أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - رواية قشور الباذنجان -بين بناء الشخصية - والنظام السابق والحالي















المزيد.....

رواية قشور الباذنجان -بين بناء الشخصية - والنظام السابق والحالي


صباح هرمز الشاني

الحوار المتمدن-العدد: 2901 - 2010 / 1 / 28 - 01:14
المحور: الادب والفن
    


قليلة هي الروايات التي تستطيع ان تشد المتلقي اليها من اول الى اخر سطر فيها، ورواية (قشور الباذنجان) الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر –بيروت- عام 2007 لـ القاص العراقي المعروف عبد الستار ناصر واحدة من هذه النماذج.
ومكمن هذا الانشداد يتركز بالاساس الى الطريقة المقنعة الي يتمتع بها الراوي في سرد ثيمته عن طريق ضمير المتكلم ، ليغدو هذا الضمير رافداً للتفاصيل التي تتفرع منه الشخصيات الاخرى، كشقيقته (سلافة)وصديقه (حيران) وزوجة حيران (انيسة) والجلاد دوهان المعروف والملقب بـ(شمام الدم).
وهو باتباع هذه الطريقة ،اي بالانفتاح على بقية الشخصيات ، ومنحها حرية التعبير عن ارائها، اتخذ من اسلوب السرد الواقعي (متعدد الاصوات) نهجاً لراويته هذه.
على الرغم من ان نهايتها تختتم بالعودة الى نقطة بدايتها ،وتجري احداثها بشكل متدرج ومتسلسل، كما هو متبع في الروايات التقليدية ،فمثل هذه الاشكالين لهما مسوغهما ،وهما، ارتباط الاسلوب الدائري الاول بثيمة الرواية القائمة على السوداوية ،وقتامة حياة الانسان العراقي الشبيهة بقشور الباذنجان ، قشور الباذنجان من حيث اللون والطعم ،اذ مثلما كان مضطهداً ، في عهد صدام، فهو مضطهد كذلك في هذا العهد ،وهكذا فان معاناته في دوامة مستمرة لاتنتهي ولاتستكين ، واقتران الاشكال الثاني ،باستقراء الماضي (الفلاش باك) واستحضاره ،لتفقد تدرج الاحداث تقليديتها ، وتمنحها بالمقارنة بين الماضي والحاضر ،وبالعكس ،والمفارقة بينهما اسلوباً اخر.
تبدأ احداث هذ الرواية قبل سقوط النظام بسبعة اشهر ،وذلك بوقوف الجلاد (دوهان) امام عتبة بيت السارد (ياسر عبد الواحد) وهو يذرف الدموع ،اسفاً وطالباً المعذرة منه ومسامحته واعطاء الحق له في ان يفعل به مايشاء ، حتى ان يشاء ذبحه، وتتكرر زياراته على هذا النحو، وفي احداها ، يعطي انيسة (شقيقة) ياسر كيساً من اكياس التسوق ، وهو يحتوي على ستة ملايين دينار ، وقال لها سآتي في وقت متأخر ، وأختفى.
فمن خلال هذا الحدث غير المالوف لطبيعة شخصية الجلاد وتركيبتها المعقدة والصارمة ،بالتنازل لضحيتها والسجود امامها كما لو كانت في حضرة قديس ، ومانحا اياها حق ذبحها ،وتاركة لها مبلغاً كبيراً من المال ،لقاء الصفح عنها، يبدأ بطل الرواية في سرد قصته بالعودة الى الوراء لعشرين سنة ، اي عام (1984). [اتساقاً مع رواية لجورج اورويل، بنفس العنوان ، التي تتصدى هي الاخرى للنظام الدكتاتوري] عندما كان في التاسعة عشرة من عمره والقي القبض عليه بتهمة الشيوعية،ليتذكر صاحب هذا الصوت الذي كان يشرف على تعذيبه في السجن : عرفت فعلاً،هو الغليظ الذي طالما تمتع بضربي ، سلموني اليه وانا في التاسعة عشرة من العمر ،وحده من يضربني بالكيبلات المسننة كالمسامير ،وحده من يرحمني اذا اراد الرحمة بي وحده من يحق له الجنة او النار ياخذني اليهما، كان بالنسبة الي هو الامر الناهي على جسدي ،كان الله والشيطان معاً، جاعلاً من هذا المدخل مرتكزاً لتعرية الجرائم التي اقترفت بحق الانسان العراقي في عهد نظام صدام ، والدور الذي لعبه في تشويه شخصيته ،ليعيش حالة اغتراب حقيقية ، عبر التضاد بين نوازعه في الظاهر ،ونوازعه في الباطن ، ومتخذاً كل شخصيات الرواية وبدون استثناء نموذجاً لهذا التشويه.
ولاشاعة مثل هذه الحالة ،وسعياً لابرازها،والتهويل لها، وتاطير الجو العام للرواية بها، فقد عمد الى استيقاء نماذج واقعية من حياة الشعب العراقي ، ومقارنتها بنماذج واقعية اخرى من حياة الشعب العراقي في العهد الملكي ، وذلك بالعودة الى تقارير الموت في الحالة الاولى ، والى الطفولة البريئة في الحالة الثانية، متمثلاً الاول بقتل الاب ابنه الوحيد بحجة انه لم يشارك في الحرب على ايران ، مع ان حقيقة الامر كانت هو تخلصه من ابنه ليصفو له الجو مع زوجة ابنه الطرية الصغيرة ، ويكون بذلك قد ضرب عصفورين بحجر واحد، والمذهل ، ان رئيس البلاد توج الجريمة بتكريم الاب السفاح ،فاعطاه بيتاً محترما وسيارة مرسيدس ، والثاني هو ذهاب الاطفال الى المقاهي لمشاهدة التلفزيون الذي كان قد دخل حديثا الى العراق ، وكان ثمن الشاي مع رؤية التلفزيون (عشرة فلوس) فقط وهو مبلغ كبير بالنسبة الى طفل في التاسعة اوالعاشرة من عمره.ولعل هذه الواقعية تنسحب اكثر بالاشارة الى اسماء ازلام النظام ، وتتحول الى الواقعية الساخرة .
حتى اسماء من ولدوا في زمن الشر، لاشبه بينها واسماء من عاشوا في سنوات الخير ،لم يكن بيننا من يسمى وطبان او مزبان او زربان او عاسي او جذام او رواض او صرمان اوبيدق او كسار ، كانت عندنا اسماء الود والبسمة والحلاوة والايمان .
واذا كان المؤلف قد استخدم اسلوب السرد الواقعي لاظهار تشويه شخصية الانسان العراقي ،فأنه التجأ الى الرمز بالايحاء الى الخير والشر، كما اتبع اسلوب التمهيد للحدث ، بالاضافة الى رسم النماذج القائمة على ازدواجية الشخصية.
فنعيق الغراب هو الرمز الدال الى الشر المتمثل بالجلاد .
عشرون سنة مرت لم اسمع فيها صوت غراب على سطح بيتي ،لم يكن ثمة غراب في بغداد كلها ،فكيف عاد ينعق على سطح جارنا يوم زارني هذا الرجل؟
وهديل الحمام الى الخير .
اي ترف هذا ؟اسافر الى الدنيا وارى البحار والجبال والنساء دفعة واحدة ؟اسمع هديل حمامة على سطح دارنا...
كما انه وظفه في تحديد مسار الجواميس من كلب واحد، وهي لاتدري اذا ما انقلبت عليه فسوف تمزقه اربا، ولكنها مرعوبة من نباحه ،خائفه من سطوته، تمشي كما يريد،مع انه خائف منها ايضاً... والرمز هنا واضح ،فالكلب هو رئيس البلاد والجواميس هي الشعب العراقي .
وجاء توظيفه للاسلوب الممهد للحدث عبر حلم السارد بالكلب وهو عطشان، وصار يتبعه اينما ولى،وتفسر سلافة هذا الحلم ،على ان هذا الكلب هو الجلاد الذي يتمنى ان يغفر له ياسر ، وهو صادق في توبته، وتفسيرها هذا هو تمهيد لقبول المبلغ المقدم اليه من قبل الجلاد. واقترن التمهيد الثاني بالعلاقة التي ستنشأ لاحقاً بين ياسر وزوجة صديقه حيران (انيسة).
شئ واحد فوجئت به وانا في بيت حيران ،ربما تهيأ لي ان زوجته انيسة اطالت النظر الى وجهي ، وعلى غفلة من زوجها غمزتني بعينها اليسرى.
والتمهيد الثالث في بكاء حيران:
كان يبكي حيران ،ياللعجب ،لماصدق نفسي ،لماذا تبكي ياحيران، لقد انزلق الكاس من بين اصابعه ،طرطش البيرة على عينيه ،وهذا موجز ماجرى.
وهو في الحقيقية لم يكن يبكي لانه يخشى الا تتزوج به سلافة وانما لارتيابه بزوجته وخيانتها له، وهذا مايتضح اكثر لاحقاً .
واذا كان الجمع بين سمتين متناقضتين في شخصية واحدة، بحاجة الى من يجيد صناعة هذه اللعبة ، فان عبد الستار ناصر اجادها بجدارة ،وذلك بتعميم هذه الازدواجية على كل شخصيات الرواية، وزاد حذاقة اللعبة ،تعاطف المتلقي مع هذه الشخصيات ،مع ان المطلوب منه ان يكرهها، او ان عدم مصداقيتها مع بعض الاخر ، يشي باتخاذ هذا الموقف منها ، وجاء بناء هذه الشخصيات على هذا النحو، لادانة النظام السابق في تشويه شخصية الانسان العراقي التي كانت تتحلى بالطيبة والنقاوة ،وقام بتحويلها الى فعل الشر والقتل والتعذيب وكتابة التقاريرِ.
لقد استخدم المؤلف ثلاثة اساليب للتعاطف مع شخصياته وعدم كرهها وهي
1. ابراز غلبة الجانب الايجابي فيها على السلبي .
2. التقليل من شان الجانب السلبي .
3. تاخير الجانب السلبي لها ،وتقديم الجانب الايجابي للجلاد فقط.
فالسارد، او الراوي الذي يتعاطف معه المتلقي بسبب اعتقاله وتعذيبه ،وحديثه عن طفولته ، فاذا به يخون اقرب اصدقاءه مع زوجة صديقه حيران (انيسة). وسلافة شقيقة ياسر الارملة التي تتصف بالحكمة وتنعت انيسة بالمرأة الطيبة ،وترفض الزواج بحيران ، لانها لاتستبدله باصبع من ابراهيم زوجها الشهيد ، نجدها تتخذ موقفاً مغايراً ، وتتزوج من حيران، كما ونكتشف بانها ليست امراة طيبة وانما هي عاهرة .
وانيسة ضحية زوجها السكير ذي الرحلات الكثيرة ، وزوجها ضحية الوسط الثقافي المتمرد، وضحية النظام الحالي الذي قام باغتصابه.
ولعل المتلقي يتعاطف مع شخصية حيران اكثر من اية شخصية اخرى في هذه الرواية ، لما تتمتع بها من الطيبة والبراءة ، وهي اقرب نموذج الى طبيعة الانسان العراقي ، وتمثله بصدق ، ولا استبعد ان عبد الستار ناصر، وهو يمتلك هذه الجرأة، يريد ان يقول من خلال هذه الشخصية وشخصية السارد (ياسر عبد الواحد) ان النظام الحالي اغتصب الشعب ، والنظام السابق شوهه.



#صباح_هرمز_الشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية بابا سارتر.. بين وصف المكان.. والاسلوب الواقعي الساخر. ...
- من يخرج المسرح في عنكاوا من عنق الزجاجة..؟
- الاخراج.. في اغنية التم


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - رواية قشور الباذنجان -بين بناء الشخصية - والنظام السابق والحالي