أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا: رؤية ما بعد الخمسين -15- حروب سبعة آخرها الحرية والحداثة!















المزيد.....

كوبا: رؤية ما بعد الخمسين -15- حروب سبعة آخرها الحرية والحداثة!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 12:49
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


شهد التاريخ الكوبي خلال القرن ونصف القرن الماضي عدداً من الحروب والنزاعات التي ما زال المجتمع الكوبي يستذكرها، في الحانة والمقهى وعلى الجدار وفي الساحات والمتاحف واللقاءات والمحاضرات، حيث تتردد أسماء الأبطال على كل لسان، ويمتاز الكوبي بشكل عام بوطنية عالية، وبالقدر الذي يتسامح فيه مع نقد النظام وأحياناً كشف بعض عيوبه ومثالبه، إلا أنه لا يقبل أن يكون جزءًا من الخطة الأميركية للإطاحة به رغم معارضته له.
وإذا كانت الظروف القاسية وبعض الإجراءات التعسفية التي لجأت إليها السلطات الكوبية قد أجبرت أعداداً كبيرة وبمئات الآلاف إلى مغادرة كوبا، لا سيَّما بفعل استمرار الحصار الأميركي إلا أن القسم الأكبر والساحق منهم لم ينخرطوا للعمل مع واشنطن ضد بلادهم، ولعل تجربة خليج الخنازير وأزمة الصواريخ وإحباط محاولات التسلل والغزو جعلت الكثير من الأوساط تعيد النظر لكي لا يتم استخدامها أو توظيفها تحت باب "التمرد" أو "المعارضة" بأجندات خارجية.
وهناك داخل الولايات المتحدة بما فيهم من المهاجرين من أخذ يتعاطف مع كوبا، رغم أن أعدادهم قليلة، وإن كانت غالبيتهم ضد النظام القائم. وتكشف مسألة اعتقال ومن ثم الحكم على 5 من الكوبيين في المحاكم الأميركية، والذين مضى على وجودهم في السجن أكثر من 11، عاماً أن بعضهم لم يعرف حتى كوبا وعاش في الولايات المتحدة، لكن قلبه كان في كوبا حيث تعرّض زعيمها كاسترو لنحو 683 محاولة اغتيال، وسأعود للتوقف عند هذه المسألة في مكان آخر، لأسلّط الضوء على محاولات الاختراق والاختراق المضاد، من زاوية قانونية وسياسية، ولعل أبرز الحروب وأهمها هي:
الحرب الأولى- المتمثلة بمقاومة الاستعمار الإسباني منذ العام 1868 والتي استمرت حتى العام 1878، وقد أبدى فيها الكوبيون بسالة منقطعة النظير، وخسر فيها الغزاة الكثير من الأرواح والمعدّات دون أن يتمكنوا من فرض "سيادتهم" الكاملة على كوبا، التي ظلّت عصيّة عليهم. أما الحرب الثانية فقد ابتدأت العام 1881 واستمرت لبضع سنوات، وهي استكمال وتوسيع للحرب الأولى. وكانت الحرب الثالثة منذ مطلع العقد الأخير من القرن الـ19، والتي قتل فيها الزعيم الوطني خوسيه مارتيه بعد أن جاء من هايتي، أما الحرب الرابعة فهي حرب أهلية داخلية، بين نظام كان صنيعة لواشنطن وبين حركة ثورية استطاعت استقطاب جمهور واسع لاحقاً، فكانت النخبة وسيطاً بين الشعب المستضام والوعي المفترض، الذي حاولت توظيفه لصالح الصراع.
أما الحرب الخامسة التي لا تزال مستمرة فهي حرب السلطة الثورية ضد الثورة المضادة المدعومة أميركياً، وإنْ استطاعت الثورة التقدم بتحقيق إنجازات اجتماعية وتنموية مهمة، لكن حقل الحريات واحترام حقوق الإنسان، بحاجة إلى إعادة نظر، لا سيَّما موضوع الإقرار بالتعددية وحرية التعبير وحق الاجتماع والاعتقاد والتنظيم والمشاركة، فقد أدى التضييق على هذه الحقوق إلى استثمار الثورة المضادة، لهذه الثغرات والمثالب، وهو أمر لو استمر دون مراجعة ومعالجة إيجابية، فإنه سيؤدي إلى تفتيت القاعدة الداخلية الأساسية للثورة، ولا يمكن لأية ثورة أن تستمر دون حريات الناس وحقوقهم وقناعاتهم، فهم المستفيدون من أية ثورة، مهما تحققت بعض المكتسبات الاجتماعية، فيما يتعلق بالعمل والصحة والتعليم والضمان، ولعل تجربة البلدان الاشتراكية وبعض أنظمة العالم الثالث دليل على ذلك.
أما الحرب السادسة فهي الحرب ضد الحصار الأميركي الجائر، المفروض على كوبا منذ 50 عاماً، أي منذ العام 1960 في عهد الرئيس كيندي الذي فرض حظراً على السلاح، ثم أصبح شاملاً لجميع مرافق الحياة، ابتداءً من قلم الرصاص وحتى آخر متطلبات الحداثة، بما فيها من انتقال الأشخاص والأموال والسفر والزيارات والاتصال الثقافي والعلمي وغيرها. ورغم أن تخفيفاً نسبياً قد بدأ في عهد الرئيس أوباما بشأن الاتصالات وتحويل الأموال والزيارات، مع لغة امتازت بالمرونة، فإن السياسة العامة لا تزال تندرج في إطار لغة الحرب والتهديد واحتمالات الغزو والتدخل بالشؤون الداخلية، وإن اختلفت منطقة التدخل ففي خطة أيزنهاور كانت ميناء ترينداد Trinndad التي زرتها وأنا في طريق عودتي من سانتا كلارا، ثم أصبحت في عهد كيندي ميناء بيك PIG وتطور الأمر إلى أزمة خليج الخنازير، ومن ثم إلى أزمة الصواريخ الشهيرة، وكان خيار واشنطن حتى نهاية عهد الحرب الباردة يقوم على الحصار والاحتواء عبر الصراع الأيديولوجي والضغط العسكري والسياسي والعقوبات الاقتصادية وتشجيع قوى الثورة المضادة.
أما بعد العام 1991 وتفكك الاتحاد السوفييتي، فقد أخذت الولايات المتحدة من تصعيد نبرتها والتهديد بالغزو مرّة أخرى، لا سيَّما خلال عهد الرئيس بوش واستخدام عصا الحصار لتركيع كوبا التي ظلّت تعاني وتنزف بصمت، وما كان يُحسب لها مثل القضاء على الأمية ونشر التعليم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والقضاء على البطالة، أصبح غير كاف، لا سيَّما في خضم المعركة الجديدة القائمة وتحديات التنمية وتزايد حاجات الإنسان في ظل العولمة والحداثة، وانعكاس ذلك على مسألة احترام حقوق الإنسان والإقرار بالتعددية وتوسيع دائرة الحريات.
المعركة الجديدة القائمة والتي سيتوقف عليها مصير ومستقبل كوبا ونظامها السياسي هي المعركة السابعة ونعني بها معركة كوبا مع الحداثة واستخدام العلم والتكنولوجيا، فقد ظلّت كوبا إلى حدود غير قليلة وبسبب الحصار وعدم وجود إمكانات كافية، معزولة وتعاني من شح الموارد، الأمر الذي عطل التنمية وأضعف فرص الالتحاق بركب الحداثة والاستفادة من منجزاتها، إضافة إلى ضيق فسحة الحريات، حيث تعمّق الاحتقان الاجتماعي والهيمنة السلطوية، ولعل هذا يتطلب فحص وتدقيق الشعارات القديمة، لا سيَّما بعد مرور 50 عاماً على الثورة، وإلا فإن الثورة ستهلك بفعل عوامل داخلية لا محال، ناهيكم عن العنصر الخارجي الذي يحاول تفتيت أطرافها ليتمكن من اختراق قلبها والنفاذ إلى صميمها!
بعد العام 1991 غادر الروس على نحو شبه مفاجئ قاعدة لوردس بالقرب من هافانا، حتى دون اتفاق مع الجانب الكوبي، وربما دون كلمات وداع رسمية، الأمر الذي أضعف من إمكانات كوبا الاقتصادية والسياسية في مواجهة الحصار والتصدي لتحديات الولايات المتحدة، فقد خسرت كوبا حليفاً قوياً وكبيراً رغم جميع التحفّظات ومحاولات فرض الهيمنة، حيث كان يمدّها بنحو مليون دولار يومياً ولمدة ثلاث عقود من الزمان تقريباً. ولم يكن ذلك الخلل وحده هو السبب في الأزمة الراهنة، فقد أشرنا إلى شح الحريات، إضافة إلى الموقف السلبي من الدين الذي اتخذته الثورة، وأصبح سياسة رسمية، بحيث كان قلّة من المتدينين من يدخلون الحزب ويحتلون مناصب عليا، وكان هذا التمييز سبباً في تهييج الكنيسة ضد الثورة واتخاذها مواقف مناوئة لها، وقد جرت محاولات أخيرة للانفتاح واحترام الطقوس والتقاليد الدينية، لكن الكثير من قوى الثورة المضادة، اختبأت تحت بعض العناوين الجديدة.
وكان من الأخطاء التي وقعت بها الثورة اللجوء إلى الصناعات الثقيلة وبناء مصانع للصناعات الكبيرة، الأمر الذي أدّى إلى تبديد طاقات اقتصادية وإنتاج سلع وبضائع لم تجد لها تصريفاً ولا حاجة للاستهلاك المحلي.
وتستغل بعض قوى الثورة المضادة اليوم، لا سيَّما بعض رجال الأعمال الانفتاح النسبي الذي حصل بعد فترة انغلاق طويلة لإمرار دعوات لإعادة العلاقات مع إسرائيل وأخذت بعض الجماعات تتستر للقيام بأعمال معادية تحت تلك الحجة، حيث نشطت الدعاية الصهيونية المتسترة وراء شعارات أخرى.
إن الماركسيين وإن اختلفت مدارسهم وتوجهاتهم يتطلعون بقلق إلى التجربة الكوبية، وكيف يمكنها حسم معركة الحداثة والحرية، اللتين من دونهما لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة، وبذلك فهم ينظرون إلى الشجرة من منظار آخر، ويأملون أن تنضج تفاحتها لكي يقطفها الشعب الكوبي، لا أن تسقط في سلّة واشنطن التي تنتظرها منذ 50 عاماً، وذلك أحد تحديات الاشتراكية الراهنة، خصوصاً إذا استطاعت أن تنحى باتجاه صورتها الإنسانية المنتظرة!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية القانون والنزاهة
- ماراثون الانتخابات العراقية.. من العزل إلى العزل!
- قيم التسامح في الفكر العربي الاسلامي المعاصر
- تحية الحرف والحق والمعرفة الى منبر الحوار المتمدن،
- ماراثون العزل السياسي في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (14) ثورة ومغامرات وكبرياء
- الانتخابات والعزل السياسي في العراق
- قدّيسٌ مخضّبٌ بالحب
- بذرة اللاتسامح هندياً
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! 13 - جيفارا بين رامبو ودون كيشوت ...
- هل كان التسامح وراء اغتيال غاندي؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! - 12 - يوميات المغامر النبيل
- هل تفلت ليفني من يد العدالة؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! - 11 - شعاع الثورة ومتطلبات الدو ...
- بيئة التسامح
- خالد عيسى طه الحالم المستديم!*
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (10) التغريد خارج السرب: رومانسيا ...
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (9) جيفارا والمهدي بن بركة.. غياب ...
- جدل هادئ للفيدرالية الساخنة في العراق
- النجف... والفرصة الواعدة!! سعد صالح (3)


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - كوبا: رؤية ما بعد الخمسين -15- حروب سبعة آخرها الحرية والحداثة!