أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد














المزيد.....

عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 888 - 2004 / 7 / 8 - 07:12
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


إذا كان فقد الأحبة غربة ، فكيف يكون الموت في الغربة ؟؟ أو الموت بسبب الغربة ذاتها ؟؟ وكيف يكون حالنا ونحن فقدناك في غربتنا المديدة والمفتوحة على الزمن الحارق واليأس ؟؟ الزمن الموغل في الوحشة ، وحيث يستمر بعدنا عن الوجوه الحبيبة ، وعن المدن الحبيبة ، عن النخيل القتيل ، عن العراق القتيل ؟؟
لم تعد بيننا يا عزيزنا و فقيدنا وشهيدنا طارق ، شهيد الغربة والاضطهاد والجوع والبؤس . لم نعد نتطلع إلى قامتك المديدة ، وطلعتك البهية ، وشعرك الذي فضضته السنين . لقد انطفأ الضياء في عينيك بعد إن ذويت وذويت فوق السرير الصدئ في غرفتك البائسة ، عندما داهمك المرض الخبيث ، الذي لم يمهلك طويلا وخانك جسدك بسرعة ، لم ينفع المستشفى المجاني الذي دخلته بشكل غير رسمي وبأوراق غير رسمية وبعد فوات الأوان ، حيث الأمل الشحيح ، وحيث ألأوكسجين الشحيح ؟؟
كم كنت صادقا وقويا وواضحا في أشد المصاعب والانعطافات العامة والشخصية ، وكم كنت صريحا ومواجها لذلك اختلفت مع الخطأ حد الرفض و الانفصال والقطيعة التامة ، كما كنت محاورا وديقراطيا حقيقيا ، تصغي للرأي الآخر قبل ظهور الموجات المفتعلة والمنفعلة التي تدعي الحوار والاستماع الى الآخر ، وعدم رفضه وتخوينه المسبق !! كما كنت متابعا جيدا ومتحمسا لكل الظواهر الجديدة والجدية ، تتعامل معها بعقل نقدي منفتح ومستقبلي متطور من خلال الدراسة والمناقشة والجدل الجاد المستمر .
كم كنت صابرا وقويا وأنت تعاني الجوع والبؤس في غرفتك الرثة المنسية وغذائك الذي تدهور دون الكفاف ، وكان بابا مشرعة ليداهمك المرض وينهد جسمك بسهولة نادرة ، ولكن رغم حياتك القاسية وظرفك المستحيل ، بقيت ثابتا ، لم تتنازل ولم تتلوث ولم تفكر بالطرق التي يستسهلها البعض ، تحت تبريرات واهية ، أما أنت لم تشتك ، لم تتراجع ، لم تضعف حتى اللحظة الاخيرة ، وبقيت ممسكا بأمل غامض قد يقودك الى مدينتك التاريخية بابل الجميلة الوادعة .
كنت صديقا طيبا كريما واضحا ، لذاك أحبك الأصدقاء الأصدقاء ، ووقف الى جانبك أصدقاءك الخلص ، يطردون عنك الوحشة ، ويحاولون تجميع شظايا الروح المهددة بالغياب الأكيد، ينشرون المودة فوق السرير الفقير والعزلة الموجعة .
كنت محبوبا لذلك لم تكن وحدك ، حاولنا أن نوفر شئ من دفء العائلة ، ونأتي برياح ألأهل ورائحة الوطن القتيل ، وشموس بابل الحاضرة الى غرفتك التي كأنما أعدت للرحيل ، منحناك وردة الصداقة الحقيقية ، وفاءا منا لك ، واعترافا بصفاتك النبيلة وشخصيتك الآسرة والرائعة في حياتك وغيابك المفجع ؟؟
تركتنا يا أبا زياد ونحن لم نزل نعيش وحشة الغربة والتباساتها ، ونعيش لحظة الخراب العراقي القائم . قررت الرحيل في زمن الحصارات المتراكبة والمتقاطعة ، كأنك غادرت بعد إن يأست من قدر العودة فاستسلمت لقدر الرحيل .لماذا تركتنا نبحث عنك في وجوه مخيم الفقراء ؟؟ لماذا انقطعت عن نزهتك المسائية الأثيرة في أزقة المخيم تداري جيوبك الخالية ؟؟ كيف لنا أن نسمع نكاتك اللاذعة وأمثالك المتلاحقة في فسحة الحديث وهي تعبر عن تجربة معمقة تزداد رسوخا ووضوحا ؟؟ بماذا سيرد الأصدقاء في ملتقى الاثنين عندما يسأل النادل عنك وعن مقعدك الفارغ ؟؟ سيصمت الأصدقاء حتما ويعتذر النادل!!
لن ننساك يا أبا زياد ، وكيف لنا أن ننسى من هو مثلك ؟؟ كنت لنا بمثابة بوصلة لكشف الأوجاع ، وكشف الأحزان ، وكشف المهازل ، وكشف الأخطاء في وطن لم يزل يحترق ، وطن مهدد بكافة الاحتمالات ، وطن محاصر بأعداء الداخل والخارج وما بينهما !!
كيف ننساك وأنت من البقية القليلة التي حافظت على شرفها ووطنيتها وعراقيتها من التلوث والتهجين والخراب الأخلاقي والروحي الذي انتشر بسهولة نادرة ومدهشة في هذا الزمن الردئ ؟؟
لقد ظلت مسيرة الجثث العراقية تطول وتمتد حتى آخر الدنيا ، والقبور تنغلق فوق جلد المقابر في رياح الأرض الأربعة . نملك أجداثا في كل مكان ، ستظل تتكاثر بهذه الطريقة المفجعة ، وستكثر الندوب السوداء في الروح العراقية مالم يستعيد الوطن وضعه الطبيعي ، ويبحث عن جثث أبناءه المتطايرة في رياح التشرد المديد ؟؟

ولد صديقنا الراحل طارق موسى مولى وتوت في مدينة الحلة عام 1943 ، المدينة التي أحبها الفقيد وترعرع فيها وأصبح شيوعيا منذ بداية شبابه الأول وتطلعه الى الحياة الواعية الجديدة ، وقد عانى من الاضطهاد والملاحقة والإبعاد في مراحل مختلفة من حياتة ، وأعتقل بعد ردة 63 الفاشية ، ثم غادر الوطن في عام 79 وتنقل بين عدن وبيروت واستقر في الشام التي توفي فيها بعد إن داهمه المرض الخبيث ، وبذلك انتهت حياة إنسان ومناضل ماركسي وشيوعي صلب ، مناضل وطني وديمقراطي ، نذر حياتة لوطنة وشعبة !!



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن والقضايا الفكرية الماركسية
- موت الشاعر ، أو موت بلا شاهدة ، أسئلة إلى وعن آدم حاتم ؟؟
- في الذكرى الخامسة والاربعين لإستشهاد فرج الله الحلو / لماذا ...
- صورتان قلميتان لبوش وصدام
- مؤشرات من الوضع السياسي العراقي
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم 3
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟ 2
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟
- قراءة أولية للقرار 1546 / دعوة للحوار الوطني من أجل موقف واض ...
- شكر وتنوية /عن طاهر البكاء مرة أخرى
- رسائل لم تصل /الى ستار غانم راضي ...............سامي
- القسم الاول:دعوة لتقييم أسباب صعود وسقوط الفاشية في العراق
- شهادة من الزمن الفاشي / هذا الوزير عذبني بيدية
- المشروع والمجزرة / لكي لاننسى
- رسالة مفتوحة الى الكاتبة نوال السعداوي


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد