أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - الحقيقة الدموية














المزيد.....

الحقيقة الدموية


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 16:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يدفع شخص أو شعب ثمنا باهضا لإثبات حقيقة ما كما دفع الشعب العراقي لكي يحقق ذلك الاثبات، وأسوأ ما في هذا الثمن إنه لم يدفع بإختيار من العراقيين والسوء الاشد إنه كان مقابل حقيقة ماثلة للعيان اختبرها الالاف وربما الملايين من العراقيين بمختلف طبقاتهم وانتماءاتهم ومناطقهم ووظائفهم، حقيقة انهارت جراء تجاهلها وزارات وبيوت ومحلات كسب رزق الناس البسطاء والاهم ان تجاهلها أزهق أرواح المئات من الابرياء.
العراقيون كانوا يصرخون امام عدسات التلفزة ويحلفون بأغلظ الايمان ان أجهزة كشف المتفجرات لا تعمل وكرروا انها "لاتعمل..لاتعمل..لاتعمل..ورب العزة" وانها اجهزة مرتبطة روحيا وعقليا بالمخللات والعطور والاصباغ والمعادن والادوية وكل شيء آخر، إلا انها تعيش قطيعة تامة مع المتفجرات والذخيرة، وترجل مئات آلاف الركاب من سياراتهم وخضعوا لتفتيش دقيق استغرق وقتا وسبب زحاما في الطرق لأن جهاز الكشف احنى رقبته عند مرور السيارة ولمئات وآلاف المرات تأكد ان الجهاز يكذب وسال كثير من حبر الاقلام والمطابع في تحقيقات ومقالات تريد اقناع الاجهزة الرسمية بما يتأكد منه الناس يوميا وترفض الاجهزة الرسمية والوزراء والقادة الامنيون الاقتناع به رغم ان صحيفة امريكية نشرت قبل اسابيع تجربة لصحفيين جابوا شوارع العاصمة وهم يحملون اسلحة دون ان تكشفهم اجهزة كشف المتفجرات التي تتوزع بالعشرات في ارجاء العاصمة.
لقد اعتبر بعض المسؤولين ان التشكيك في كفاءة اجهزة كشف المتفجرات اشبه بالخيانة وتعاملوا مع التشكيك على انه تهمة مفبركة يراد منها الانتقاص من "الانتصارات الامنية"، واستمر العراقيون لعدة أشهر وهم يستنزفون الوقت والمال والجهد في شراء اجهزة لا تعمل واجراء عمليات تفتيش لا طائل منها وتم التعامل مع دماء العراقيين وارواحهم وامنهم بإستخفاف وكأن الهدف من التفتيش هو اقناع المواطن بوجود اجهزة امنية قوية حتى اصار الاقناع هو الهدف لا الامن، لا احد يعرف ما هو الدليل الذي كانت تنتظره الجهات المسؤولة لكي تقتنع بعدم فعالية هذه الاجهزة اكبر من دماء العراقيين التي سالت على اعتاب وزارات فيها الكثير من تلك الاجهزة.
ما كان لاعتقال مدير اشركة البريطانية المنتجة لاجهزة كشف المتفجرات أن يحدث بسهولة لولا ان المسؤولين البريطانيين يستمعون الى ما تقوله وسائل الاعلام ولا يأخذونه مأخذ التشكيك والتخوين، كما يحدث عندنا حيث يكون كلام الموظف وتصريحاته فوق مستوى الشكوك حتى لو كان الثمن ارواح الناس، لقد استمعت الشرطة البريطانية الى تقرير صحفي وتتبعته وإعتمدت عليه رغم ان الدول الاوربية بما فيها بريطانيا لا تستعمل هذا النوع من الاجهزة، فالشركة تصدر معظم انتاجها الى بلدان اخرى قصية، لكن احتمالات مقتل جنود بريطانيين في العراق أو افغانستان نتيجة عدم فعالية هذه الاجهزة هي التي جعلت من القضية امرا خطيرا لا يمكن السكوت عليه.
لماذا تكون حياة العراقي رخيصة مقابل الحفاظ على صورة المسؤول البهية في وسائل الاعلام التي يشتمها هو نفسه ويحرص على الظهور عبر شاشاتها كل نصف ساعة، وعلى صفحات جرائدها يوميا؟، لماذا تكون حياة العراقي رخيصة مقابل الحفاظ على ارتفاع التصريحات العنترية الجوفاء للمسؤول التي يكررها بمناسبة وبدونها كأنها اسطوانة لا بد من الاستماع لها؟!!!!!!!!!!!. ولماذا هذه التفرقة في التعامل بين وسائل الاعلام العراقية والغربية؟.
لنفترض ان الشرطة لم تعتقل مدير الشركة البريطانية التي تصنع اجهزة كشف المتفجرات فهل يعني ذلك ان الهدر في دماء واموال العراقيين سيستمر الى ما لانهاية لأن السادة المسؤولين لا يريدون الاصغاء الى ابناء جلدتهم ومواطنيهم العراقيين؟، ولنفترض ان الشركة البريطانية افلحت في التملص من الاتهام وتمكنت من اقناع الاجهزة القضائية بجدوى منتجاتها، وهو ما تنجح الشركات الكبرى في فعله دائما، فهل يعني هذ إن الاجهزة الرسمية العراقية ستستأنف سياسة صم الآذان عما يقوله المواطنون عن جدوى اجهزة كشف المتفجرات؟.
هذه الاسئلة لا تعني وجود ثقة برد الفعل الرسمي العراقي على هذه الفضيحة فمجرد الاعلان عن تشكيل لجنة للتحقيق في الامر يعني ان القضية قد دخلت في الدهليز الطويل المظلم الذي دخلته عشرات القضايا والفضائح السابقة ولم تعلن نتائجها حتى اليوم ولن تعلن تلك النتائج لأنها غير موجودة أصلا.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخرائط الطائفية
- في الفصل بين الجنسين مدرسيا
- السلوك الانتخابي..النهوض متأخرا
- الموازنة ..أمراض مزمنة
- قانون الاحزاب..ملف مزعج
- الفكة..حقل الفشل
- دعاية إنتخابية في الخارج
- حملات قاتلة
- تأثير الرأي العام
- ضربة إستباقية
- الضامن الامريكي وسياسة التوتر
- الحوار المتمدن في توهجه الثامن
- هل تقتل الديمقراطية نفسها؟
- محرقة الانتخابات
- أخطاء فوق أخطاء
- وهم الدولة ووهم الدولة الكبيرة
- مخاطر الانتخابات القادمة
- هل العراق جديد؟
- دائرة كركوك المغلقة
- فوضى أمنية


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - الحقيقة الدموية