أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العباس - فشل التغريب الخالص















المزيد.....

فشل التغريب الخالص


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 18:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فشل التغريب الخالص
وقائع مستلة من عالم إفتراضي

"جرّب العرب والمسلمون النهوض ومواجهة تحديات هذا العصر المتغير بالتغريب الخالص، فلم يفلحوا، واكتشفت نخبهم الداعية إلى مثل هذا التغريب إن «البذرة» لا تنمو في التربة المحلية، وإنما تذهب عبثاً، كما اعترف بذلك الدكتور محمد حسين هيكل، وزير المعارف المصري الأسبق، وصاحب كتابيْ «حياة محمد» و «في منزل الوحي» وقد ألفهما بعد تحوله الفكري والعقيدي، بين مفكرين آخرين"(1)
لانعلم متى ’جرِّب هذا التغريب الخالص الذي يتحدث عنه المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري على الرغم مما "اعترف به الدكتور محمد حسين هيكل وزير المعارف المصري الأسبق" ..إذ لاوظيفة –في رأيي- لهذا الإعتراف من قبل هيكل بفشل التغريب الخالص غير تبرير تمشيخه المتأخر في سياق ٍ أندرج فيه "مفكرون آخرون" كما يقول الأنصاري في نهاية المقطع الذي نستشهد به .. .ونرجو أن لايكون في حديث الدكتور الأنصاري,صاحب كتاب "العرب والسياسة ـ جذور العطل العميق " الذي تتلمذنا على منهجيته المستقاة من معارف وعلوم غربية أحسن استخدامها في مقارباته النقدية لإشكالياتنا كعرب وكمسلمين,أن لايكون إرهاصات في الإتجاه المومى إليه ..
أعود إلى صلب الحديث لأسأ ل :أين هو التغريب الخالص الذي فشل ؟!
هل تم تجريبه من قبل محمد علي, أم عبدالناصر, أم بورقيبة, أم بومدين ,أم حافظ أسد ؟ .أم في تجربة: أحمد سوكارنو, أو موديبو كيتا, أو رضى بهلوي ؟!....قد يسرع أحدهم إلى الإعتراض على تجاهلي تجربة كمال أتاتورك .لكونها مضرب مثل "الإسلاميين والقوميين العرب في نسختهم المتأسلمة " على التغريب الخالص.. سأترك الحديث في تجربة أتاتورك إلى النهاية.لأقول ما يلي : لاشيء من التغريب الخالص في كل تجارب التحديث التي ذكرناها..ولا صلة بين المآلات المأزومة التي أفضت إليها هذه التجارب وجرثومة التغريب الخالص الموضوعة في قفص الإتهام ..بل ينبغي التفتيش عن جذور لهذه المآلات- التي يتنطع الكثيرون للنعي على رأسها كما على رأس الميت - في تركيبة الحوامل الإجتماعية لهذه التجارب. وفي غلبة التلفيق على الزوادة الفكرية للنخب التي تصدرت مشهدها السياسي ..وفي الركام من محاولات العرقلة الخارجية : بدءاً بالتآمر العلني والمباشر,ووصولا إلى المبّطن وغير المباشر - الإستراتيجي - الممارس من قبل المركز الإمبريالي: الأوربي ثم الأمريكي على هذه التجارب ..وليس التطرف الإسلامي الراهن مقطوع الصلة بما صنفناه تحت عنوان "التآمر الإستراتيجي" الذي يقيم رهاناته على" نتائج استفزاز بنية قيد التشكل" ..
لقد شّكل العالم العربي –الإسلامي مسرحاً لتجريب التآمرالإستراتيجي .. ولدينا في القرنين الفائتين أمثلة قد تحرج كثيرا من السلالات التي لازالت حاكمة فيه . بل وكثيراً من الرايات الأيديولوجية التي لازالت تخفق في سماء هذا العالم العربي- الإسلامي المترامي الأطراف . وكثيراً من السِيَر الذاتية للبلوكات الدينية والطائفية التي يتشكل منها إجتماعنا العربي –الإسلامي .لنتمعن فقط في وقائع النصف الأول من القرن التاسع عشر فيما يخص مشروعين للتحديث تزامنا وتصادما :مشروع السلطان العثماني: محمود الثاني, ومشروع محمد على في مصر وشطر من آسيا العربية . ولنتتبع الآثار التي تركتها الأصابع الإنكليزية في ملفات تلك المرحلة.
ثم : أليست إسرائيل الراهنة, إذا قشرنا عنها أساطيرها التوراتية التي استخدمت كطعم لإصطياد الجاليات اليهودية , بنتاً لهذا التآمر الإستراتيجي على الممكنات التي يفتحها التلاقح الثقافي مع الغرب أمام مجتمعات المنطقة ؟ .التلاقح الذي لايمكن تجنب آثاره مهما تحوطت له النخب الحاكمة على المقلبين :الدولي والمحلي ؟"للتوسع في هذه النقطة أنظر مقالتي على موقع الأوان :عمق التأثيرات الإسرائيلية على جدلية المحيط العربي "
إلا أن تركيزي الحديث عن حصة التآمر الإستراتيجي في صناعة المآلات الراهنة للحداثة في مجتمعاتنا, لايتوخى تعليق فشل تجاربنا على مشجب الخارج كما تميل إلى ذلك أدبيات رائجة ..بل لألفت النظر إلى الموقف الحقيقي للنخب الحاكمة الغربية من حكاية التحديث في العالم العربي –الإسلامي .سيما وأنه –أي التحديث وقادته – محشوران في خانة المؤامرة لدى قطاعات واسعة من الرأي العام المحلي المتأثرة بخطاب الإسلام السياسي ..ولعل في تعليق مأزق الحداثة الراهن في رقبة التغريب الخالص من قبل مفكرنا الأنصاري الذي نحترم , صدى لصخب "الإسلام السياسي ".أو هوسهم طاش من كنانة سبق وأن أبلت حسنا..
لقد تحول قادة التحديث في المنطقة إلى عملاء للغربين: الاشتراكي والرأسمالي في الخطاب الرائج للإسلام السياسي كما في بعض خطابات اليسار الطفولي ..وتحت هذه الغيمة من الغبار الأيديولوجي يجري إخفاء الوشائج التي تربط لحى وجلاليب الكثير من قادة الإسلام السياسي بدوائر الإستخبارات الغربية .. إذ أن منطق المصالح المشتركة وما ينحسر عنه لحاف السرية لهذا السبب أو ذاك , يؤكد تموضعهم في هذا الموقع ..
ولا شك في أن عواطف التدين ليست في معرض الإتهام. فهذه العواطف هي موضوع للتلاعب وليست شريكة فيه ..وما أتناوله في هذا الحديث هو التوظيفات السياسية في المقدس سواء تلك التي تمارس من داخل دائرة المنتمين إليه,أ و من قبل من يجدون في هؤلاء شركاء محليين لعرقلة الحداثة كأفق مفتوح للخروج من التخلف.لما سيتبع ذلك الخروج من إخلال بمعادلات النهب والسيطرة المحافظ عليها لا بجفن العين كما يقال ,بل بالأساطيل الرابضة في مياهنا الإقليمية, وبمد الأصابع إلى نسيجنا الإجتماعي للتلاعب بخطوط التنوع الديني والإثني والمذهبي فيه, وباستجرار ردات الفعل غير العاقلة التي لاتخلو منها بنية قيد التحول ,للتحكم بسيرورتنا الإقتصادية –الإجتماعية ..

وفي هذا الإطار تشكل الحميمية التي يشيعها المقدس كحقل مغناطيسي يتحكم بحركة أفراد الجماعة أهم المعوقات أمام عملية التموضع داخل الدولة الحديثة ..فمن هذه الحميمية تتشكل البلوكات المغلقة المستعصية على الذوبان في مشروع الدولة .. ولأن هذه الأخيرة هي الحاضنة لجدلية الخروج من القروسطية- كما برهنت على ذلك كل الوقائع التي أعقبت اتفاقية وستفاليا -لذلك عول "التآمر الإستراتيجي" على هذه المسألة حيث أمكن ذلك.. فظهرت الكيانات السياسية في المنطقة ملغومة بالدوائر الحميمية المغلقة التي يتوزع عليها النسيج الإجتماعي لهذا الكيان السياسي أو ذاك ..
بقي من الحديث ما يختص بتجربة التحديث التركية ..ألا يقف التغريب الخالص الذي فرضه مؤسس تركيا أتاتورك وراء هذا المآ ل التركي المختلف؟..بما فيه ظهورالإسلام السياسي التركي المعتدل؟
أخلص إلى القول : في التجربة العربية على الأقل. لا يقف وراء المأزق الراهن للتحديث تجريبهم التغريب الخالص ,بل عدم تجريبه ..

سامي العباس -22-5-2009

هامش:
1- محمد جابر الأنصاري الاعتدال الإسلامي جريدة الحياة -21 – 5 -2009.



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لجنة تقصي زنادقة ؟أم لجنة قضم زنابقة ؟
- بين إشكالية الأقليات وإشكالية الحداثة
- ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية
- إتجاهات السير في طابقي البنية العربية
- فتح الفلسفات على بعضها كلود ليفي ستروس نموذجاً
- بين حنا مينه وأورهان باموق
- فاتحة أمي
- صرما لوجيا: عينة سريرية من جائحة عامة
- في إعادة تموضع الماركسية في العالم الثالث
- حاجات الشعر
- رسائل وتعليقات على مقالات لزياد الرحباني في جريدة الأخبار ال ...
- ذكريات من ظهر البيدر
- حكايات عن المقاومة :لسناء محيدلي وحميدة الطاهر ..وبقية الشهد ...
- إلهام منصور والأسئلة الممنوعة
- دعوني
- ديك ليبرالي يصدح فوق مزبلة طائفية
- النظام السياسي العربي على مشارف محنة جديدة
- عمق التأثيرات الإسرائيلية على جدلية المحيط العربي
- نقاش حر
- َغرفة من التصوف الإسلامي


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العباس - فشل التغريب الخالص