أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رياض الأسدي - تعليب اوثان يهوه















المزيد.....

تعليب اوثان يهوه


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2905 - 2010 / 2 / 2 - 14:50
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


"هناك أوثان في هذا العالم أكثر من الحقائق"
فردريك نيتشه

(تعليب القداسة)
واهبلاه والاتاه واعزاه! : هكذا كانت صرخات كاهن الكعبة العجوز المحدودب الظهر الذي ظهر آخر مرة في فيلم"الرسالة" بنسختيه العربية والإنكليزية حيث لاذ بالفرار أمام الزحف المحمدي الكبير لقبائل العرب المتحالفة المزهوة بالنصر، وهي تجتاح قلعة الوثنية وسط جزيرة العرب، ووسط ذهول مطبق وحسد مطلق وحقد دفين من سيد مكة السابق أبي سفيان بن حرب، فكانت غصة كبرى في الفم لم يستطع إخفاءها، فقال للعباس عم الرسول وهما يقفان لمشاهدة أرتال المقاتلة المستعرضة: يا عباس.. ها قد أصبح ملك أبن أخيك عظيما.. فما كان من العباس بن عبد المطلب إلا أن وبخه مذكرا إياه بأن ذلك قد تمّ كله بفضل : لا إله إلا الله! فأسرّها أبو سفيان في نفسه برغم أنه قد نال من جراء ذلك الفتح العظيم نصيبا وافرا من المؤتلفة قلوبهم.
- من هذا الرجل الوسيم الذي يرتدي بذلة سموكن سوداء وفيونكا رائعة؟
- من؟
- هذا! لم أره من قبل مدعوا لجائزة غرامي
- هوو.. هذا..
- من؟ من؟
- أبو سفيان بن حرب.
وعندما حمل الرسول محمد(ص) فأسه يتبعه جمع الصحابة الموحدين وشرع في تحطيم أصنام وأوثان ولوحات قريش- مصدر عيشهم ودليل ثرائهم- وسط صيحات الله أكبر! كان قد اخبر بعد ذلك بقوة ووضوح؛ أنه قد قضى على(الشرك الأكبر) الظاهر، المرئي، ولا زال الطريق طويلا أمام المؤمنين للقضاء على الشرك الأصغر، الأخطر، المتلون، الذي لا يزال قائما جاثما ومعلبا بملء البصر في عصرنا.
وهاأنت ترى بأم عينيك، وتسمع بملء سمعيك، وتتشمم الفضيحة ماثلة للعيان؛ لكن أحدا ما من الآيلين إلى الفناء، هنا، لم يشر ولو من طرف خفي إلى صنميتهم البشرية ووثنيتهم الحديثة. طرون في إثر طورن، وقرون في إثر قرون. يمكنك الإحصاء رسميا بلا مواربة لأعداد صور السياسيين والحكام والمطربين والمطربات والمتطفلين على العملية التعليبية والمتطفلات، وأنواع أخر من الإعلانات الضوئية واللاضوئية من الذين يعلنون صنميتهم الجديدة.
ألا ترى إن أحدا ما من الحكام او من السياسيين قرر أن لا يضع صورته(صنمه) وفضّل أن يُعْرف بعمله بين الناس؟ فهل نحتاج إلى محمد جديد لتحطيم الأوثان فينا والأصنام البشرية على الأرض؟ ربما من هنا جاءت(الخلاصية= التغيير القادم بأمر الهي على مستوى العالم)التي ستحيل (الشرك الأصغر) إلى هباء منثورا ولتنقذ البشرية ثانية من الشرك محطمة جميع القداسات الشركية السابقة والجديدة. ولولا ظهور الخلاصية الحتمية لإتمام المهمة كاملة، ما كان بالإمكان وضع تفسير منطقي لنهاية الشرك من العالم؟
ثمة معمل للعلب الجاهزة علامة الحصان الصاهل، ربما، وهو أقدم من معمل التوراة الذي علب لنا بامتياز(يهوه) إله الجنود، وإله يهود الخاص بهم وبطلباتهم المعجزة وبنجدتهم كلما صاحوا وايهوه!؛ المحارب لغيرهم من القبائل الوثنية التي لم تكتشف بعد معنى العالم في ظل يهوه. إنهم لا يحاربون للدخول في يهوههم بل للمغانم الموجودة في أياديهم وتحت أرجلهم. هوووو! الحرب من أجل المادة منذ البداية: علبة علامة الحصان الراكض. عصير طماطم البشرية. ما يهمنا في هذا البحث المقتضب، ما كان عليه تعليب اليهود للمقدس. فمن المهم أن يكون هذا الإله اليهودي الخالص- كإله كل قبيلة- لا يقبل الدخول لأحد في رعايته من الوثنيين؛ إنه إله عنصري منذ البداية. وكان العبرانيون الذين عبروا نهر الأردن مجرد قبائل بدوية تائهة، غريبة، تعتورها الزعامات والخلافات والتخلي عن يهوه العظيم؛ بدليل وجود السامري وإلهه (العجل) الذهبي الذي صنّعه من حلي النساء وسط الصحراء ليطلق صرخات استغاثة(خوار) كلما هبت ريح بسيطة، وهو رجل منهم يقال له هارون السامري، الذي أخذ ما كانوا استعاروه من الحلي وصاغ منه عجلاً ثم ألقى فيه قبضة من التراب الذي سرقه من أثر الرسول..يقال: كان قد أخذها من أثر فرس جبريل، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه.. فلما ألقاها في جوف إلهه الجديد خار كما يخور العجل الحقيقي. وجد اليهود أن ذلك الإله المرئي الذي صنعه (هارون السامري) يستحق العبادة لأنه مرئي ويخور ويمكن تعلم صناعته أيضا. يقال إنه استحال عجلاً جسداً أي لحماً ودماً حياً ويخور.. هووو هوووو هووو من الصعب التأكد من جميع الروايات السامرية على أية حال قبل ما يقرب من ألف عام ونصف قبل الميلاد. وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره وخرجت من فمه يخور كما تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون كالوثنيين تماما: يهوه يهووه يهوووووه!
لا أحد يعرف ما الذي جعل من هارون أخ موسى يقف حائرا ولم يقاتله حتى حضور موسى الرسول؟ هكذا كانت تلك القبائل محمومة باحثة عن خلاص روحي ومادي وسط تيه لحقبة أربعين عاما. هؤلاء الرحّل الممغنطون بالإنقاذ، والشتات منذ البداية؛ كانوا أصحاب أقدم معمل قبل الانقلاب الصناعي لتعليب القداسة؛ وهم هم من اخترعوا (الانقلاب) قبل أن يكون صناعيا. لكنه انقلاب آخر لما يدرس بعد عن كثب وكلّ ما كتب عنه محض نتف هنا وهناك.

قداسة الأرض : تطبيقات وثنية جديدة
الرعاة وحدهم من يستحقون القداسة وتستحقهم القداسة في الوقت نفسه. ويرى الرعاة أنهم نسيج العالم الأخلاقي المنظم وحدهم دون غيرهم. فأخلاقهم هي التي يتوجب علينا إتباعها، وتوجهاتهم هي من يشترط السير بها. الرعاة يذكرون دائما بالخراف التائهة التي سيأكلها الذئب لولاهم. يعدّ صدام حسين وأضرابه من رعاة العالم العربي أمثلة حية على أهمية حمل العصا وحراسة الكلب.
يتشدق الجميع وخاصة هنا في العراق بضرورة وجود السادة الرعاة دائما، حيث أعيش الآن، أنا، تحت رعاة كثيرين، وفي العالم العربي- الذي يختزن حضارة عشرة آلاف عام من التاريخ الرعوي- بعمق التاريخ فيه على نحو ربما أكثر من أي مكان أخر في العالم حيث كنا وكنا وكنا.. ويتسرّب التاريخ في النفوس بعمق حتى في أولئك الذين لم يعرفوا من التاريخ غير الجلوس للاستماع؛ وكلّ ما يسمع يعدّ صحيحا ونهائيا وغير قابل للنقاش أيضا: هاهو(المقدس)الجديد المولود من مشيمة ودم ونفاس يطلّ برأسه من خلال معلومات شفاهة فحسب. لا بأس من أن يتذكر الإنسان تأريخ أمته وشعبه وأرضه التي تحدر منها، لكنه يتوجب عليه أن لا يكون أسيرا له فللآخر دائما تاريخ وموروث ودماء وروث، ويمكن ببساطة أن يكون مقدسا؛ إنه أمر مفيد أحيانا إذا ما أصبح دافعا للتقدم إلى أمام وليس أن يتحول بديلا لكلّ شيء؛ عندئذ يكون التاريخ عبئا ثقيلا على الفرد والجماعة على حدّ سواء كأصفاد ثقيلة من محاكم التفتيش، إن لم يكن عائقا يحول دون التطور العقلي لأية امة تروم النهوض ونفض غبار التخلف عنها ومن ثم اللحاق بالركب العالمي.
لكنْ، ثمة أمم تمتلك عمقا تاريخيا كبيرا، وحضارة كبرى أسيوية عريقة، أعرق من أي مكان آخر ولا مجال لغضّ الطرف عنها، كالصين حيث كانت القوى القديمة تعمل في عمق تاريخها وقد وظفت بقوة للوحدة والعمل الجادين والمنافسة وزج بني البشر كتروس ومسامير محوية في آلة ضخمة؛ عملوا بجد على استثمار كلّ شيء للنهوض الصناعي ولم تسلم من دعاواهم حتى الكونفشيوسيةConfucianism(*) ؛ بيد أن الأخيرة لم تلبث أن اختفت تماما بعد اندلاع الثورة الثقافية عام 1966 : تلك هي القدرة التي تتمتع بها القيادة الأحادية او القيادات السياسة على إزاحة كلّ ما كان بشطبة قلم صغيرة.
- من هذا؟
- ماو.
- يشبه بوذا.
- يشبه تمثال صدام على السور
- يشبه يهوه أيضا
- يشبه بوذا تماما.
- يشبه تشاوشيسكو
- يشبه مقاتل من الجنجويد
- يشبه واحد من الميليشيات
- يشبه تمثال الحرية أيضا
- كلهم صنعوا من حجر واحد تقريبا.
- نفذ النحت فنان واحد
- تقريبا.
- معلبون كبار.
- القائمة من الطول بمكان.
هكذا أصبحت الصين في بحر أقلّ من قرن من الزمن، أمة قوية توازي في اقتصادها الولايات المتحدة الأميركية بعد أن اجتازت ألمانيا واليابان، في حين أن الصين كانت تعد من بلدان العالم الثالث قبل ثلاثة عقود فقط. فهل يعود الفضل إلى التاريخ الصيني؟ أم إلى الحزب الشيوعي وشخصية ماوتسي تونغ(1893-1976)الخلابة، أم إلى (نظرية اشتراكية السوق) المثيرة للجدل؟ أم لكسر أطواق القداسات القديمة؟ ثم استطاعت الصين أن توحد نفسها في صناعة(وثن واحد)هو العظيم ماوتسي تونغ بعد أن دمرت جميع الأوثان التاريخية للشعب. فلاشيء ينافس (هبل) الصين الأكبر. لذلك ليس اعتباطا أن أقيم لماو تماثيل ضخمة(تعويضية) كتماثيل بوذا الكبيرة التي تلقي الرهبة والروع في النفس حال مشاهدتها.
المحتلون المقدسون المهووسون من أبناء يهوه
المحتلون المقدسون الأنكلو ساكسون
المحتلون المقدّسون المحليون من أبناء الوطن
المحتلون المقدسون من أبناء القومية وهم يركبون حمارا أعرج
المحتلون المقدسون من أبناء الدين
المحتلون المقدسون من أبناء الطائفة او العرق أو الجهة
المحتلون المقدسون من حملة مشاعل الحرية الحارقة الآتون عبر البحار لمسافة خمسة آلاف ميل بحري.
المحتلون القدماء منذ عصر المركنتلية
المحتلون في عصر ما بعد المركنتلية المعلبون بعلب قديمة صدئة علامة بنادق الدخان الفينيسية
المحتلون..
المحتلون..
ـــــــــــــ
(*) الكونفشيوسيه: نسبة إلى كونفشيوس(551-479) ق.م وهو داعية أخلاقي يرى في أن القاعدة الأخلاقية موجودة فينا



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردوالة كاظم الاحمدي
- لوردات زمان ولوردات الآن
- تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل الثامنوالأخير:
- تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل السابع:الخروج
- مبولة محمود درويش
- فوبيا هب بياض
- تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل السادس:بغا ويوسف
- تلال القادم/رواية فانتازيا/ الفصل الخامس: احافيرهووووو
- تشظي الدكتاتورية، تطبيقات الشرق الاوسط الجديد
- تلال القادم/رواية فانتازيا الفصل الرابع
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الثالث
- عدميات
- صلاح شلوان:عالم الميناتور في ميسان
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الثاني
- الواقعية القذرة العربية.. آتية؟
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الاول
- مراجعات غير مطمئنة لعالم محمد خضير( محنة الوراق)
- لم يتبقَّ لدى نوح من ينقذه
- بانوراما ليل سعدي الحلي
- عجز مكتسب: قفص حديد امن البصرة


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رياض الأسدي - تعليب اوثان يهوه