|
البرد وعلي الشرقي والإنتخابات
محمد سعيد الصگار
الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 19:35
المحور:
الادب والفن
درجة الحرارة في پاريس 11 تحت الصفر. كل شيء متجمد، والحالوب متواصل، حالوب ليس كحالوبنا الشفاف، إنما هو أبيض، عميق البياض، يتكدس على بعضه ولا يذوب مثل نديف الثلج المألوف، أجّلت بسببه الذهاب إلى مركز تحليل الدم، حيث أودعتُ لديه كمية من دمي ليفحص مقدار حلاوته، وعدت إلى البيت وأنا أرتدي كل ما يحمله جسمي من ثياب وبلوزات ومعاطف خارحية وداخلية، ولم أستطع الوصول إلى المركز، وهو على مرمى كرة من شبابنا.
في الطريق المتجمد، انتبهتُ إلى أن كل أمورنا الآن متجمدة في انتظار الإنتخابات، قلت هذا مدخل مناسب لمقالي الجديد.
لا يراودني الشك في كون ثلاجات الكثير من كتاب الأعمدة والتعليقات تغص بالمقالات المجمدة والمرصودة لما يستجد من أحداث، ويتألق من وجوه، بِشراً بالنجاح، أوخيبةً في الآمال، لينتقيَ منها زميلي الكاتب ما يستبق به الحالتين، على أساس القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود.
ولكن البائت والمجمّد من الأفكار والتعليقات لا يكون له طعم المشوي على النار، وانتظار ما يخرج من تنّور الإنتخابات لا يعرف طعمَه إلا من ذاق احتراقَ الأعصاب، يوم كانت هناك أعصاب يمكن أن تحترق !
فإذا فار التنّور، وانقلبت الأمور، وذاب المتجمد من السطور، سارع كتّاب المجمدات إلى تفحّص ما بين السطور، والتقطوا لنا نصّاً من هنا، وتصريحاً من هناك وجاءونا بما لم يُزل الله به من سلطان.
وتلك محنة لا يد لنا فيها، ولا قدرة على تفاديها. ولم يبقَ لنا غير حكم الضمير، والبصيرة التي ورثناها من تاريخنا النضالي عبر العقود من المرارة والإنتظار المتواصل من يوم ما خُلقنا إلى ما شاء الله.
ولكن هذه المجمّدات المرصودة للملمّات لا تبعث على الإعتزاز، ولا توحي بأن أصحابها موضع ثقة، بقدر ما توحي بكونهم يركضون وراء الفوائد الآنية، وهي ظاهرة نشطت في أيامنا، وموّهت علينا الكثير من الحقائق، وجعلتنا نتوجس من دلالاتها ومراميها.
ثلاجات الأفكار قد تفسد ما في الثلاجة، مثلما تفسد من قوت ومن مؤونة، وإذا كان من الممكن قياس صلاحية القوت والمؤونة بما يشار إليه عادة على غلاف العلبة، فالأمر ليس كذلك بالنسبة للأفكار البائتة، فلننتبه إلى الطازج النافع منها، ونفرز الناضج من الفجّ، ونتذكر قول شاعرنا الكبير علي الشرقي:
ذممتُ التعصّبَ من قبل ذا وها أنا في ذمــــّه لاهـــــجُ دعــــونا نوسّــــع آفاقــــــنا ليقـــــــــــبَلنا المزجُ والمازجُ أقول وقد ســـألتني الرفاق أأنتَ على نهــــجنا خارجُ: « أبى الثمر الفجّ عن جذره فصالاً، وينفصل الناضجُ ».
وأختم بما قال هذا الشاعر العراقي الكبير الذي أنصح بالعودة إليه وقراءة ديوانه الذي يضم حال العراق بين غلافيه. إقرأوا معي:
اطّرحوا الهـــــــــمَّ ولا تركسوا في العـتب، بغـداد تملّ العتاب وفّـقتمُ للخــير لا تعطســــــــوا خوفاً على حــرية الإنـــــتخاب يا أيها البيت الذي أسســــوا بوركتَ من بـــيت له ألف باب
ثُمّ :
ما تغـــــــــيّرتِ يا وجوه بلادي فإلامَ الأذقـــــــانُ والأســـــبالُ يا رفاقي هيهات يسـعد شعبٌ طرفاه عمــــــــامةٌ وعقــــــــالُ وإذا الفار والســنانير عاشـــا بوئامٍ لم يُفـــــــلح البقّــــــــالُ قد يُفيد الدلاّلُ إن ضاع شيءٌ ما احتــــيالي والضائعُ الدلاّلُ
قال هذا قبل سبعين عاماً !!
#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إحماض قبل الإنتخابات
-
ايمان صبيح والوعي الرياضي
-
قداس الميلاد في كنيسة الكلدان في
...
-
سيدات محافظة واسط
-
سامي عبد الحميد لا ̷
...
-
خذ قصيدتك وامش ١
-
إنا لله وإنا لهذا العراق
-
مزالق الشيخوخة وفؤاد التكرلي
-
نعمة الملل
-
آفاق الكتابة
-
محمد شرارة الشجرة الوارفة
-
مجسّات القلم
-
رجلان ... أي رجلين!
-
يوسف العاني يلاطف حيرتي
-
اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
-
أهي عناوين وهمية ؟
-
ليس براءة ذمّة
-
تحية إلى قمر البصرة
-
بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
-
أهذا هو الوفاء؟
المزيد.....
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|