أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم السيد - سقط الحصان مضرجاً بقصيدتي















المزيد.....

سقط الحصان مضرجاً بقصيدتي


حازم السيد

الحوار المتمدن-العدد: 2912 - 2010 / 2 / 9 - 15:40
المحور: الادب والفن
    


سقط الحصان مضرجاً بقصيدتي
ذكّرتها تلك الطرق المحفّرة و الجدران المتسخة والكتابات المطروشة عليها بالأحياء العشوائية التي كانت تمر بها مع حبيبها في طريقهما إلى غرفته، وبحركة رومانسية رفعت رأسها، أغلقت عينيها وأخذت نفساً عميقاً علّها تستجمع شتات الذاكرة على طريقة أفلام السبعينات، وبالفعل فقد أخذت تسترجع ذكرى أول مرة تذهب فيها معه إلى غرفته، حيث كانت طقوسه الرومانسية الإبداعية وهواء الأحياء القديمة في العاصمة قد أشعل فيهماً ناراً من الحب و الشبق لا تطفئها إلا ممارسة الجنس، لقد كانت شجاعة في تلك اللحظة فعرضت عليه الذهاب إلى غرفته لتتويج تلك اللحظة الرومانسية، أما هو فقد كان أخلاقياً معها، ذكّرها بمجتمعها وارتباط شرفها ببكارتها وبأنه لن يتزوجها فقد كان ارتباط حياته بأوروبا يمنعه من ارتباطٍ مزمنٍ مع أي أنثى مهما أحبها، ولكنه ذكّرها أيضاً أن المجتمع لا يضغط عليها إلا إذا بقيت في بناه العفنة والتقليدية وأن المجتمع ذو قلب كبير ويستطيع أن يحتضن العقول الجامحة وعلى الأقل أن يستوعب نمط حياتهم الغربي ولكنه كان خائفاً من تكوينها الاجتماعي فأخذ يحدثها عن الشروط الاجتماعية التي تؤهلها لأن تكون عقلاً جامحاً، عليها أن تستقل عن أهلها وبالتالي عليها أن تحقق الاستقلال المالي عبر إيجاد وظيفة تتناسب مع نمط حياتها كأن تصبح دليلاً سياحياً فتستثمر شهادتها في الأدب الانجليزي، استمر في الحديث عن المستقبل الذي يصنع الجموح بالتفاصيل المملة، كانت تغب من السيجارة وتتمعن في كلامه، أحست برطوبة أحجار الرصيف الحجري الذي يطرز الجامع الأموي تتسلل إلى مؤخرتها، أحبت الإحساس بالرطوبة، تذكرت أن الرطوبة تجلب العفن، قامت عنها، سحبت آخر نفس من السيجارة ورمت السيجارة على باب الجامع بقسوة، وقالت بانكليزية انفعالية موجهة كلامها لحجار الجامع:
- I ll fuck you up.. let s go
أدرك حبيبها أنها اتخذت قرارها الصعب، أحس بشجاعتها و بانهزاميته، فهو المشبع بأفكار المواجهة لم يستطع أن يواجه مجتمعه وكان قراره الهروب إلى أوروبا في حين أن القليل من كلماته أشعل فيها نار ثورةٍ تمنّى ألا تخمدَ، ركبا الباص ثم مشيا في أزقة الحارات العشوائية التي تؤدي إلى غرفته، وخلال مسيرهما شبكت ساعدها بساعده و شدّت جسمها باتجاهه بحيث احتك الكتفان، أحس بالإثارة من القوة التي شبكت بها يدها إلى يده، أخذت تدخن السيجارة وهي تمشي غير مبالية بنظرات المارة الممتعضة وعندما وصلا إلى الغرفة أخذت تتجول فيها قليلاً للتعرف إلى أجزائها، أعجبت بلوحة "صيد الأسود لروبنز " ، أبدت إعجابها، فأخبرها أنه كان يتمنى أن تكون هذه اللوحة عن ترويض الأحصنة فقد كان هذا الطقس برأيه أكثر ما يشبع نرجسية الإنسان ويفرّغ عقد العنف الكامنة في داخله وأكثر ما يناسب المزاج الوحشي لصاحب اللوحة لأن الحصان كان برأيه الرمز الأعظم للثورة والجموح وبعد أن مرّت على تفاصيل الغرفة اتجهت نحو السرير، تمددت عليه بشكل استسلامي يذكّر بالعاهرات، لم تعجبه هذه الوضعية، فاستلقى قربها، توقعت أن يحطم فمها من قوة القبلة التي سيمنحها لكنه وضع يده بين شعرها وقبلها على خدها، قال لها أنه يحبها كحصان جامح و ليس في هذه الوضعية الاستسلامية، طلب منها أن تقبّله على فمه، وبالفعل انقلبت عليه فأصبح تحتها، قبّلته بعنف وأرخت ثقلها على جسده وأخذا يتقلبان في الفراش و يخلعان لباسهما القطعة تلو الأخرى وسط تقلبات سريعة وقبل عنيفة وأيدٍ تمسح جلد الظهر بقسوة، هدأت موجة العنف هذه وأخذا يداعبان بعضهما، طلبت منه أن يدخل قضيبه في فرجها فقال لها أنها يجب في البداية أن تنزع بكارتها بيديها، ذهبت إلى سلة المهملات، وقفت فوقها، أدخلت أصبعها في فرجها فسال الدم وأخذ يتقاطر في السلة، مسحت ما بقي من علامات الدم ثم عادت إليه وتابعا جماعهما، بعد الانتهاء من الجماع شرب كل منهما سيجارة النشوة بصمت ثم ركنت رأسها إلى صدره واستغرقت في الشرود.
استيقظت من هذه الذكرى على هلوسات أمها تلعن الزمن الذي جعلها تأتي مع ابنتها إلى هذه الأحياء العشوائية بحثاً عن طبيب يستر عورة ابنتها ويعيد لها شرفها بأشعة الليزر، كانت أمها بنت المجتمع الثقافي فهي زوجة مدرس ذو تاريخ يساري فلم تستطع أن تلقي على ابنتها محاضرات عن الدين والأخلاق واكتفت بمحاضرات خفيفة عن ضرورة التأقلم مع المجتمع والتخلي عن الأفكار المريخية وأخذت تذكّر ابنتها بأن موعد عرسها قد اقترب وأن خطيبها لن يهون عليه أن يعلم أن خطيبته قد مارست الجنس قبل الزواج، عند هذه الكلمات رحلت بطلتنا بمخيلتها إلى صورة خطيبها، المهندس الشاب ابن عصره المزود بأسلحة الفهلوية والمتابع الشغوف للدوري الإسباني لكرة القدم، العضو النشيط في الهلال الأحمر، والذي يحدثها عن كتاب كفاحي عند محاولته استعراض عضلاته الثقافية، المتحرر من أوهام الدين و المجبول من أوهام المجتمع والذي يحدثها عن الحب العذري وهو ينظر إلى ثدييها، أخذت تلعن وظيفتها التي جمعتها بخطيبها، تمنّت لو أن الواسطة التي أمّنها لها والدها استطاعت نقلها إلى دائرة حكومية أكثر حيوية وأقل بيروقراطية، لماذا كل هذا الاحتجاج على هذا الرجل، أخذت تساءل نفسها، ألم تختره بنفسها، هل أجبرها أحد على هذا الاختيار، في الحقيقة لم يجبرها أحد باستثناء نظرات والدها الممتعضة وزلات لسان والدتها حول قطار العمر الذي يمضي ولا يعود ورغباتها بأحفاد ينادونها يا تاتا، وتلميحات صديقاتها من المتزوجات، استفاقت من الكابوس المسمى خطيبها على نظرات أحدهم المستغربة لوجود فتاة على هذه الهيئة في حارته، بادلته نظرة الاستغراب ثم أخذت تجامل خُطبَ أمها بإيماءات باردة إلى أن وصلا إلى عيادة الطبيب، كان موقع العيادة مدللاً على المكانة الاجتماعية التي تحظى بها، فقد طمرها المجتمع في عشوائياته محاولاً إخفاء تناقضاته و الابتعاد عن الاصطدام بتاريخه، جلسا في رتل الانتظار، جلست بطلتُنا حانية ظهرها، وبيدين مشبوكتين استقرتا بين الفخذين، تذكرت أباها، سألت أمها فيما لو كان يعلم ببكارتها المنتزعة، كان نفي والدتها سهماً أصابها في قلبها، تمنت لو عرف والدها، فقد كانت تنتظر منه موقفاً يضمه إلى ما كدّسه من مواقفه، لكنها كانت تعرف أن أبيها قد ملّ المواقف بعد خروجه من السجن السياسي واكتفى بالصمت، حنت رأسها، حدقت في البلاط وعندما ملّت البحث عن شكل واقعي بين حصى البلاط أخذت تتأمل أثاث الغرفة، كانت أهم قطعة من الأثاث هي وجه السكرتير الخمسيني، الذي حفر الزمان عليه التجاعيد وأرغم رأسَه على الانحناء، رأت في عينيه العسليتين القاسيتين حقداً عميقاً على ذلك الزمان الذي رمى به في هذا المكتب، فقد بدا في شعره الأشيب وبدلته الزيتية الرخيصة وسبّحته العظمية ممن يقال عنهم الأناس المقدرين، والذين يمكن أن يرمي بهم الزمن في هكذا موقع بحثاً عن لقمة العيش لكومٍ من اللحم ابتلاه بهكذا حياة تحت شعارات "الولد بيجي وبتجي رزقته معه"، انتقلت ببصرها إلى الآية القرآنية المعلقة على الحائط، كانت ورقة السورة مصفرّة، وكأنها خجلة من هذا الزمن الذي تجرأ حتى على الله، مع أنه يعرب حتى في هذه الورقة الصفراء عن أنه رب السموات و الأرض و ما بينهما، تنقلت عينيها بين باقي أثاث الغرفة فاستوقفها سجل السكرتير، كانت تعتقد أن هذا الكتاب أشبه بالكتاب الذهبي الذي تحويه دار الأوبرا الوطنية فهو يحوي أسماء وإمضاءات معظم أكابر البلد، وأخيراً استقر نظرها على التمثال الكلسي الرخيص الموجود على طاولة السكرتير والذي كان عبارة عن فارس يعتلي ظهر جواد غاضب من فارسه ويحاول أن يتخلص منه، حدّقت كثيراً في هذا التمثال، تذكر نفسها و تذكرت علاقاتها العاطفية الكثيرة، حاولت الفرار من هذه الذكريات وحاصرت نفسها بالشرود و اللامعنى، وقد نجحت فلم تستيقظ من شرودها إلا على صوت الطبيب يستأذنها بالدخول، لم تذكر الكثير مما حدث في غرفة الطبيب فقد استيقظت من المخدر على ابتسامة أمها المشبعة بالذهول من المعجزات التي يصنعها الطب الحديث، راودها إحساس بالقرف والانزعاج استثنائيٌ في حدّته، وبعد أن استراحت من العملية وتخلصت من آثارها انصرفت مع أمها، لم تعر انتباهها لكلمة من كلمات أمها عن المستقبل الجديد فقد كانت مشغولة بأسراب الذكريات التي أخذت تهاجمها، لم تستطع أن تنظم هذه الذكريات في سياق واحد يحثّها على التصرف بأي طريقة كانت، أخرجت هاتفها من جيبها، اتصلت بخطيبها، ذكرت له كل ما حدث معها، أعربت له عن عدم قدرتها على الاستمرار معه، ومن حينها أخذت تبحث عن عاشق آخر لتنزع أمامه بكارتها وتقذفها في الزبالة.



#حازم_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قدر أحمق الخطى


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم السيد - سقط الحصان مضرجاً بقصيدتي