أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - سوطٌ آخر من الذاكرة














المزيد.....

سوطٌ آخر من الذاكرة


طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 2922 - 2010 / 2 / 19 - 19:25
المحور: الادب والفن
    




طريق إلى تدمر..مقالة أخرى للمعتقل السياسي ياسين الحاج صالح..
ياسين كان معتقلا قبل أن يكون أستاذاً ...
في المساحة التي يحاول بها أحدنا تقديم صورة عامة عن الحالة التي طبعت ذاكرة وطن اسمه سورية تخفق الصورة العامة وتحضر التفاصيل..
كنا مجموعة من المعتقلين السياسيين الذين أحضرتهم الشرطة العسكرية من سجون متناثرة في تفاصيل الوطن ..السابق..بغية إطلاق سراحهم..
كان ذلك في 16 11 2000
مجموعة تنتمي إلى تيارات سياسية وحقوقية متنوعة تدل فيما تدل على تنوع الساحتين السياسية والحقوقية في سورية ..
مجموعة وحّدها الاعتقال وصقلها وجمعتها العذابات والجروح ..
أخفقت فيما بعد بإيجاد عمل يأويني ,وقد كانت فترة سجني السياسية عارضاً دائماً أمام منحي فرصة عمل..
كان جميع من ذهبت إليه أطلب العمل يخاف على نفسه " وما بدو وجعة هالراس.."
كنت في مكتب أطلب عمل بعد سلسلة من الخيبات الطويلة, حين دخل ثلاثة شباب عرفت أولهم وميّزت أن الآخرين أخوان..
لقد كان سجان في سجن صيدنايا..وجدني أحدق في تقاسيمه أكثر من مرة, ثم مثل الصفعة, ارتجف وقال :
ـ حمداً لله على السلامة..! متى خرجت..؟ هل بقي أحد هناك ؟؟
في لحظات عرف كل الموجودين أني كنت معتقل في صيدنايا ..وقد أثار ذلك سخطاً عند البعض وسخرية عند البعض الآخر, ولامبالاة عند الكثيرين..
ثم وصل خبر اعتقالي إلى صاحب العمل ومن جديد فقدت فرصتي بالعمل لكني بقيت جالساً فليس لدي ما أفعله ..!!
سألني أحد الأخوين عن طرق التعذيب وأجبته, ثم أشار إلى سجاني في صيدنايا وقال:
ـ هل عذبك..و غمز بعينه...
قلت : لا .. لم يفعل..
قال : هل تعرف من عذّبك ؟؟
قلت : نعم أعرفهم ..
قال : كيف تعرفهم ؟ ألم يعصبون أعينكم ؟ ألم تكونوا طوال الفترة تحنون رؤوسكم للأسفل؟! ثم ألم تكن فترة السجن الطويلة كافية لتنسوا تفاصيل كل شيء ؟!
قلت له:
بعد أكثر من سبع سنين بقليل قضيتها متنقلاً بين فروع الأمن والسجون, عدت مع مجموعة من رفاقي إلى فرع فلسطين, هناك دخلنا إلى غرف التحقيق في الطابق الاول بجوار مكتب مدير السجن .
بعد ساعات من ذلك .. دخل مساعد إلى هناك وقال :
ـ أهلين شباب ..
تأملته جيداً, لقد كان نفس الصوت ..
لم اسمع هذا الصوت منذ سبع سنين, لم أفكر فيمن يكون..
نظرت إليه من أخمص قدميه إلى فوهة رأسه..الآن فقط رأيت وجهه !!
لقد كان أحد الذين أشرفوا على تعذيبي...
قال: هل يعرفني أحد منكم ..؟؟
قلت. نعم أنا أعرفك..
قال: من أكون ؟ ما هو اسمي ؟؟
قلت : .."وذكرت اسماً.."
قال : لا لا غير صحيح ..هذا ليس اسمي..
قلت : ربما ليس اسمك ..ولكنه الاسم الذي كان زملاؤك ينادونك به فترة التعذيب..
ابتسم , وهز رأسه, وخرج ..
لقد ارتسمت نفس نظرة ذلك المساعد على وجهي الأخوين, لقد قطفت ذلك ..
بعد فترة صمت ربما كانت طويلة ... قال أحد الأخوين وكأنه يحدث نفسه:
ـ سبع سنين ..لم تراه..لم تحدثه ..لا تعرف عنه شيئاً..
ثم قال أخوه:
ـ وإذا عرفته ..وإذا عرفت كل جلاديك ..ماذا ستفعل ..؟
قلت :
الآن لن أفعل شيئاً..وقد لا أفعل شيئاً أبداً..لكني لن أنسى ..
وشاءت مجموعة من الصدف لأعرف أن الأخوين مع مجموعة كبيرة أخرى ممن كانوا جلادين ورقباء في سجن تدمر.. تسكن في نفس المنطقة من العاصمة..
في مناسبة أخرى.. وفي حديث لم يكن ودّياً.. قال لي أحد الأخوين محذراً :
ـ ربما لا تعرفني جيداً..ربما لم تذق طعم " كرابيجي" لكن اسأل رفاقك في تدمر عني..
لقد كان ياسين أحدهم ,وآرام ,و... و.. والكثيرين..
ودائماً تفاجئني ذاكرتي وتعيد لي تفاصيل كثيرة تثير استغرابي وأحياناً كثيرة ألمي ..لكنها رغم كل شيء ..مهمة وفي الحد الأدنى مهمة لي ..
ومازلت أنتظر من ذاكرتي لتعيد لي كل شيء.. كل شيء.. كل شيء....



#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)       Taleb_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتقال بين هلالين
- اللاوطنية تهمة تمس الجميع
- الخطاب الأخوي والواقع التقسيمي
- الثورة المغادرة
- لا مبالاة
- عملية.....إلى عادل إسماعيل
- ثقافة الحذاء..خروج القاذف والمقذوف وبقاء الحذاء
- غرفة في العنبر السفلي غرفة تحقيق بفرع فلسطين المبنى السابق
- الفتات إلى عباس عباس أبوحسين
- المتخفّي إلى أحمد الغريب..!
- عودة التفاصيل - اعتقال من مطار دمشق ثم محكمة أمن الدولة - إل ...
- التهمة المعلّبة -من مذكرات معتقل سياسي علويّ-
- المعارضة القصيرة والباب العالي
- البعد الطائفي للنظام السوري والتسوية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - سوطٌ آخر من الذاكرة