفيلمون وهبي، كما نراه في حلقات الدبكه الفلسطينيه التراثيه، وآخر ما شاهدته كان في بلدات جبل الدروز خصوصا في راشيا ويرتديه كبار السن فقط، أما المرأه فلها سروالها أيضا الذي يجب أن ترتديه أسفل ثوبها الفلاحي المطرز، وهو يبدأ كما شروال الرجل من أسفل البطن وحتى بداية القدمين وغالبا ما يكون من القماش الأبيض الخفيف ولا ترتدي شيئا أسفله، وهو أيضا ما نراه في حلقات الدبكه الفلسطينيه واللبنانيه ومسرحيات التراث ورقصة السماح الحلبيه .

لباس المرأه هذا هو الذي كانت ترتديه نساء وجواري القصور الأمويه والعباسيه وحتى ما بعد الحقبه العثمانيه وهو المعقود من الأعلى بالِتكه ولا من شيئ تحته، نستدل على هذا من بعض الرسومات التي وصلتنا خصوصا لمستشرقي الحقبه العثمانيه، ومن قصص ألف ليله وليله وكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني وتلك التي تعبق برائحة الجنس الفاضح مثل كتاب رجوع الشيخ إلى صباه لأحمد بن سليمان وغيره من كتب الجنس العربيه، ولم ينقطع إرتدائه حتى فتره متأخره .

الأحفورات الفرعونيه الجداريه وكذا بعض تماثيلهم، وأيضا التماثيل الرومانيه واليونانيه ومنها لبعض المحاربين، تعلمنا أن هؤلاء الأقوام قد عرفوا ملابس لما فوق الركبه، ومع إستعمالهم للأحصنه والحمير والبغال كواسطه للتنقل تتولد لنا القناعه من أنهم قد عرفوا لباسا داخليا رقيقا وناعما لا يبان له اثر من فوق ملابسهم القصيره تلك، حفاظا على أجسادهم من الإحتكاك وأيضا كستر لهم مع تلك الملابس، اما أقوام غرب آسيا فلربما عرفوا نوعا آخر كذاك الذي إرتداه الزعيم الهندي المهاتما غاندي ومصارعي الساموراي في اليابان، وهي عباره عن قطعه طويله من القماش تلف أعلى الفخذين وما بينهما لتربط على الخصر . لكن ماهو شائع لديهم عند النساء وخصوصا في شبه القاره الهنديه، هو ذاك اللباس الذي يصل حتى القدمين كالذي عرفته نساء بلاد الشام لكن بألوان متعدده زاهيه .

ظل هذا اللباس بلونه الأبيض شائع لدى نساء الشرق الأوسط حتى فترة متأخره من القرن العشرين، وإن كان قد إنقرض على فترات بدءا بالمدينه أولا، ليشمل لاحقا قرى الريف ومدنه الصغيره، وهو نفسه الذي عرفته نساء أوروبا أيضا في القرون الوسطى ونساء أمريكا حتى إكتشاف النايلون وتطبيقاته الصناعيه في الجوارب النسائيه وملابس المرأه الداخليه بشكل عام، وتخبرنا اللوحات الزيتيه لتلك القرون أن المرأه الأوربيه كانت ترتدي ذلك اللباس الطويل والمصنوع من القطن حتى القرن العشرين،وهو ما تخبرنا به أيضا خزائن ملابس الملكات الأوربيات التي وصلت إلينا وتحتوي على نفس هذا اللباس القطني الطويل كما هو الحال مع ملكة بريطانيا فيكتوريا المتوفيه عام 1901 . لكن نفس اللوحات تقول شيئ آخر مع لباس الرجال، يرتدي رجال القرون الوسطى الأوروبيين بناطيلا ضيقه ومشدوده بإحكام على الجسد حتى لتظهر منها الأعضاء الذكوريه بشكل واضح، ودون أن يكون هناك لباس داخلي وإلا لكان قد ظهر بعض من ملامحها مع هذا البنطال الملتصق بالجسد تماما، بالطبع لا يشعر الرجل هنا بالحرج طالما أن هذا الزي يقع ضمن خانة العادات المقبوله إجتماعيا، لكنهم عرفوا لاحقا سروالا داخليا قطنيا كاملا يبدأ من الرقبه وينتهي أعلى القدمين ومغطيا الذراعين، وهو الذي يرتديه الرجل أيام البرد، وكان هذا اللباس واحده من القطع التي توزعها الدول الأوروبيه على جنود جيوشها ضمن ملابسه العسكريه الأخرى، شاع هذا النوع في جيوش بلداننا أيضا وأصبح يباع في الأسواق حتى فترة متأخره .

إكتشاف النايلون عام 1938 في أمريكا أحدث ثوره حقيقيه في ملابس المرأه الداخليه والحياه الجنسيه لكلا الزوجين، البدايه كانت مع الجوارب النايلونيه المربوطه من الأعلى بمشابك خاصه، ولم تبقى إمرأه في ذلك العصر لم ترتدي الجوربين المصنوعين من النايلون والتباهي بهما بألوانهما المختلفه، لكن إكتشاف النايلون طرح جانبا تلك السراويل الطويله ليحل مكانها لباس داخلي صغير بألوان وأشكال جذابه للرجل لم يتوقف تطوره شكلا حتى الآن، كما شملت ثورته ملابس السباحه لكلا الجنسين، وقدم تصور للباس الرجل شبيه بلباس المرأه الجديد مع الإبقاء على مادته القطنيه .

العروس السوريه تُخرج في جهازها بدلة رقص، وكل عروس في بلادنا تُجهز نفسها إستعدادا لتلك الليله وما يليها بعدة أطقم من الملابس الداخليه المثيره للرجل وكماً ليس بالقليل من تلك القطعه بأشكال وألوان متعدده، وفي أسواقنا نجدها تعرض في واجهة المحلات المتخصصه في بيعها وتدخل الفتاه للإختيار والشراء وأحيانا للقياس دون حرج ..... رغم أن البائع يكون من جنس الرجال ولا أفهم كيف !!!! . حركة حماس في قطاع غزه منعت عرض تلك الملابس في واجهة المحال كما أمرت من يعرض الأزياء الخارجيه على " مانيكان " بتغطية رأسها بحجاب أو بكيس ضمن حملتها في أسلمة المجتمع الغزي، ولا يتورع البعض من نشر تلك الملابس الداخليه على حبال الغسيل الباديه للعيان في بعض المناطق الفقيره غالبا .

اللباس الداخلي الصغير للمرأه، له ضروره في أيام من الشهر معدوده، ولي تخمين خاص في كيفية تعامل المرأه مع تلك الأيام قبل أكتشافه وعندما كانت ترتدي السروال الفضفاض الطويل، بعض الرجال يهملون الآن إرتداء اللباس الداخلي خصوصا مع بنطال سميك من الجينز أو الكتان، وأيضا ينحو نحوهم كثير من النساء في غير تلك الأيام .....

البعض من فناناتنا لا يجدون الآن أي حرج من إظهار لباسهم الداخلي في حفلاتهم الغنائيه وكليباتهم المصوره، وأناقته أصبحت جزء من أناقة الفنانه وإطلالتها الفنيه .

ورحم الله عثمان بن عفان .... تزوج وهو في الثمانين من فتاة في السادسة عشره من عمرها دون لباس .

سلام .



#فيصل_البيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خليل خوري وسياسة التضليل القومي (5)
- خليل خوري وسياسة التضليل القومي (4)
- خليل خوري وسياسة التضليل القومي (3)
- شاربيّ ... من وحي سيدي القائد .
- خليل خوري وسياسة التضليل القومي (2)
- خليل خوري وسياسة التضليل القومي (1)
- نقد الدين أم صراع الأديان ؟
- على هامش الغناء للزعماء ...
- مهنة التحريض في عراق اليوم
- القرامطه ... إشتراكيه مبكره
- أيام في كوردستان العراق ...
- في الصراع الإسلامي - المسيحي
- بعض إشكاليات وتطبيقات الفقه الاسلامي ( 6 )
- أيام في بغداد ....
- جوله مع الاسماء ....
- الوعي المسلوب ...
- بعض إشكاليات وتطبيقات الفقه الاسلامي ( 5 )
- بعض إشكاليات وتطبيقات الفقه الاسلامي ( 4 )
- بعض إشكاليات وتطبيقات الفقه الاسلامي (3 )
- إيران تستعجل قدرها .


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فيصل البيطار - التاريخ السري للكيلوت