أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب الخنيزي - الأصولية الأمريكية -الجذور والمكونات















المزيد.....

الأصولية الأمريكية -الجذور والمكونات


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2922 - 2010 / 2 / 19 - 23:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأصولية الأمريكية -الجذور والمكونات
«كل المخلوقات على ظهر البسيطة تتقاسم الهواء ذاته : الحيوانات، الأشجار.. والإنسان لكن الرجل الأبيض يبدو انه لا يشعر بالهواء الذي يستنشقه.. انه كإنسان في حشرجة منذ أيام عديدة.. الرجل الأبيض يعاني بطنه من التعفن..لقد عاين أطفالنا آباءهم وهم يهانون عقب الهزيمة، وعاينوا هوانهم بعد الهزيمة، لقد اغرقوا الهنود في رذيلة الخمول واوهنوا أجسادهم بغذاء حلو المذاق ومشروبات كحولية.. لا يهم كثيرا كيف يمكن أن تكون نهاية أيامنا، إنها معدودة، لكن هناك شيء واحد نعرفه ويمكن للرجل الأبيض أن يكتشفه، في يوم ما، هو أن إلهنا في هذا الوجود هو اله واحد» من خطاب زعيم الهنود الحمر سياتل إلى الأمة الأمريكية اثر المعاهدة التي أبرمت عام 1885 بين حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والهنود الحمر.
المتتبع لمواقف وتصريحات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش يلحظ كثرة الاستشهادات والعبارات الدينية، والمنزع الأيدلوجي المحافظ، في تناوله لمختلف القضايا والشؤون الداخلية والدولية، والتي هي تعبيرا عن التحالف والتشابك في المواقف والمصالح الذي يجمع بين ما بات يعرف بالمحافظين والمسيحيين الجدد من المنتمين إلى المسيحية الانجيلكانية . قد يتبادر إلى الذهن أن هذه النزعة الدينية والأيدلوجية المتطرفة هي أمر طارئ في الحياة السياسية والاجتماعية الأمريكية، وان المجتمع الأمريكي العريق في ليبراليته وبرجماتيته، سرعان ما سيتجاوز هذه المرحلة الحرجة من انتعاش الأصولية الأمريكية، وتصدرها قمة القرار الأمريكي. غير أن الوقائع والشواهد لمسار نشوء وتشكل الأمة الأمريكية، تؤكد أن الأصولية المسيحية كانت على الدوام حاضرة وقوية ومؤثرة منذ أن ارتبطت مع المهاجرين البيض الأوروبيين إلى العالم الجديد (انجلترا الجديدة) والذين كانوا مسكونين بإيمان ويقين أنهم يجسدون أمراً إلهياً وإنهم من لدن الله (الأطهار) وكان مرجعهم المطلق هو التوراة، وان الشعب الجديد هو " شعب الله " وبالتالي فان كل مخالف لنموذجهم هو عدو الله وانه لا شيء يحدث بدون مشيئة الله أو بفعل الشيطان، ومن هذه الزاوية هناك أوجه تشابه وتماثل بين تشكل الولايات المتحدة الأمريكية، وبين قيام دولة إسرائيل. وفي الواقع فان موجات المهاجرين الأوائل هم من أسسوا وشكلوا ملامح الايدلوجيا الأمريكية، التي تقوم على أن الدولة الجديدة هي من اختيار الرب،
وبالتالي فأمام شعب الله المختار رسالة كونية في بعث الإيمان لدى الكفار والبرابرة، الذين (للأسف) هم سكان البلاد الأصليين. ماذا يقول المهاجرون الأوائل الذين وقعوا في اسر هؤلاء الأوباش (الهنود الأمريكيين) وتم إطلاقهم دون إن يمسوا بسوء. كتب جون سميث الذي رسا في فيرجينيا سنة 1606 وأسره الهنود ثم أطلق سراحه « إن الله القدير قد رقق هؤلاء البرابرة الغلاظ فجعلهم أهل مرحمة» أما ماري رولادسون أسيرة الهنود بين 10 / 2 / 1676 و2/ 5 / 1676 فقد كتبت « العويل والأغاني والرقصات والصيحات التي كان يطلقها هؤلاء الخلق ليلا فيجعلون هذا المكان نظيرا للجحيم» أما كون ماذر وهو أسير آخر فقد أشار إلى «أن الهنود الذين يقودهم إبليس، كانوا قد قدموا إلى هنا لكي يمنعوا الاناجيل من تدمير سلطانهم المطلق عليهم» بالطبع جرى تجاهل أن الهنود كان لهم حضارة وثقافة وأدب شفهي من أساطير وخرافة ولهم علومهم في الطب ومعارفهم الفلكية، وتختصر اليزا ماريا تستراس في كتابها الرئيس حول الأساطير الأمريكية التأسيسية، المواقف الاساسية الأربعة للبيض تجاه الهنود على النحو التالي:
أولاً: الهنود هم سيئون بالطبيعة وهم أولياء الشيطان وان المطلوب هو إلغاؤهم بكل بساطة.
ثانياً: يرى البيض أن للمزارعين (البيض) حق السيادة بالضرورة على الصيادين من الهنود.
ثالثاً: التاريخ حسب التصور المسيحي وحيد الخط ومنطو على تطور ثابت نحو مزيد من الحضارة ومن الواضح أن الهنود لا يزالون في طور بدائي وتاليا دون هذا التطور.
رابعاً: وهو أكثر براجماتيكية فالهنود يعيشون على ارض يحتاج البيض إليها وليس في واردهم الملك المشترك فما على الهندي سوى الرحيل أو الزوال. وهكذا تناقص عددهم إلى 600 ألف نسمة عشية الاستقلال الأمريكي (1776) ثم تقلص عددهم إلى 220 ألف نسمة1910، و كانوا يعيشون في محميات (عوازل) كالحيوانات، ولم يتسن حصولهم على الجنسية الأمريكية سوى في 1924، وذات القصة تكررت مع السود، الذين جلبوا وتم اصطيادهم من إفريقيا كالحيوانات، واستعبدوا واعتبروا مجرد أدوات ومتاع حتى منتصف القرن التاسع عشر، بفضل تفاعل وغلبة النزعة الإنسانية المسيحية والأيدلوجية الليبرالية التي عبر عنها الرئيس أبراهام لينكولن، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية (1860- 1865) بين الشمال والجنوب والتي أسفرت عن هزيمة الجنوب وتم الإلغاء القانوني للرق، غير أن سياسة التميز العنصري ضد السود استمرت على المستويات السياسية والاجتماعية والتشريعية، حتى بداية الستينات بفضل الحركة المدنية للزنوج المناهضة للعنصرية التي قادها مارتن لوثر كينج الذي اغتيل لاحقا على يد عنصري أمريكي ابيض. الأصولية ارتبطت منذ البداية بالتاريخ الأمريكي ففي خطابه الافتتاحي تحدث جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية قائلا « ما من شعب مدعو أكثر من شعب الولايات المتحدة إلى شكر الله وعبادة اليد الخفية التي تقود أمور الناس فكل خطوة جعلتهم يتقدمون على طريق الاستقلال الوطني تبدو موسومة بسمة التدخل الإلهي» ومن المعروف أن عبارة اليد الخفية تعود إلى الاقتصادي الرأسمالي الكبير ادم سميث والمقصود بهذه العبارة هي قوانين وقوى السوق، التي تمثل الروشتة السحرية للاقتصاد الرأسمالي منذ قيامه وحتى الآن . اليد الخفية هي الوجه الآخر للأصولية الأمريكية.
يعود أقدم تداول لمصطلح الأصولية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى عام 1920 حين عرف رئيس تحرير مجلة نيويورك وتشمان في افتتاحية عدد يوليو الأصوليين «أنهم أولئك الذين يناضلون بإخلاص من اجل الأصول» غير انه بين عامي 1909 – 1915 ظهرت سلسلة كتيبات بعنوان «الأصول» بلغ عددها اثني عشر كتيبا، وبلغ توزيعها بالمجان ثلاثة ملايين نسخة، أرسلت إلى القساوسة والمبشرين، واللاهوتيين ومدارس اللاهوت، وسكرتيري جمعيات الشبان والشابات المسيحيين، وقد تضمنت هذه الكتيبات أصول الإيمان، مثل حقيقة جهنم والمجيء الثاني للمسيح، ومهاجمة المدرسة النقدية التاريخية للإنجيل، ونقد النظريات العلمية وبالأخص الداروينية المهددة لقصة الخلق كما وردت في سفر التكوين. وفي تصوري انه في ظل غياب المكونات والمقومات المعروفة للقومية في عصر نهوض القوميات في أوروبا، لم يكن أمام المهاجرين (الأوروبيين) من المنحدرات العرقية والطائفية واللغوية المختلفة سوى البحث عن رابطة جديدة تشكل الوعاء والإطار التكويني البديل من هنا نجد عنفوان النزعة الدينية الأصولية و«الرسولية» القوية لدى المؤسسين والمهاجرين الأوائل، وحافظت على زخمها الأيدلوجي حتى قبيل الحرب العالمية الأولى حيث شهدت الفترة التاريخية ما بين الحربين الأولى والثانية تراجعا ملحوظا في قوة التيارات الأصولية التي امتزجت فيها العناصر الدينية والأخلاقية والسياسية.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية الكاثوليكية.. الموقف من الحداثة ولاهوت التحرير
- الأصوليات الغربية..الأصولية الكاثوليكية
- الدولة العربية والمسألة الطائفية
- الدولة العربية ومستقبل المشروع القومي
- الدولة العربية الحديثة وأسئلة النهضة
- إشكالية نشوء الدولة العربية - الحديثة -
- الدولة وسياق العولمة
- هل يخرج العرب من التاريخ ؟
- هل يصلح أوباما ما أفسده بوش؟ ( 6 )
- باراك أوباما والتركة الداخلية الثقيلة ( 5 )
- هل ينجح أوباما في إستعادة - الحلم الأمريكي - ؟ 4
- تحت شعار «التغيير».. انتصار كاسح لباراك أوباما ( 3 )
- ظاهرة أوباما في المشهد الأمريكي ( 2 )
- ظاهرة أوباما تعبير عن أزمة أم مؤشر للتغيير ؟ ( 1)
- الميزانية والميزان 3
- الميزانية والميزان 2
- الميزانية والميزان «1»
- الذكرى الأولى لرحيل المفكر والمناضل المصري الكبير محمود أمين ...
- ظاهرة الصالونات الأدبية الثقافية وتصدّر القبيلة والطائفة
- لايزال يحدونا الأمل.. برجوعك ياأبا أمل


المزيد.....




- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب الخنيزي - الأصولية الأمريكية -الجذور والمكونات