أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الناجي - ننشد العدالة.. ولن نفزع مهما كثر عدد المدافعين عن جلادنا















المزيد.....

ننشد العدالة.. ولن نفزع مهما كثر عدد المدافعين عن جلادنا


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 881 - 2004 / 7 / 1 - 08:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تلظى العراقيون في زمن الجدب، وحصدوا على المستوى الشخصي كأفراد أو جماعات، ويلات ومآسي لا تعد ولا تحصى، طالت الكثيرون منهم أفعال وممارسات تنوعت بين التصفية الجسدية والتعذيب والاضطهاد والتنكيل وإسقاط الجنسية والتهجير ومصادرة الأملاك، وكل هذه الأعمال تعد في حكم القانون الدولي جرائم ضد الإنسانية، لا يمكن أن تسقط بمرور الزمن، يتحمل وزرها بشكل رئيسي الطاغية رأس النظام البائد، المأسور حالياً بيد الأمريكان، ومن دون أدنى شك فأن كل واحد من العراقيين لحق به ضرر من جراء تلك الجرائم، يمتلك الحق في إقامة دعوى قضائية تكفلها له مباديء حقوق الإنسان وكل القوانين والشرائع الدولية.
بغض النظر عن صفة صدام المعتقل في الوقت الحاضر لدى الأمريكان، وطول فترة بقاءه كرهينة لديهم، ومهما اختلطت الأوراق وعسر فهم ما يبيتونه بشأن هوية المحكمة، أو توقيتها، فأن محاكمة صدام هي واحدة من المواضيع التي تضع مصداقية الإدارة الأمريكية على المحك أمام العالم والشعب العراقي بالذات، رغم إن كل المؤشرات تفضي الى أن الإدارة الأمريكية تسعى الى تضييق مديات مقاضاته، وأنها لا تملك الرغبة في إجراء محاكمة شاملة مطولة تكشف فيها عن ملفات سابقة، كان للعم سام يد طولى في ترسيخ حكمه من خلال تقديم المساعدات السخية له، لإدامة الحرب العدوانية على إيران، والأيام القوادم ستفصح عن مدى صدق وعودهم.
غالبية العراقيين يطمحون لتحقيق محاكمة عادلة وعلنية على أيدي قضاة عراقيين وحسب القوانين العراقية والمعاهدات والأعراف الدولية، ولا بد أن تكون المحكمة التي ستنظر في هذه القضية الحساسة مستوفاة لكل الشروط القانونية المطلوبة، تقطع الطريق أمام المتصيدين في الماء العكر، بحيث لا يستطيع أحد أن يطعن في شرعيتها، مما يتوجب السير بتأنِ، وإرجاء الأمر الى ما بعد صياغة الدستور الدائم والانتخابات القادمة، مبتعدين عن هوس الاستعجال في سرعة الإنجاز، كي يتم سحب البساط من تحت أقدام كل أنواع المزايدات التي قد تأتي من هذا أو ذاك.
عراقية المحاكمة هواجس مشروعة لغالبية العراقيين تهدف الى مقاضاة ومسائلة مرحلة كاملة، ولا يتأتى ذلك فقط من الحرص لإتاحة الفرصة الى المتضررين والمنكوبين من مقاضاة صدام بشكل شخصي بدوافع الثأر والاقتصاص، بل يمتد هذا الحق إلى طموح مشروع أشمل وأعم، بحيث تكون مقاضاته هاجس وطني يُسْتَحْضَرُ فيها كل القرارات والممارسات التي عاث من خلالها بمقدرات العراق والعراقيين على مدار ثلاثة عقود ونصف، بدءاً من تبديد الثروات الوطنية في حروب عبثية، وانتهاءاً بجعل البلد النفطي الغني بالثروات كومة من الأشلاء المتناثرة هنا وهناك، مكبلاً بديون خرافية، يرتع فيه أفراد اليانكي، ولا أحد يعلم الى متى سيبقى أرث التركة الثقلية الاحتلال، جاثماً على رقاب العراقيين.
هنالك كثير من الأمور التي يمكن استجلائها من بين سطور انسيابية التقافز على عجل التي بدرت من بعض المحامين العرب والأجانب، ندرك جيداً مرامي البعض من أولئك الذين يرومون الوصول الى مآرب أخرى تتعدى سياقات تحقيق العدالة في المحاكمة، جلهم يضمرون غاية تهدف الى نصرة ديكتاتور العصر الذي كان من أكابر منتهكي حقوق الإنسان في العالم، يراءون بالتمترس وراء مشروعية الدفاع في المحكمة، فالبعض يمني النفس، عل وعسى أن يجد له مقعداً شاغراً أمام شاشات التلفزيون، أو على صفحات الجرائد، يتيح له التنفيس عن عقده في الانحسار، بالتواصل مع ديدنه السابق في التطبيل لبطل خر عند تبدد وهمه، يحاول أن يعبر عن ذلك عبر التمنطق بألفاظ النضال الجوفاء المتهالكة، ربما تحت عباءة التصدي لأمريكا، ومقارعة خطوتها في احتلال العراق، وربما البعض منهم عزم المجيء لكي يقوم بأداء العزف على النغمات الجياشة بالعواطف والمشاعر، من أجل استغلالها لكسب العطف للجلاد، وإظهاره بمظهر الضحية من خلال إلباسه ثوب حمل وديع، يريد أن يسير على هدى موكله التي خبرناها من قبل، مستحضراً ديماغوجية من بقايا أيام زمان، أقوال القائد، تلك التي لم يستدرك الجرذ، ولا واحدة منها لحظة القبض عليه.
انطلاقا من واقع العراق الجديد، ومن الحرص على تبيان الفارق بين الضحية والجلاد، لا أجد ضيراً من أن يتقبل العراقيون وبالأخص المنكوبين الذين وقع عليهم ظلم صدام وجرائمه البشعة، طلبات التطوع بالدفاع عن هذا المتهم، مادام ذلك الحق مشروع ويكفله القانون، بالآليات التي يحددها القانون نفسه، وأن يحسنوا الظن بكل النوايا، رغم الضبابية والشكوك التي تغلف الكثير من مواقف هؤلاء المهرولين ودوافعهم، لأن العراق الجديد بعد ما ولى (القائد الفذ)، ولفظه العراقيون من ذاكرتهم، واندثرت مكائن الاستبداد والقهر والاستلاب الفكري، ما عاد قمعياً، بل صار يتسع صدره لكل الأصوات، تلك هي اللبنات الأولى التي من خلالها نريد بناء دولة المؤسسات الديموقراطية، والأمل يحدو أبناء دجلة والفرات بأن تسوده عدالة القانون التي كانت غائبة ردحاً من الزمن.
لا أستغرب بروز هذا الكم من المدافعين، وحماة القانون للذود عن جلاد كان يتوشح بالمجد الزائف، انطلى على الكثيرين في ظل واقعنا العربي الجريح من كثرة الهزائم، المغلوب على أمره بفقه التغريب والتنويم وأوهام المكابرة، الذي يرفل بتشويه الحقائق وتغيبها، حيث يتقوى الحاكم فيه بتكميم الأفواه، ومصادرة الحريات، وخلط الأوراق، ويُسَعِرُ لصالحه طنين الأقلام المأجورة وسماسرة الأعلام.
يتوجب على السادة المحامين العرب والأجانب الذين انبروا للدفاع عن أعتي دكتاتور عرفته البشرية المعاصرة، أن يدركوا بأن الموضوع برمته شأن عراقي، ولا مكان لمواقفهم المسبقة من الاحتلال المقيت، أو العداء لأمريكا، ومهما بلغ الاختلاف بينهم وبين العراقيين في البعد السياسي لهذه المحاكمة، أي حول (عز العرب) ومشروعه الاستبدادي في التسلط، فأن البعد القانوني لا يحتمل الاختلاف، لأن مهنة المحاماة لها دور نبيل يحتم عليهم إظهار الحقيقة، وتبيانها كما هي لمساعدة هيئة المحكمة على تلمسها، إحقاقا للحق.
يا سادتي، يا حماة القانون، يا من تهرولون للدفاع عن جلادنا، أنا واحد من العراقيين، أريد أن أحسن الظن في نواياكم، رغم كل الشكوك التي تراودني، ولكن لا بد لي من الهمس في آذن كل واحد منكم، من يريد أن يتعدى على دوره المهني إلى أبعد من اختصاصه القانوني، أو يبيت في دواخله هاجسا ما في تأييد جرائم هذا المتهم أو التهوين من أعماله المشينة بحق العراق والعراقيين والإنسانية من خلال طمس الحقيقة الناصعة، أو يرنو في محاولة بائسة لتبرير تلك الجرائم بأوهام متهالكة، فما عليه إلا يتنحى جانبا بضعة أمتار ليدخل في قفص الاتهام لكونه بالقطع متواطئاً معه ومؤيداً لجرائمه، يحاول التحايل والتستر باسم القانون، لكي يسدي خدمة لجرذ القبو المهان، لا تهمه العدالة، وهو غير معني بإحقاق الحق، لا يتورع من هدر شرف مهنة المحاماة والقانون، غير آبه بدمار وطن، ولا معاناة شعب.
ننشد العدالة، ولن نفزع مهما كثر عدد المهرولين للدفاع عن جلادنا، ومهما تنوعت جنسياتهم، وتفوقت مهاراتهم، فأن الحق حق، وأوار الصراع بين الحق والباطل، بين العدل والظلم لازال قائماً ومستعراً، ومشاهد صور هذا الصراع على مر التاريخ ماثلة أمامنا، نستلهم منها الدروس والعبر، فقد تواترت الكثير من روايات المدافعين عن الباطل والظلم، وما زالوا أحفادهم سائرين في غيهم، يتناسلون مكراً في دهاليز العتمة، الم نعهد في وقتنا الحاضر أقزاماً يدافعون عن قتلة الحسين أبو الثوار، وآخرين ما فتأو يدافعون عن أبي لؤلؤة قاتل العادل عمر، أو عن أبن ملجم قاتل أبو الفقراء علي، ألا يوجد من يقف اليوم في صف جلاد الكوفة بالأمس الحجاج بن يوسف الثقفي، الم يحتفي قبل سنوات معدودة في تشيلي مناصري الديكتاتور الفاشستي بينوشيت بعد أن افلت من المحاكمة في بريطانيا، هل خلت الدنيا من المناصرين لهتلر وأفكاره النازية والشوفينية، الم يناصر المناصرون فرانكو في أسبانيا، وسوموزا في نيكاراجوا، وموبوتو في زائير، وما انفكوا يزينون لهم أفعال البطش الوحشية.
وأخيراً يا حملة ميزان العدل، خوفي على نكوص كفته بسبب مواقفكم المستعجلة والمجبولة بالعواطف والأوهام، يا من تودون أن تقفوا في أروقة محكمة العصر نداً لغالبية العراقيين، تسوروا بالحقائق الصادقة، لا بالزيف المستشري زمن الهزائم في العقول والقلوب، فالعدل أمانة في الأعناق، وعليكم أن تدركوا وتتذكروا على كثرتكم، أن هذا الذي تودون الدفاع عنه قد استحث عوامل صُنْعِ هزيمة، ولا أختها في تاريخ العراق، وصَيَرَ العراقيون ضحاياها، والوطن كومة أشلاءاً متناثرة، بعد أن رَوَعَ العراقيين حقبة طويلة بأعمال القهر والجور والقتل والإبادة الجماعية والتهجير والتعذيب والتنكيل، وكبل العراق بعهود خيمة صفوان المذلة، بعد أن شن حروب عبثية على دول الجوار دون وجه حق، وأزهقت بسبب ذلك دماء مئات آلاف من شباب العراق الأبرياء قرابين لنزواته وأحلامه المريضة، يوم كان حليفا للعم سام الذي تكرهون.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربات بين احتلالين... ما أشبه اليوم بالبارحة
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 10 صحافة العراق خلال ...
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 9 حركة الجهاد ج2
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 8 حركة الجهاد ج1
- اضاءات على معاناة الشاعر والانسان موفق محمد
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 7
- وقائع ندوة الملتقى الديمقراطي المشترك عن الديمقراطية في مدين ...
- ( 10 -6 ) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- ( 10 -5 ) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 4)
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 3
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 2 - 10
- (10 - 1) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- بياض الوجه حصاد مجلس الحكم في عشرة أشهر ونيف
- خطوة ستكون يوماً ما إرثاً في سفر التاريخ
- لن نغفل عن مناهضة الاحتلال بالفعل الشعبي السلمي واللاعنف ـ ر ...
- المتاجرة بالصور الفواضح وعذابات العراقيين
- صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر
- الشاعر سعدي يوسف بين ذاكرة العراقيين وطقوس النضال الجديد
- هوامش في يوم العمال العالمي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الناجي - ننشد العدالة.. ولن نفزع مهما كثر عدد المدافعين عن جلادنا