أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الشويلي - قُتل الإنسان ما أكفره ....















المزيد.....

قُتل الإنسان ما أكفره ....


كاظم الشويلي

الحوار المتمدن-العدد: 2906 - 2010 / 2 / 3 - 00:58
المحور: الادب والفن
    


قُتل الإنسان ما أكفره

قصة قصيرة

بقلم : كاظم الشويلي



أتذكر جواب أمي الشجرة البرية ، و اسمع رنينه يدوي في أذني ، قالت يومها :-
أحذر بطش الإنسان يا صغيري لقد صارع الإنسان ربنا بكفره ، ألم تفقه يا ولدي قول الكهل الذي جلس بجانبنا وهو يرتل ( قُتل الإنسان ما أكفره ) انهم كفرة .. ولله الحمد الذي نزهنا عنهم وجعلنا أشجارا بلا إرادة ننتشر على هذه الأرض الطيبة وجمادات مفيدة نسبح بحمد لله ونشكره على كل حال ...

هذا ما قالته أمي الشجرة البرية يوم كنت غصنا ضعيفا .. وبعد أيام تحقق صدق قولها .. إذ امتدت يد خشنة تحمل سكينا عليها أثر دماء أبرياء ، لتفصلني عن أمي الشجرة ..
ارتجف بدني ،
أصابني الرعب ،
تملكني الضعف والانهيار ..
لذت والتجأت إلى أحضان أمي . لكن لا جدوى إذ قطعوني ، كما قطعوا أغصانا أُخرى، ثم صيروني سهما قاتلا بيد أحد المقاتلين ..

لم أكن اعرف هذا المقاتل .. وضعني بعنف مع مجموعة سهام في كنانته ، خلف ظهره ، شممت رائحته النتنة ، فكدت أختنق ..
ناداه أحدهم :- حرملة ... يا حرملة

عرفت اسمه .. انه كريه كرائحته .. وكأن اسمه يجمع بين الحرام والمرارة .. وتناهى إلى سمعي ذات يوم صوته المنبوذ ، وكأنه صفير الثعابين حيث كان يتحدث مع قائد الجيش الجرار ، علمت أن هذه الأرض تسمى ( ألطف) وان هؤلاء الأوباش اجتمعوا على قتل ثلة من المؤمنين .. شيوخ وصبيان ونسوة .. وعلمت أنهم يسبحون لله .. ويستغفرون لله ... و ...

ألم يخجل هذا الجحفل العظيم من محاصرة فئة صغيرة ؟؟؟

وكم يعمر الإنسان حتى يسخر حياته لفناء الآخرين ؟؟

قتل الإنسان ما أكفره!!

هل سمعتم أن غصنا يخاصم غصنا آخر؟؟

أو شجرة تتنازع مع شجرة أخرى ؟؟

جبلا يغزو جبلا ؟!

قتل الإنسان ما أكفره ! فما ذنبي أنا يا سيدي حتى يأتي ( حرملة) يخطفني من حضن أمي ، يقطعني ويجعلني آلة للبطش والفتك ...... قتل الإنسان ما أكفره ... وعلمت بعدها معنى ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك .... ) ما ذنب الأغصان تتحول إلى سهام ما ذنب الأشجار تتحول إلى رماح ما ذنب الطبيعة يفنيها الإنسان بجحوده وغروره ....

ليت الإنسان جعل من خشبنا قاربا يُحمل به الطيبون ...
ليته جعلنا كوخا يأوي إليه الزاهدون ....
ليته جعلنا سريرا يغفو عليه رضيع ... قتل ألإنسان ...
وبعد سويعات من ظهيرة عاشوراء في ارض كر بلاء اشتد القتال وتساقطت الرؤوس والتفت الوحوش حول تلك الفئة الصغيرة ... ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح ورجما بالحجارة ورميا بالسهام ومنعا عن الماء .. حتى تهاوت الثلة الصغيرة ولم يبق منها سوى نسوة خائفات وصبيان كالبراعم القدسية وحول الخيام فارس يدافع بضراوة وكأنه أسد أحاطت به كلاب ...

يصول ويجول حول القوم ، وهم يهربون منه كالحمير الوحشية ... كان الفارس أشبه بهالة من نور عظيم ، وكأن الله جعل نور الكون في ذلك الوجه ... دارت معركة أشبه بزلزال ... شقت الأرض شقا ... بقي الفارس وحيدا... منعوه الماء واشتد عطشه وازداد عطش الصبية ... وتلبدت السماء بالغبار الأحمر وتأدى إلى سمعي نداؤه الرحيم إلى الوحوش الضارية وهو يحتضن الرضيع ( إن كان هناك ذنب للكبار فما ذنب الصغار ؟ ألم تروه كيف يتلظى عطشاً)؟ واختلف القوم فقال فريق منهم : اسقوه فما ذنب الرضيع ؟؟؟؟؟

وقال فريق : اقتلوه فانه كأبيه ...

وسمعت قائد الجيش يخاطب حرملة :- اقطع نزاع القوم يا حرملة

وامتدت يد حرملة إلى حمالة السهام ارتعدت فرائصي اقتربت أصابعه الخشنة مني ... سحبني بعنف ووضعني في الوتر وهو مسودّ الجبين وكأنه خلق دون رحمة ووجهني صوب ذلك الرضيع ...

صرخت ...
لم يسمع احد صرختي
بكيت لم يصغ احد لبكائي ...
انتفضت ... لكنه كان أقوى مني ...
وتمركزت في كبد قوسه ، حدقت في ذلك الرضيع كان يصرخ بحضن أبيه وكبده يحترق عطشا ومياه الفرات الباردة تنساب على بعد بضعة أمتار منه... سحب حرملة وتر القوس إلى الخلف تمدد الوتر ورأسي نحو الأمام مضطرب ...
لا امتلك أرادة للرفض ،
للتمرد ،
للتحطم ،
للموت ،
ترك حرملة يده ... فانطلقت ...

أحسست بقوة هائلة تدفعني نحو الأمام رأيت العسكر الوحشي يحدق فيّ ولمحت النسوة فاغرات الأفواه والفارس بيده الرضيع يتلظى من العطش ...
لا ماء سوى سوط الكثبان الرملية تلفح الوجوه ... ظن القوم إن مسيرتي ثانية واحدة يا لغفلتهم يا لخسارتهم لم يعلموا إنني سرت دهرا غير متناه بين رمية حرملة وعنق الرضيع ...


وشاهدت جند الله ، ملائكة الله ، واقفة مذهولة في الأفق واقفة تنتظر أمر الله ، مدججة بسلاح عظيم ، حراب ، سيوف ، رماح ، دروع ، رأيتها قائمة ... راكعة ... ساجدة ... شاهدتها تملأ الكون تنتشر في السماوات والأرض ، بهرتني الدروع التي تتكسر على سطحها اعظم الرماح والسهام بل لو ارتطم بها جبل لتهاوى صريعا ،

توقفت ، أذهلتني الملائكة الشداد ، أرعبتني ملائكة الله اصطفوا محلقين فوق رأس ذلك الفارس الوحيد ... وبيده رضيعه ... دنوت من احد الملائكة ... وقد احتجب عن الرؤية قلت له بانكسار :-
لم لا تمنعوني وتمنعوا القوم الكفرة الفجرة وانتم ملائكة الله الشداد ؟
قال وهو مطرق الرأس يحدق في الفارس الذي يحمل الرضيع : امض لشأنك ... هذا أمر الله ...
مضيت طائراً نحو ذلك الرضيع ...
الرضيع الذي يتضور عطشا ...
ودروع الملائكة مستسلمة لأمر الله...
اقتربت من ذلك الفارس هالني نوره السماوي
دنوت من الرضيع ... بهرني جماله الإلهي ... كأنه القمر ...

اخترقت عنقه الناصع البياض ...
لحمه الطري ...
تدفق الدم ...
صرخ الرضيع ...
وخرجت من طرفه الآخر...
سقطت الدماء على الأرض ... شديدة الحمرة ،
احترقت الأرض .......... ارتجت ... اهتزت ... تزلزلت ... وكأنها يوم القيامة... صرخت السماء ... غضبت ملائكة الله ... عصفت رياح الصحراء ... تلقى الفارس دم رضيعه بكفه ... ورمى به إلى السماء قائلا :-
... أنه بعين الله .... اللهم .... لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح .



#كاظم_الشويلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تايتانيك عراقية ...
- شتاء جهنم ..... قصة قصيرة
- اقراط سوسن ..... قصة قصيرة
- أين أنت ...... يا نجمة الصباح


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الشويلي - قُتل الإنسان ما أكفره ....