أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الفارسي - حدث في الشاطئ














المزيد.....

حدث في الشاطئ


زهير الفارسي

الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 23:16
المحور: الادب والفن
    


ذات مساء من أيام شهر أبريل/نيسان استسلم برهان لرغبة جامحة ظلت تستحثه على الذهاب إلى البحر من أجل التنزه على حوافي الشاطئ الصخري.. والابتعاد قليلا عن ضوضاء المدينة وهواءها المثقل بعوادم السيارات والمصانع،. و كان يبطأ الخطو في مسيره كأنما يريد تخزين دفء شمس افتقدها بسبب فصل الشتاء البارد المديد، على غير العادة ، وكان يفكر في أهمية المشي و إرسال البصر في المدى، متحررا من البنايات الشاهقة المنبثة في كل مكان من مدينته مثل الفطر في الأماكن الرطبة. وقبل أن يلج بصره إلى مقصده استقبلته رائحة البحر اللذيذة وتناهى إلى سمعه صخب أليف ..إنه صخب عباب البحرالمتلاطمة التي لا تخبو ولا تشيخ ...
كان بالمكان أطفال يقفلون عائدين، في شكل جماعة ينيف عددأفرادها عن الخمسة عشر نفرا، وكان معظمهم يلبس سراويل قصيرة وبها أثر البلل وتعلوها طبقة رقيقة من الملح، وكانوا يمنطقون خواصرهم بقمصان صيفيّة ومن لم يفعل شدّها بيده وهو يلوح بها في الهواء بنزق،وكانت سحنتهم مصطبغة بسواد لم تتمّمه أشعة الشمس وملح البحر بعد..وفجأة صرخ أحدهم متلهفا، كمن وجد شيء أضناه البحث عنه فلم يجده، ثم ألفاه بغتة، وكان يومئ بيده إلى شابّ وشابّة يوجدان على مرمى حجر من التلة التي يتواجد عليها الصبية، ثم تعالت صيحاتهم جميعا متشظية منها كلمات داعرة، وهم يهمون بالتقاط الحصى وطفقوا يرشقون الشابين بها. وما كان من هذين إلا أن أسرعا الخطو مبتعدين، وهما يغالبان كبريائهما. يكرّ الصبية من جديد، لكن بحماس أقل ودون أن يتقدموا نزولا من التلة، لكن الشّعور بالرضا و الانتشاء بالنصر،كان قد غزا وجوههم. على بعدخطوات كان برهان يتابع حركاتهم باهتمام بالغ، وبدا من تعابيروجهه أنه سيقوم بردفعل ما، لكنه اكتفى باستهجان مارأى وتعجب من هذا السلوك الصادرعن هؤلاء الصبية ، ثم عاد فحزّر أن الأطفال بفعلتهم هذه إنما ينتقمون من قمع ما في ظل واقع اعتاد فيه الكبير أن يضطهد الصغير..
في تلك الأثناء رجعت به الذاكرة القهقرى، و شخصت أمامه مشاهد تصوره هو وأترابه، وهم يضايقون العشاق الشباب، ويتلصصون عليهم وهم يختلسون لحظات حب عابرة على تخوم عزلة يمحّضها المجتمع للخارجين عن أخلاقه. في حينها كانوا ينصبون أنفسهم أوصياء على أخلاق،كانوا يمعنون في خرقها كلّما أتيح لهم ذلك، وكانوا يتقمصون دور أولياء الفتاة ويريدون حمايتها من الرّجل، في حين كانواهم يلهثون وراء الصّبيات الحسناوات، طلبا لودّهن، ويتباهون فيما بينهم بذلك.
وفي غمرة الذكريات تذكر فجأة فرويد و مفاهيم التحليل النفسي واستغرق في التخمين في دواعي تلك التصرفات المشتركة بين جيله وهؤلاء المراهقين، و قدّر أن الأمر لا يعدوا أن يكون نوعا من الحسد ورغبة مواربة، في تعلم شيء مجهول.. بدوافع معلومة..
فجأة قطع حبل تفكيره رنين هاتفه الخلوي و شرع يستله من جيب بنطاله، ثم رد قائلا:
- ألو..ألو..
فلم يجبه أحد.وجعل يداعب هاتفه بين راحتي يديه في انتظار أن يعاود الهاتف الاتصال به.. وبخفة من تذكر شيئا مهما، شغّل كاميرا هاتفه.. ومضى يقتنص صورا لمنظر غروب الشمس المتدثرة باللون البرتقالي المشوب بالأحمر، وهي تغرق وسط البحر.



#زهير_الفارسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف المدرسي...و أي دور للأستاذ
- الإشهار..أو الرشوة “النظيفة”
- ماهي الهوية بالنسبة إلي؟ !!
- يوم بدون حاكم عربي!!
- الأعياد الدينية..من الطابع الديني إلى الإحتفالي
- أمريكا تقدم يد العون..والخلاص أيضا!!!
- المال مقابل لقب من درجة حكيم


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الفارسي - حدث في الشاطئ