أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - جواد البشيتي - -فالنتياين-.. عيدٌ للتُّجار أم للعشَّاق؟!















المزيد.....

-فالنتياين-.. عيدٌ للتُّجار أم للعشَّاق؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2917 - 2010 / 2 / 14 - 14:32
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


عشَّاق العالم من الجنسين احتفلوا أمس بما تواضع صُنَّاع ومخترعو الأعياد على تسميته "عيد الحب"؛ أمَّا "التجَّار"، المتَّجِرون بما يَصْلُح للاستهلاك الرومانسي، والذين (مع ممثِّلي مصالحهم في الإعلام وغيره) يجتهدون دائماً، وفي أوقات الركود التجاري على وجه الخصوص، في اختراع وابتكار كل ما من شأنه تشجيع وحَمْل المستهلِكين على مزيدٍ من الإنفاق المالي، فكانوا المستفيد الأعظم من هذا "العيد"، الذي لم يخترعه القديس فالنتاين، وإنْ سُمِّي باسمه.

التاجر، على وجه العموم، يملك ميزانين، أحدهما الميزان التجاري العادي الذي به يَزِن بضائعه، والآخر مُشْتَقٌّ من الأوَّل، ويَزِن به الأفكار والعقائد والقيم الأخلاقية.. وحتى الأمور السياسية، فالخير كل الخير في ما يُرْبي تجارته، وإنْ لم يُفْصِح دائماً عن "عقيدته السرِّية" هذه، والتي فيها يتصوَّر "عيد الحب" على أنَّه نعمة وبركة، وإنْ هو، لمصلحة أخرى أقل أهمية، وقَفَ، في العلن، موقفاً مختلفاً أو مضاداً.

إذا تَحلَّيْتُ بفضيلة "سوء الظن"، وأخذتُ بشيء من نظرية "المؤامرة" في التفسير والتعليل، فربَّما أتَّهِم "لوبي كبار التُّجار" بأنَّهم، في فصل الشتاء، يدفعون في اتِّجاه جَعْل "التنبؤ" في نشرة الأحوال الجوية مفيداً لمصالحهم التجارية، كأن يكون سبباً في زيادة إقبال الناس على شراء ما يدرأ عنهم مخاطر "منخَفَضٍ جوي"، يتأكَّد، بعد تحقُّق الغرض التجاري، أنَّه كان كجبلٍ تمخَّض فولد فأراً.

إنَّهم يتحيَّنون كل عيد (حتى "عيد الأُم") فيَنْشَط الإعلام، ومعه "الإعلان التجاري"، في حضِّ المستهلِكين على مزيدٍ من الإنفاق المالي، فالمجتمع الاستهلاكي، المُفْرِط في نزعته الاستهلاكية، هو الغاية التي من أجلها يتوفَّر ذوو المصالح التجارية الكبرى على اختراع مزيدٍ من الأعياد، وأشباهها.

عن عمد وقصد، أتحدَّث، في "عيد الحب"، عن "التُّجار" و"العشَّاق"، فإنَّ الأهمية الرمزية لهذا العيد تكمن في كونه يُظْهِر ويؤكِّد الحاجة الإنسانية والحضارية إلى تطهير "الحب" من الفساد التجاري وأشباهه، على استعصاء هذا الأمر في زمن العولمة، التي، بسبب طبيعتها الرأسمالية، يشتد لديها الميل إلى تسليع مزيدٍ من الأشياء، التي ينبغي لنا، إنسانياً وأخلاقياً وحضارياً، تنزيهها عن التسليع واقتصاد السوق.

لقد أتى الفساد (الذي هو جزء لا يتجزأ من الثقافة التجارية العالمية) على "الحب"، وعلى العلاقة بين الجنسين، من حيث الجوهر والأساس، فلو أنَّ "العشَّاق"، وفي مجتمعنا على وجه الخصوص، نظروا إلى الدوافع الأساسية والحقيقية الكامنة في "حُبِّهم" و"عشقهم" بعيون لا تغشاها الأوهام الرومانسة، التي تتوفَّر على بثِّها فضائيات عربية، لتبيَّن لهم واتَّضح أنَّها، أي تلك الدوافع، من "جنسٍ غريب"، أي من جنسٍ من الصعوبة بمكان أن تَجِد أوجه شبهٍ بينه وبين "الحب".

وإذا كان "الدافع" قد اعتراه ما اعتراه من فساد فإنَّ "الكيفية"، أي كيف يُمارَس الحُبُّ، ويُعبَّر عنه، في مجتمعنا، لا تقلُّ فساداً، فَقُلْ لي كيف تُحِب، وكيف تُعبِّر عن حبكَ وتمارسه، أقُلْ لكَ من أنتَ.

إنَّني لا أرى من فَرْق يُذْكَر بين منسوب "الحب الحقيقي" ومنسوب "الحرِّية" في مجتمعنا، فإنَّ مجتمعاً يقلُّ فيه "الأحرار" لا يمكن أن يكون "حُرَّاً"، وإنَّ مجتمعاً فاقِداً للحرِّية لا يمكنه أن يعطي الحب للعلاقة بين جنسيه، فهذا الحب يظلُّ عاجزاً عن الانتقال من مملكة الوهم الرومانسي إلى أرض الواقع النابض بالحياة، والتي فيها لا نرى، حتى الآن، إلاَّ رَجُلاً "يَعْبُد" المرأة ما بقيت مُسْتَعْبَدةً له، فإنْ هي فضَّلت، ولو قليلاً، تمرُّد "لا" على خنوع "نعم"، أصبحت، في فكره ومشاعره وموقفه منها، "الشيطان الرجيم"؛ مع أنَّ تاريخ العلاقة بين الجنسين يُظْهِر ويؤكِّد أنَّ رَجُلاً يَسْتَعْبِد امرأة لا يمكن أن يكون حُرَّاً، وأنَّ المجتمع نفسه هو أيضاً لا يمكن أن يكون حُرَّاً.

بلادنا، التي لم تَشْفَ بعد من الاستبداد الشرقي الآسيوي بكل صوره وأشكاله، ما زالت على إيمانها بضرورة تحريم الحُب وتجريم العشَّاق، ونَصْب أعواد المشانق لهم، ونَبْذ "الشفافية العاطفية والغرامية"، وإكراه المُحبِّين من كلا الجنسين على اللجوء إلى ما يشبه العمل السرِّي (تحت الأرض) الذي زاولته أحزاب المعارَضة "اللادستورية" عندنا زمناً طويلاً.

وللباحثين عن الحُب في مجتمعنا أودُّ، في "عيد الحب"، أن أبشِّرهم قائلاً: لا تضيِّعوا وقتكم، وترهقوا أنفسكم، في البحث عنه، فهو كالعنقاء، كائن خرافي، أو شيء لا وجود له إلاَّ في أوهامنا، فالحبُّ الحقيقي ينعدم وجوداً في كل مجتمع أُوتوقراطي ـ ثيوقراطي، وحيث تتصحَّر الحياة الديمقراطية بأوجهها كافة.

وأستطيع أن أقول عن الواقع وحقائقه، أي نيابةً عنه وعنها، إنَّ أشياء عدةً نتوهَّم أنَّها موجودة في مجتمعنا؛ ولكنَّها في الحقيقة غير موجودة، فالحُبُّ الحقيقي لا وجود له؛ والزواج الحقيقي لا وجود له؛ والرجولة الحقيقية لا وجود لها؛ والأنوثة الحقيقية لا وجود لها.

ونحن طالما سمعنا عن قصص حُبٍّ دامت سنوات، فأنتهت إلى زواج لم يَدُم أكثر من أيام أو أسابيع أو أشهر، فلماذا؟

لأنَّ تلك السنوات الطويلة من الحُبِّ لم يكن فيها من الحقيقة والواقع والصدق والشفافية إلاَّ ما يؤكِّد أنَّها زمن طويل استنفده "المحبُّون" في الكذب والخداع والزيف والتمثيل.. وفي حياةٍ وتجربةٍ، ظاهرهم فيهما غير باطنهم، وباطنهم غير ظاهرهم.

ولمَّا كان الزواج، شاءوا ذلك أم أبوا، هو الحياة بحقائقها العارية من كل وهم، تحطَّمت على صخرته، وبقوَّة الضرورة، كل أوهام الحُبِّ التي لبسوها زمناً طويلاً، أو البسوها لبعضهم بعضاً.

وأشد ما يدهشني ويثير حفيظتي هو ذاك الذي يحدِّثكَ عن الفروق النوعية، في مجتمعنا، بين "الزواج التقليدي" و"الزواج عن حُب"، مفضِّلاً الثاني على الأوَّل، وكأنَّ علاقة الحُبَّ، في مجتمعنا، تملك من الخواص والصفات ما يسمح لها بأن تكون كالكاشِف الضوئي الذي يُري كلا الطرفين الآخر على حقيقته بوجهيها الإيجابي والسلبي. إنَّ تلك العلاقة، ولأسباب لا تخص طرفيها وإنَّما تخص المجتمع، لا تُنْتِج "معرفةً"؛ بل تُنْتِج "جهلاً"، ومزيداً من الجهل، فكلَّما طال زمن الحُبِّ ازداد جهل كلا الطرفين بالآخر.

الحبُّ هو "الحرِّية"، التي في فمها "قصيدة بحرية"، وفي يدها "سيف مسلول".. سيف لا يقطع إلاَّ في يد "الأحرار"؛ أمَّا العاشق فهو "نوْرسٌ"، فهل للنوارس مِنْ وجود في عالَمٍ طلَّق الحرية وطلَّقتهُ الأحلام؟!

ومِنْ سُنن الحبِّ أنَّ العشَّاق أحرار، وأنَّ الأحرار عشَّاق، فلا "السيد" يحب "جارية"، ولا "الجارية" تحب "سيداً"؛ فالحب والحرِّية صنوان!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمين العام!
- عصبية -الدَّاليْن-!
- مجتمعٌ يُعسِّر الزواج ويُيسِّر الطلاق!
- العدوُّ الإيراني!
- -التوجيهية-.. مظهر خلل كبير في نظامنا التعليمي والتربوي!
- قصَّة نجاح لثريٍّ روسي!
- -ضرائب دولة- أم -دولة ضرائب-؟!
- -الإنسان-.. نظرة من الداخل!
- -شجرة عباس- و-سُلَّم أوباما-!
- هكذا تكلَّم الجنرال باراك!
- -ثقافة الزلازل- عندنا!
- أوباما يَفْتَح -صندوق باندورا-!
- مفاوضات فقدت -الشريك- و-الوسيط- و-المرجعية-!
- سنة على تنصيب أوباما.. نتائج وتوقُّعات!
- حال -اللاتفاوض واللامقاومة-!
- مزيدٌ من الإفقار.. ومزيدٌ من -التطبيع-!
- نمط من المراكز البحثية نحتاج إليه!
- الأجهزة الأمنية العربية!
- ما معنى -حل مشكلة الحدود أوَّلاً-؟
- الإرهاب ومحاربيه.. منطقان متشابهان!


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - جواد البشيتي - -فالنتياين-.. عيدٌ للتُّجار أم للعشَّاق؟!