عبدالمنعم الاعسم
الحوار المتمدن-العدد: 2902 - 2010 / 1 / 29 - 13:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اعتذر للقارئ عن اخفاقي في العثور على كلمة تناسب “حال” هؤلاء الذين انكفأوا الى اعقابهم ، فعادوا الى احضان صدام حسين “الدافئ” بعدما لوحوا (لنا) بالقطيعة معه، او “الفطام” منه، او الزعل عليه او المعارضة له، على تقاويم واسباب وظروف مختلفة، في الحال وفي الزمان.
والسقوط، كما اعنيه، وأحدده حصرا، في ميدان السياسة، بعيدا عن الاخلاق والاعراض والشرف، والاخيرة ليس ميداني، ولا من مشغولياتي.
واعتذر ثانيا عن ذكر الاسماء، وعذري ان القراء يعرفونهم جيدا، ويسترشدون الى عناوينهم وازيائهم ومعاركهم عبر الشاشات الملونة، ويرصدون انكفاءهم في اكثر من منطق وهتاف ومزبلة.
واذكّر باني اخص “نماين” من بعض الذين ارتبطوا بحزب صدام، وسقطوامنه غاضبين، ثم سقطوا اليه نادمين: منهم من سجل نفسه في دفتر المعارضة “السابقة” فصال وجال، ومنهم من ركب قطار العملية السياسية في تذكرة الطائفية، ومنهم من نطّ من فوق الحواجز الى مربع السلطة بتزكية “الاحتلال” ثم اكتشفوا انهم كفروا بنعمة (فتات) صدام، وان لصاحبها فضل عليهم، ودين مؤجل ودين مؤجل في رقابهم، ثم (وهو المهم) انهم ابناء عقيدته (وعُقدته) الراسخة فيهم، لم يتخلصوا منها، ولم يخلصوا لها.
في سايكولوجية السقوط، ثمة شعور بالذل والندامة والدونية، واحيانا، بالرغبة في تمثيل الادوار المزدوجة. لكل موقف كلام، ولكل كسب ثمن،ولكل موقع متقدم ضحية، وفي هذه السايكولوجية، هناك شيء من الصفاقة من خلال الاستقواء على البديهيات بالتبرير والمزاعم والكذب الصريح (وضعوا الصفيق في نار جهنم فصرخ: البرد يقتلني) فيما يستخدم الساقطون بضاعة صدام حسين وفنونه في تزييت ماكنتهم وهم ينحدرون الى النقطة المرسومة.
الامر لا يتعلق بالقناعة السياسية ولا بوجهة النظر حيال اسئلة اللحظة التاريخية العراقية، فان النواب الذين نطّوا من فوق سطوح المنازل وسواتر الشوارع والحدود هاربين الى الخارج لم يكونوا قيد المساءلة عن رأيهم او قناعتهم، ولم يجرؤ احد على استباق اجراءات العدالة بالتلويح بالعقاب والانتقام.
اقول، يعرف الساقطون انهم منحوا افضل واوسع واضمن الفرص للتعبير عن قناعاتهم في عهد التغيير (او السقوط .الاحتلال) ما لم يحدث ان منحت للآلاف من اصحاب الرأي الحر الاجدر منهم في التعبير عن الرأي، وانهم تبوؤا افضل وارقى واجزل المناصب مما لم يتبؤه عشرات الالوف ممن قاتلوا الدكتاتورية، وكابدوا بطش “الساقطين” انفسهم في طور خدمتهم لصدام حسين.
اسمحوا لي ان اعتذر مرة ثالثة، لكن هذه المرة لاصدقاء واشخاص وسياسيين ارتبطوا بصدام وحزبه، ونأوا عنه الى وجدان نقي، وسيرة بديلة راسخة، وضمير حي، وخدمة للوطن.. فوق اية شبهة.
ــــــــــــــــــــــ
كلام مفيد:
“ إذا عجز القلب عن احتواء الصدق عجز اللسان عن قول الحق”.
عباس العقاد
#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟