مدن الذباب : شعر

رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 888 - 2004 / 7 / 8 - 06:52
المحور: الادب والفن
    

1

أرى الناس :
بعض لبعض وليمة ,
وكأس دم .. وغنيمة ,
نفوس ملوثة .. وقلوب زنيمه ,
وأخرى مطهرة ... ورحيمة .
وحرب ضروس...
تصير كتابا ..
تصير دروس ,
وقتل النفوس طقوس ,
وذبح الطفولة يغدو هواية ,
وشرّ البليّة غاية .

2

أرى شهوة القتل في عين فاجر .
يحلل ما حرّم الماء والدم والأرض .
يزني بكل السماوات والأرض
والكلمات ,
يبيع اللحى في التاجر .
ويقطع نخله ,
ويقتل قبله ,
يبارك لصّا ..
يزوّر نصّا ,
ويستر عورته بالعمامة ؟؟؟

3

أرى رجلا ليس فيه رجولة ؟
ويجهل معنى البطولة ..
تلبس روح الجنون ,
وأصبح يكره طبع الحياة ,
ويكره شدو العنادل ,
يستنكر الابتسامة ,
ويجهل معنى الضمير
ومعنى الندامة .

4

أرى رجلا ينحني للحجارة ,
ويدمن فنّ الدعارة ,
يخون النهار ,
ويطفئ في الليل شمعه ,
ويغتال دمعه ,
ويغتصب الحلم في أعين المتعبين ,
ويصطاد ورده .

5

أرى حلما لاينام ..
لأم بلا جسد ,
وزمانا يضيع ,
وطفلا رضيعا يفتش عن
حلمة في الظلام .

6

أرى وطنا ضائعا ..
يتغرّب عن أرضه ,
يحنّ إلى روضه .
وماء غريقا ..
يفتش عن قشة ,
ويحاول أن يتنفّس ...
أن يتذوّق طعم التراب .

7

أرى النار جائعة للجحيم ,
وقلبا تفحّم ,
ثم تضرّم ,
ليلا .. تصنّم ,
والشمس مطعونة في الصميم ,
فضاء حبيسا ,
ومقبرة للتراب الرجيم .

8

أرى مدنا للذباب ,
سماء بلا أفق ...
نفقا يتناهى إلى نفق ,
واللحى تتخفّى وراء اللحى ,
وتفخّخ قنبلة لاغتيال الصباح ,
وقتل الهواء العليل .

9

وتحت العمائم مفرخة للأفاعي ..
التي تترصّد ,
تنسلّ ,
تحتل مدرسة .. وكتابا ..
ورأسا ... وقلبا ,
وتزرع ألغامها في الوسائد ,
في دفتر الذاكرة ,
وتلعب لعبتها الماكرة ,
لكي يأكل الأهل أبناءهم ,
وينسون أسماءهم ,
وينتحرون دفاعا عن
الفكرة الفاجره .

10

أرى امرأة تتعفن تحت الثياب ,
وتحترق الشمس تحت الحجاب ,
تموت الينابيع ,
يغتصب الورد .. والابتسامات ..
والجنّة البكر ..
ما للحلال المحرّم يعدم ,
والحق يصلب ,
والفطرة الأصل تسحق تحت
حذاء الحماقة ,

11

تغيرت المفردات .. المعاني ..
الدلالات ..
وجه الحقيقة ضاع ,
وصار قناعا ,
تنكّر فيه الكلاب .. الضباع ,
وساقوا القطيع إلى الذبح ,
والانتحار المريع .
الصفاقة تلبس ثوب العراقة ..
وجه الأصالة ,
والذل أصبح مفخرة .. وكرامه ,
وصار الوضيع رفيعا ,
يقود الرعاع إلى الموت دون ثمن ,
عبيد يسيرون نحو المحن .
يسوس خطاهم وثن .
ويستبدلون الفضيلة .....
بوحل الرذيلة ,
ويغتصبون الحياة .... الوطن .

12

أرى ما يكون .....
وأبصر فيه ...
فأدرك ما سيكون ..
وأعرف :
أن الفصول تدول ,
وأن الزمان يؤول ,
وأن سحابة صيف تمرّ ....
ولابدّ : سوف تزول ....


دمشق- سوريا – رياض خليل

#رياض_خليل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات