أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - السادة يخلقون الأديان .















المزيد.....

السادة يخلقون الأديان .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 30 - 07:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا توجد فكرة على ظهر الأرض لايكون من ورائها هدف ومدلول مادى ..فلن نرى فكرة متشعلقة فى الهواء وليس لها خيوط تشدها وتجذبها إلى الأرض ...ومهما بدا أن هناك فكرة ما فيها الكثير من التعقيد بحيث تتوه عن عيوننا الهدف المادى الذى أشعلها , فستظل فكرة تعبر عن إحتياج مادى كلما أمعنا فى أصول جذورها ومنشأها .

والأديان تكون هكذا , فهى ليست كما يتم تصويرها أنها شرائع تم إلقاءها من السماء ..ولا هى مكتفية بكونها أسطورة تعبر عن فكر وخيال إنسان قديم .!!
نعم هى فكر وإبداع إنسان قديم صاغ رؤيته للنواميس والأخلاق ولكن تحت وطأة القوى المهيمنة بالمجتمع ..أو يمكن القول بأن القوى المهيمنة هى التى صاغت الدين بشرائعه ونواميسه لكى تحكم قبضتها على المجموع البشرى وتحقق هيمنتها وتؤمن مصالحها ومخططاتها .
فالدين هو تكريس لأوضاع يراد لها أن تكرس وتنظيم يراد له أن يهيمن ليعبر عن مصالح فئات وطبقات .

تبدأ القصة عندما عرف المجتمع الإنسانى الملكية بديلاً عن الحياة المشاعية حينما تحقق له الإستقرار فى المعيشة مما جعله ينتج بشكل مستمر ويتولد لديه فوائض فى الإنتاج ... هذه الفوائض الإنتاجية جاءت بواسطة الأفراد الذين إمتلكوا القدرات الجسدية على العمل .. ليظهر فى أطراف المشهد الشيوخ وأصحاب السطوة فى القبيلة وهم من يمثلون الأصول والعزوة والتاريخ ليستأثروا على فوائض الإنتاج .
من هنا بدأ تكوين بواكيرالملكية الخاصة والتى تم التعبير عنها بحيازة مكونات مادية والإستئثار بها... وقد أصبح لدينا ملاك إكتسبوا ملكيتهم المادية من عرق وجهد الأخرين .

هؤلاء الملاك الجدد أصبح لهم همومهم الخاصة فى السيطرة والحفاظ على ما يمتلكونه من أملاك .. وتولد لديهم خوف وتوجس من تبديد الثروة وضياعها على يد الشغيلة والعبيد .. فقد أصبح لديهم ما يخافون عليه ويحرصون على بقائه .

من هنا كان لابد من وجود تشريع يقر بحالة الملكية كنظام ويصونها من أى يد عابثة أومتطلعة .. فتم إنشاء فرق بدائية من الحراس العبيد لكى تقف ضد جوع وحرمان العبيد الشغيلة التى أصبحت فى نهاية المطاف لا تجد سوى الفتات .

ولكن العبيد الحرس ليسوا بكافيين لدرء الخطر.. فعلاوة على الخوف من أطماعهم ورغباتهم أيضاً فهم عبيد فى نهاية المطاف ..لذا من الحكمة أن يمنح الحرس العبيد حصة إضافية من الطعام تجعلهم يخلصوا فى حراسة ممتلكات أسيادهم ..والطريف أن هذا الأمر ينطبق بصورة كربونية على واقعنا المعاصر ..فيكون حظك جيدا أن تعمل فى الشرطة أوالجيش وتنال لقمة خبز جيدة ووفيرة مقابل أن تدافع عن ملكيات السادة الجدد ..عفوا تدافع عن كرامة الوطن .!!

العبيد الذين يقومون بدور الحراسة ليسوا بكافيين للحراسة علاوة على أن ولائهم غيردائم بالرغم من محاولة المالك إشباع بطونهم ..فقد يقوموا بتمرد أو سطو تحت رغبة فى المزيد من الطعام .
من هنا خلق الملاك الألهة لكى تقوم بدور الشرطة والبوليس السمائى المدافع عن الملاك وأملاكهم ..فتمت إضافة مهام حيوية للألهة ولم يعد وجودها مقصورا عن درء الخطر الماثل بالقبيلة بل الحفاظ على أملاك أسياد القبيلة .

لقد جعلوا الألهة منزعجة من المتطلع إلى ممتلكات الأغنياء وبدأت تتوعد المتلصصين بعواقب وخيمة تحيق بهم حال مساسهم بأملاك السادة ..فهناك المصائب واللعنات والأمراض التى ستصيب السارق والناهب لأملاك السادة ..وسيكون هناك العذاب والألم والمصيبة التى سيكابدها من الألهة التى ستعاقبه على جراء تجاوزه الخطوط الحمراء ...والطريف أنه حتى عصرنا الراهن أيضاً نجد هذا التوجس الداخلى لدى الإنسان من أن تحل عليه اللعنة والمرض هو وأولاده نتيجة تناوله لشئ مسروق ..ونجد العبارة الشائعة التى تتردد على ألسنة البسطاء بأنهم لا يقدروا أن يطعموا أولادهم من مال حرام ومسروق لأن اللعنة والمرض أتية لا محالة .
وفى وقت لاحق تم إضافة المزيد من العقاب فى حفلة سيتولاها الإله بنفسه فى العالم الماورائى .

من هنا يكون الدين هو تعبير عن سيادة الملكية وتمرير أهم فصول الشريعة بألا تسرق ..وهى حجر الزاوية التى من أجلها نشأ الدين ..أن يتم الحفاظ على ملكية الأسياد .
الطريف أن الأسياد تولدت لديهم حساسية مرهفة على أملاكهم فلم يعد يطيقون مجرد النظرات الحسودة و الحقودة توجه لأملاكهم فجعلوا الإله ينزعج مرة أخرى من الحسد والحاسدين ليقيم محرقة هائلة مقابل هذه المشاعر الخجولة .!!

وتأكيداً لمفهوم الملكية وترسيخها إستدعى أن تكون وصية عدم السرقة هى المتصدرة لكل الشرائع والنواميس ..ولو حاولت أن تجد تفسير للغضب والإنزعاج الإلهى من فعل السرقة لدرجة أنه فى بعض الشرائع يوصى بقطع يد السارق فلن تجد , ففعل السرقة غير موجهه للإله بأى شكل ما .!!
ولكن أصحاب التفسير والتعليل لن يذهبوا بعيداً عن هدفهم المعلن بأن السرقة تزعج الله لأنه هو من وزع الأرزاق وهذا تعدى على إرادته .!!

ترسيم الله .

الملاك لم يكتفوا أن يصيغوا التشريعات والنواميس التى تحافظ وتصون ممتلكاتهم من عبث العابثين وعيون المعدومين وطمع المتطلعين ..بل تجاوز الأمر أن يتم أدلجة الإله ورسم ملامحه لتعطى فى النهاية صورة للإله يريدون منها أن تحقق المزيد من الحتمية والإستقرار لفكرة الملكية بحيث يغدو الخروج عنها هو الكفر بالله والبعد عن الإيمان .!!!

نعم تمت صياغة الله من خلال صفات تقود كل صفة فيها نحو تأكيد الملكية وتأسيس دعائمها وخلق المقومات التى تجعلها ممزوجة بالمنظومة الإلهية !! .
فعندما يتم إلصاق صفة الرازق بالإله ...فإنها لا تأتى عبثاً ..بل هى موضوعة لتمرر أن الله موزع للأرزاق والمنح ..وأن لكل إنسان له نصيب معين من رزق الله, فهكذا تكون إرادته ومشيئته ..فالغنى صاحب الأملاك والضيعات إنما هو ينعم لأن الله أراد له ذلك بينما الفقير الذى لا يملك من حطام الدنيا شيئاً فهى إرادة إلهية أيضا .
لذلك يكون التمرد والتذمر على قلة الأرزاق هو تمرد على المشيئة والترتيب الإلهى تصل بالإنسان للخطية التى سيحاسب عليها , وتتطرف بعض المعتقدات لتصل بفعل التذمر إلى مرتبة الكفر !!..
هنا سيرضخ الفقير المعدم لقدره ولا يتمرد تحت هيمنة فكرة أن هناك إرادة إلهية وراء ذلك ..كما سيجد الغنى صاحب الأملاك الحصانة الكافية التى تحصن ممتلكاته من تذمر وتطلع الأخرين تحت مظلة الله الموزعة للأرزاق بلا سبب .

ولا بأس من خلق صفة الحكمة فى الله أيضاً.. فبها تعطى تبرير للسذج من المحرومين بأن رزق الله المحدود لهم هو حكمة إلهية فلربما فى سعة الرزق يكون مفسدة لإيمانهم وأخلاقهم ويوقعهم فى الشرور والمعاصى .. فالله يعلم هذا الأمر جيداً لذلك حجب الخير عنهم حتى لا يفسدوا.!
نجد أنفسنا أمام صفتين تم لصقهما بالله لتمرر قناعات معينة لدى المعدم فى أن فقره هو ترتيب إلهى ..وأن أملاك الغنى وسعة عيشه هو ترتيب وإرادة إلهية أيضاً.

لا بأس أيضا من أن يكون الله عادلاً ..فبعدله سيجد الفقير سلواه فى أن يسترد حقوقه المنهوبة فى عالم إفتراضى .. فمن الأهمية بمكان أن يدرك هذا الفقير المعدم أنه سينال حقوق كاملة فى عالم أخر , وهذا كفيل بأن يخدر أى أحلام له على أرض الواقع , كما يخدر كل الظلم الواقع عليه , ويسمح بأن يقبل الواقع بكل شروط الملكية .

لا بأس أيضاً أن نجعل الله منتقماً لحقوقنا المسلوبة على يد الملاك ...فوجود أمل ولو ببعيد سيكون من الأهمية بمكان من عدم وجود أى أمل بالمرة وطالما هذا الأمل لن نخسر منه شيئاً فهو لن يزيد عن كونه أمل سرابى فى عالم إفتراضى .
.. فعندما يتوسم الفقير هذا الأمل فحينها سيتجرع كأس الذل بدون تذمر طالما أن الله سينتقم من ظالميه ..وسيرى فى العالم الإفتراضى الأغنياء والملاك يتجرعون كؤوس العلقم والمرارة بينما هو ينعم بكؤوس الخمر ونهود العذارى .

لم تكن فكرة الله عبر التاريخ إلا فكرة تم تسويقها من قبل الطامعين والملاك لتبرير حيازتهم للموجودات والإستئثار بها دون الأخرين .
فالمشروع الدينى العبرانى تم تسويقه من قبل قبائل رعوية مهمشة تأمل فى إمتلاك أراضى الغير تحت دعوى وعد الله لهذه القبائل بالأرض الموعودة ..هكذا إدعت التوراة لتسوق لفكرة الإله المانح للأملاك لأحباءه من شعبه المختار ..وتأتى المسيحية لتنبطح على وجهها تحت وطأة هذه الفكرة وتقرها وتمررها .
ويأتى الإسلام أيضا مقراً بالأمة المفضلةعلى العالمين والمتواجدة على أراضى الميعاد ..ولكن الإسلام لا يقف عند حلم الأخرين بل له حلمه ومشروعه الخاص فيتمدد الوعد الإلهى بإمتلاك الأرض بل كل الأرض تحت راية الإسلام الفاتحة .

هكذا نرى أن منهجية الدين لم تستغل كما يظن البعض فى تمرير أحلام الملكية وتوطيد أركانها بل أن كل الملاك والطامعين خلقوا الدين كأيدلوجية يتم من خلالها تحقيق أحلامهم وأمالهم ومشاريعهم نحو مزيد من الإكتناز والشهوة فى الإمتلاك بعد تقليم أظافر الضعفاء فى المقاومة ..بل تصبح فكرة الله هو مخدر يسرى فى عروق كل الغلابة والمهمشين يتجرعوه حتى يعينهم على تقبل مرارة الحياة وشظف العيش .

عندما تتساقط الملكية بكل غطرستها ومطامعها القميئة ستتساقط أفكار ومنظومات كثيرة بالضرورة



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
- خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .
- حد فاهم حاجة .
- الصحراء تفرض كلمتها .
- النكاح فوق التنور .
- بانشى فى بيتنا .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (4)
- الله جعلوه لصاً
- من رحم اللذة والألم جاءت الفكرة .
- إنهم يشوهون أطفالنا .
- إنهم يغتالون عقول أطفالنا .
- الماء لا يجرى فى النهر مرتين .
- تأملات حول يوم القيامة .


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - السادة يخلقون الأديان .