|
الازمة العراقية ازمة سياسية ام ازمة قيادة ؟؟
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 15:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما سقط النظام الدكتاتوري تم التعبير عنه باللهجة الدارجة ( طاح الصنم ) وفي هذا القول معنى ضمنية تدعو الى نهوض البلد بعد ان كسرت قيوده ، و بما ان للحرية ثمن فانه ليس من اليسر تقدير حجمه ، ولا بالامكان التحكم بتداعياته ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر ، ضاعت هياكل الدولة العراقية في سياق دفع ثمن الحرية ، التي كانت مغتصبة من قبل النظام البعثي الفاشي ، ومن هنا حصلت الازمة في هذا البلد ، واذا ما غربلنا الاسباب العديدة لهذه الازمة سنخلص الى سبب رئيس من بينها ، الا وهو عدم جاهزية البديل الديمقراطي ، الذي غيبته التدخلات الخارجية سوى كان ذلك بفعل الاحتلال الذي ابعد الحل الوطني ، او بفعل الاجندات الاقليمية ، التي هي الاخرى قيدت الجهد الوطني المستقل للاتيان بالبديل الديمقراطي المنشود . والصيرورة التي قام عليها النظام السياسي الحالي وفق قاعدة التوازن الطائفي والقومي ، ولدت بدورها عواملاً اخرى اضافت مكامن وجع خطيرة من شانها ان تسلب عافية مستقبل العراق الديمقراطي الجديد ، هذا اذا ما كانت هنالك بقايا عافية فيه ، وما يتوجب ذكره هو تدني القدرات القيادية الكفؤة المجردة من الذاتية التي تتحكم فيها المصالح الفئوية و الشخصية ، كما ان منافع السلطة وامتيازاتها المطلقة بفعل ثراء البلد قد حولت من كان لا يحلم حتى بمجرد حلم بفتات منها الى مرتهن مصيرياً بتلك الامتيازات ، مما جعله يكرس كافة قدراته للدفاع عن حياض حصته من السلطة والمال ، بالمناسبة وعلى سبيل المثال وحسب اقرار احد نائبي رئيس الجمهورية ، بانه يحصل على مليون دولار امريكي شهرياً ماعدا راتبه كمنافع عامة ، فماذا بقي لدى المسؤول ليسخره في تادية مهمته الوطنية ، هذا اذا ما كان يشعر اصلاً بان لديه مهمة وطنية . ان للازمة ابعاد مختلفة احداها تولد الاخرى ، ابتداءاً من التغيير بواسطة الاحتلال الذي انتج ازمة نظام قائم على المحاصصة الطائفية السياسية ، وهو بدوره كان سبباً فاعلاً في ايجاد ازمة ثقة بين الاطراف السياسية العراقية ، وبخاصة الحاكمة بالرغم من كونها شريكة في قيادة العملية السياسية ، وتبعاً ذلك تتجلى ازمة قيادة الحكم المنوط بها التصدي لمهمة اعادة بناء الدولة العراقية التي تبخرت على اثر سقوط نظام صدام المقبور ، فلم تظهر امام العراقيين شخصية قيادية تتمتع ( بكارزمة ) قوية وبالحنكة وبالفعل المؤثر لحل معضلة من تلك التي طفحت على سطح الاحداث خلال السنوات الستة الماضية ، انما العكس هو الاكثر حضوراً ، بمعنى ان اغلب الشخصيات السياسية المعنية بالقرار تبرز في حالة متأزمة اكثر من الازمة القائمة ، وليس بامكانها ان تمثل غير التداعي السياسي المخجل حقاً . يمكن هنا ذكر بعض الامثلة حول ما اشرنا اليه فان من ابرز ما يلاحظ هي الاتهامات والتوصيفات الجارحة المتبادلة بين اركان قيادة العملية السياسية ، كالذي حصل بين رئيس الوزراء السيد المالكي ونائب رئيس الجمهورية السيد الهاشمي قبل ايام ، وللاسف يجري ذلك على طريقة الضرائر حين يختلفن حيث يعيّرن بعضهن البعض بالنواقص وما حصل في الماضي من هفوات ، فلا يليق ذلك بمثل هذين المسؤولين من ذوي المقام العالي في منظومة الحكم . وهنالك مثل اخر يصب في نفس الدلالة وهو انبراء اكثر من مسؤول له صفة اعتبارية عراقية عامة بالتحيّز الى قوميته اوطائفته في قضية خلافية بين هذه المكونات ، كتصريح السيد رئيس الجمهورية العراقية مام جلال عن مدينة كركوك المشتدة الخلافات حولها ، حيث اعتبرها مدينة كردستانية ، اما الوزراء فكثيرة هي الامثلة من هذا القبيل التي تدور حولهم ، ويمكن ان يكون ابرزها هو تعيين الاقارب والانساب والمحسوبين في وزاراتهم ودون غيرهم ، ودون الشروط المطلوبة للتوظيف ، البطالة تضرب اطنابها بين القوى العاملة العراقية ، حيث اعترف قبل ايام وزير التخطيط السيد علي بابان وبصراحة متميزة طبعاً بمثل هذا الامر اي بتعيين اقاربه في وزارته . هذه من تجليات الازمة الشاملة حيث تطال كافة اوجه النظام السياسي العراقي ، غير ان الشكل الابرز والاخطر على مستقبل العراق وشعبه وامنه ، هو انحياز بعض المسؤولين من الكتلة الحاكمة وظهوره في وسائل الاعلام مدافعاً عن دولة اقليمية ادينت بالملموس في دعم الارهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للبلد ، والتجاوز على سيادته وثرواته ، وكأن ذلك المسؤول العراقي ممثلاً لتلك الدولة الاقليمية المدانة بالتجاوز ، وليس مسؤولاً عراقياً يفترض ان يكون حريصاً على مصالح شعبه قبل اي شيء اخر ، ويبدو مما تقدم من تأشيرات على مكامن الازمة المستفحلة في العراق بان بؤرتها الاكثر خطورة تتمركز في القيادة الحالية للبلد ، والكرة كما يقال الان في ملعب الناخب العراقي الواعي والحريص على مصير ومستقبل شعبه ووطنه ، وعليه تقع المسؤولية الولى في تغيير هذه النخبة التي لم ترتق الى مستوى مهمة اعادة بناء الدولة العراقية ، والاتيان بالبديل الديمقراطي المنشود ، الذي يصون العراق الجريح من كافة المخاطر التي تحيق بوحدته وسيادته وثرواته وحياة شعبه الابي .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خلافات داخلية وتسارع التدخل الخارجي
-
ضجة مضللة على ناصية العملية السياسية
-
لا ينبغي تكرار برلمان مصاب بداء نقص النصاب
-
الاحزاب الصغيرة وفلك الائتلافات الكبيرة
-
ثورة الحشود المليونية الايرانية تعيد مجدها ولكن
-
يتصارعون حول تقاسم البيدر قبل الحصاد
-
الاموال الطائلة المهدورة وطائلة القانون
-
ايران ولذة العدوان على الجيران
-
احزاب عبرت على ظهر الديمقراطية ثم رفستها !!
-
الازمة الاعراقية .. سبب و نتيجة وهدف !!
-
مقاعد تعويضية ام وسيلة تقويضية !؟
-
سقوط وسخط وصمت
-
الكتل الكبيرة .. تدحرج بآلية الديمقراطية نحو الدكتاتورية
-
صدر قانون الانتخابات التشريعية وبقى مرقعاً
-
البرلمان العراقي طريح النقاش
-
بعض قوى التيار الديمقراطي العراقي بين حانة ومانة
-
النخبة الحاكمة في مهب ريح القائمة المفتوحة
-
قانون الانتخابات العراقية النافذ يتأبط ظلماً للناخب
-
البرلمان العراقي .. نواب للشعب ام للقطاع الخاص ؟
-
إئتلاف زائد إئتلافاً يساوي إئتلافاً واحداً
المزيد.....
-
علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري
...
-
خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال
...
-
فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا
...
-
السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم
...
-
قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
-
قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع
...
-
الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن
...
-
مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا
...
-
إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني
...
-
إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|