أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - جدلية القانون والنزاهة















المزيد.....

جدلية القانون والنزاهة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 00:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عنصران أساسيان يشكّلان القاسم المشترك للدولة العصرية المتقدمة، وهما حكم القانون والنزاهة، فالأول يعني وجود مؤسسات تتقدم على الأفراد لكي تحكم السلوك والممارسة الفعلية، لاسيما عند التعاطي بالشؤون العامة . ولعل حكم القانون هو المدخل الصحيح والذي لا غنى عنه عند الحديث عن دولة مواطنة وحقوق انسانية ومساواة تامة بين بشر لا يميّزّ بينهم الدين أو اللغة أو الجنس أو القومية أو المنحدر الاجتماعي أو غيره .

كما أن توفّر حكم القانون ووجود مؤسسات، ضمانة للمراقبة والرصد والمساءلة فيما يتعلق بالعمل العام على أساس الشفافية والنزاهة وهو العنصر الثاني، الذي تقوم عليه الدولة الحديثة بالتوجه الديمقراطي، فإذا كان الضلع القانوني مرتكزاً أساسياً لها فإن الضلع الثاني هو النزاهة، الأمر الذي تتقلص فيه إلى حدود كبيرة عمليات التجاوز أو النهب أو التصرف بالمال العام، فلم يعد بإمكان الحاكم أن يتصرف بمفرده وبمعزل عن مؤسسات منتخبة تعود إلى الدولة التي يحكمها قانون يخضع له الجميع حكاماً ومحكومين، وهو ما يحدّ إلى درجة كبيرة من الفساد المالي والاداري، خصوصاً وأن تداولية الحكم سلمياً والمساءلة ووجود المؤسسات التي يحكمها القانون تشكل ضمانة مهمة .

ولعل هشاشة حكم القانون وضعفه وشكلانية المؤسسات وشيوع ظواهر اللانزاهة ناهيكم عن غياب أو ضعف المساءلة، تكاد تشكل ظاهرة عربية وعالمثالثية، ولهذا فإن وجود مركز عربي متخصص على درجة عالية من المهنية والكفاءة أمر مهم جداً، وقد يكون أحد النقاط المضيئة في ظل عتمة شرسة، خصوصاً في ما يتعلق بنشر الثقافة القانونية والحقوقية الخاصة بحكم القانون والنزاهة وتطوير آداء العالم العربي دولة ومؤسسات ومجتمع مدني وقطاع الأعمال، لاسيما وأن الانتاج الفكري العربي بما فيه البحثي والجامعي ما زال محدوداً على هذا الصعيد، ناهيكم عن أن مصادره في الغالب غير عربية، يضاف إلى ذلك، أن مقارباته لا تزال نظرية ولا وجود لأبحاث ميدانية تطبيقية .

من هنا كان الوسط الأكاديمي والحقوقي مهتماً عند انشاء “المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة” في مطلع الألفية الثالثة، كجهد متميز ومساعد في تحقيق التنمية والتقدم . ولعل أهم ما يمكن التوقف عنده هو تجارب الرصد والقياس لأداء المؤسسات من خلال ثلاثة حقول عمل عليها بنشاط وحيوية هي: البرلمان، والقضاء، والاعلام، وهي مجسّات أساسية لرصد حالة حكم القانون . وإذا كانت المقاربة قد اقتصرت على عدد محدود من البلدان، فإن الأمر يتطلب تغطية البلدان العربية جميعها، من خلال آليات متينة ومركّزة علمياً والاستفادة من الخبرة التاريخية، لكي يتم توسيع رقعة الرصد والقياس في جميع المجالات التي تعنى بحكم القانون .

وقد تسنى لي حضور اجتماع مجلس أمناء “حكماء” المركز الذي أعيد تشكيله مؤخراً ليضم شخصيات عربية وعالمية عاملة ومعنيّة في هذا الميدان، تمثل كوكبة لامعة في الفكر والقانون والقضاء والاعلام وقطاعات مهنية من القطاع الخاص والمجتمع المدني، فضلاً عن الخبرة الممارساتية، ولعل وجود الرئيس أحمد عبيدات رئيساً للمجلس وبمشاركة الرئيس سليم الحص وإشراف مؤسس المركز د . وسيم حرب، وأمينه العام د . ساسين عساف، سيعطيه بُعداً حيوياً، خصوصاً إذا ما استكمل دراساته وأبحاثه لقياس حكم القانون والنزاهة، وإذا ما أدخلنا الجانب التربوي والأنظمة التعليمية كحقل مهم، مع تدقيق الجوانب التشريعية والقانونية، لاسيما للدساتير والأنظمة القانونية، فإن ذلك سيكون مرجعية عربية مهمة، يمكنها أن تشكل قوة اقتراح ومختبراً عملياً لتطوير حكم القانون والنزاهة .

يمكن القول أن مفهوم حكم القانون، يشكّل حجر الزاوية في الدولة الحديثة، لأنه الرافعة التي تستند اليها مؤسسات الدولة، ويندرج تحته خضوع الجميع، بمن فيهم الحكّام لحكم القانون ومرجعيته .

ويُعدّ حكم القانون ركناً أساسياً من أركان الحكم الصالح، ومن خلال التفاعل بين حكم القانون والحكم الصالح تتعمّق عملية التنمية، لاسيما وأن القانون يقوم بدور الحامي لحقوق الانسان عبر مؤسسات، واستناداً إلى ذلك فإن حكم القانون يتطلب وجوده أولاً ونشره وتعميمه ثانياً، ثم تنفيذه بشكل سليم ثالثاً، وفيما بعد تطويره ومواءمته للمعايير الدولية، رابعاً .

ولا بد هنا من توفّر نظام قضائي سليم لتطبيق حكم القانون، يكون حيادياً وقائماً على أساس المساواة بين حقوق المتقاضين، ذلك أن وجود القضاء المستقل، يعتبر ركنا مهما من أركان حكم القانون، ولكي يكون القضاء مستقلاً لا بدّ أن يكون نزيهاً ومحايداً فضلاً عن كونه كفئاً وفاعلاً .

ولكي يستكمل حكم القانون جوانبه الأساسية في الدولة العصرية الديمقراطية، لا بد من وجود برلمان منتخب على أساس حر ونزيه، بحيث يمكنه سنّ تشريعات والقيام بدور الرقابة .

كما أن الثقافة القانونية ما تزال شحيحة ومؤسسات المجتمع المدني وقطاعات الأعمال ما تزال ضعيفة، بل ان بعض البلدان العربية لا ترخّص لها، أو تضع عقبات قانونية أمام انطلاقتها .

ولا تزال حركة تحديث القانون بطيئة وغير مواكبة لروح العصر، وما زال الفصل بين السلطات محدوداً وشحيحاً، الأمر الذي يؤثر في استقلال السلطات القضائية ونزاهة القضاء، لاسيما عبر تدخّلات السلطة التنفيذية فيه، وما تزال حالة حقوق الانسان متعسّرة، حيث يعتبر العالم العربي في أدنى درجات السُلّم العالمي بخصوص احترام حقوق الانسان وهو ما تعكسه تقارير الامم المتحدة والمنظمات الدولية والعربية المعتمدة، ناهيكم عن أن الكثير من البلدان العربية لا تزال بينها وبين الانضمام للاتفاقيات الدولية هوّة سحيقة، وحتى لو انتظمت فإنها تضع هذه الاتفاقيات في الادراج أو تتحفظ على بعض بنودها، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيلها .

وتبقى المشاركة السياسية والحق في تولّي الوظائف العامة العليا من دون تمييز محدودة، خصوصاً عبر الانتخابات التي في الكثير من المجتمعات العربية تستبعد دور المرأة، كما أن دور البرلمانات والمجالس التشريعية محدود، وغالباً ما يجري اخضاعه لمتطلبات السلطة التنفيذية .

حسناً فعل المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة عندما وضع في سُلّم أولوياته، بناء وتعزيز البنية التحتية لحكم القانون من خلال انشاء وتطوير المؤسسات وتعميم مفاهيم الحكم الصالح وحشد الطاقات والجهود لمشاريع التنمية وفق رؤية استراتيجية، ومنهجيات ووسائل وآليات لتحقيق ذلك، من خلال نشر التشريعات وحث البلدان العربية على توفير المعلومات القانونية وتدريب المعنيين ورصد وتدقيق القوانين، التي تخالف مبادئ حكم القانون، ورصد مؤسستي القضاء والتشريع وإيلاء المشاركة اهتماماً كبيراً، لاسيما في صناعة المعرفة وبناء القدرات والعمل على تطوير المشاريع الخاصة بمكافحة الفساد .

باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماراثون الانتخابات العراقية.. من العزل إلى العزل!
- قيم التسامح في الفكر العربي الاسلامي المعاصر
- تحية الحرف والحق والمعرفة الى منبر الحوار المتمدن،
- ماراثون العزل السياسي في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (14) ثورة ومغامرات وكبرياء
- الانتخابات والعزل السياسي في العراق
- قدّيسٌ مخضّبٌ بالحب
- بذرة اللاتسامح هندياً
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! 13 - جيفارا بين رامبو ودون كيشوت ...
- هل كان التسامح وراء اغتيال غاندي؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! - 12 - يوميات المغامر النبيل
- هل تفلت ليفني من يد العدالة؟
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! - 11 - شعاع الثورة ومتطلبات الدو ...
- بيئة التسامح
- خالد عيسى طه الحالم المستديم!*
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (10) التغريد خارج السرب: رومانسيا ...
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (9) جيفارا والمهدي بن بركة.. غياب ...
- جدل هادئ للفيدرالية الساخنة في العراق
- النجف... والفرصة الواعدة!! سعد صالح (3)
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (8)- جيفارا وعبدالناصر: قلق وهواجس ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - جدلية القانون والنزاهة