أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب الخنيزي - الأصولية الكاثوليكية.. الموقف من الحداثة ولاهوت التحرير















المزيد.....

الأصولية الكاثوليكية.. الموقف من الحداثة ولاهوت التحرير


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2921 - 2010 / 2 / 18 - 21:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أدخلت الكنيسة ما يسمى بـ«يمين الحداثة» وهو قسم يؤديه رجال الدين وأساتذة اللاهوت والمنتمون إلى الأصولية الكاثوليكية، وكان ينص على إدانة كل ما يتعلق بالحداثة، وقد ظلت الكنيسة متمسكة بهذا القسم حتى مجمع الفاتيكان الثاني (1966) والنزعة الإصلاحية التي سادته، ويعد الفهم الصحيح للكتاب المقدس من النقاط التي شكلت احد محاور الخلاف بين الأصولية والحداثة، فوفقا لتوجهات الكاردينال رانزينجر (البابا الحالي) رئيس «المجمع لأجل عقيدة الإيمان» الذي هو امتداد «لمجمع الكرسي الاعظم» والذي كان يطلق عليه سابقا «مجمع التفتيش الرومي» سيئ الذكر الذي صاغ الخطوط الاساسية حول «التوجه الكنسي للعالم اللاهوتي» في عام 1989 . ووفقا لهذا التوجه فقد جاء الرد حاسما على دعاة النقد التاريخي (الحداثيين) لتفسير الكتاب المقدس حيث أشار الكاردينال «أن القاضي هو بموجب السلطة الممارسة باسم المسيح المفسر الوحيد الشرعي لكلام الله» فالبابا والمطارنة «مناطون بصفات العصمة والقداسة... ويمكن للقاضي إن يعلم الشرائع الأخلاقية بلا خطأ» ويضيف الكاردينال رانزينجر «لقد تمسكت الكنيسة دائما بعدم جواز إكراه أي شخص على اعتناق العقيدة رغما عنه» ويعلق غارودي على هذا القول متسائلا «لماذا لا يذكر الكاردينال (البابا الحالي) محارق اسبانيا ولا محارق الهنود الأمريكيين.. إن العودة إلى الماضي على صعيد الثقافة يعني انبعاث الاستعراقية الغربية في الكنيسة والتعبير عن الإيمان المسيحي في الشكل الغربي وحده» لذا ليس مستغربا أن يجري فصم المسيحية عن جذورها ومكونها الشرقي (فلسطين) ويعاد ربطها بالموروث الأوربي، الروماني والإغريقي، تعبيرا عن المركزية الغربية. وقد جاء في نشرة المكتب السويسري الكاثوليكي للكتاب المقدس عام 1987 «إن الاتجاه الأصولي ينمو ليس فقط في أوساط الجماعات الدينية الخاصة والتي ترى في الكتاب المقدس وعاء يحوي إجابات دائمة الصلاحية، وحتى تنزع جملا من سياقها وتسخر مضمونها لتبرير موقفها الخاص، بينما هي تدعي أنها تفهم الكتاب المقدس فهما حرفيا» الموقف من التراث هو ظاهرة ملازمة للأصولية بجميع أنواعها في كل الديانات ففي خطاب للأسقف الأصولي الكاثوليكي المشهور لوفيفر أعلن تمسكه بالكنيسة القديمة وانتقاده لمجمع الفاتيكان الثاني الذي اتسم بالانفتاح على الحداثة مما دمر في رأيه الكنيسة واللاهوت. وفي 28 يوليو 1928 أنشئت آخية القديس بطرس في إحدى كنائس سويسرا وفي لائحة الآخية جاء النص صراحة بان «الاخية تقبل انضمام القساوسة الذين يريدون خدمة الناس والكنيسة بروح الأسلاف» وتتمثل الأصولية الكاثوليكية في لاهوت الأخلاق حيث تتخذ مواقف قوية فيما يتعلق بمواضيع مثل الزواج الكنسي، والتعميد الديني بعد الولادة، والإجهاض واستخدام موانع الحمل. وقد شبه كارلوكفارا رئيس
المعهد البابوي لشئون الزواج والأسرة كل من يقوم بمنع الحمل بالقتل وحين سئل ولكن حبوب منع الحمل تمنع الإخصاب، ويبدأ مفعولها قبل أن تتكون حياة أو جنين على الإطلاق، وبالتالي قد لا تلاقي هذه التعاليم الصارمة قبولا عند الناس، فكان رد كفارا إن ذلك لا يهمه بالمرة فهو يقول الحق هذا هو الموقف الحقيقي في كل المسائل. ومن أساليب الأصولية الكاثوليكية أنهم يتجمعون ضمن جماعات منظمة تتسم بالعنف والتشدد إزاء الآخرين كما يمارسون ضغوطهم على البابا والقساوسة من خلال العرائض والاحتجاجات وغيرها من الفعاليات.
- أهمية الانشقاق الذي مثله لاهوت التحرير الذي دشن في أمريكا اللاتينية ثم تجلى لاحقا في إفريقيا واسيا تكمن في عدة أمور أساسية أهمها:
أولاً: تمثل أمريكا الجنوبية مركز الثقل بالنسبة لأعداد الكاثوليك في العالم، الذي يصل عددهم الإجمالي ملياراً ومائة مليون نسمة، وتصل نسبتهم في أمريكا اللاتينية إلى 43 % من مجموعهم في العالم، في حين يشكل الكاثوليك الآسيويين 11 %، وفي إفريقيا 13 %، وهذا يعني أن 67 % من الكاثوليك في العالم يعيشون في قارات أمريكا اللاتينية واسيا وإفريقيا، في حين يعيش 33 % في قارات أوربا وأمريكا الشمالية واستراليا، غير أن هناك اختلالا وتباينا خطيرا في تأثير ونفوذ الكنيسة الكاثوليكية الغربية والكنائس المماثلة في بلدان العالم الثالث وفي مقدمتها أمريكا الجنوبية التي تشكل قرابة نصف كاثوليك العالم غير أنه كان منهم 21 كاردينالا مؤهلون لانتخاب البابا من بين 117 كاردينالا، وفي المقابل فان منصب البابا ظل حكرا على الأوربيين.
ثانياً: الدور الهام الذي مثلته الكنيسة الكاثوليكية (التقليدية) في الحفاظ على استقرار الأنظمة الديكتاتورية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، ومصالح الرأسمال والشركات الأجنبية، وخصوصا الاحتكارات الأمريكية التي امتصت ثروات وخيرات القارة الأمريكية الجنوبية لمئات السنين، ولم يكن صدفة أن يطلق على دول أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي جمهوريات الموز، نسبة إلى احتكارات (الشركة الأمريكية المتحدة للفواكه) الولايات المتحدة التي سيطرت على ثروات هذه الدول، وكان في مقدورها تغير الأنظمة والحكومات بإشارة من يدها، ووفقا لمبدأ الرئيس الأمريكي مونرو، أعتبرت أمريكا اللاتينية بمثابة الفناء الخلفي للولايات المتحدة التي رفضت أي تدخل فيها من قبل الضواري الامبرياليين الآخرين وخاصة فرنسا واسبانيا وبريطانيا.
ثالثاً: مثلت قارة أمريكا الجنوبية ساحة صراع ومواجهة متقدمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خصوصا بعد انتصار الثورة الكوبية تحت قيادة فيدل كاسترو (1959) وانحيازها إلى اليسار والمعسكر الاشتراكي، في مرحلة تصاعد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والذي ترافق معها اندلاع حروب العصابات التي قادتها فصائل يسارية في عدد كبير من دول القارة، من اجل إسقاط الأنظمة الديكتاتورية والتحرر من الهيمنة الأمريكية وتحكم واستغلال شركاتها الاحتكارية وتحرير الفلاحين من تسلط وهيمنة الرأسماليين المحليين على معظم الأراضي الزراعية . تاريخيا ، كانت القوى المناهضة للتغيير في أمريكا الجنوبية تتمثل على الدوام في في الثالوث (الأنظمة الديكتاتورية والولايات المتحدة الأمريكية والكنائس المحلية) ومن هنا تكمن أهمية الانشقاق الذي قادته الكنائس القاعدية، ممثلة في القساوسة والرهبان، في إضعاف التأثير الروحي (السلبي) الذي مارسته الكنيسة التقليدية على وعي الجماهير وذلك من خلال تبني مفهوم جديد هو «لاهوت التحرير» أو «لاهوت الفقراء» باعتباره يمثل جوهر وروح المسيحية، وبان المسيح كان فقيرا ومنحازا للفقراء، ومناهضا للظلم والتميز بين البشر، وفي هذا الإطار اعتبرت شخصيات يسارية ثائرة مثل تشي غيفارا بأنه يمثل جوهر رسالة المسيح، وهكذا جرى استبدال البندقية (رمز الثورة والتمرد) بالصليب (رمز الصبر والتضحية والتسليم) والتصالح بين الإنجيل والماركسية وهو ما أثار ردود فعل قوية من قبل الأصولية الكاثوليكية حيث صدر في 4/4/ 1985نص : الحرية المسيحية ولاهوت التحرير لرئيس «مجمع العقيدة والإيمان» الكاردينال ( البابا الحالي ) راتزينجر، وتضمن خطة لمكافحة لاهوت التحرير الذي اعتبر انه يقود مباشرة إلى الإلحاد وقد رد يسوعيان على نص الكاردينال هما الاب سغوندو في كتابه «لاهوت التحرير» (1985) والأب الاكوريا رئيس الجمعية الكاثوليكية في السلفادور والذي اغتيل لاحقا على يد فرق الموت المدربة على يد المخابرات المركزية الأمريكية في مقالته «دراسة لاهوتية – رعوية لمعرفة بعض معالم التحرير» حيث اكدا على جوهر المسيحية والثنائية المتداخلة ما بين الروحي والمادي، بين الديني والدنيوي، بين الخطايا الفردية والخطايا الاجتماعية، مفندين الخلط بين الفقر الارادي - الذي يمكن ان يسمى زهدا - وبين الفقر المعاش، المعانى كقمع، في حين فكك الأب ادولفو مفهوم لاهوت الهيمنة ووصفه بأنه : الذي يستغله مثلا العسكريون الأرجنتينيون لإخضاع الشعب من خلال دراسة استلابية للمسيح بلا رجاء. يتعين على الدين أن يحرر، لا أن يهيمن. في حين أعلن البابا الراحل أثناء زيارته لنيكاراغوا (1996) أن «نظرية لاهوت التحرير فقدت أساس وجودها كون الماركسية قد ماتت». ومع أن معظم حروب العصابات في أمريكا اللاتينية وصلت إلى طريق مسدود أو توقفت بناء على تسويات داخلية، غير أن الواقع اليوم يقول غير ذلك، حيث الصعود الكاسح والمدهش لليسار في عموم القارة (الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية) هو تجسيد ملموس لانتصار قضية لاهوت التحرير، ليس عن طريق الكفاح المسلح، بل من خلال صناديق الاقتراع واللعبة الديمقراطية.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصوليات الغربية..الأصولية الكاثوليكية
- الدولة العربية والمسألة الطائفية
- الدولة العربية ومستقبل المشروع القومي
- الدولة العربية الحديثة وأسئلة النهضة
- إشكالية نشوء الدولة العربية - الحديثة -
- الدولة وسياق العولمة
- هل يخرج العرب من التاريخ ؟
- هل يصلح أوباما ما أفسده بوش؟ ( 6 )
- باراك أوباما والتركة الداخلية الثقيلة ( 5 )
- هل ينجح أوباما في إستعادة - الحلم الأمريكي - ؟ 4
- تحت شعار «التغيير».. انتصار كاسح لباراك أوباما ( 3 )
- ظاهرة أوباما في المشهد الأمريكي ( 2 )
- ظاهرة أوباما تعبير عن أزمة أم مؤشر للتغيير ؟ ( 1)
- الميزانية والميزان 3
- الميزانية والميزان 2
- الميزانية والميزان «1»
- الذكرى الأولى لرحيل المفكر والمناضل المصري الكبير محمود أمين ...
- ظاهرة الصالونات الأدبية الثقافية وتصدّر القبيلة والطائفة
- لايزال يحدونا الأمل.. برجوعك ياأبا أمل
- معوقات قيام مؤسسات المجتمع المدني ( 9 )


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب الخنيزي - الأصولية الكاثوليكية.. الموقف من الحداثة ولاهوت التحرير