أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طالب مرزة الخزاعي - اطفال طروادة العراقيين















المزيد.....

اطفال طروادة العراقيين


طالب مرزة الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 12:01
المحور: حقوق الانسان
    


حين سقطت طروادة بأيدي الغزاة بعد خدعة الحصان الخشبي قيل ان الكثير من اطفالها قتلوا كي لا ينشأ جيل اخر يعيد لها المجد . لكن طروادة انتقمت لنفسها حين اسس الناجون من المذبحة روما الجبارة .
لقد تعرضت طروادة لعدو واحد وحصان واحد ، اما اطفال العراق فتجري إبادتهم بغزاة كثر ويتم اقتحامهم بأكثر من خديعة وحصان فهناك اولاً حصان الحرية الامريكي القادم من المحيطات بتصور انه سيسرح مطمئناً في حقول الرافدين ، وسترفع أمامه آيات الشكر . ففارسه كان المخلص لشعب العراق من الطاغية وجالب وعد الرفاهية لشعبه الجائع .
وقد زج في الميدان بحصان آخر يمتطيه مخلوق يعاني من عقدة نقص ثلاثية الأبعاد . فهو كائن صغير من بلد صغير . يرأس عصابة صغيرة كما وصف ، وكي يكبر هذا المخلوق ويشتهر فلا بد من أن يلتصق كالعلق على جسد العراق متغذياً من دماء أبناءه وتحت راية الجهاد للذود عن الدين ، ولما كان الشعب العراقي بنظره يتشكل من مرتدين ومتعاملين ومتخاذلين وهؤلاء جميعاً يحل قتلهم حسب فتاوى ذلك الجهاد العجيب وبالتالي فلا يبقى سوى حفنة من المؤمنين بتلك الفتاوى الذين هم على استعداد للتضحية ليس بوطنهم وحسب بل بحياتهم كذلك استجابة لتلك الدعاوى المظللة التي وعدتهم بالجنة حيث يعتبر المقبور المجرم الزرقاوي وأمثاله وكلاء حصريين يمتلكون الحق المطلق في منح جوازات المرور اليها .
لذا زرعت سيارات الحقد المفخخ في كل مكان من العراق موقعة المزيد من الضحايا .
وكي يستقيم مرجل القتل فلا بد من ثالثة الأثافي التي وجدت ضالتها في بقايا مؤمنين من نوع اخر ثكلوا بمعيلهم وقائدهم صدام حسين فانقلبت اوضاعهم وغلت ايديهم .
ولأن العراقيين مسؤولين عن ذلك ، فمنهم من استدعى الأمريكيين لإزاحة صدام ومنهم من خذله ولم يستمت بالدفاع عنه وثالث قام بالإبلاغ عنه ، وعليه بحت الاصوات وكلت الاقلام القومومية وهي تثير الهمم وتستحث القتلة المتمرسين الذين اتخذوا دور الأم المزيفة التي ارتضت ذبح الطفل كي لا يكون لأمه الحقيقية مطالبة اياهم بالانتقام من العراق .
مهمات القتل هذه لا بد لها من تسهيلات لتكتسب الزخم والإدامة اللازمين . لذا ينبغي ان ترتبط بحسابات لأنظمة ودول قريبة وبعيدة ترى مصلحة في هزيمة او عرقلة المشروع الأمريكي في العراق ، لكن هذه الأنظمة لا تستطيع دعم حركة مقاومة عراقية صافية تركز على استهداف الاحتلال وحده . ذلك لأن ارتفاع نسبة الخسائر في صفوف المحتلين وانكشاف أمر الداعمين سيعرضانهم حتماً للانتقام الأمريكي وهو ما لا تستطيع هذه الأنظمة تحمله او مواجهته . وفوق هذا فهي في المحصلة تريد محاورة أمريكا لا مقاتلتها . وبحسبة بسيطة فأن تناول العراقيين لن يزعج أمريكا كثيراً بل ربما قدم خدمات جليلة لها . إذ أن ارتفاع وتيرة هذا النوع من العمليات سيعرقل قيام وتبلور الشخصية الوطنية العراقية وبالتالي المشروع الوطني ومتطلبات تجسيده مما سيطيل من أمر الاحتلال ، حين لا يجد العراقيون أمامهم سوى أمريكا حليفاً قوياً بعد أن تكاثرت عليهم المخاطر من كل صوب وهكذا يصبحون كمن يستجير من الرمضاء بالنار . وبالمقابل يوفر الوجود الأمريكي بدوره الغطاء المناسب لتعبئة كل قوى القتل هذه ويمنحها شرعية الاستمرار ، وهنا يتضح جوهر العلاقة فالمشكلة أساسا تكمن في الشخصية العراقية الجديدة وما ستتخذه من مسارات لاحقة فأذا قدر لهذه الشخصية ان تتكامل في مشروع وطني جامع يضع العراق فيما يجب ان يكونه بلداً يمتلك من المقومات ما يجعله قطباً محورياً له وزنه وتأثيره في المنطقة والجوار . عندها تبدأ الاشكالية ، فحصول امر كهذا هو احتمال كابوسي لبعض هذه الانظمة . فهي لم تنس بعد ما كان يشكله لها العراق من تهديد متواصل رغم ان طبيعة نظامه كانت على ما كانت عليه ، فكيف وهو يسعى الى قيام تجربة ستكون فريدة من نوعها في المنطقة كلها . نظام ديمقراطي فيدرالي تعددي ليس بمقدور هذه الأنظمة مجاراته أو تحمل وجوده وهي غير مهيأة لتقبل خيارات من هذا النوع وبالتالي إمكانية تعرضها لضغط المثال من قبل شعوبها .
إن فكرة التغيير القادمة من العراق يجب ان تتشتت عن هدفها بأية وسيلة . من هنا كشفت المعادلة عن حقيقتها، فالعراق اليوم عرضة للطعون تحت شبهة التعامل مع الامريكان . برغم ان هذه المقولة لا تنطبق على حكومات عديدة تفخر بعلاقاتها مع الامريكان وتواجدهم على ارضها والمفترض انها أي الحكومات اذا كانت قد جلبت الامريكان برضاها فهي عميلة واذا تواجدوا برغم ارادتها فهم محتلون ومع ذلك فأن قاتل الامريكان في بلدانها يسمى ارهابياً تتخذ بحقه اقصى العقوبات اما قاتل العراقيين فهو مقاوم تجيزه لمدحه بعض الصحف والفضائيات وبعض الاراء الفقهية والسياسية .
وبحث الاخرين عن مصالحهم القطرية الخاصة وسعيهم في سبيلها يسميان ضرورات وطنية لازمة ومشروعة . اما توجهاً مماثلاً عند العراقيين فيوصف بأعتباره انعزالية تآمرية تريد فصل العراق عن عروبته وأمته أو هكذا يستمر الهذيان المحموم .
المهم ان الدعاوى المذكورة بمختلف اتجاهاتها لم تجد لها مكاناً وصدىً مدوياًُ سوى في العراق وليس هناك من ثمن يدفعه احد سوى اولئك العراقيين المطلوب قتل المزيد منهم كي لا ينشأ جيل جديد يعيد المجد لطروادة العراقية ما دام ذلك يحقق الأغراض ببقاء الرؤوس على عروشها . تلك العروش التي لم تبن اصلاً الا على الجماجم والدم ومن شعوبها بالذات فكيف اذا ضمنت بدماء العراقيين . الا يستحق ذلك كل جهد وأدعاء ..؟ ولا يمكن للمشهد ان يكتمل من دون لمسة وبصمة لذلك الصهيوني المتربص الذي يحمل حقداً موروثاً لبابل واهلها ، جعل احد زعمائه التاريخيين موشيه دايان يطلق وعداً يمحو اثار انتصارات آشور وبابل . وها قد أتيح الوقت لتحقيق ذلك فالادوات متوافرة بكثرة ويسر وما عليه سوى ضم جهده غير المبارك إلى تلك الجهود غير المباركة التي تلتقي بمصادفات وحسابات تبدو اقرب الى الخيال منها الى واقع يجري تطبيقه فعلاً على ارض الرافدين .
وبتضافر هذا الرابوع الجهنمي وبتشابك مصالحه في ازمنة بالغة الانحدار والإسفاف وجد العراقيون انفسهم يواجهون هيدرا برؤوسها الخبيثة وأنفاسها الحارقة فماذا تراهم فاعلين ...؟
ان تلك الافعى الشيطانية وجدت اخيراً من يقطع رؤوسها جميعاً ويخلص الارض من شرورها .
اما العراقيون فسوف لن يعدموا الوسيلة لإخراج بلاد الضياء من محنتها فليست هي المرة الاولى التي يكشر فيها الاله الوثني عن أنيابه الحاقدة ليغرسها في جسد العراق ، وليست هي المرة الأولى التي يكبر فيها الطفل العراقي ليعيد بناء وطنه والعقبى كانت له على مر العصور ومن يستبعد ذلك فعليه ان يقرأ التاريخ العراقي جيداً ويستقرئ الحاضر برؤية صائبة وعندها لن يخسر الرهان على مستقبل العراق..



#طالب_مرزة_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن الاجتماعي وأزمة التدين
- الخسيس والنفيس


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طالب مرزة الخزاعي - اطفال طروادة العراقيين