|
الجمالية ، خير إسم للعقيدة الإقتصادية التي تحكم مصر
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2921 - 2010 / 2 / 18 - 17:24
المحور:
الادارة و الاقتصاد
عندما رغبت في الكتابة عن الأداء الإقتصادي خلال العقد الأول من القرن الحادي و العشرين ، الذي قاد جيمي مبارك دفته الإقتصادية ، و جدت أن ضرورة الوصف الدقيق تدفعني ، بل تلزمني ، أن أنحت ، أو أن أشتق ، مصطلح جديد تماما ، ليعبر عن العقيدة الإقتصادية التي تحكم الإقتصاد المصري . سبب ذلك إنني لم أجد في كل المصطلحات الإقتصادية المتاحة حاليا ، ما يعبر بدقة ، و أمانة ، عن طبيعة العقيدة الإقتصادية المصرية خلال العقد المنصرم . لقد طفت بين مسميات النظريات الإقتصادية ، و بالتأكيد كان محط إهتمامي ، النظريات الرأسمالية الجديدة ، مثل نظريات فريدمان ، و تطبيقاتها العملية مثل الثاتشرية - المنسوبة إلى السيدة مارجريت ثاتشر ، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة - و ما إلى ذلك من نظريات تنتمي إلى تلك المدرسة . سبق أن قلت في مقالات سابقة ، مثل مقال : لن نقف أمام تكايا آل مبارك ، أن هناك تأثير ثاتشري على السياسة التي يتبناها الأستاذ جيمي ، و لكن هذا التأثير لا يعدو أن يكون تأثير سطحي ، أو قشري ، لا أكثر ، أو لنقل إنها محاولة من جيمي لإلصاق نفسه بنظرية معروفة عالمياً ، لتغطية فساده . فمن دواعي سرور جيمي أن توصف سياسته الإقتصادية بإنها ثاتشرية مصرية ، و لكن بكل تأكيد لن يكون ذلك من دواعي سرور السيدة مارجريت ثاتشر ، لو وصل لعلمها ذلك الإدعاء . إنني برغم إختلاف وجه النظر الإقتصادية التي أتبناها ، في كثير من النقاط الجوهرية ، عن الثاتشرية ، و من تلك النقاط طبيعة الدور الذي يجب أن تلعبه السلطة في حياة الشعب ، و بخاصة في الميادين التعليمية ، و الصحية ، و الإجتماعية ، أجد برغم هذه الإختلافات الجوهرية مع الثاتشرية ، إنني سأظلم الثاتشرية كنظرية ، و صاحبتها كسيدة محترمة ، لو ربطتهما ، بالأستاذ جيمي ، و نظريته . إن وجه الإتفاق الوحيد بين الثاتشرية الحقة ، أي كما طبقتها السيدة مارجريت ثاتشر ، و سياسات جيمي مبارك ، نجده في كلمة عامة ، أو عنوان كبير هو : الخصخصة ، و لكن حتى في هذه النقطة نجد إختلافات جوهرية في الأهداف ، و في التطبيق ، فمن ناحية الهدف ، أرادت السيدة ثاتشر تخليص الحكومة من عبء إدارة الوحدات الإقتصادية ، و تحويل هذا العبء على القطاع الخاص ، و من ناحية التطبيق ، كان هدف ثاتشر أن تحول الشعب البريطاني ، من موظفين إلى ملاك ، بطرح أسهم الوحدات الإقتصادية المملوكة للدولة لأفراد الشعب ، ليستثمر فيها مدخراته ، بينما كان هدف الأستاذ جيمي ، و آل مبارك بعامة ، من برنامج الخصخصة هو الإثراء الشخصي ، و في التطبيق كان هذا الهدف جلياً من خلال إصرارهم على أسلوب مستثمر رئيسي ، بما يسهل التكسب من البيع ، و يخلق الإحتكارات ، التي أصبحت اليوم ، و بعد أعوام من بداية برنامج الخصخصة في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي ، واضحة كل الوضوح ، حتى أصبح من السهل عد أسماء بضعة أشخاص ، للإشارة إلى المجموعة التي تملك معظم الإقتصاد المصري ، و يمكن في هذا الشأن مراجعة مقال للكاتب بعنوان : مستثمر رئيسي ، أم لص شريك . كما أن جيمي مبارك ، و بقية آل مبارك ، لم يهدفوا على الإطلاق إلى تحسين أحوال الشعب المصري ، لأن هدف آل مبارك كان ، و لازال ، إستغلال الشعب المصري ، كأيادي عاملة رخصية للغاية ، فخلال ثلاثة عقود تقريبا ، لم يقم آل مبارك بأي جهد لرفع مستوى الشعب المصري ، إقتصاديا ، و تعليميا ، و صحيا ، و فكريا ، بل كان هدفهم ، و لازال ، عكس كل هذه الأهداف السامية . لو مددت المقارنة بين جيمي مبارك ، و مارجريت ثاتشر ، إلى المواهب الشخصية ، فإن الفارق سيظهر في طبيعة الشخصية ، فمن شخصية حديدية ، و أعني المرأة ، إلى شخصية مترددة ، مستترة ، لا تستطيع كسب الجمهور ، و لا حتى التواصل معه ، و أعني في هذه المرة الرجل . كما إنني ، و برغم الإختلاف الشديد مع مارجريت ثاتشر ، في بعض أوجه سياستها الإقتصادية ، كما ذكرت عالية ، أجد نفسي ملزم ، بحكم الأمانة ، و الحيادية ، للقول بأنها تمتعت بنظافة يد شخصية ، يشهد عليها إنه لم توجه لها أي تهمة ماسة بالشرف ، كالتربح ، أو الرشوة ، منذ تقاعدت من منصبها كرئيسة وزراء ، في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي ، و إلى اليوم ، بينما لحم كتاف الأستاذ جيمي نبت من قوتنا ، و قوت عيالنا . بسبب كل هذا وجدت إنه من الضروري ، أولا : فصل سياسات جيمي مبارك عن الثاتشرية التي يحاول التمحك بها لكسب بعض الإحترام لسياساته الإقتصادية ، ثانيا : إشتقاق كلمة جديدة تعبر بدقة عن العقيدة الإقتصادية المتفردة التي سيرت مصر ، و تحكمت في مقدرات المواطن المصري ، و لازالت ، منذ أكثر من عقد ، و يخططون لأن تحكمنا ، و تتحكم في مقدرات ذرارينا ، من ثلاثين إلى أربعين عاما أخرى . لم أجد إلا كلمة : الجمالية ، لتكون عنوانا للنظرية ، أو العقيدة ، الإقتصادية التي تحكم مصر ، و التي من بعض أركانها : التربح من بيع ممتلكات الشعب المصري من وحدات إقتصادية ، و أراضي ، و الإحتكارات الإقتصادية ، و تركيز الثروات في أيادي محدودة ، و الإبقاء على الشعب المصري في معظمه جاهل ، مريض ، فقير ، متخلف فكريا ، ليسهل حكمه ، و إستغلاله .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النضال الحوثي ، نضال لمضطهدين ، و ليس نضال لبناة دول و مجتمع
...
-
حماس باقية ، ما أبقت قيادها في يد متطرفيها ، و كبحت معتدليها
-
دلالات الإنجاز الحوثي
-
حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
-
ما أتفق فيه مع القرضاوي
-
ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
-
حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
-
مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
-
القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
-
حلايب قضية حلها التحكيم
-
الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
-
في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
-
التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
-
محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل
-
هذا هو المطلوب من مرشح إجماع المعارضة
-
جرابهم واسع ، و هدفهم تشتيتنا
-
هل هي دعوة من أوباما لحمل السلاح للإنضمام للعالم الحر ؟
-
أروهم بأس العراق الديمقراطي
-
في رومانيا ، الإشتراكي يتصالح مع الدين ، و الرئيس الليبرالي
...
-
لأن لا أمل مع جيمي أو فيه
المزيد.....
-
خبراء يفسرون لـCNN أسباب خسارة البورصة المصرية 5 مليارات دول
...
-
اقتصادي جدا.. طريقة عمل الجلاش المورق بدون لحمة وبيض
-
تحد مصري لإسرائيل بغزة.. وحراك اقتصادي ببريكس
-
بقيمة ضخمة.. مساعدات أميركية كبيرة لهذه الدول
-
بركان ينفت الذهب في أقصى جنوب الأرض.. ما القصة؟
-
أبوظبي تجمع 5 مليارات دولار من طرح أول سندات دولية منذ 2021
...
-
-القابضة- ADQ تستثمر 500 مليون دولار بقطاعات الاقتصاد الكيني
...
-
الإمارات بالمركز 15 عالميا بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج
...
-
-ستوكس 600- يهبط ويتراجع عن أعلى مستوى في أسبوع
-
النفط ينخفض مع تراجع المخاوف المتعلقة بالصراع بالشرق الأوسط
...
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|