أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسين التميمي - جنة الخلد مثواك ايها المعلم.. فلامكان لك بيننا














المزيد.....

جنة الخلد مثواك ايها المعلم.. فلامكان لك بيننا


حسين التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 2911 - 2010 / 2 / 8 - 15:37
المحور: حقوق الانسان
    


قال لي مدير احدي المدارس المتوسطة وبوجل بعد ان قرأ لي بعض الاعمدة والمقالات المنشورة في الصحف والتي تتحدث عن الواقع التربوي في ديالي : استاذ انت لاتعلم ماعاناه ويعانيه المعلم في ديالي . ولم ينتظر مني الاجابة بل راح يسرد : استاذ .. قبل اربعة اعوام كان هناك معلم كبير السن جاءني في احد الايام وطلب مني المساعدة في تخصيص احد الصفوف المدرسية له .. ولأنني مدير مدرسة متوسطة ودوامنا صباحي بينما دوام المعلم الكبير بعد الظهر فقد استماحني ان امنحه احدي قاعات الدرس الشاغرة كي يتمكن من اعطاء طلابه حصة اضافية قبل بدء دوامه وبدون مقابل !! ولأنني فوجئت بهذا الطلب الغريب الذي لن يكلفني اي شيء وافقت علي الفور ورحت اتابع الموضوع .. واختلست بعض الفرص لأسأل طلابه .. واحيانا اولياء امورهم فأكد لي هؤلاء ان هذا المعلم هو مثال للامانة والشرف والخلق الرفيع وانه لايتقاضي لقاء مجهوده المضاعف هذا اي اجر!
ولم اكتف بهذا القدر بل سألت عن هذا المعلم في الوسط التدريسي وكان بينهم من يتسقط اي غلطة او سهو لأي من زملائه لكن فوجئت بان هؤلاء اجمعوا علي نزاهة هذا المعلم وحرصه الشديد علي ايصال الرسالة التعليمية بحذافيرها.
الرجل احيل بعد ذلك الي التقاعد ولم تكلف مديرية التربية نفسها الاحتفاء او الاحتفال به وبما قدمه للتعليم لأكثر من اربعين عاما .. ولم يكرم بل احيل الي التقاعد بين ليلة وضحاها وكأنه كان نسيا منسيا .
بعد ذلك تصاعدت اعمال العنف في المحافظة وحدثت الكثير من الاغتيالات وبدأ التهجير الطائفي وتحولت الكثير من حيطان المنازل الي لافتات ووسائل اعلامية للقوي المتطرفة .. وبدأ بعض هؤلاء بمزاولة هواية قطع الرؤوس ورميها بين اكوام النفايات في الازقة والشوارع .. وكان نصيب هذا المعلم العراقي الكبير الذي ربي وانشأ الكثير من الاجيال ان فصل رأسه عن جسده في منطقة الكاطون هو واحد اولاده دون اي ذنب او جريرة .. وقيل يومها ان بعضا من الاطفال او الصبية وبعد ان تعودوا علي مشاهدة الرؤوس المقطوعة صاروا يمرون بقربها دون اي احساس بالخوف .. وتطور هذا التبلد بالاحساس والتوحش واللا آدمية الي الاقتراب من تلك الرؤوس والعبث بها وكأنها مجرد كرات يمكن قذفها واللعب بها !!
قد يقول قائل انها مبالغة .. لكن ومما يؤسف له ان هذه المبالغة تحولت الي واقع معاش في تلك السنوات وكانت بعض النسوة (في مناطق اخري) يزغردن ويقمن بانفسهن وباستخدام الفؤوس والبلطات للاجاهز علي ما تم نسيانه من المغدورين ..وبطرق بشعة تفوق مافعله دراكولا. اقولها وبعتب كبير علي مديرية التربية لماذا ننسي هؤلاء الاساتذة الافاضل..؟ هؤلاء الذين افنوا زهرة شبابهم وواصلوا العطاء حتي في شيخوختهم ثم قتلوا شر قتلة ولم يحصلوا في النهاية علي اي تكريم او حفل تأبيني او استذكار متواضع لما قدموه . هل يصح هذا ؟! هل يصح ان يعامل هكذا من قيل فيه انه كاد يكون رسولا ؟! اخيرا ودعني صديقي مدير المدرسة وهو في غاية الحزن والشعور بالاحباط .. خيل لي وانا اغادر المدرسة انه تصور انني استمعت اليه من باب المجاملة وانني سانسي ماقيل لي ، سيما وانني لم اكن احمل قلما واوراقا كي ادون تلك القصة .. لكن تذكرت وبعد ان ابتعدت لمسافة طويلة عن تلك المدرسة انني سبق لي ان سمعت بقصة هذا المعلم الكبير في وقتها والهمتني كتابة قصة قصيرة جدا بعنوان (الرأس مقطوع الجثة) والاغرب من هذا كله انني تخيلت في لحظة ما ان مدير المتوسطة كان يتحدث عن نفسه بطريقة ما او انه كان يخشي ان يلاقي هو ايضا مصيرا مشابها ولكن بشكل معنوي وفقا لقراءة ترسخت في دخيلته بعد ان عاني طويلا ولسنوات عديدة دون ان يحظي بأي تقييم حقيقي ... يستحقه.



#حسين_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذهب ايها المهجر انت وربك فقاتلا
- خالد السعدي .. الشاعر الذي اقتفاه القدر
- المواطن عنبر .. .. حكاية مهجر
- أصوات ليس لها صدى
- أقساط القرض العقاري والمهجرين
- دوائر الهجرة والتنصّل عن المسؤولية
- ارهاب الكهرباء
- مدارس تم اعمار بنائها .. فمتى يتم اعمار كادرها ؟!
- تطوير القطاعين الخاص والعام في ديالى.. ومشكلة القروض
- كابوسنا الجميل
- في بعقوبة..اطفال يتأرجحون بين الاهمال واللعب التي تقتل برائت ...
- بوووم - قصة قصيرة
- بووم - قصة قصيرة
- أشياء لن تتوارى
- البرتقال يغادر لونه
- والعيد على الابواب .. ماذا ستفعلون ايها الساسة !!
- !! ولاية .. مشّيها
- اطباء من زمن الفوضى
- محرر يسطو على اعمدتي !!
- !! البشاعة المسلية


المزيد.....




- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسين التميمي - جنة الخلد مثواك ايها المعلم.. فلامكان لك بيننا