أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الدولة العربية ومستقبل المشروع القومي















المزيد.....

الدولة العربية ومستقبل المشروع القومي


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بداية لا بد من الإشارة إلى إن مشروع النهضة كان يتضمن ويتمثل في الحضور القوي لرجالات وتيارات العمل القومي العربي وسعيهم لبلورة مفهوم التوحد القومي وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر ، وخصوصا قبيل وأثناء الحرب العالمية الأولى مع بروز ملامح تدهور وتفسخ السلطة العثمانية واندلاع الثورة العربية الكبرى , التي سرعان ما فشلت وهزمت على يد الانجليز والفرنسيين مما أدى إلى وقوع جل المنطقة العربية تحت الهيمنة والسيطرة الاستعمارية الأوربية وفقا لاتفاقية سايكس بيكو الشهيرة ، حيث تقاسمت فرنسا وبريطانيا السيطرة على المشرق العربي ( بلاد الشام والعراق منطقة الخليج والجنوب العربي ) بالإضافة إلى مصر والسودان . الإستثناء الوحيد تمثل في اليمن الشمالي الذي كان يعيش في عزلة تامة عن العالم تحت حكم الإمامة , أما السعودية فقد كانت تعيش مرحلة التأسيس والتوحيد ( التي قادها الملك عبد العزيز آل سعود ) . في حين تقاسمت فرنسا واسبانيا وايطاليا السيطرة على منطقة المغرب العربي الكبير ( الجزائر , والمغرب , ليبيا , تونس , موريتانيا ) . وهو ما فرض منذ البداية صيغة النضال الوطني ( القطري ) كأداة حاسمة في مواجهة السيطرة الاستعمارية وانجاز الاستقلال الوطني ، ومن ثم التصدي لمتطلبات بناء الدولة الوطنية ( الحديثة ) وتحقيق التنمية المستقلة ، وهو مؤشر على ان تبلور الفكرة القومية في أذهان ووعي وبرامج النخب العربية لم يمنع أو يعرقل عملية نشوء الدولة ( القطرية ) المستندة إلى معطياتها الذاتية وموازينها الداخلية ، ضمن حال الاستقطاب الدولي وموازين القوى العالمية الجديدة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، حيث الصعود القوي لدور ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد السوفيتي السابق ، على حساب تراجع مكانة الدولتين الإستعماريتين بريطانيا وفرنسا . لم يكن هناك مناص من تشكل الدولة العربية ( القطرية ) كمحصلة حتمية لهذا التطور ، غير إن فكرة الوحدة العربية ظلت قائمة وحافظت على وهجها كمطلب وهدف وحلم للجماهير العربية ونخبها السياسية على وجه التحديد ، خصوصا وان العرب من الأمم القليلة في التاريخ الحديث التي لم تحقق وحدتها القومية بعد . الأشكال الحاصل هو الإسقاط الميكانيكي لتجارب تبلور القوميات في أوروبا وخصوصا التجربة القومية الألمانية ( بيسمارك ) ونظيرتها الايطالية ( غاريبالدي ) وبالتالي فان الانبهار بالنموذج الألماني / الايطالي تواصل لدى قطاع مهم من دعاة الوحدة القومية العربية مع انتصار النازية في ألمانيا ( هتلر ) والفاشية في ايطاليا ( موسوليني ) . هذا الإسقاط التعسفي والنقل الميكانيكي للتجربة الأوربية على الواقع العربي على الرغم من المسار التاريخي الخاص والمختلف لظاهرة نشوء القوميات في أوروبا , مقارنة بالظاهرة القومية العربية التي لها سماتها ومتطلباتها الخاصة ، وهو ما أدى إلى انفصام بين الوعي " القومي " والواقع " القطري " وبين الفكر والممارسة الأمر الذي دفع إلى استلهام الاتجاهات والأفكار والممارسات الفاشية ، وتمجيد سياسة القوة وتجاهل الخصائص والسمات والمصالح الوطنية ، واحتقار مبادئ الحرية والديمقراطية ، وازدراء دور الجماهير في تحقيقها ، واعتبار إن الوحدة هي هدف وغاية وليس وسيلة للارتقاء بحياة الإنسان العربي وضمان حريته وأمنه وكرامته وتقدمه مما أدى إلى اختلال وتشويه العلاقة ما بين الوطني والقومي . مع إن العرب اثر هزيمة الثورة العربية الكبرى ( 1916 ) خاضوا معارك وثورات الاستقلال الوطني من أرضية قطرية وتحت زعامات محلية في المقام الأول ونذكر هنا الثورة المصرية ( 1919 ) تحت قيادة سعد زغلول ، والمغرب تحت قيادة العائلة العلوية , وليبيا تحت قيادة السنوسية , والسودان تحت قيادة المهدوية , وثورة العشرين في العراق تحت قيادة رجال الدين وزعماء العشائر حيث نصب فيصل الأول ( 1922 ) ملكا على العراق , والثورة السورية ( 1925 ) التي قادها سلطان الأطرش وغيره من الشخصيات الوطنية ، كما جرى تنصيب عبد الله بن الحسين ملكا على إمارة شرق الأردن , وقيام دولة لبنان الكبير ( 1921 ) . لقد رحل الاستعمار المباشر من معظم دول المشرق العربي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في فترات متفاوتة في حين تأخر استقلال دول المغرب حتى أواسط الخمسينات ، أما الجزائر فنالت استقلالها (1962 ) عقب كفاح مسلح دام وطويل ضد الإستعمار الفرنسي , و الأمر ذاته كان في اليمن الجنوبي التي نالت إستقلالها ( 1968 ) عن بريطانيا . و مع إعلان بريطانيا الانسحاب من شرق السويس ( 1970 ) مما مهد الطريق لإنهاء المعاهدات الاستعمارية وإعلان استقلال الدول العربية ( عمان وقطر , البحرين , والمشائخ الأخرى التي شكلت معا دولة الإمارات العربية المتحدة ) في الخليج ، وقد سبقتها الكويت ألتي نالت إستقلالها في عام 1961 . وقد تكرس استقلال الدول العربية من خلال ميثاق الجامعة العربية الذي نص على الاعتراف بالحدود القائمة لكل دولة عربية وعدم جواز التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة عضو , كما تكرس الإطار القانوني الشرعي للدولة العربية من خلال المعاهدات والمواثيق والمنظمات الدولية وقي مقدمتها الأمم المتحدة التي اكتسبت الدول العربية المستقلة عضويتها . لقد واجه الفكر القومي العربي في موجته أو مرحلته الثانية إشكالية أو معضلة مزدوجة لم تستطع إزاءها تقديم إجابات أو اتخاذ مواقف صحيحة تستمد عناصرها من الواقع الملموس الموضوعي . فمن ناحية أدى تطور الوضع العربي ضمن المعطيات التاريخية والموضوعية إلى إقامة كيانات تتسم بخصوصيتها الوطنية وتشكلت مصالح وأهداف مشتركة ومتداخلة بين أفراده ، وبالتالي نشأت الحاجة إلى احترام هذه الهوية والخصوصية ، والانطلاق منها وبها من اجل الارتقاء والبحث عن صيغة أو صيغ وحدوية تتواءم والحقائق الموضوعية المستجدة ، غير إن الفكر العربي استند في مفهومه للدولة القومية إلى أولوية العنصر الاثني واللغة والتاريخ والثقافة والى صيغة الإقليم / القاعدة ( وفقا للنموذج الألماني / الايطالي ) كأداة لتحقيق الوحدة في حين جرى تجاهل مفهوما غربيا آخر للقومية المتمثل في المثال الفرنسي / الانجليزي الذي جسدته مبادئ الثورة الفرنسية والثورة الانجليزية ( الشارترية ) وما تضمنه إعلان الاستقلال الأمريكي من مبادئ والذي تواكب مع ترسيخ مفهوم الدولة / الأمة بمفهومها القانوني – الدستوري الذي يساوي بين جميع التكوينات الاثنية – الدينية – المذهبية – اللغوية – الثقافية وفقا للعقد الاجتماعي المبرم بين الدولة والشعب والمستند إلى مفهوم المواطنة القائم على أساس المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الجذور والانتماءات والهويات لفرعية . أدى غلبة النموذج الألماني لدى التيارات والنخب القومية إلى تشكل مفهوم تلفيقي وغير تاريخي للقومية العربية تنزع إلى الماضي والتراث وتضفي عليه صفات

مطلقة وخصائص ثابتة( امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) . تكمن تلفيقية وعجز تلك الفكرة القومية التي سادت في إنها لم تأخذ بعين الاعتبار المسار التاريخي الخاص لظاهرة نشوء القوميات في الغرب وما يمكن أن يستخلص منها من التجارب والدروس ، ونشير هنا إلى عملية التمايز والقطع الجذري مع الموروث الأقتصادي والأجتماعي ( الإقطاع القرسطوي ) والديني ( سلطة الكنيسة ) والسياسي ( الحكم المطلق ) والولوج في مسلك الحداثة الاقتصادية ( الصناعة ) والحداثة السياسية ( دولة القانون والمؤسسات ) والحداثة الفكرية ( التنوير والعقلانية والعلم ) والحداثة الاجتماعية ( المجتمع المدني وتحرير المرأة ) وإنهاء العلاقات التراتبية ( العامودية ) التقليدية باتجاه علاقات أفقية تقوم على أساس الاختلافات والتناقضات والصراعات الاجتماعية والسياسية والأيدلوجية , لذا فأن الحركة القومية التي وصلت إلى السلطة في عدد من البلدان العربية المهمة عن طريق الانقلابات العسكرية ( مصر , سوريا , العراق , ليبيا , السودان , اليمن ) أو عن طريق الثورات الشعبية ضد الاستعمار ( الجزائر , اليمن الجنوبي ) وكانت تستند في الغالب إلى تأييد والتفاف شعبي عربي واسع ( وحققت انجازات هامة في البداية ) , غير أنه سرعان ما انتكست ووصلت إلى طريق مسدود . والأمر ذاته طال شعار الوحدة العربية نظرا لفوقيتها ، و لغياب دور ومشاركة الجماهير في صنعها ، ونذكر هنا فشل الوحدة المصرية / السورية ( 1958 – 1961 ) التي حظيت بدعم شعبي واسع في بدايتها , والأمر ذاته يشمل الوحدة اليمنية في الوقت الراهن . هزيمة العرب المدوية في حزيران ( يونيو67 ) إلى جانب ما تكشف عن الممارسات القمعية والفساد في جميع الدول العربية التي تحكمها أنظمة شمولية وديكتاتورية كانت ترفع شعار الحرية و الوحدة والتنمية والعدالة وتحرير فلسطين في حين إنها في الممارسة العملية تعكس حكم الفرد المطلق المستند إلى تحكم الأجهزة الأمنية وهيمنة العشيرة والعائلة والطائفة ، وهو ما أدى إلى انكفاء وتراجع وهج الوحدة والفكرة القومية لصالح تصدر العصبيات والانتماءات ما قبل الوطنية . وليس أدل على ذلك ممارسات النظام العراقي الديكتاتوري السابق ، حيث صادر وابتلع المجتمع المدني عن طريق الانقلاب العسكري ، وعبر استخدام ماكينة الحزب الحاكم وأجهزة المخابرات ، والاستقواء بالطائفة والعشيرة مما أدى إلى فقدان المجتمع العراقي لسماته وملامحه المدنية وجعله أداة طيعة بيد التيارات والعصبيات الطائفية والاثنية والقبلية والجهوية اثر سقوط النظام على يد قوات الاحتلال الأمريكية ، والنتيجة هو مشروع مفتوح بإستمرار للحروب والصراعات الأهلية التي تطل بقوة في المشهد العراقي والذي قد يمتد أو يتكرر في العديد من المجتمعات العربية التي تتشابه اوضاعها مع الحالة العراقية.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العربية الحديثة وأسئلة النهضة
- إشكالية نشوء الدولة العربية - الحديثة -
- الدولة وسياق العولمة
- هل يخرج العرب من التاريخ ؟
- هل يصلح أوباما ما أفسده بوش؟ ( 6 )
- باراك أوباما والتركة الداخلية الثقيلة ( 5 )
- هل ينجح أوباما في إستعادة - الحلم الأمريكي - ؟ 4
- تحت شعار «التغيير».. انتصار كاسح لباراك أوباما ( 3 )
- ظاهرة أوباما في المشهد الأمريكي ( 2 )
- ظاهرة أوباما تعبير عن أزمة أم مؤشر للتغيير ؟ ( 1)
- الميزانية والميزان 3
- الميزانية والميزان 2
- الميزانية والميزان «1»
- الذكرى الأولى لرحيل المفكر والمناضل المصري الكبير محمود أمين ...
- ظاهرة الصالونات الأدبية الثقافية وتصدّر القبيلة والطائفة
- لايزال يحدونا الأمل.. برجوعك ياأبا أمل
- معوقات قيام مؤسسات المجتمع المدني ( 9 )
- ثقافة الفساد
- التمايز ما بين المجتمعين الأهلي والمدني ( 8 )
- نشوء الدولة المركزية السعودية والمجتمع المدني ( 7)


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الدولة العربية ومستقبل المشروع القومي